صرعى غربة



كمال تاجا
2019 / 3 / 15


شعب اكتوى
بعدما مسه الضر
فانكب على وجهه
بين القفار
كوليف دار
سعادة
ولت الأدبار
-
وتحول بناء صرحه
إلى ضربة
فأس
قوضت بنيانه المرصوص
رأساً على عقب
-
شعب
ساكن بجوار
أضرحة
شيّد فوقها
قباب خراب ودمار
خلت من حياة
أعدت لمآتم الحداد
---
وهو يقيم سرادق عزاء
في المنفى
لصرعى غربة
وقفوا على الحياد
-
ويربت بيد المواساة
على كاهل مواطنين
طواهم الحنين
دون دفن
في مقابر
طيّ النسيان
-
شعب انفرد بين الأصقاع العالمية
مع ثلة من السكان
انطوى شملهم
كقطع ممزقة لسكان بلاد
ما أنزل بها من سلطان
-
وانطوى
ومع غير العائدين
من الموتى
إلى الرقود
في مدافن
الديار
-
وسجي
وعلى مدار الوقت
دون تشييع
وفي مواكب
الجنازات المتعاقبة
على جرود
تضاريس بلاد
لا تأنس لها رفاتهم
-
وجرى دفنهم
وفي أوطان
لم يألفوا ثراها قط
-
شعب يلفظ
طرح تنهدات
حشرجة
ما بقي من نفس أخير
في ضيق صدر
جثث نافقة
شق صدرها
الحنين
إلى الديار
-
ولم يحظى
بوداع يشفي الغل
على مساندة عضد
يدق بساعديه
على صدر المنفى
ليعود أدراجه
إلى الوطن
-
وتشارك مع الكل
بالنحيب المر
وفي إجهاش بالبكاء متواصل
وعلى انفراد
-
بعدما عجزت
كثبان الرمال المتراحلة
بما رحبت
عن دفن جثامين
مواطنين عزل
ضل سعيهم
بفلاة
الاحتيال
على شعب
ولى الأدبار
للغياب
عن الديار
-
وعجز عن إنقاذ
قتلى
عتق رقبة
قضوا تحت الأنقاض
-
مع صرعى
بدنا حرية
وقعوا
في براثن
الإغتيال الإثني
-
ويأس من العثور
على أشلاء
فلذات أكباد
أمهات
طقت مرارتهم
على أبناء
ووروا التراب
تحت أسقف بيوتهم
بعد أن سويت بالأرض
-
شعب
أجبر على الفرار
من تلابيب
التمسك بمواثيق أخوة
ثبتت جذوره
دهوراً عتيقة
بالجوار
-
فحزم أمر فراره
في عدة سفره
لفت جثامين أهل
في أكفان
عزة نفس
آبوا على المساس
بحرمة وطن
-
وهاجر
مع أبناء وأحفاد
لفظ الأنفاس
تحت أنقاض
دمار بيوتهم
-
شعب خفض الجماح
وبعد أن عجز
عن التخلص
من نير الاستعباد
-
ورضخ
لقيد كاسر
يغل السواعد
له إنشاب
كالإطباق عى الخناق
يحز العنق
-
وتغاضى عن ضحايا
حبس الأنفاس
في ظلام الأقبية
كحراس سجون
منسية
لما بقي من عتق
يغل رقبة شعب
-
وغض الطرف
عن دحرجة مصاريع
دهر الغفلة
في المعتقلات
-
وتعافى
إلى رأب الصدع
وتناسى وجع
شق الصف
مع تمزيق لم شمل
وتكاتف
كشرائح لحمة
في رتق الجراح
-
وخاض حتى الركب
في البحث
عن ضحايا فقد أثر
لشعب
طاح في كل البطاح
---
2
لمواطنين
حجوا
دون ملابس إحرام
حجاً غير مبرراُ
وعلى كل ضامر
-
وسعوا بين الشفقة
والمروءة
وولوا وجوههم
إلى بلاد الله الواسعة
وبحثوا عن الرزق
عند تزاحم الأقدام
وطافوا في كل
الأصقاع العالمية
وحفظوا نعمة
معجم البلدان
سيراً على الأقدام
-
ووضعوا نصب أعينهم
محجراً أسود
بعد أن تخلى عنهم
كل العباد
-
شعب
نسي ظله
عند الخلود إلى النوم
فوق جبل
اعترافات خائنة
الأعين
---
3
شعب
تولى عنه العالمين جميعاً
حتى أخذ يسجي
باللحد
جثامين حية
من بتر أضلعه
وأمام أنظار العالم
أجمع
-
شعب تاه
فوق ساحات
وغى
ليست مضرب مثل
لسل نصال حربه
وإلى غير أجل
-
وفاته قطار الأمل
مع ضياع الأثر
وضل سعيه
في بلاد الله الواسعة
-
وشيع عنه
عميق الحزن
وهو يدفن أولاد
وأحفاده
وفي غير تربة
مسقط الرأس
-
وفقد رشده
وهو يواري
في شقوق صدره
شهداء الحنين
إلى الوطن
-
وعيل صبره
من لملمة
أشلاء مبعثرة
لبشر شتات
اندثروا
وفي كل الأصقاع
حتى أصبحت كل أسرة شامية
منتشرة على كل القارات
-
وفشل في أن يدحض
مشقة نفيه
وراء
أسلاك شائكة
لأوطان
لا تمت للحمتة بصلة
ولا بنسب
-
4
وخسر أمنه
ومن التدقيق بأمر
خلوده
لراحة نفسه
في ربوع وطنه
-
وهو يجنح للسلم
الأهلي
على حراسة – مرمى
اندفاعاته المتهاوية
إلى العتق
-
يوم كان
يقلد ميداليات بأسه
بأوسمة
شدة مراس
تكفي لرفع أنفة
صعود أسهمه
بين الأمم
-
ويضع على صدوره
ميداليات شرف
لعزة النفس
من التعفف عن لمس عضد
إنسان - ند
بأوهى ضر
-
وهو الذي وقف
في صف المأساة
كالأحرار تماماً
ليتلقى صفعات شديدة
ومن كف ظالم
-
ومن شدة عبطه
كان يرى مياه
الحياة جارية
وهي تنقط
ومن سم
أبرة الحرية
-
ويطل عليه
العتق المختلس
للنظر
من شقوق أبواب
الهواجس
والتي تقطن في صمت
ساكت عن الحق
في ظلام العتبات
دون أن تفصح
عن مواعيد
إخلاء السبيل
-
وواظب على عذاب
الغياب القسري
وفي غرف
التعنيف
بالمنفردات
أبد الدهر
-
عندما كانت
حلاوة الروح
تنتفض
لتهز ستائر
مسدلة الأهداب
على ظلام
عبودية
عابسة
لتقيم عليه حد
الاستعباد
وليلحق به ذل
يحدق فيه
شذراً
إذا فرط بفك قيد
أو جلجل
بالسلاسل
أو صرح بصرخة حرية
خافتة
تمشق الآذان
لتهز الجدران
-
حتى صار
يرى بصيص
غير وارد
لإخلاء سبيل غيره
من عتقاء
الإلتباس
-
وكشف عنه الغطاء
وهو يشع ببريق
إطلاق سراح
لا يترك أثر
في ضرب موعد واه
وعلى مضض
-
ويتطلع إلى الحرية
من خلف
ردفات النوافذ
المتكتمة
الحابسة للأنفاس
-
5
شعب
يختلس إخلاء السبيل
ومن الجند
و الغفر
ومن حراس الأمن
ويواظب على طلب
الاسترحام
-
وتورع
على عدم إثارة العفار
واحنى كاهلة
للسعة الضرب
بسياط الاضطهاد
تحت سطوة العتاة
-
وسطع نجمه
بوهج عتق
لا يحتمل أي تفسير
ليضيء حلكة المداهمة
لمصيره المتهالك
بين الأمم
-
وقبع كقطيع حملان
دهسها عنت
التناطح بقرون الجاهلية
على شياتها البريئة
-
وهو يقف كالبنيان المرصوص
قيم
على حراسة
ثرى وطنه
الذي يطيّب رفات
وفاده
-
وجابه ما لا ينبغي
من انتهاك حرمات
-
وصارع على
ما لا أحل لهم
من فض
بكارات فحش
بادية للعيان
-
وتنازع مع غاصب
على فسائل طرية
هي من حق
كل أفراد
القطيع
-
ووري التراب
في عفار
يلفه بالغبار
لينأى بنفسه
عن لمس ضلع
أهل بأذى
-
أو مس ضر
بساكن بالجوار
-
وتنحى
ليقبع مقروروا
من البرد
في أقبية
دهور أبدية
بانتظار أشعة
شمس ذهبية
لتنقر على زجاج
شبابيك
الحرية
-
6
شعب تأمر عليه العتاة
واتفقوا على أن
ينطلق في رحاب
حظيرة دواب
نموذجية
منحها لهم
نظام
العالم المتمدن
كوقت مستقطع
للعيش
في إطلاق سراح
رعيه بفلاة
عالمية
لم يعرف بها
ساكن رسما

كمال تاجا