جريمة اغتيال وخطف النساء كرهائن بديلاً



مصطفى محمد غريب
2006 / 4 / 29

عبر التاريخ تقريباً بقت النساء بمنأى عن الثارات او البديل للانتقام او الاخذ بجريرة الرجل في كثير من القضايا، وحتى الثارات العشائرية لم تكن يوماً من الايام تأخذ طريقها الى المرأة وفصلت مكانتها عن طلب الثأر، فلا تأخذ المرأة بجناية الرجل كأخيها او ابيها او ولدها فتقتل طلباً للثأر او قضايا اخرى متعلقة بهذه القضية، لكن هذه المعادلة كسرت بعد انقلاب 8 شباط الدموي1963 وانقلاب 17/7/1968 وهما انقلابان مشبوهان جاءا بحزب البعث العراقي الى السلطة بدعم امريكي معروف وشن هذه الحزب وحلفائه من القومين العرب في الانقلاب الاول والانقلاب الثاني بالتحالف مع ابراهيم الداوود وعبد الرزاق النايف منذ البداية حرباً غير اخلاقية ضد خصومه وبخاصة الشيوعيين والوطنيين الديمقراطيين العراقيين وسلك الطريق الاكثر قذارة في في اعتقال او حجز او اغتيال النساء لأسباب سياسية وتهم باطلة ضمن مخطط التصفيات للخصوم، او اخذهن كرهائن بدون مسوغات قانونية او الانتماء لمنظمات معارضة او اي عمل مناهض للسلطات وجرى الاعتداء عليهن انتقاماً من ازواجهن واولادهن او ابائهن واخوانهن.. الخ او استعملن كادوات ضغط للاذلال وتحطيم الارادة والتشهير بالشرف الاخلاقي والاجتماعي، ولم تكن الانظمة الشمولية والدكتاتورية والعنصرية بعيدة عن هذه الممارسة اللانسانية واللاخلاقية وفي جعبتها تجاوزات وانتهاكات لا تحصى سجلتها لجان الدفاع عن حقوق الانسان ومنظمات مختلفة للدفاع عن حقوق المرأة.
ويبدو ان هذه الممارسات الارهابية الاجرامية قد اصبحت سلوكاً سياسياً مافيوياً لدى القوى السياسية الدينية المتطرفة في العراق ما عدى العصابات التي انتشرت والهادفة من خلف الخطف والاغتيال قضايا مادية في مقدمتها استحصال الفدية من اهل الضحية المخطتف رجلاً كان او امرأة.
لقد حثني الكتابة عن هذه الموضوعة اغتيال ميسون الهاشمي شقيقة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وكأنها عملية انتقامية من اخيها ومن المؤتمر الصحفي الذي عقده مجلس الرئاسي والرد على تصريحات الزرقاوي الاخيرة، كما دشن انهيار النظام الشمولي عمليات من متنوعة وكثيرة باغتيال عضوة مجلس الحكم عقيلة الهاشمي او اعتقال شقيقة وزير الداخلية ولا نعرف ظروف وحيثيات اطلاق سراحها كما كان هناك العديد من خطف النساء الاجنبيات العاملات في المجال الاعلامي واغتيال المراسلة الصحفية والاعلامية اطوار بهجت وقد تكون هناك عشرات الاغتيالات واعمال الخطف التي لم يعلن عنها لظروفها الخاصة وحيثياتها المعقدة.
اننا عندما نسوق هذه الامثلة نريد بها ان نبرهن ان تلك التقاليد النبيلة التي كانت ترفض التعرض للنساء والانتقام منهن او اذلال الرجال من خلال الاعتداء عليهن وتعذبهن وسجنهن اصبحت في العقدين الاخيرين عملياً نهجاً ثابتاً من قبل السلطات الحاكمة او تلك المنظمات والاحزاب التي لا تختلف في سلوكها السياسي واهدافها المجرمة عن تلك السلطات. وقد تصاعدت هذه الاعمال المخلة بجميع الاعراف الانسانية والقيم الاخلاقية والتعاليم الدينية مما يدل على ان الالتزام بدعوى قوات الاحتلال والعملاء وغيرها من الاتهامات عبارة عن يافطات استهلاكية يراد منها تمرير المخطط الظلامي للحول دون تحقيق الامان والاطمئنان والسلام في العراق وهي عمليات ذات طابع ارهابي سيكولوجي ضد المجتمع العراقي برمته مما يدفع الى عدم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات التي تعيد للمرأة العراقية مكانتها الطبيعية وتسلم دورها في عملية القيادة السياسية والبناء، الا ان ذلك سيفشل حتماً بهمة جميع القوى الوطنية الديمقراطية الواعية وكل المخلصين الشرفاء وبوحدة الشعب، والموقف من المرأة وحقوقها وكذلك بشكيمة النساء العراقيات اللواتي تحملن لسنوات طويلة الاضطهاد والارهاب والملاحقات والهجرة والتهجير والمقابر الجماعية والانفال والحروب والحصار الاقتصادي وكن دائماً المضحيات من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والوقوف في ساحات النضال بكل بسالة وبطولة ولنا من الاسماء التي لا تحصى ممن وقفن وما زلن واقفات كالطود الشامخ دفاعاً عن حقوقهن وحقوق الشعب العراقي.
نعلنها وبكل قوة لن يرهب المخلصين ذلك الارهاب السافل الذي يتنافى مع تقاليدنا الخيرة والذي ينتقم من المرأة بلا ذنب اقترفته لكن كوسيلة ضغط ضد الرجل، ولن يخدع بعد اليوم الكثير من ابناء شعبنا الادعاء بانه كفاح ضد الاحتلال وجيوشه وعملائه حسب التصريحات والبيانات الكاذبة، وبكل صراحة ان اغتيال النساء او اخذهن كرهائن ما هي الا الحرب الظلامية ضد جميع المتنورين وضد جميع الخيرين الذين يرون بضرورة قيام الديمقراطية الحقيقية وايجاد المسوغات الموضوعية لخروج القوات الاجنبية من العراق.