الرشيدية: زواج القاصرات والنزوع إلى إعمال القاعدة القانونية



لحسن ايت الفقيه
2019 / 3 / 11

لم يكن زواج القاصرات شأنا مفكرا في المغرب، في الحال، فقد حضر لدى مجموعة من دول العالم، وصار موضوع التشريع، فوق أنه شأن حقوقي وقانوني لاتصاله بالإنسان، وبالنظم البشرية. والزواج ظاهرة سوسيولوجية بامتياز لاستلزامه تدخل الجماعة الإنسانية بموجب العرف، أو النص القانوني، وبموجب ضغط الثقافة غير العالمة. ولقد طفا في المغرب، على السطح، زواج القاصرات، بما هو إشكال جنسي في القرن 16 عشر الميلادي، حيث تجادل فقهاء النوازل في السن القانونية للزواج وربطوه بموعد تطيق فيه الفتاة الوطء. وعاد إشكال الزواج ثانية، في مطلع القرن التاسع عشر، ودخلت فتوى الفقيه محمد الرهوني رحاب قصر السلطان سنة 1809، ثم هدأ الوضع، من حيث الجدل، لا من حيث العمل، ودخل المسكوت عنه في مؤسسة الفقيه أو القبيلة، وكان صدور مدونة الأسرة سنة 2004 لتحمل معها الاستثناء المضمن في المادة 20. ولا تزال قبائل تنظر إلى الزواج أنه شأن عشائر خاص، لذلك لا تفتأ تتمرد على النص. هناك وبعد استفحال التوتر بين الحقوقي بمفهومه الحديث والثقافي بمفهومه التقليدي، صدعت وسائل الإعلام بزواج القاصرات في بحر شهر غشت من العام 2010. وأريد لشأنه أن يدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بحر سنة 2019، فكان توجيه السيدة رئيسة المجلس أن يكون موضوع زواج القاصرات خاصا للمراء والجدل والتفكير تحت شعار:«زواج القاصرات: إلغاء الاستثناء... تثبيت القاعدة». ولم تنج منطقة تافيلالت بالجنوب الشرقي المغربي من الظاهرة، فقد استفحلت فيها الثقافة غير العالمة، وطغا العرف وتسلط. ولقد أنجزت هذا التقرير، طوعا وفضلا وسأبثه، ولي اليقين أنه مفعم بالمراء العلمي ومفيد لكل مهتم بالشأن المذكور.
احتضنت قاعة الاجتماعات، ببساط الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة درعة تافيلالت مائدة مستديرة، حول زواج القاصرات، إن هي إلا ظاهرة يمكن تمثيلها كارتوغرافيا في خريطة المغرب، ويمكن تمثيلها بلون مضغوط بالجنوب الشرقي المغربي. ويأتي ذلك استجابة لتوجيه السيدة أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي أقصدت الهدف حينما قضى توجيهها أن تنزع اللجان الجهوية لحقوق الإنسان بالمغرب، بما هي آليات المجلس الوطني لحقوق الإنسان جهويا، إلى الاحتفاء باليوم العالمي للحقوق الإنسانية للنساء، الذي يصادف 8 من مارس من كل سنة، بالتركيز على موضوع زواج القاصرات، أو تزويج القاصرات إن أريد إعطاء البعد السوسيولوجي للظاهرة، وإلا تظل الصيغة الحقوقية والقانونية للحدث يلخصها الشعار الموحد على الصعيد الوطني في صيغة وجيهة ثابتة قعساء:«زواج القاصرات: إلغاء الاستثناء... تثبيت القاعدة». هنالك دعيت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات، لتطرق أبواب شركائها، بعد أن تراءى لها تنظيم مائدتين مستديرتين. موعد «الأولى يوم 8 من شهر مارس بقاعة الاجتماعات التابعة للأكاديمية اجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة تافيلالت بالرشيدية»، وستنحو مدينة ورزازات صباح يوم 12 من شهر مارس من العام 2019 لتجري تنظيم الندوة الثانية بمركز التكوين المستمر حمان الفطواكي. نقرأ في كلمة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات أن جرت دعوة حوالي 60 مشاركا، ونلمس الحضور في القاعة حوالي 50 مشاركا نصفهم نساء. ونقرأ فيها أن المائدة المستديرة تأتي:«ضمن سلسلة اللقاءات التي بات المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينظمها بواسطة لجانه الجهوية سؤلا في الوقوف عند الإشكالات المرتبطة بالظاهرة، وتدارسها بغية الخروج بتوصيات، وطمعا في تعزيز التقاشات العمومية المرتبطة بمدونة الأسرة التي تعد مشروعا مؤسسا لمجتمع جديد قائم على المساواة»، إن لم يكن «يسعى إلى التوفيق بين القيم الكونية والقيم الخصوصية المغربية، خصوصا بعد مضي 15 سنة على تنزيل مدونة الأسرة»، أي: يوم «بدأ العمل بها بتاريخ 03 من شهر فبراير من العام 2004، بموجب القانون 03-70». وورد في الكلمة، فوق ذلك، أن تطبيق المدونة «أفرز العديد من اليغرات والإشكالات المتشعبة جوانبها، كنحو النسب والولاية، والبنوة، والإجهاض، والإرث، والتعدد، وزواج القاصرات». ومما لا شك فيه أن الحديث عن زواج القاصرات، أو تزويجهن ثاوٍ في أشغال «الدينامية التي تعرفها الساحة الوطنية المتصل بتعديل مدونة الأسرة لا سما المادة 20 منها و21 مع العلم أن المادة 19 منها تنص على تحديد أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية في سن 18 سنة». ولم تغفل كلمة اللجنة الجهوية، إن هي إلا أرضية لتأطير المائدة المستديرة، الإشارة إلى «أن المدونة تمنح قاضي الأسرة حق توقيع استثناءات بموجب الفصل 20 من المدونة و21 منها»، شريطة «الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه (ها) الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي» لتأسيس «إصدار –القاضي- مقررا معللا يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية».
وإنه من المفيد طرح «أسئلة جوهرية حول الأسباب والعوامل التي تساعد على انتشار ظاهرة زواج القاصرات»، تأسيسا على «المعطيات الإحصائية التي تؤكد حجم ظاهرة زواج القاصرات بالمغرب، خاصة بالقرى، حيث يضاهي العدد خلال سنة 2016 نحو 40 ألف حالة، و30 ألف حالة سنة 2017». لقد كاد الاستثناء أن يشكل القاعدة، مما يؤسس للمائدتين المستديرتين، ويستجيب لتوجيه السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ولبلوغ القصد وتحقيق المراد كانت دعوة «خبراء قانونيين من قضاة ومحامين وإعلاميين وفاعلين جمعويين وحقوقيين» وفي دعوتهم شأو تفسره الرغبة في تفعيل المراء وتأسيس توصيات تروم جميعها الحد من ظاهرة زواج القاصرات.
انطلقت المائدة المستديرة، على الساعة التاسعة و59 دقيقة، بكلمتين: كلمة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات تلتها الأستاذة فاطمة عراشها، في ظرف سبع دقائق، وسلف بسط مجمل مضمونها، والكلمة الثانية للأستاذ علي براد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة درعة تافيلالت، ود أن يقضي في إلقائها سبع دقائق فقط. فبعد أن خاطب الحضور كل بصفته، أبى إلا أن يهنيء النساء جميعهن، والنساء المغربيات ونساء التربية والتكوين بعيدهن الأممي، وحسب اللقاء لقاء دراسيا تواصليا وذا أهمية «تفعيلا لمقتضيات اتفاقية الشراكة المبرمة بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات»، وتخليدا «لليوم العالمي لحقوق النساء الذي يصادف الثامن من شهر مارس من كل سنة». وأضاف السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين: «إن انخراطنا في هذا النشاط المتميز يندرج في إطار ترسيخ انفتاحنا المتواصل على مختلف شركاء المنظومة وتجسيد اقتناعنا الراسخ بالعمل وفق آليات المقاربتين التشاركية والحقوقية ومستلزماتهما في تدبير الشأن التربوي والتعليمي بالجهة. ويرتبط هذا الانخراط، فوق ذلك، أن كانت أهدافه متصلة» بتفعيل توجيهات الدولة وسياستها بهذا الصدد، مستشهدا بمضامين الخطب الملكية المنصب حول الموضوع. ومن جانب آخر يروم انخراط الأكاديمية الجهوية للتكوين في النشاط ويتصل «بتنزيل الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 التي تشكل إطارا مرجعيا وطنيا للإصلاح التربوي الذي تعرفه منظومتنا التربوية والتكوينية، يحدد توجيهاته ومبادئه واختياراته الكبرى، ويروم إرساء مدرسة جديدة بثلاث مقومات أولها الإنصاف وتكافؤ الفرص، وثانيها الجودة للجميع وثالثها الارتقاء بالفرد والمجتمع».
«ومما لا شك فيه أن زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية مركبة وذات أبعاد متعدد»، مما يحق تقديرها أنها «من الظواهر الخطيرة لما لها من نتائج سلبية على الفتيات، وطالما يتوج هذا الزواج بالفشل، بعد إنجاب طفل أو أكثر مع فتاة لا تعرف كيفية تربيتهم». وأشار إلى «أن هذا النوع من الزواج ينتشر في المناطق القروية بشكل خاص. لذلك نعو إلى اعتماد مقاربة شمولية شاملة، قد تكفل من الحد لهذه الظاهرة، وتضمن للفتيات حقهن في استكمال دراستهن، واكتساب الكفايات والقدرات الكافية التي تساعدهن على تأسيس أسر سوية».
و«يبدو أن تجفيف منابع هذه الظاهرة لا يمكن أن يجري إلا من خلال تشجيع التمدرس، ومكافحة الهذر المدرسي، ومحاربة الهشاشة والفقر، وفك العزلة عن المناطق النائية».
و«وعيا منا بالتداعيات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الآفة وانعكاسها السلبي على المجتمع، وإيمانا منا بأن هذا الموضوع مسؤولية مشتركة بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين، فإن ذلك يستلزم تكثيف الجهود وتنسيقها»، و«إرساء مبادرات مختلف المتدخلين المعنيين، سواء كانوا قطاعات حكومية أو مؤسسات عمومية، أو هيئات المجتمع المدني للتصدي لهذه الآفة التي باتت تؤرق المجتمعات». وإن إرساء تلك المبادرات ليشكل «في العمق التزاما إنسانيا وأخلاقيا قبل أن يكون التزاما مؤسساتيا وقانونية تدعو إليه المعاهدات والاتفاقيات الدولية».
ويطمح السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين من المائدة المستديرة «تنوير المشاركين والمشاركات في سبل تحديد سبل الحد من هذه الظاهرة». ويوم السيد المدير في الحال أو العقبى«أن تضع المائدة المستديرة جملة من الاقتراحات والتوصيات التي من شأنها أن ساههم في تعزيز البرامج والتدابير والإجراءات التي نشرف عليها لضمان الحق في التربية والتعليم إنصافا وجودة وحكامة بالجهة، ودعم التمدرس فيها، ومحاربة الهذر المدرسي».
انطلق تصريف المداخلات بعد الاستماع إلى الشريط الذي يقدم السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمينة بوعياش. وبعد إفصاح الأستاذة فاطمة عراش أن البرنامج حصل فيه تعديل من حيث ترتيب المداخلات. ويعنينا أن المداخلة الأولى كانت للكلية المتعددة الاختصاصات بمدينة الرشيدية، انتدب الأستاذ عبد العالي لعديري لإلقائها.
«المقاربة القانونية لتزويج القاصرات» عنوان مداخلة الأستاذ عبد العالي لعديري. بعد شكره الجهة المنظمة والحضور، ود أن يفصح أن «الموضوع خصب بالنسبة للمهتمين بالشأن الأسري»، وأن مداخلته «تأتي لتنوير الحضور الكريم بالجانب القانوني للظاهرة. وينبغي فتح المجال لباقي المشاركين قصد الإدلاء برأيهم في الموضوع، لغاية إغناء الموضوع، وتأسيس مثاربة شمولية بين الجانب التطبيقي والجانب النظري».
انطلق من الدستور المغربي إذ اعتبر« الأسرة القائمة على الزواج الشرعي الخلية الأساسية للمجتمع وألقى على عاتق الدولة ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها». وأقر بالزواج مدخلا أساسيا « لبناء الأسرة »، ثم عرج إلى الكتاب الأول من مدونة الأسرة، ليقف عند تنظيمه بالإشارة وتحديد أركانه وشروطه، ليخلص إلى أن المدونة «جعلت الأهلية الكاملة شرطا من شروط صحته». ويحدد سن الزواج «في ثمانية عشر سنة شمسية للفتى والفتاة، مع إمكانية النزول عن هذا السن، إذا دعنت الضرورة إلى ذلك تحت مراقبة القضاء».
واشترط في الزواج، بالضرورة، أن «يكون كل من الزوج والزوجة عاقلين مميزين». والغاية من ذلك الوجوب «ن يكونا على بينة بما يرتبه عقد الزواج من الالتزامات المتقابلة»، والاطلاع بها. لذلك اتفق «جل الفقهاء على أن المصاب بخلل عقلي، أو بعته قريب من الجنون لا يعتبر أهلا لمباشرة عقد الزواج»، والسبب في ذلك والغاية منه أن «الزواج يقوم على التراضي والاختيار بين المتعاقدين». وفسر الأستاذ عبد العالي لعديري نشوء الرضا، فلا «يمكن أن يصدر إلا عن شخص عاقل، لأن العقل هو مناط التفكير، وهو الذي يبين ما يصلح وما يضره، فالمريض بعاهة عقلية يعتبر عديم التمييز»
ولئن كان «الأصل أن اكتمال أهلية الزواج لا تحصل إلا ببلوغ الفتى والفتاة سن الرشد القانوني فإن المشرع وضع استثناء لهذه القاعدة من خلال المادة 20 من مدونة الأسرة». وأضاف الأستاذ عبد العالي لعديري بالبيان فحوى المادة 20: «لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه بإقرار مقرر يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي، والاستعانة بخبرة طبية، أو إجراء بحث اجتماعي مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن».
و«يستفاد من مقتضيات هذه المادة أن طلب الإذن بزواج القاصر يقدم كتابة أمام قاضي الأسرة المكلف بالزواج وتجري الاستجابة للطلب بمقرر معلل غير قابل لأي طعن».
ويختص قاضي الأسرة في «البت في الموضوع في حال امتناع النائب الشرعي عن الموافقة، وهدف المشرع من اشتراط سلوك مساطر محددة لاستصدار الإذن بزواج القاصر، حماية للقاعدة العامة في الزواج التي تقضي بضرورة توفر السن القانوني من أجل صحة انعقاده». بعد هذه المقدمة التي عرف فيها الأستاذ عبد العالي لعديري الزواج، والأهلية في الزواج، وفسر أحكام المادة 20 من مدونة الأسرة تبين له وجوب الانتقال بالبيان إلى ما هو مسطري فحق الوقوف عند «الإجراءات المسطرية لزواج القاصر» في القسم الأول و«الوسائل المعتمدة من لدن الجهاز القضائي لمنح الإذن بزواج القاصر» في القسم الثاني. «الإجراءات المسطرية لزواج القاصر» حسبها الأستاذ عبد العالي لعديري منحصرة في «الصفة في تقديم الطلب، أو بعبارة أخرى في إمكانية القاصر تقديم طلب الإذن بالزواج بنفسه، إضافة إلى الإشكال الذي يطرحه الاختصاص»، كنحو المكان «وكذا إمكانية الطعن الصادر عن القاضي بشأن الاستجابة لطلب تزويج القاصر». وأما الصفة في تقديم الطلب فأكد الأستاذ عبد العالي لعديري أن المشرع المغربي «خرج في مدونة الأسرة عن القاعدة العامة وأعطى القاصرَ حق التقدم بطلب الإذن بالزواج لكنه قيده بضرورة موافقة النائب الشرعي، وذلك بتوقيع مع القاصر على طلب الإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد». ولقاضي الأسرة أن يبت في النازلة «في حال امتناع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة على الزواج»، شريطة أن يلفى «مبررات معقولة على الامتناع أو رأى القاصر الراغب في الزواج إذا رأى مصلحته في ذلك».
وعن القاضي المختص وجب التمييز«في هذا المجال بين اختصاصين: اختصاص نوعي واختصاص مكاني». فالاختصاص النوعي «لا يطرح أي إشكال، لأن القاضي المكلف بالزواج هو المختص في البت في الطلب». لكن الاختصاص المكاني، يستدعي بيان أن «مدونة الأسرة لم تلزم الخطيبين المقبلين على الزواج بتقديم طلبهما لدى قسم معين من أقسام قضاء الأسرة مختصة في طلب الإذن بالزواج، بما في ذلك الطلب المتعلق بزواج القاصر». ومرد ذلك إلى أن «مقتضيات المادة 20 جاءت عامة ولم تحدد الاختصاص المكاني». وأمام هذا القصور يضيف الأستاذ عبد العالي لعديري «اقتُرح تعديل المادة 20 من مدونة الأسرة وذلك بجعل قاضي الأسرة المكلف بالزواج محل إقامة القاصر أو نائبه الشرعي هو المختص وحده في البت في طلب الإذن بزواج القاصر».
وفي القسم الثاني «الوسائل المعتمدة من لدن الجهاز القضائي لمنح الإذن بزواج القاصر» أورد الأستاذ عبد العالي لعديري أنه «طبقا لمقتضيات المادة 20 من مدونة الأسرة لقاضي المكلف بالزواج حق منح الإذن بزواج القاصر قبل سن الثامنة عشرة من العمر بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي». و فصّل الأستاذ عبد العالي لعديري القول في «الاستماع إلى القاصر وإلى أبويه أو نائبه الشرعي»، ووضح «الخبرة الطبية»، و«الهدف منها» طمعا «في تحقق البلوغ». وحب أن يتساءل: «إلى أي حد يمكن اعتبار تقرير الخبرة مقيدا لسلطة قاضي الأسرة المكلف بالزواج في منح الإذن بزواج القاصر؟». وكان الجواب على السؤال يقضي التأكد من أن «قناعة القاضي تبقى هي الأساس في منح الإذن وبالتالي، فتقرير الخبير لا يلزمه في شيء، وإنما هو مجرد إمكانية منحها المشرع من أجل الاستناد إليها في بناء قناعته، ليس إلا». واسترسل الأستاذ عبد العالي لعديري في «إجراء البحث الاجتماعي» طمعا في تأسيس قناعته. ولما نشأت الأستاذة فاطمة عراش ترفع أمامه الورقة الحمراء لاستغراقه 15 دقيقة، ود الوقوف عند ملخص مداخلته، ليذكر «أن زواج القاصر ظاهرة اجتماعية، وما يحدد ذلك تفاقم طلب زواج القاصر في السنوات الأخيرة وما صاحبه من ارتفاع مهول في الطلاق في صفوف القاصرات، مما نتج عنه نتائج سلبية وخيمة على المجتمع برمته». ولا غرو، «فزواج القاصر يحتاج إلى مقاربة شمولية تستحضر ما هو قانوني وما هو سوسيوثقافي للمجتمع المغربي مما يستدعي فتح نقاش وطني معمق بين مختلف الفرقاء في لإطار مقاربة تشاركية لإخراج نص قانوني يوفر الحماية اللازمة للقاصر من الناحية الموضوعية. والوقت قد حان لإعادة النظر في المادة 20 من مدونة الأسرة والمادة 21 منها». وكانت أمد مداخلة الأستاذ عبد العالي لعديري 17 دقيقة.
مداخلة الأستاذ سرحان المستشار بمحكمة الاستئناف كانت حول «إعمال المادة 20 من مدونة الأسرة والإشكالات المرتبطة بها»، حضر للمشاركة في الندوة بصفته قاضيا ممارسا. فبعد الديباجة، أن شكر السيد الرئيسة واللجنة المنظمة، والحضور الكريم كل باسمه وصفته، أشار إلى أن «زواج القاصرات موضوع متشعب»، ولأن الأستاذ عبد العالي لعديري ود أن يتطرق إلى « بعض الإشكالات المطروحة»، وهي أربعة، بيانها مسألة الأهلية أمدها والاختصاص المكاني، ومسألة السلطة التقديرية للقاضي المكلف بالزوج، والسجال بين دعاة إلغاء المادة 20، والأطراف القاضية بضرورة الإبقاء عليها، و إلغاء زواج القاصرات بالمرة. بسط هذه الإشكالات في ظرف 18 دقيقة فقط. بصدد «مسألة الأهلية، والمحددة في المادة 19 في السن سنة19.... فهل هناك معيار علمي يحدد المدة الفاصل بين سن الرشد الإنساني القانوني وسن الرشد؟ فلا يعقل أن أرفض طلب قاصرٍ للزواج على الساعة الحادية عشرة والنصف وبعد مضي ساعة ومع الساعة النصف بعد منصف الليل، تقدم لنا طلبا آخر ونقول لها نحن موافقون على طلبك»، فالمسألة تستدعي اجتماعيا بعض الدقة. و«أما ما يتصل بالمسطرة وتتعلق، بالضبط، بالاختصاص، فهي غير منظمة في مدونة الأسرة وعندما يتعلق الأمر بقانون إجرائي غير وارد في فصل خاص، فيتعين الرجوع إلى القواعد العامة، متضمنة في المسطرة المدنية. وبالفعل يطرح إشكال، فالمدعى عليها هي النيابة العامة، نفرض عليهم الرجوع إلى مكان إقامة الخطيبة أو المخطوبة. نجد في المدن التي نصادف فيها ارتفاع نسبة القرارات الرافضة للإذن يجري تفادي تقديم الطلبات أمامها، ويحصل اللجوء إلى محاكم زاكورة والرشيدية حيث يكون استغلال الخصوصية التي تمتاز بها المنطقة في هذا الصدد». و«أما مسألة السلطة التقديرية للقاضي المكلف بالزوج. فالنص يلزم القاضي المكلف بالزواج حينما يقدم إليه الطلب أن يجري بحثا اجتماعيا، أو خبرة طبية. ولا يمكن البت في الملف أو فعل أي شيء بدون إجراء بحث أو خبرة. فالبحث يجري من لدن قاضي الأسرة شخصيا أو من لدن المساعدة الاجتماعية بالمحكمة. وهناك حالات يحصل فيها اللجوء إلى الخبرة الطبية. في هذه الحالة عندما يأتي البحث إيجابي ويتعلق بمسألة البلوغ والمستوى الاجتماعي والوضع المادي للزوجة، أو الأسرة بكاملها، أو الوضع المادي للخطيب. فإذا كان البحث إيجابيا فإن لقاضي الأسرة السلطة التقديرية لقبول الطلب أو رفضه. فالحالات التي أشار إليها المتدخل السابق»، يقصد الأستاذ عبد العلي لعذيري، والتي هي « ذات علاقة بمحكمة الاستئناف بطنجة...». ماذا قال الأستاذ لعذيري؟ لنعود إلى السجل الصوتي: « نظرت محكمة الاستئناف بطنجة في رفض قاضي المحكمة الابتدائية الاستجابة للطلب رغم كون التقرير الطبي إيجابيا. واعتبرت أن هذا زواج الزواج يقتضي توافر الكفاءة البدنية والقدرة العقلية، واستطاعة تحمل الأعباء الزوجية، وهذه المواصفات لا تتوافر إلا في الإنسان الذي يعتمد نضجه الجسدي والعقلي. وإن هذا الاتجاه من شأنه أن يكرس حماية حقيقية للقاصر ويضمن حقوقها. والأكثر من هذا، إذا نظرنا من الجهة الشرعية إلى الدين الإسلامي نجده يقر هذه القاعدة»، مستشهدا بالآية 6 من سورة النساء «وبالتالي فالقاصر، لا يمكن أن تسند إليها أمور إلا إذا كانت ناضجة على المستوى الفكري. لذلك يجب الإقرار في المادة 20، بعد التعديل، إمكانية الطعن القاضي بعدم أهلية زواج القاصر للأسباب الواردة ذكرها»، أي: «أن القرار القاضي برفض تزويج القاصر لا يمكن الطعن فيه»، ذلك ما سمع من المتدخل الأول، وقد أخرنا بسطه ليتصل بالتعقيب الذي غشيه من لد المتدخل الثاني. الذي أضاف بالبيان: « فالقاضي الذي رفض الطلب لا يفيد ذلك أن القرارات غير قابلة للطعن. فالخبرة إيجابية والبحث الاجتماعي إيجابي لكن سن طالبة الإذن 14 سنة. فالسن هو المعيار الحاسم». وبخصوص السجال بين دعاة إلغاء هذه المادة والأطراف القاضية بضرورة الإبقاء عليها. رأى الأستاذ سرحان «نحن، بصفتنا قضاة، ملزمون بتطبيق النص القانوني. في حال إلغاء المادة، فمن اليوم لن نسمع بأي قاض بت في طلب يرمي إلى حصول الإذن بتزويج قاصر بالإيجاب. وفي حالة تعديل النص وذلك بوضع الحد الأدنى، 16 سنة مثلا، فلن تسمع أبدا قاضيا منح إذنا لقاصر لم يبلغ بعد هذا السن، وإلا سيعرض نفسه للمساءلة في إطار المادة 97 من القانون الأساسي. فالمشرع كرس الحماية القانونية للقاصر الذي حصل على الإذن بالزواج، وذلك بمنحه بممارسة الدعاوى المرتبطة بنتائج الزواج». وبخصوص إلغاء زواج القاصرات، تبين للأستاذ سرحان، أو على الأقل، ألفى «أن جل التشريعات الدولية تتضمن هذا المقتضى. ففرنسا ألغت تزويج القاصرات، ليس بفعل النضال، وإنما بلغ المجتمع من الوعي ما يقضي تجاوز تزويج القاصرات».
«إعمال المادة 20 من مدونة الأسرة»عنوان المداخلة الثالثة في الترتيب انقطع لها القاضي المكلف بالزواج بالمحكمة الابتدائية بالرشيدية، الأستاذ عثمان، في سبع دقائق، ود السيد القاضي الاستمرار في النقاش السابق حول المادة 20، فأفصح بالبيان «يشرفني أن أكون حاضرا بينكم في هذه المائدة المستديرة التي اختير لها عنوان تزويج القاصر، تحت شعار إلغاء الاستثناء وتثبيت القاعدة». وأضاف أن مداخلته «تأتي إعمالا لما جاء في المادة 20 من مدونة الأسرة، والإشكالات المرتبطة بها. ونظرا لأهمية قضايا الأسرة باعتبارها الخلية الأولى في المجتمع والنواة الأساسية فيه فقد عمد المشرع المغربي على إنشاء مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج، إلى جانب قضاة التوثيق، وقضاة شؤون القاصرين، وقضاة المحكمة. وتناط بالمؤسسة عدة اختصاصات لعل أبرزها إعطاء الإذن للذي لم يبلغ سن الزواج القانوني والمعروف بزواج القاصر. فإذا كانت المادة 19 من مدونة الأسرة على أن أهلية الزواج تكتمل ببلوغ الفتى والفتاة السن 18 سنة شمسية كاملة، فإن المادة 20 منها منحت للقاضي المكلف بالزواج الصلاحية في أن يأذن للفتى والفتاة ولو يبلغ أحدهما هذا السن. وهذا الإذن يجب أن يصدر بقرار معلل يبرز فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك. وذلك بالاستماع بلأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية، أو إجراء بحث اجتماعي في الموضوع للتأكد من مدى قدرة القاصر على تحمل أعباء الزواج وأن في هذا الزواج مصلحة وسندا له. والملاحظ أن النص لم يحدد السن الأدنى لإمكانية صدور الإذن بالزواج. لكنه قيده بشروط لا بد من مراعاتها للتأكد أن للمأذون له المتوفر على النضج الجسماني والأهلية لتحمل تابعة الزواج إمكانية والواجبات.... وعلى التمييز الكافي لصدور الرضا بعقد الزواج منه. والمقرر الذي يصدره القاضي المكلف بالزواج قابل للتنفيذ بمجرد صدوره ولا يقبل أي طعن. وأما القرار الصادر بالرفض، فيكون قابلا للطعن وفق القواعد العامة. والإشكال المطروح هنا، يكمن في حالة إدلاء الأم بالشهادة اللفيفية تثبت غيبة الأب، غيبة اتصال، وانقطاع مدة طويلة. فهل تنتقل الولاية مباشرة إلى الأم، تطبيقا لأحكام المادة 38 بعد المئتين من مدونة الأسرة استنادا لهذه اللفيفية، أم لا بد من استصدار حكم قضائي نهائي في الموضوع يصرح بغيبة الأب؟ علما أن زواج القاصر كما أسلف بعض المتدخلين متوقف على موافقة نائبه الشرعي»، واقترح الأستاذ عثمان في هذه الحالة «ضرورة استصدار حكم قضائي نهائي يصرع بغيبة الأب، لأن شهادة اللفيف في هذه تعتبر بداية الحجة، ليس إلا، قد تعتمدها المحكمة وقد تستبعدها لسبب من الأسباب. وأما الإشكال الثاني فيكمن في حال البت في زواج القاصر إذا امتنع نائبه الشرعي عن تزويجه. إذ أن موافقة النائب الشرعي تعتبر شرطا لازما وضروريا لإبرام عقد زواج القاصر، وذلك بتوقيعه مع هذا الأخير عهدة بإبرام الزواج وحضوره إبرام العقد وهذا ما نصت عليه المادة 21 من مدونة الأسرة. إذ ورد فيها أن زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي وتجري موافقة هذا النائب الشرعي بتوقيعه مع القاصر علاقة بالإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد. وإذا امتنع النائب الشرعي ورفض تزويج هذا القاصر فإن قاضي الأسرة المكلف بالزواج، يبت في الموضوع بعد رفع الأمر إليه، من لدن القاصر، أو من لدن أحد أقاربه. وإن ما جاء في هذا الموضوع هو تقرير لقاعدة فقهية معروفة في الفقه مفادها أن العدل ولاية الظلم من اختصاص القضاء وبالتالي، يتعين على القاضي المختص أثناء نظره في الملف استحضار أسباب امتناع الولي عن تزويج من هو تحت ولايته. فإذا كان هذا الامتناع مبررا ومشروعا رفض الاستجابة لطلب القاصر. وإذا كان سبب المنع غير مشروع استجاب لطلبه متى تأكدت له المصلحة من هذا الزواج. إذ متى توفرت له القناعة على قدرة القاصر اقتحام حياة زوجية سليمة، إلا وأذن لها بالزواج بمقرر يبين فيه هذه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستعانة بخبرة طبية، أو بحث اجتماعي، أو أن يكون المقرر يتضمنهما معا الخبرة الطبية والبحث الاجتماعي في آن واحد . وإذا ما حصل زواج القاصر فإنه تُسوى أهليته المدنية في ممارسة كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات. وفي حال ما إذا وقع خلاف بين زواج القاصر ونائبه الشرعي حول تقدير ما يحتاجه القاصر من تكاليف مالية لحياته الزوجية كتقدير نفقاته الشهرية أو السنوية أو طريقة تسليمها للزوج المعني بالأمر رفع الأمر إلى المحكمة لكي تفصل فيه. والإشكال المطروح هنا، أنه في حال غيبة الأم القاصر، أو امتناعها عن حضور الجلسة، بعد توصلها بالاستدعاء، قصد الاستماع إليها تطبيقا لأحكام المادة 20 من مدونة الأسرة. فهل يجري البت في الملف في غيبتها ام لا بد من حضورها؟ وبعبارة أخر، فعند استماع القاضي المكلف بالزواج بالأطرف فهل لا بد من حضور الأب والأم معا أم يكتفي بأحدهما. نعتقد أن حضور الأم في هذه الحالة يكون على سبيل الاستئناس، فقط، ولا يحول دون البت في الطلب عند غيبتها. إذ كان النائب الشرعي الذي يتوقف زواج القاصر على موافقته حاضرا في الجلسة وأبدى موافقته على هذا الزواج وذلك إعمالا للتيسير ورفع الحرج. فالمادة 20 تحدثت عن النائب الشرعي،فقط، وليس غيره »
ود الأستاذ حسن حمداوي في مداخلة النيابة العامة، وفي ظرف 45 دقيقة، فقط، أن يفصح، بعد أن شكر الجهة المنظمة لهذه المائدة المستديرة وتوجيه التهاني للمرأة في عيدها الأممي، «وإن كان للمرأة سنة كلها أعياد نحتفل بها»، أن يذكر بالفصل 32 من الدستور المغربي الذي يعتبر « أن الأسرة القائمة على الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع. كما ألقى على عاتق الدولة ضمان الحماية الحقوقية للأسرة، والحماية الاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن وحدتها واستقرارها، والمحافظة عليها»، لكن «تنظيم مؤسسة الزواج يثير عدة خلافات وتجاذبات ذات أبعاد دينية وأخرى ثقافية واجتماعية، ومن ذلك زواج القاصر، حيث بلور التساؤل حول مدى ملاءمة استمرار القول على ضوء التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن منطلق ما تقضي به الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية». وبعد هذه الديباجة أكد الأستاذ حسن حمداوي أنه يبتغي تقسيم مداخلته إلى أربع فقرات.
الفقرة الأولى تدور حول زواج القاصر في مدونة الأسرة. أفاد فيها بالبيان:«لقد جعل المشرع المغرب سن 18 سنة سنا لأهلية الزواج تماشيا مع الاتفاقيات الدولية، إذ اعتبرت المادة 1 من مدونة الأسرة أن أهلية الزواج تكتمل بإتمام الفتى والفتاة كليهما ثمانية عشرة سنة شمسية»، وإبراز مدى تمتعهما بقواهما العقلية. لكنه «فتح نافذة الاستثناء عبر مجموعة من الضوابط والشروط حتى لا يحصل الشطط في حق الطفولة. ولا ينجز الزواج إلا بإذن القاضي، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، وهي ضمانات يتعين على القضاء تحقيقها وتفعيلها على أرض الواقع، وذلك برفض طلبات الإذن بالزواج دون سن الأهلية كلنا بدا له انتقاء المصلحة أو احتمال حصول ضرر تترتب عنه عواقب وخيمة على الصحة الجسدية أو النفسية للمعنية بالأمر. وبذلك يتضح أن مدونة الأسرة سلكت مسلكا وسطا حين تركت لمن لم يبلغ السن المحددة قانونيا والراغب في الزواج ذكرا كان أم أنثى في أن يرفع أمره إلى القاضي لينظر في أمره ويأذن له بالزواج إن بدت المصلحة فيه».
الفقرة الثانية تدور حول زواج القاصرات في الاتفاقيات الدولية والقوانين المقارنة. أفاد فيها بالبيان بالحرف «لقد أباحت اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج التي دخلت حيز التطبيق، بتاريخ 4 من شهر دجنبر من العام 1965، في المادة الثانية أن تزويج القاصرين استثناء عندما يكون الأمر لمصلحة الطرفين ولأسباب جدية. كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة توصية في الفاتح من شهر نونبر من العام 1965 تدعو فيها الدول الأعضاء باتخاذ التدابير التشريعية اللازمة، لتعيين حد أدنى لسن الزواج على ألا يقل عن 15 عاما. وبعد ذلك بسنوات اعتبرت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة بتاريخ 20/11/ سنة 1989 المصادق عليه بموجب الظهير المؤرخ في 14/06/1993 أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز بعد سن الثمانية عشرة سنة. وأوجبت المادة 24 من الاتفاقية أن على الدول اتخاذ كل التدابير الفعالة والمناسبة من أجل القضاء على كل الممارسات التقليدية المضرة بصحة الأطفال، في حين اعتبرت لجنة حقوق الطفل من جهتها أن زواج الأطفال والزواج الجبري هي ممارسات تقليدية مضرة ». وبعد سرد النص، أو بالأحرى الخبر عن النص حب الأستاذ حسن حمداوي إعمال التعليل:« فإذا كانت الاتفاقية الدولية قد نصت على سن الثامنة عشرة باعتبارها سنا معلنا انتهاء الطفولة فهذا لم يمنع العديد من الدول من تحديد سن أدنى للزواج أقل من 18 سنة في بعض الحالات، ونذكر ضمن هذه الدول فرنسا، حيث يمكن لوكيل الجمهوية، لمكان إبرام الزواج الإعفاء من شرط سن في حال توافر أسباب جدية ، ولا يحصل الزواج في هذه الحالة إلا بموافقة أبوي القاصر، وهو ما نصت عليه المادتان 145 من القانون المدني الفرنسي و148 منه». وأما في إسبانيا «فيسمح بزواج القاصرين في توافر أسباب وجيهة، ويتوقف هذا الزواج على إذن قضائي، وموافقة العائلة وهو ما تطرقت له المادتين45 من القانون المدني الفرنسي و46 منه. وأعطت المادة 145 من القانون المدني البلجيكي لمحكمة الشباب صلاحية تزويج من هم أقل من سن 18 سنة في حال وجود أسباب خطيرة».
الفقرة الثالثة من مداخلة الأستاذ حسن حمداوي ود فيها أن يصنف الدول الأوروبية إلى ثلاث فئات: «الفئة الأولى حددت السن القانوني للزواج في 18 سنة، والاستثناء في 16 سنة بموافقة الوالدين أو المحكمة»، وضمن هذه الفئة إيطاليا والنرويج. و«الفئة الثانية حددت السن القانوني للزواج في 18 سنة، ولم تحدد السن الأدنى للزواج بل جعلت الأمر رهين بموافقة المحكمة أو الوالدين »، وضمن هذه الفئة فينلندا وإيرلندا. و«الفئة الثالثة حددت السن القانوني للزواج في 18 سنة، مع تحديد الاستثناء في 14 سنة و15 وربطه بموافقة الوالدين أو المحكمة»، وضمن هذه الدول أستونيا وجورجيا. وعرح الأستاذ حسن حمداوي إلى الدول العربية ليقف عند النموذجين التونسي والأردني.
والفقرة الرابعة الأخيرة من مداخلة الأستاذ حسن حمداوي ذكر فيها دواعي تحديد السن الأدنى للزواج، وأفاد قائلا: «من المعلوم أن الزواج تترتب عنه عدة آثار ترتبط أساسا بالقدرة على تحمل الالتزامات التي يفرضها وبالتالي فإن اقتراح تقنين الحد الأدنى لسن الزواج، في سن يفترض فيه النضج البدني والنفسي، يبقى مقبولا نظرا لما فيه نظرا لما فيه من مصلحة للقاصر بالدرجة الأولى حتى يتمكن من القدرة على التمييز والإدراك والوعي بمسؤولية الزواج وتحمل أعبائه».
وفي الأخير ود أن يدعم ما سبق ذكره، بذكر دعوة رئاسة النيابة العامة المحامين العامين لدى محكمة النقض والوكلاء العامين للملك وقضاة النيابة العامة «إلى تفعيل دورهم والصلاحيات المخولة لهم قانونا في ما يتعلق بالطلبات الرامية إلى زواج القاصرين عبر تقديم الملتمسات والمستنتجات الضرورية للحفاظ على حقوق الطفل ومصالحه الفضلى». وفي دعوة أخرى وجوب «تفعيل دورهم من خلال الحرص على تقديم ملتمسات للقضاة تنسجم مع قصد المشرع من جعل الزواج قبل سن الرشد متوقفا على موافقة القضاء من أجل جعل جلسات البحث مناسبة لتوعية القاصر بالأضرار التي يمكن أن تترتب عن الزواج المبكر والاستعانة، والاستعانة ىفي ذلك – إذا اقتضى الأمر- بالمساعدين الاجتماعيين والحرص على الحضور في جميع الجلسات المتعلقة بإذن زواج القاصر». ووردت في مداخلة الأستاذ حسن حمداوي مقتضيات أخرى واردة في دعوة رئاسة النيابة العامة كنحو «عدم التردد في تقديم الملتمسات بواسطة المساعدين الاجتماعيين للتأكد من الأسباب الداعية لطلب الإذن بالزواج ومن وجود مصلحة للقاصر في الإذن بالزواج ومن توافره على النضج والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج وعلى التمييز الكافي لصدور الرضى بالعقد وكذا تقديم ملتمس بإنجاز الخبرات الطبية والجسمانية والنفسية الضرورية للتأكد من قدرات القاصر على أعباء الزوجية». وضمن دعوة رئاسة النيابة العامة ما يتصل بالمغاربة المقيمين بالخارج «بأن الدولة المقيمين بها تقبل عقود الزواج دون سن الأهلية، وتنبيه الأسر المعنية بالوضعيات القانونية التي تنشأ عن إبرام تلك الزيجات مشددة على تقديم ملتمسات بعدم الاختصاص بالنسبة لطلبات الزواج المتعلقة بقاصرين لا يقيمون بدوائر نفوذ قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يقدم إليه الطلب باعتبار ذلك شرطا أساسيا لإجراء الأبحاث المشار إليها في الفقرات السابقة». وطالبت رئاسة النيابة العامة بموافاتها بإحصاء طلبات الراغبين في الزواج من القاصرين مع الإشارة إلى الصعوبات.
وختم الأستاذ حسن حمداوي مداخلته بذكر «إحصاء طلبات الراغبين في الزواج من القاصرين بالرشيدية إذ بلغت سنة 2017 حوالي 240 ملفا، وسجل سنة 2018 حوالي 192 ملفا، مما يشكل تراجعا نسبيا، ويؤكد التطور المجتمعي وتوافر المجهودات القضائية للحد من هذه الظاهرة والسهر على مستقبل حماية الأطفال». ولا بد «من التذكير في الختام إلى أن هذه النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرشيدية والمحكمة الابتدائية بها حريصة كل الحرص من أجل التطبيق السليم للقانون».
عن هيئة المحامين، تقدمت الأستاذة ناهلة عراش إلى طاولة الإلقاء لبسط مداخلة مداخلة سمتها «المرافعة القانونية بين إعمال الحق في الزواج والتخفيف من ظاهرة زواج القاصرات». كانت انطلاقتها، كدأب صاحب المداخلة الأولى والثالثة والرابعة مداخلات، من أن الدستور المغربي يعتبر « أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساس للمجتمع، وأن الدولة مكفولة بضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة بما يحقق وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها، إلا أن تنظيم مؤسسة الزواج يطرح مجموعة من الإشكالات والتجاذب على مستويات عدة ، ومن أهمها زواج القاصر«. وبعد هذا التقديم أثارت إشكالية « الزواج دون سن الأهلية»، إن هي إلا واحدة من الإشكالات الجوهرية، مادمت «ترتبط بطبيعة العلاقة في زواج القاصر بين التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، وكذا بتنزيل مسطرة تزويج القاصر بين النصوص القانونية والواقع العملي، وماهية الثابت والمتحول في هذا الزواج بالنظر إلى ثنائية الاتفاقيات الدولية والقانون» . ثم عرجت إلى تأسيس الإشكال، بما هو حقوقي، على النص والمرجع، فأفصحت أن « تصدير دستور 2011 : جعل الاتفاقيات الدولية ،كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام أحكام الدستور، والقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة، تسموا فور نشرها على التشريعات الوطنية والعمل على الملائمة....». وبعد الاستهلال، ودت الأستاذة ناهلة عراش أن تجذذ مداخلاتها في ثلاث نقط، فضلا عن التوصيات.
النقطة الأولى سمتها «الزواج في الاتفاقيات الدولية». قالت بالحرف «لقد أباحت اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج، التي دخلت حيز التطبيق بتاريخ: 9 دجنبر 1964، في مادتها 2 تزويج القاصرين استثناء عندما يكون الأمر لمصلحة الطرفين ولأسباب جدية. كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة توصية يف فاتح نونبر 1965 تدعو فيه الدول الأعضاء باتخاذ التدابير التشريعية اللازمة، لتعيين حد أدنى لسن الزواج على أن لا تقل عن خمسة عشر عاما.
كما أن الفقرة 2 من المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أكدت على أن للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج الحق في التزوج وتأسيس أسرة. وتنص الفقرة 3 من نفس المادة على أن دلك الزواج لا ينعقد إلا برضى الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.
وبعد ذلك بسنوات اعتبرت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة بتاريخ 20/11/1989 المصادق عليها بموجب الظهري المؤرخ في 14/6/1993 أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز بعد الثمانية عشر سنة. وأوجبت المادة 24 من الاتفاقية على الدول اتخاذ كل التدابير الفعالة والمناسبة من أجل القضاء على كل الممارسات التقليدية المضرة بصحة الأطفال. في حين اعتبرت لجنة حقوق الطفل من جهتها، أن زواج الأطفال والزواج الجبري هي ممارسات تقليدية مضرة. «
كان «الزواج حسب المدونة» عنوان النقطة الثانية من مداخلة الأستاذة ناهلة. عرفت في البدء الزواج، أنه «ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام،غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين». وفي الثاني تفصيل في أركان عقد الزواج، إذ ينعقد «بإيجاب من أحد العاقدين وقبول من الآخر بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا. ويصح الإيجاب والقبول من العاجز عن النطق بالكتابة إن كان يكتب وإلا فبإشارته المفهومة من الطرف الآخر ومن الشاهدين». والإيجاب يرادف القَبول بشرط أن يحصل شفويا «عند الاستطاعة، وإلا فبالكتابة أو الإشارة المفهومة». ويشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا «متطابقين في مجلس واحد»، ولا يقبلا أن يكونا « مقيدين بشرط أو أجل واقف أو فاسخ».
وضمن النقطة الثانية» »شروط العقد»، كنحو «أهلية الزوج والزوجة؛ (تكمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة الثامنة عشرة سنة شمسية متمتعين بقواهما العقلية)». و«عدم الاتفاق على إسقاط الصداق»، و«ولي الزواج عند الاقتضاء»، و«سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه»، و«انتفاء الموانع الشرعية».
اقترح «زواج القاصر في مدونة الأسرة» عنوان النقطة الثالثة. مفادها أن «المشرع المغربي سن 18 سنا لأهلية الزواج تماشيا مع الاتفاقيات الدولية ، إذ اعتبرت المادة 19 منها أن أهلية الزواج تكتمل بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثماني عشر سنة شمسية .
إلا أنه فتح نافذة الاستثناء على هذه القاعدة عبر مجموعة من الضوابط والشروط تشكل ضمانات لممارسة هذا الاستثناء، فلا ينجز الزواج إلا بإذن القاضي بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، وهي ضمانات كان يتعين على القضاء تحقيقها وتفعيلها على أرض الواقع، وذلك برفض طلبات الإذن بالزواج دون سن الأهلية كلما بدا له انتفاء المصلحة أو احتمال حصول ضرر تترتب عنه عواقب وخيمة على الصحة الجسدية أو النفسية للمعنية بالأمر». وأما «المادة 20 من مدونة الأسرة، فتتيح للقاضي إجراء بحث طبي أو اجتماعي، ولا تقيده بإلزامية القيام بالإجراءين، ومع ذلك، لم يؤخذ في الاعتبار الجمع بين المعيارين -الاجتماعي والطبي- في الأحكام وذلك توخيا لمصلحة الطفل الفضلى».
وكدأب المداخلات السابقة تحب الأستاذة ناهلة عراش أن تؤسس للإشكال بالنص القانوني أو الاتفاقي ثم تعرج على التعليل. ومن حيث التعليل استدركت الأستاذة ناهلة أن «المدونة حددت سن الزواج في 18 سنة، بما هو اختيار يتلاءم والمواثيق الدولية، لكن المشرع المغربي انتقل من الكونية إلى الخصوصية فيما يتعلق بزواج القاصر، فقرر الاستثناء في مدونة الأسرة بتشريع الزواج دون سن الأهلية، مع تبيان المصلحة والتقييد بشروط محددة واستحضار الأسباب والدواعي لهذا الزواج، وقد شكل هذا الاستثناء مثار الجدل في مختلف الأوساط الحقوقية والفكرية والاجتماعية وخاصة في ظل تصاعد أرقام زيجات القاصرين». وبمعنى آخر: «
إن زواج القاصرات بالمغرب ظاهرة مستمرة باستمرار وجود الأسباب المؤدية إليها، ويمكن تصنيفها»، في سببين اثنين:
- أولهما يتصل بالأسباب القانونية، إذ «لا بد أن نؤكد على وجود ثغرات في قوانين الزواج في مدونة الأسرة وفي النصوص القانونية المنظمة لزواج القاصر حيث سمحت لآلاف الأسر المغربية بتزويج القاصر خارج الإطار القانوني مما جعل مدونة الأسرة عاجزة على حماية القاصر من خلال عدم توفر لإمكانات إجراء بحث اجتماعي للتأكد مما إذا كانت الإدعاءات المعتمدة في طلب تزويج القاصر مقبولة قانونيا.
إلا أن رفض طلبات زواج القاصرات من قبل قضاة الأسرة لا يمنع من تنفيذ هذا الزواج خاصة وأن بعض الناس لا يؤمنون بفاعلية القانون في مثل هذه القضايا مما يؤدي إلى توسيع دائرة الزواج بالفاتحة ، هذا الزواج الشعبي الذي يعالج لاحقا داخل مجالات المحاكم تحت مسمى ثبوت الزوجية، وقد ثبت واقعيا فشل وزارة العدل في تحقيق أهداف مسطرة ثبوت الزوجية، نظرا لاعتمادها على المقاربة الأمنية الصرفة دون اعتماد المقاربة التوعوية». - ثانيهما مرتبط «أسباب سوسيو ثقافية واقتصادية». وحسبنا أن «ظاهرة زواج القاصرات عادة اجتماعية ﻣﺘﺄصلة تندرج في إطار الثقافة الشعبية، ومن أشكال هذه الثقافة، التقاليد البالية التي تفيد أنه يجب على الفتيات أن يقبلن بأول زوج يطلبهن ، حتى لا ينعتن بالعوانس، ذلك أن ضياع هذه الفرصة يقود إلى تهميش الفتاة اجتماعيا وإخضاعها للسلطة الأبوية التي تتداخل فيها طقوس شعبية ومفاهيم غيبية مثل: السعد/ السر المدفون/ السترة/الشرف/ العار.... إلخ، مما يزيد من عزلة الفتاة وتحقير نفسيتها ، ويقتل رغبتها في معارضة الرأي الآخر، إذ لا يحق لها التعبير عن مشاعرها وما يخالج صدرها من رغبات، ذلك أن المعتقدات الثقافية المتحجرة تشجع الفتاة على الطاعة واحترام الأعراف والتقاليد». وفوق ذلك تبين «أن انتشار هذه الظاهرة يرجع في عمقه إلى توجهات ثقافية مؤيدة للزواج المبكر المندرج ضمن العمل بالسنة النبوية كما يفهمه كثير منهم من جهة، وإلى الرغبة في التخلص من مسؤولية الفتيات بسبب تدني مستويات طموح الأفراد الذين ينتمون إلى فئات اجتماعية فقيرة أو مهمشة، واعتبار الزواج هو الحل الوحيد لتحسين أوضاعهم الاجتماعية ، خاصة وأن 13% من السكان لا يزالون تحت عتبة الفقر، كما يعيش 60% من نسبة الفقراء بالعالم القروي في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الفقر في المدن، فيكون "تزويج" الفتاة أو زواج الفتى وسيلة للاغتناء» . و«يضاف إلى هذه الأسباب حرمان الفتاة من التمدرس مطلقا بسبب الجهل والأمية أو تسرب أغلب الفتيات من المدارس قبل إكمال مرحلة التعليم الأساسي أو الإعدادي لعدم وجود مؤسسات تعليمية آمنة وخاصة في المجال القروي أو الشبه الحضري، فأول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب هن الفتيات بنسبة 58.4 في المائة وأطفال البادية بنسبة 80 في المائة، و40 في المائة من الأطفال» .
و«مما ينبغي الإشارة إليه أن موضوع زواج القاصرات قد أفرز حراكا اجتماعيا ونقاشا حقوقيا بين مختلف الجمعيات والأحزاب السياسية المغربية والهيئات الحقوقية، بين الرافض لزواج القاصر والداعم له، لكن الكل قد أجمع على أن زواج الصغيرات يؤدي إلى مخاطر صحية ونفسية وتربوية واجتماعية تؤثر سلبا على الأسرة والمجتمع :
فعلى المستوى الصحي تبين بعض التقارير الطبية أن زواج الصغيرة يسبب في ارتفاع احتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم، والنزيف في الولادة واضطراب الدورة الشهرية و تمزق المهبل واضطراب الهرمونات علاوة على التأثير السلبي على نمو القاصر وعلى الجنين...
• وعلى المستوى النفسي : يتعرض كثير من القاصرات للاغتصاب الزوجي والعنف الأسري، الذي ينتهي في الغالب بالطلاق وتشرد الأطفال، ويترتب عن ذلك آثار نفسية منها: الحرمان العاطفي من حنان الوالدين والحرمان من عيش مرحلة الطفولة التي إن مرت بسلام كبرت الطفلة لتصبح إنسانة سوية، لذا فإن حرمانها من الاستمتاع بهذه السن يؤدي عند تعرضها للضغوط، إلى الارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية.
كما تعاني من اضطرابات في العلاقات الجنسية الناتجة عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة مما يسبب في عدم نجاحها وصعوبتها واستفحالا لمشاكل الزوجية، وعدم تفهم الزوجة الصغيرة للزواج ولا تدرك أبعاده وما يترتب عليه من مسؤولية الأسرة والسكن والمودة».
وفي الأخير ودت الأستاذة ناهلة عراش الوقوف عند التوصيات التالية:

- سن «نص قانوني صريح يمنع تزويج القاصرات الأمر الذي يدعونا للمطالبة بحذف فوري للنصوص القانونية التي ترخّص تزويج الأطفال (المادة 20 و 21)، وذلك في إطار ملاءمة القوانين الداخلية بالاتفاقيات الملزمة للمغرب». وتتأسس هذه التوصية على تقدير مفاده « أنه من أسباب تفشي ظاهرة زواج القاصرات هو فقدان نص قانوني من نوعه»
- «الشديد على حذف (المادة 16) لمنع حالات التحايل على القانون المتعلق بتزويج القاصرات».
- تحديد سن الخطبة، بالضرورة، درءا لكل تأويل لمقتضيات المادة 156
- التعامل مع زواج القاصرات، بما هي ظاهرة، بنيوية متشابكة العوامل،و تحتاج إلى التوعية والتحسيس وتيسير الولوج إلى المعلومة وإلى الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية لفائدة المراهقات والشباب.
- تفعيل أدوار الجمعيات المدنية والمساهمة في تغيير العقليات، إذ العمل التشريعي وحده لن يوقف نزيف زواج الصغيرات.
- وضع إستراتيجية تنموية متكاملة والاستثمار في مجال التعليم والصحة على اعتبار أن الفتيات المتعلمات واللواتي لا يعانين من مشاكل صحية تكون لهن فرص كبيرة للإفلات من الزواج في سن مبكر وبالتالي في تأخير سن الإنجاب والمحافظة على صحتهن والتوفر على منصب شغل وغيرها من الحقوق الأساسية الأخرى مما يجعل إلزامية التعليم و التكوين إلى غاية سن 18 سنة ضرورة ملحة.
- توفير إعلام قوي يقنع الجهات المعنية والرأي العام بخطورة الظاهرة.
- التوعية بضرورة تدخل المجالس العلمية لتصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة
- توسيع إجراءات البحث الاجتماعي ليشمل أطراف العلاقة الزوجية وليس الفتاة وحدها.
- تفعيل التشخيص السريري لتحديد مدى قدرة القاصر على الزواج من طرف أطباء متخصصين.
- إعطاء الحق للنيابة العامة في استئناف الأحكام القاضية بالإذن بالزواج.
- تفعيل دور المساعدة الاجتماعية.
وختمت مداخلتها، التي ألقتها في ظرف اثنتا عشرة (12) دقيقة، بما يلي: «إن موضوع زواج القاصرات أكبر من معركة إيديولوجية، فالموضوع يسائل السياسات العمومية في مجال التعليم والنهوض بالعالم القروي ويسائل السياسة الإعلامية في مقاربتها الوقائية ثم العلاجية ويسائل الجمعيات المدنية والأحزاب السياسية في تبني النقاش».
مداخلة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مسندة إلى السيد عدي رمشون، فبسطها في 18 دقيقة. نورد منها بعض المقتطفات:« في البداية أريد أن أشكر اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية ورزازات على هذه المبادرة القيمة التي نتمنى من خلالها الخروج بتوصيات واقتراحات عملية للمساهم في الحد من هذه الظاهرة»، التي نسميها زواج (تزويج) القاصرات «ونشكر هذه اللجنة أيضا على اختيارها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مقرها فضاء يحتضن هذا اللقاء، أو هذه المائدة المستديرة. في البداية، أريد أن أنطلق من هذا اللقاء بالتمييز بين التزويج والزواج. إن تزويج القاصرات ظاهرة تحيلنا مباشرة إلى عوامل خارجية مرتبطة بالمؤسسات والأسرة... إلى غير ذلك. وهناك زواج القاصرات، وهي ظاهرة لا ينبغي أن نخلط بينها وبين التزويج فالمنطق يختلف من حيث المعالجةُ، ومن حيث التفسيرُ. ومن جانب آخر أحب أن ألفت إلى طبيعة الحضور في هذه القاعة، فالمشاركون في هذه المائدة المستديرة يعكس مدى التعقيد والتركيب الذي يطبع هذه الظاهرة وهنا، أجدد الشكر للجنة الجهوية لحقوق الإنسان إلى انتباهها لهذا العامل الأساسي الذي يعكس البعد المركب والمعقد لهذه الظاهرة. تنطلق مداخلتي من مستويين: المستوى الأول يفيد أن هذه الظاهرة متعددة الجوانب ومتعددة الأبعاد، وفوق ذلك، فهي ظاهرة منتشرة بشكل كبير في الوسط القروي، أو إنها ظاهرة قروية بامتياز، إن صح التعبير، وهي ظاهرة ذات صلة وطيدة بالتربية والتعليم، أي: إنها علاقة بحقوق الإنسان وضمنها الحق في التربية والتعليم. إن المداخلة المقترحة من البرنامج «آثار تزويج القاصرات على الحق في التعليم». وللآثار جانبان، إن أردنا التعليق، هنا. آثار على الأطفال المتزوجات القاصرات، في المقام الأول، إذ هم يتعرضون، في الغالب، لتربية ناقصة، لأن تربية الأسرة بما هي المدرسة الأم قاصرة. كما أن التربية تفيد الاستمرار والحفاظ على الطفل داخل المدرسة. وفي المقام الثاني نلفى الآثار يمس تزويج القاصر في حد ذاتها. لأنها تتعرض للهذر المدرسي، أو الانقطاع عن المدرسة، مما يعني أن المشكل الذي يطرح نفسه في هذا السياق، ليعد تحد لنا، نحن في قطاع التربية والتكوين هو كيف يمكن تأمين الحق في التربية والتكوين وتوسيع القاعدة من هذا الحق كمّا وكيفا، بمعنى لا ينبغي أن نراهن على الجوانب الكمية المتعلقة بالإحصائيات الرقمية، إلى غير ذلك. ولا بد من معالجة المسألة في جوانبها المتعلقة بمؤشرات الجودة». وهناك جانب «يتعلق بالآليات والإجراءات والبرامج التي نعتمدها، ونؤسس من أجلها للحد من هذه الظاهرة سؤلا في تأمين الحق من التعليم، وتوسيع الاستفادة منه، على مستوى الجهة وعلى المستوى الوطني. وفي هذا الإطار هناك سيرورات متعددة، يمكن تحديدها في ثلاث سيرورات، أولها سيرورة الإنصاف وتحقيق تكافؤ الفرص في الولوج إلى التربية والتكوين، وفي تحقيق حق التعليم. وبمعنى آخر نحس بعجز لدينا قوامه، كيف نحقق العدالة في قطاع التربية والتكوين. فالفوارق داخل المدرسة قد تؤدي إلى الهذر المدرسي ويمس هذا الهذر الفتيات بالدرجة الأولى، وخاصة في الوسط القروي، وثانيها سيرورة تطوير النموذج البيداغوجي وتحسين جودة التعلمات. وأما السيرورة الأخيرة فهي بيت القصيد ومربط الفرص، وهي سيرورة الحكامة وتحقيق التعبئة المجتمعية. سأقتصر في هذه المداخلة على سيرورة الإنصاف وتحقيق تكافؤ الفرص في الولوج إلى التربية والتكوين، وفي هذا الإطار تشتغل الأكاديمية على مجموعة من البرامج، وفي هذه البرامج تحققت مجموعة من النتائج ذات الصلة بالحد من هذه الظاهرة، ظاهرة الهذر المدرسي التي تتغذى منها تزويج القاصرات». وسرد الأستاذ عدي رمشون مجموعة من الأرقام ذات الصلة بجهود الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة درعة تافيلالت، والمتصلة بما تحقق في السيرورة الأولى «سيرورة تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في ولوج التربية والتكوين». فمن ذلك ارتفاع نسب التمدرس، ونسب التغطية الصعية، وانخفضت نسبة الهذر المدرسي. ولئن كان الأستاذ عدي رمشون في الجداول التي نشرها لم يجر مقارنة بين السنوات، أو على الأقل بين موسمين دراسيين، فقد بسط مؤشرات متقدمة ثاوية في الأرقام كنحو بلوغ نسبة التمدرس 99.21 في المئة بالوسط القروي في صف الأطفال مابين 6 سنوات و11 سنة، وبلغت تغطية الجماعات بخدمات التعليم 100 في المئة في المستوى الابتدائي، و88 في المئة في المستوى الإعدادي و50 في المئة في المستوى الثانوي التأهيلي. وأما نسبة الهذر المدرسي في الوسط القروي فقد انخفضت إلى 1.15 في المئة في الابتدائي، و11.36 في المئة في المستوى الثانوي الإعدادي، و 6 في المئة في المستوى الثانوي التأهيلي.
ولم تغفل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة درعة تافيلالت توسيع العرض التربوي، إذ عوضت 349 حجرة دراسية من النوع المفكك، وتوسيع 494 حجرة، وإحداث ثانويتين إعدادتين، وبناء داخلية. وبسط الأستاذ عدي رمشون الدعم الإجتماعي من حيث الداخليات والإطعام المدرسي، ومبادرة مليون محفظة، ودعم النقل المدرسي. وفصل القول في برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والطبقية في إطار صندوق التنمية الاجتماعية، وفي إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. فكان لهذه البرامج دور في «الاحتفاظ بالتلميذات والتلاميذ في المدرسة، وكذا في تقليص الهذر المدرسي لينزل إلى 0.98 في المئة في الابتدائي، 6.86 في المئة في الثانوي الإعدادي، و4.51 في المئة في الثانوي التأهيلي»
وختم مداخلته بعرض التوصيات التالية:
- أن يجري التعامل، بالضرورة، مع زواج القاصرات بما هي ظاهرة بنيوية متشابكة العوامل العوامل.
- أن تفعل أدوار الجمعيات المدنية وتساهم في تغيير العقليات قبل النضال لتغيير القوانين، إذ العمل التشريعي وحده لن يوقف نزيف الصغيرات.
- أن توضع إستراتيجية تنموية متكاملة وتستثمر في مجال التعليم والصحة على اعتبار أن الفتيات المتعلمات واللواتي لا يعانين من مشاكل صحية تكون لهن فرصا كبيرة للإفلات من الزواج في سن مبكرة، وبالتالي في تأخير سن الإنجاب والمحافظة على صحتهن والتوافر على منصب شغل وغيرها من الحقوق الأساسية الأخرى.
- إيجاد إعلام قو يقنع الجهات المعنية والرأي لعام بخطورة الظاهرة.
وختاما «إن موضوع زواج القاصرات ليعد لأكبر من معركة إيديولوجية، ويسائل الموضوع السياسات العمومية في مجال التعليم والنهوض بالعالم القروي، ويسائل السياسة الإعلامية في مقاربتها الوقائية ثم العلاجية، ويسائل الجمعيات المدنية والأحزاب السياسية في تبني النقاش الباني، وتجاوز الحسابات الإيديولوجية العقيمة، ويسائل الحكومة في سياسة التدبير التنموية التي تحفظ حقوق المستضعفين وتتبنى مطالب الإنسان الكريم»

ودت ممثلة الصحة بالجهة،أن تبسط مداخلتها في ظرف 10 دقائق. شكرت في البدء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لدعوتها ولسعيها على إدماج قطاع الصحة في كل القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان، ولمثابرتها في النهوض بقطاع الصحة على المستوى الجهوي والإقليمي. ويسعى قطاع الصحة إلى تفعيل المقتضيات الدستورية إذا اتصلت بتفعيل الحق في الصحة. فاستئناسا يكون «الطابع العرضاني للصحة، بما هو جزء أساسي لحقوق الإنسان، وتفعيلا لالتزامات الوزارة المؤطرة بمخطط الصحة 2025»، يصح القول: «إن قطاع الصحة بجميع مؤسساته المركزية الجهوية والمحلية تسعى دائما إلى ضمان الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية وتحقيق الديموقراطية الصحية، لجميع الفئات الاجتماعية وذلك بالرجوع إلى المرجعية الدستورية ألا وهو الفصل 31 من دستور 2011 والذي ينص أن الدولة، والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في العلاج، والعناية الصحية، والعناية الاجتماعية، والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي، أو المنظم من لدن الدولة والحصول على بيئة سليمة وكذلك ضمان الحق في الصحة، يعني فعليا ضمان الحق في الولوج إلى كل الخدمات الصحية. ولا يمكن تحقيق هذه المساواة دون الانتباه إلى الفوارق الاجتماعية، مما يتطلب إعداد برامج موجهة للمجموعات الهشة، والمهمشة والتي غالبا ما تكون عرضة للمشاكل الصحية التي تعكس وضعها الاجتماعي وظروفها الصحية، وظروف عيشها الصعبة». وسردت لائحة الخدمات التي تضمنها وزارة الصحة، إذ «تعمل على ملاءمة التشريعات الوطنية لالتزامات المغرب الدولية في مجال ضمان الحق في الصحة، كالعمل على خفض معدل وفيات المواليد، ومعدل وفيات الرضع، وتحسين جميع الجوانب الصحية والصناعية ، والوقاية من الأمراض الوبائية، وتأمين الخدمات الصحية والعناية الطبية للجميع، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية، وضمان عدم حرمان أي طفل في الحصول على الخدمات الصحية.وكفالة الرعاية الصحية للأمهات، قبل الولادة، وبعدها، وكفالة تزويد الجنين بالمؤون. وتطوير الخدمات الوقائية والإرشادية، وتوفير الخدمات المتعلقة لتنظيم الأسرة والاهتمام بالأشخاص في وضعية إعاقة».
وعرجت في العقبى إلى إثارة وجوب إعمال ما يلي: «تطبيق الفصل 31، وتطبيق الإطار القانوني 09 المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات، وإعمال القانون 00-65 من اجل تطبيق الولوج الشامل للعلاجات الصحية، وتعزيز صحة السكان المستضعفين منهم الأطفال والشباب للولوج إلى الخدمات الصحية».
ذلك هو المحور الأول من مداخلتها الذي أغفلت تمييزه بعنوان ما. وأما المحور الثاني من مداخلتها، فيتصل بالأضرار الصحية والجسدية والنفسية الناتجة عن زواج القاصرات، سردتها بالتفصيل، ونقتصر على ذكر بعضها: «لقد أكدت بعض الدراسات إلى أن زواج القاصر يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تساعد في ظهور مشاكل صحية ونفسية، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض في الأسرة والمجتمع على حد سواء. ويشكل ذلك عبئا اقتصاديا على المنظومة الصحية. ويشكل ازدياد وفيات الأمهات أحد النتائج الخطيرة للزواج المبكر. ذلك أن النمو الجسدي والنضج العقلي للفتاة في طور الاكتمال»، مما يسبب النزيف أثناء الولادة، والولادة المبكرة، وعدم تأقلم الرحم على عملية الحمل، وارتفاع الإصابة بأمراض كنحو الضغط الدموي والسكري، فضلا عن ارتفاع التشوهات الخلقية في صفوف الأطفال
عرجت إلى العرض الصحي الذي ضمنته وزارة الصحة إذ «وفرت شبكة الخدمات الأساسية، من خلال وضع برامج وطنية، أهمها البرنامج الوطني للصحة الإنجابية وصحة الأم التي تتكلف بتنظيم الأسرة، والقضاء على أسباب الوفيات والرصد المبكر لسرطان الثدي، وعنق الرحم، والاهتمام بصحة الأسنان، ودعم البرامج الوطنية للتمنيع والتغذية، والاهتمام بالسكان من ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم الخدمات المتنقلة. وتسعى الوزارة إلى تحديد المحددات الاجتماعية للصحة واتخاذ التدابير للتقليص من زواج القاصرات، وذلك بتكوين أخصائيين في الصحة الجماعية، وتمكين ضمان خدمات الصحة عن قرب، وتوفير العلاجات الضرورية والشاملة، وتستجيب للحاجات الجديدة للسكان، وخاصة ضمان التربية الصحية للأمهات والأطفال». وختمت مداخلتها بمجهود وزارة الصحة في تقوية العرض الصحي.