المراة العراقية بين الواقع والطموح



امل كاظم الطائي
2019 / 3 / 9

المرأة العراقية بين الواقع والطموح
تمر اليوم علينا ذكرى جميلة، هو يوم للتي جعلت لحياتنا قيمة افضل ننشد فيه السكينة والامل والحث والعمل بجدية لحياة افضل للنساء كافة ولنساء العراق بشكل خاص.
فبعد معاناة ونضال دام لاكثر من تسع عقود كيف نقيم واقع المرأة اليوم في العراق، عانت المرأة في العراق من شضف العيش والتهميش والاقصاء وذاقت الامرين لتحملها اعباء الحياة خصوصا في فترات الحروب وما اكثرها في بلادي فكانت يد تعمل ويد تربي وتنجز بغياب الزوج او الاخ او الاب، كانت الفترة الممتدة منذ عام 1980 "اندلاع الحرب العراقية الايرانية" ولغاية اليوم كانت الكثرسوءا في حياة نساء العراق خاصة وامرَها واوجعها فترة الحصار الاقتصادي التي عقبت حرب الكويت واقولها وبجرأة ان هذه الحرب بالذات لم تجلب للعراق غير الخراب والدمار والفقر والبؤس، ومع تعاظم وتفاقم ازمة الحصار إبتدأت البذور الاولى للفساد المالي والاداري وتفاقمت وبلغت اوجها اليوم، كان الموظف ابَان تسعينيات القرن الماضي يتقاضى راتبا قدره دولار واحد، اما البعثي فله مميزات اخرى وكذلك الوزراء والحاشية الحاكمة كانت لهم حصص تموينية مختلفة وتعزيزات اقتصادية، اما عامة الشعب فقد دك الحصار عظامهم وفرط لمَ الاسرة فلم يعد بسعة ومقدور رب الاسرة اعالتها، وهذا انعكس بشكل سلبي جدا على البنية الاسرية حيث اضطرت الكثير من الاسر الى بيع بيوتها والرحيل الى دول الجوار هربا من الفقر والحصار الاقتصادي، وكثير من الفتيات القاصرات تم تزويجهن بشكل جبري وقصري لتتخلص الاسر من اعالتهن خصوصا الاسر ذات الدخل الاقتصادي الضعيف والمحدود، وماذا كانت النتيجة لتزويج طفلة لازالت بحاجة الى رعاية الوالدين، كانت النتيجة مروعة بطلاقهن ومع وجود اطفال اصبحت الحياة مستحيلة واضطررن الكثير منهن النزول للشارع بحثا عن عمل يسددن به رمقهن واطفالهن وهن لازالن قاصرات وليس لديهن حتى شهادة ابتدائية للعمل، ومع تفاقم ضغوط الحصار صرن يقبلن باي مهنة وان كانت مخلة بالشرف وهاجرن الكثير منهن لدول الجوار.
سجلت الامم المتحدة في سوريا على وجه الخصوص وايران حالات وقصص يقشعر منها البدن ويندى لها الجبين بوجود عوائل تسمسر على بناتها واباء يرتضون ذلك، من هنا كان الانحلال والسقوط وظل الجميع ساكت حيال ذلك ولا يجرؤ احد على الكلام عن ذلك وكان للكويت راي قبيح حينما ادعى احدهم استعباد نساء العراق وتحويلهن الى مومسات وفق سمسارة وشركات ولم ينبس احد ببت شفة.
فالذي يريد ضمان حرية وشرف نساء بلاده عليه ا يكفل لهن حياة جريمة لا ان يشن حروب يكون وقودها الناس والحجارة وخراب البيوت.
وظل الحال لحين حلول العام 1995 واعلان مذكرة التفاهم "النفط مقابل الغذاء والدواء" بتزويد المواطن العراقي بمفردات البطاقة التموينية وحينها وصل قيمة الدولار الواحد خمسة الاف دينار في حين كان الموظف العراقي يتقاضى ثلاثة الاف دينار شهريا لا تكفي لشراء طبقة بيض او نعال اجلكم الله.
كان العبء الاكبر من كل ذلك يقع على كاهل المرأة العراقية تحديدا واضطررن الكثير منهن الى ترك وظائفهن والبقاء بالبيت لتدبير شؤون الاسرة او تحت ضغط الزوج الذي لم يعد يستطيع توفير الحد الادنى من المعيشة للاسرة ومن هنا كان الانحلال والسقوط.
ثم جاءات انفراجة اخرى العام 1998 حينما تم تطبيق واقرار قانون توزيع ارباح الشركات البالفة 5% من صافي ارباح الشركات لمنتسبيها، وبدات حركة انتعاش اقتصادية انعكست ايجابا على حال الاسر العراقية وعاد الكثير ممن نزحوا الى سوريا والاردن الى العراق وبدأت المباشرة بتنفيذ بعض المشاريع الخاصة ببناء القصور الرئاسية وغيرها، ايا كان تحرك سوق العمل بالعراق وسمح للعديد من الشركات بالاستثمار تحت مرأى ومسمع الامم المتحدة وموافقة امريكا طبعا وتوزيع كوبونات النفط لفنانين عراقيين ومصريين في حين كان الشعب يتضور جوعا وبامس الحاجة لكل فلس يدخل ميزانية العراق.
كانت تلك السنوات ثقيلة والاكثر وطأة على الاسر العراقية حتى ان الاطفال الذين ولدوا بعد العام 1990 لم يكونوا يعرفوا الموز او الحلوى لانه تم غلق جميع المصانع التي تعمل الحلويات بحجة عدم رفع قيمة السكر الذي استحوذ على استيراده اشخاص يمثلون السلطة "ما اشبه اليوم بالامس".
بعد العام 2003 استبشرنا خيرا بالحرية والديمقراطية والشفافية ووجود نساء في البرلمان العراقي ووزارة للمرأة، وحددت الرواتب بثلاث فئات حسب قانون برايمر سئ الصيت والذي قلب قانون الرواتب العراقية رأسا على عقب ولازلنا نعاني من سوء عقباته لغاية اليوم والقيام بالغاء سلم الرواتب وتسكين درجات الموظف وسرقة اعوام من الخدمة الفعلية لكافة الموظفين، واستمر الحال على ما هو عليه، ولكن الملفت للنظر ان اغلب دوائر الدولة تدار من قبل النساء ولكنهن لا يملكن مواقع سيادية في تلك المؤسسات والدوائر فنرى انه قلما توجد نسوة في منصب مدير عام او وكيل مدير عام، وبموجب قانون الفصل السياسي عدن الكثير منهن الى الوظيفة وان كن اغلبهن قد تركنها بمحض ارادتهن لقلة قيمة الراتب ابان تسعينات القرن الماضي وقد استفاد الكثير من هذا القانون على حساب من بقى بالوظيفة وتبوءوا مناصب ليس من حقهم "لكل زمان دولة ورجال"، واعتبر من استمر بالخدمة تابع لصدام ونظامه، حقيقة لم ينصفوا من بقى بالوظيفة وان كان غير بعثي ويتمتع بحسن السير والسلوك بل عانى ما عانى من جراء بقائه، لم يفكروا بان من بقى حمل العبء الاكبر من المحافظة على مؤسسات الدولة وعمل بكل تفاني وامانة لخدمة العراق ولم يسرق او يمد يده لسرقة المال العام كما نرى اليوم. اليوم تمثل المرأة ثلث البرلمان حسب قانون الكوته، ولكن الغريب بالامرانهن لم يحققن شئ يذكر لبنات جنسهن بالعكس اصبحن يستحوذن على السلطة والعقود لصالحهن واسرهن فقط، وبقت المرأة العراقية كما هي بل وتخلفت مع تنامي وعودة العادات العشائرية واعطائها فصلية لا لذنب اقترفته بل وتجبر على التزوج برجل لم تره ارضاءا لحكم العشيرة وكانها اجلكم الله بهيمة تباع وتشترى والويل والثبور ان اعترضت او رفضت تنفيذ هذا الحكم العشائري الجائر الذي لا يرضى به لا تشريع سماوي ولا قانون مدني انه حكم الغابة في زمن الوحوش، للاسف اقولها وفي قلبي غصة، فرغم ان ثلث البرلمان نسوة الا انه لم يعملن على انشاء مشاريع او تغيير قوانين تكفل للمرأة حياة كريمة لبلد ولاد للارامل والايتام والمطلقات بالعكس زاد الطين بلة قانون تزويج القاصرات، اتساءل اين منظمات المرأة من كل ذلك؟ هل عملن على مشروع يمكن المرأة من استقلالية اقتصادها بما يكفل لها حياة كريمة بعيدا عن الجدية بالشوارع هل فكرن باشاء دور رعاية للمسنات او ممن تم طردهن من قبل اسرهن واولادهن بعد الاستجواذ على املاكهن.
اليوم يرزء المجتمع العراقي تحت نير الطمع والهمجية وعدم وجود قوانين صارمة تكفل للمراة حياة كريمة، لا احد يعبأ بمن ربتنا صغار وسهرت على راحتنا وتسمع في المحاكم قصص يندى لها الجبين وتقشعر لها الابدان من يكفل حقوق هؤلاء النسوة وبالذات الارامل وزوجات الشهداء كل الشهداء فمن رحل زوجها في اي حرب لها حقوق علينا وايتامها لانهن واطفالهن ضحية "يثور الفقراء ويعتلي غيرهم منصة الحكم ليذيقهم العذاب والويل"
كارثة حقيقية تعاني منها نساء العراق منذ حرب ايران ولغاية اليوم هن ضحية لقرارات سياسية اتخذت قرار الحروب لقتل الرجال وترميل النساء وتيتيم الاطفال "حرب العراق وايران" حرب الكويت حرب العراق وامريكا الحرب الطائفية حرب داعش وما خفي كان اعظم.
وكل ذلك انعكس سلبا على النساء واطفالهن وعدم وجود قانون حقيقي يرعى حقوقهن الم يوصي الرسول العظيم بالضعيفين " المراة والطفل" الم يقل "رفقا بالقوارير"، اين نحن من كل ذلك، في عراق اليوم لهم الحق لايجاد ضمانات دستورية تكفل لهؤلاء النسوة حقوقهن، لك للاسف اصبحنا نعيش في حكم الغابة " القوي ياكل الضعيف".
فهل يا ترى نحلم بغد اقل قتامة من ذلك او بزوغ فجر شمس جديدة تنصف هؤلاء النسوة واطفالهن، ام اننا نسير نحو الهوة في استعباد اجسادهن لقاء لقمة عيش قد تسد او لا تسد رمقهن ثم نتهمن بالفجور والزنى، من يحمل اثمها ان زلت ؟؟؟.
مقالة بمناسبة يوم المراة
المهندسة امل الطائي
8 اذار 2019