قضية المرأة، النسوية والاستغلال الطبقي و مهماتنا



بيان صالح
2024 / 3 / 9

النسوية و - الموقف من الرجل -!

البعض من ناشطات الحركة النسوية يعتبرون اضطهاد المرأة ناتج عن النظام الذكوري (البطريركية) اي يتصورون بان نزعة السيطرة الرجولية كعامل اساسي في اضطهاد المرأة بعيدا كل البعد عن المجتمع الطبقي والرأسمالي.ويدعون إلى ضرورة اتحاد كل النساء ضد كل الرجال لانهاء اضطهاد المرأة وتحررها. برأي ان هذه النظرة عن سبب اضطهاد المرأة خطيرة جدا ومن الممكن ان تكون خاطئة لأنها تمنع وجود اي امل لإنهاء هذا الاضطهاد بل ان دونية المرأة واضطهادها ستكونان أبدية طالما يوجد الرجل والمرأة في المجتمع.
وهذه النوع من الحركة تنتج بالضرورة فكرة تواجد الفوارق والاختلافات البيولوجية كمصدر اساسي لاضطهاد المرأة وبهذا يتم تشتت نضال الانسان تحت النظام الطبقي الراسمالي على اساس التناقض الجنسي والاختلافات البايلوجية ويصب هذا لصالح ابقاء المصدر الرئيسي للاضطهاد وهي الرأسمالية والصراع الطبقي و المستفيد من قهر النساء هو رأس المال وليس الرجل .
من جهة اخرى تعزز هذه الحركة استمراروخلود استغلال واضطهاد المرأة وعجز ايجاد طريقة للتخلص منه وانهائه. من الممكن ان تحقق الحركات النسوية مكتسبات واصلاحات كبيرة لصالح المرأة ومساواتها في المجتمع ولكن تلك المكتسبات والحقوق من الممكن فقدانها تحت أي ازمة اقتصادية في ظل النظام الراسمالي الطبقي كما نلاحظ الان في الازمة الاقتصادية الاخيرة ان نسبة اكبر من النساء تعرضن الى فقدان عملهن وانظمامهن الى الفئة العاطلة عن العمل في المجتمع مقارنة بالرجل.
وكمثال حي في الدانمارك تحت تاثير الازمة المالية الاخيرة وما روجه ارباب العمل من الرجل من الادعاءات والتنظير الى ان احد الطرق الناجحة لحل الازمة الاقتصادية وازمة البطالة ان تترك المرأة العمل في المؤسسات الخدمية كرياض الاطفال والحضانات وتعود للبيت وبهذا الدولة ستوفر دفع مبالغ رواتب المرأة التي تعمل في رياض وحضانة الاطفال ومن ثم ارباب العمل والرجل لا يحتاج ان يدفع ضرائب عالية (الضرائب هي مصدر الرفاهية النسبية للمجتمعات الاسكندنافية) وبهذا ستخف اعباء الاسرة على الرجل وسيكون مهتما بالعمل خارج البيت ولساعات أطول لإعالة الأسرة، والمرأة ستقوم بخدمة البيت والاطفال وبهذا ستقل ازمة البطالة والازمة المالية.
يا لخطورة تلك التوجهات لضرب مكتسبات المرأة الدانماركية واجبارها ترك العمل في الفضاء الاجتماعي والعمل داخل البيت والاسرة وكما اعتمدت الرأسمالية عبر مراحل وجودها على مؤسسة الاسرة وعمل المرأة المجاني (غير مدفوع الاجر).
ومن خلال عملي داخل المنظمات النسوية الدانماركية الاحظ عزل قضية المرأة واعتبارها قضية تخص المرأة فقط بدل اعتبارها قضية المجتمع باكملها وجر الرجال المدافعين عن مساواة المرأة وقضيتها الى صفهم.
هناك تصور شائع بان المرأة الدانماركية و الاسكندافية حصلت على حقوقها كاملة وهي متساوية مع الرجل في المجتمع ولكن للاسف حتى الان هناك فوارق بين اجور المرأة والرجل ، وأكثر الأعمال الخدمية بشكل عام وبنسبة كبيرة من نصيب المرأة .



العلاقة بين اضطهاد المرأة و الاستغلال الطبقي

اعتقد انه هناك ارتباط وثيق بين اضطهاد المرأة واستغلال العامل والنظام الطبقي ، لان فلسفة وجودهم يعتمدان على نفس القاعدة وهي الملكية الخاصة ويجب ان تكون هناك علاقة وثيقة بين نضال العمال ونضال المرأة وذلك للوصول الى الهدف الاخير وهو الغاء النظام الرأسمالي والملكية الخاصة.
ومن المعروف ان عبودية واضطهاد المرأة لم تكون أبدية أي واذا رجعنا الى اصل انقسام الادوار بين الرجل والمرأة فجذوره تعود الى عصر العبودية أي عصر ما بعد المشاعية البدائية، حيث ظهرانقسام المجتمع الى اسياد ومضطهدين وحيث لم يكن هناك استغلال او قمع في عصر المشاعية ودور المرأة لم يكن مقتصراَ على البيت وتربية الاطفال، بل هي كانت صاحبة القرار والنسب كان يحدد نسبة الى الام، ولهذا السبب كانت المرأة هي الزعيمة داخل العائلة.
ولكن بعد الهزيمة الكبرى واخذ زمام السلطة منها، وظهور الملكية الخاصة فأن الرجل اخذ زمام المبادرة بسبب الاعمال التي تتطلب قوة جسمانية في تقسيم العمل وضرورة معرفة والد الطفل الذي سيكون الوريث بعده ،كل ذلك ادى الى زحزحة دور الام من موقع الزعامة.
وبالتوازي مع هذا ايضا برز الانقسام الطبقي بين العبيد والمالك والمرأة التي اصبحت من فئة العبيد أيضاَ لا بل انها قامت بدورين في آن معا، فهي من عبيد الملاك او صاحب العمل وتخضع لعبودية الزوج في البيت.
وهكذا انتهى نظام الامومة وحلت محلها العائلة الابوية التي يتزعمها ويقودها الرجل وفقدت المرأة مكانتها الرئيسية في عملية الانتاج ودورها في ادارة الحياة الاجتماعية، وهنا يتبين دور الملكية الخاصة في تحويل المرأة الى اداة لمتعة الرجل واداة لانجاب الاطفال وكأنها لم توجد الا من اجل خدمة الرجل.
و كما يشير "فريدريك انجلز" في "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" فان اضطهاد المرأة ظهر في مرحلة محددة في تاريخ البشرية، وهي نلك المرحلة التي انقسمت فيها المجتمع الى طبقات والمرأة مضطهدة في جميع المجتمات الطبقية، والسبب يعود الى تطور قوى الانتاج وتمكن الانسان من انتاج فائض عن احتياجاته اللازمة وهذا الفائض ادى بدوره الى ظهور الملكية الخاصة واستغلال الانسان من الانسان.
من المعلوم ان مطالب الحركة العمالية في تحسين شروط العمل من حيث الاجور وضمان العمل تشمل العاملات ايضا ولكن هناك ظروف خاصة بالمرأة العاملة وما تعانيه من استغلال واضطهاد تاريخي لكونها امراة. واعتقد انه يجب على الحركة العمالية والاحزاب اليسارية المدافعة عن الحركة العمالية الاعتراف الكامل بالواقع المزري للعاملات والنساء بشكل عام وتبني قضية المرأة لخضوعها الى اضطهاد مزدوج.
ومن الضروري جدا ان تنظم المرأة العاملة نفسها في مختلف المنظمات النسوية والنسوية المدافعة عن حقوق المرأة ضد جميع انواع الاضطهاد والتمييز ضدها وفرض اصلاحات آنية لصالح المرأة وفي تفس الوقت تنظيم نفسها في أحزاب وحركات يسارية و عمالية لأجل إنهاء النظام الراسمالي والذي هو السبب الحقيقي وراء اضطهادهن.
وهذا يشير بان ما زال الطريق أمامنا طويلا ولا بد حشد جهود المرأة وجهود جميع الرجال المتنورين للدفاع عن مساواة المرأة وحقوقها الكاملة في المجتمع.



أبرز مهماتنا في يوم المرأة العالمي:

• النهوض ورفض الواقع المرير من خلال التنظيم والانتماء للمنظمات النسوية المدافعة عن حقوقها والمطالبة بالمساواة الكاملة في المجتمع بمساندة الحركات والمنظمات التقدمية وجميع الأحزاب اليسارية الراديكالية والعلمانية والمنظمات العالمية للتصدي للعنف الممارس يوميا ضدها.
• التنسيق الفاعل بين المنظمات والاتحادات النسوية وضرورة تشكيل لجنة تنسيق للعمل المشترك بين المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة المستندة الى المواثيق الدولية، وضرورة تجاوز التعصب والصراعات الحزبية بين تلك المنظمات والتوحد على مسالة الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها، التركيز على النقاط المشتركة وكل ما يتعلق بهموم ومشاكل المرأة اليومية، ورفض اقتصار دورها على ان تكون واجهات نسائية غير معلنة للأحزاب السياسية التى بشكل عام يسيطر عليها الذكور.
• دعم وتفعيل المرأة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتسهيل فرص العمل للمراة عن طريق تمكينها ورفع كفائتها للحصول على عمل واستقلالها اقتصاديا.
• التوعية القانونية وارشاد المرأة بمعرفة حقوقها و التعرف على جميع انواع العنف الممارس عليها وكيفية مقاومة العنف داخل البيت، في الشارع، في العمل.
• دعم مشاركة المرأة سياسيا والانخراط افي مراكز صنع القرار وتصعيد مشاركتها السياسية وتفعيل دورها في المعترك السياسي، والابتعاد عن التبعية المطلقة للأحزاب السياسية (خاصة تلك التى لها برامج معادية للمراة ومساواتها) التي تستغل دور ووجود العنصر النسائي في المصالح الضيقة لتلك الأحزاب وعدم المس بقضية وحقوق المرأة في المجتمع، ولقد شاهدنا كيف استغلت أصوات المرأة العراقية في الانتخابات وصناديق الاقتراع لصالح الأحزاب القومية والدينية.
• المطالبة بتصعيد نسبة العنصر النسائي داخل مراكز السلطة بالكوادر والشخصيات النسائية الممثلة والمستعدة للدفاع عن حقوق المرأة وليس شخصيات نسائية (احيانا معادية للمراة) منصبة من قبل أحزاب أو أشخاص داخل دائرة لعبة كراسي الحكم.
• المساهمة الفاعلة للمرأة في رفض الدساتيرالرجعية والتي تحتوي على بنود يدعم قضم حقوق المرأة والمطالبة بدساتير مدنية وحضارية بعيد عن النزعات القومية والدينية والذكورية ومستندة الى مواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمرأة.
• تعزيز المطالبة بوضع حد للعنف والاختطاف والتحرش الجنسي والقتل بذريعة الشرف، ومنع ختان الفتاة، حماية النساء عن طريق فرض عقوبات قانونية صارمة لكل من يمارس العنف ضدها.
• .................