حرمان المرأة اليمنية من الميراث بين العرف القبلي والقضاء



محمد النعماني
2006 / 4 / 29

فاطمة العشبي ومحفوظة السعفاف نساء معروفات في اليمن في نشاطهن في المطالب بحقوق المراة اليمنيه الاهم وأخريات من نون النسوة حرمتهن الأعراف القبلية وغياب القضاء العادل من نيل حقوقهن في الإرث.. قصص واقعية ترويها ضحايا حكومة تجني ملايين الريالات بأسمائهن. هكذا كشف لنا تقرير صحفي من اليمن .

كتب الصحفي المتالق دايما وهيب النصاري تقرير صحفي جميل لموقع الاشتراكي نت حول واقع حرمان المراة من الميرات في ضوء الاعراف القبليه اليمنيه وغياب العداله والقضاء والمساواة لهن في اليمن !!التقرير الصحفي كشف حول معاتات العديد من النساء في اليمن من عدم حصولهن علي كافه الحقوق المطلوبه الذي كفل لهن القانون والدستور الاان التقرير الصحفي كشف لنا انعدام حصول النساء في اليمن علي العديد من حقولهن بما يتعلق بالميراث


حقوق المرأة المتعلقة بالإرث من أبرز الظواهر التي دار حولها الكثير من الخلافات ووجهات النظر في مجتمعات دول العالم الثالث، واستطاعت تلافيها بحصول المرأة على كافة حقوقها الشرعية والقانونية، إلا أن الأعراف القبلية في عدة مناطق متعددة في اليمن مازالت تحرم الإناث من ميراث الوالدين ومن ميراث زوجها بعد وفاته..
إذ مازال العرف القبلي سائداً بديلاً للشريعة الإسلامية والقوانين التي تحدد حقوق إرث النساء، حيث توجد مناطق قبلية ترفض إعطاء المرأة حقها من الإرث، منها مناطق في محافظات ذمار والمحويت والضالع وصنعاء وغيرها، يحتكمون للأعراف القبلية وتقاليد توارثوها من أجدادهم وآبائهم في ظل وجود دولة دستورها ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر وحيد للتشريع..
وفي مطلع التسعينات توفي رجل تاركاً لبناته الأربع إرثاً (ممتلكات وأراضٍ- في عزلتي "الغربي" و"الفجرة" بمخلاف رازح في مديرية عتمة بمحافظة ذمار. أراد المشايخ والأعيان منع المواطن محمد حيدرة الوصي على أموال البنات من إعطاء بنات المتوفى حقهن الشرعي غي الإرث بحجة انه خالف الأعراف. وبعد كسر حيدرة لقيود تقاليد وعادات غير شرعية، وبإصراره أعطاهن حقوقهن، ليكسر حاجز الخوف لدى عدد من المواطنين في تلك المنطقة، ليذهب أولاد امرأة بعد وفاتها ليرفعوا دعوى قضائية ضد أخوالهم يطالبون فيها بنصيب والدتهم، ومازلت القضية منظورة أمام القضاء منذ ما يقارب سبع سنوات.
وتصاعدت الخلافات في تلك المنطقة التي يحتكم أهلها للأعراف القبلية بين المطالبين بإرث النساء والرافضين لإعطائهن نصيبهن كون ذلك يتناقض مع الأعراف القبلية، ليستغل عدد من مشايخ وأمناء وعقال مخلاف رازح بمديرية "عتمة" -عزلتي الفجرة والغربي- عام 97م من أجل إبرام اتفاق مكتوب يقضي بالنصح والمشورة لأهالي العزلتين بتوريث النساء، من تاريخ التوقيع على ذلك الاتفاق، الذي وقعه إلى جانبهم رئيس محكمة عتمة الابتدائية السابق بعد أن تعالت أصوات المطالبين بحقوق أمهاتهم.



حرمان الإناث المتوفيات


يبدو أن هناك مستفيدين من استمرار ذلك العرف القبلي ليجمع المشايخ والأعيان على اتفاق، خاصة بعد وصول القضية إلى القضاء الذي مازال عاجزاً عن البت فيها... ذلك الاتفاق –حصل"الاشتراكي.نت" على نسخة منه- جاء استجابة للأصوات المطالبة بحقوق الإناث، الذي أعده وأخرجه نافذون في العزلة، معتمدين طرح شرط بسريان مفعول الوثيقة المكتوبة على النساء اللواتي مازلن على قيد الحياة، وحرمان المتوفيات، ما يعد مخالفاً للشرع والقانون. والغريب في الوثيقة أن هناك توقيعاً لأحد الوجهاء في تاريخ 15/3/2006م يبطل ذلك الاتفاق، الذي يريدون من خلاله حرمان النساء من ارث آبائهن... ومن المستفيد؟

هناك مناطق أخرى في محافظات الجمهورية اليمنية تحرم المرأة من ميراث الأب والزوج، وفي مناطق ريفيه يعطي المورث قبل وفاته للإناث بعض الأموال ويبني لهن منازل خاصة، فيما يقوم بتقسيم التركة بين الذكور فقط، وغير ذلك من الحيل التي تستبعد النساء..
تلك الوثيقة المكتوبة والموقعة في عتمة تؤكد غياب دولة النظام والقانون، كونها –الوثيقة- تكرس ثقافة الجهل في مناطق ريفية كثيرة تنعدم فيها مشاريع الخدمات المعيشية للمواطنين، فشيخ القبيلة هو المشرع والحاكم بتفويض من السلطة التي يستمد قوته منها.. وهذا ما جعلنا نفتح قضية إرث المرأة في مجتمع يتستر عليها.

قبل قيام ثورة سبتمبر 1962م، أدعى أشخاص من أسرة "إسحاق" ملكيتهم لأراضي عزلتي "الغربي" و"الفجرة" مما أدخل الخوف عند أهالي العزلة وجعل المشايخ والمتنفذين يستغلون تخوف الأهالي لوقف العمل بالاتفاق إلى أن تحل الخلافات مع آل"إسحاق" خاصة بعد إثارتها في السنوات الأخيرة. وقام بعض أبناء العزلة ببيع أراضيهم بأسعار زهيدة لمهندسي هذا الاتفاق، خوفا من تلك الادعاءات.. لتضيع حقوق النساء في المواريث.
نساء تلك العزلتين لسن الوحيدات اللواتي يُحرمن من الإرث، بل أن ذلك ما يجري فعلاً في مناطق متعددة من اليمن، فما زالت الشاعرة فاطمة العشبي منتظرة منذ سنوات عدالة القضاء لينصفها ويعطيها نصيبها من إرث والدها لدى أخوتها، وكذلك الناشطة المدنية محفوظة السعفاف، التي تطالب بإرث أبيها المتوفي، وغيرهما كثيرات جعلتهن العادات والتقاليد والأعراف القبلية غير قادرات حتى على المطالبة بحقوقهن، فصرن ضحايا، لقوانين وتشريعات ترددها الدولة ليل نهار عبر وسائل الإعلام المختلفة دون تطبيقها على أرض الواقع، فالشيخ هو القانون في بلدٍ يزايد باسم المرأة خارجياً لجني ملايين الدولارات.


لا شرع ولا حاكم ولا شيخ.. لذا نسكت

امرأة في الخمسين من عمرها متزوجة (ز,م) - حرمتها أيضا تقاليد وأعراف المنطقة من ذكر اسمها. توفيت والدتها وهي في الثمانين من عمرها دون حصولها على نصيبها من ارث أبيها، وستحرم أيضاً أبنتها، تقول: إذا ذهبت المرأة تطالب بميراث أبيها فإن "الطارف" من الناس قبل أخوتها سيقولون لها، لا تفتحي باباً مغلقاً منذ عشرات السنين، فالمرأة لا تجرؤ على مطالبة أهلها، وفي بلادنا "لا يورثوا النسوان".
وتفضل (ك,و,م) البالغة خمسة وأربعين عاما من قرية "الشابرة" السكوت وعدم المطالبة بحقها لكي لا يسخط عليها أهلها.."حتى النساء اللواتي يطالب أولادهن بنصيبهن لا يجدون من ينصفهم، فلا شرع ولاحاكم ولا شيخ يحكم لهم بشيء.. ولذلك نسكت".
خوف النساء من أسرهن (أشقائهن) يجبرهن على السكوت ومنع أولادهن وأزواجهن من المطالبة بحقوقهن في الإرث حرصاً منهن -بحسب العرف– على عدم تشتيت الأسر.. فيتنازلن عن ميراثهن لأشقائهن.

لم يستطع أبناء (و،أ) المطالبة بحق والدتهم من أخوالهم إلا بعد وفاتها، حيث رفعوا دعوى قضائية ضد أشقاء والدتهم التي حرمت من ميراث والدها.

القضية ما زالت منظورة أمام محكمة عتمة منذ عدة سنوات، دون حصولهم على حكم وفق الشريعة الإسلامية، ووضع القضاء لا زال متفرجا وغير جاد في حلها والفصل في تلك الدعوى. وكون المدعي عليه أفاد بأن عزلتهم "الغربي والفجرة" لا يورثون النساء من قديم الزمان، فقد طلب من المحكمة تغيير هذه العادة المخالفة وإصدار حكم بتصحيح بصائر العزلة ومشترواتهم، كونها باسم الذكور فقط.
امرأة متزوجة من قرية الطاهر(ح,أ,ق) تقول بلهجتها الريفية "هذا ظلم.. قلد الله من تقلد وحمل الله من تحمل"، مبررة عدم مطالبتها بحقها من أهلها: "تستحي الواحدة تشارع أهلها أو إخوتها. وحتى الزوج لو طالب بنصيب زوجته تحدث مشاكل من قبل الأهل وتنبذ المرأة من أهلها ويتهمونها بتحريض زوجها ضدهم" وتضيف: هناك أزواج يفضلون عدم المطالبة بميراث زوجاتهم أو أمهاتهم، خوفا من أن يعطوا أخواتهم وعماتهم نصيبهن من الميراث وهكذا.. "أسترني أسترك".. والمرأة في الأخير هي الضحية.


ما خلو ش لنا حاجة


أما الأرملة ( خ،ع،ش) 65 عاماً من قرية "التعاكرة" فتجيب "يا ابني عندنا يقولون المرأة ناقصة عقل ودين وميراث وصوتها عوره ومطالبتها بنصيبها من أهلها قلة أدب... الخ"، وتستغرب من الذين يرددون بأنها ناقصة عقل ودين وميراث عن الرجل، مع أن الله سبحانه و تعالى يقول (للذكر مثل حظ الأنثيين) وهذا عدل الخالق سبحانه وليس نقصاناً.. متسائلة.. لماذا لا تعطي المرأة حقها إذاً؟، وتضيف "ما خلوش لنا حاجة.. لا عقل ولا دين ولا ميراث"، متهمة العقال والمشايخ –ذي ما عندهمش كلمة حق– بأنهم سبب ضياع ميراث المرأة.

النظرة القاصرة للمرأة والسيطرة الذكورية مع الأعراف القبلية جعلت النساء في مناطق يمنية ريفية كثيرة يستسلمن، ويفضلن عدم المطالبة بحقوقهن، إضافة الى غياب دور الحكومة التي تعطي سلطات للمشايخ والأعيان المتنفذين، للعبث ونهب الأرض والمواطنين باسم القانون، ولهذا تجمع النساء على عدم الشكوى للجهات الحكومية، لمعرفتهن المسبقة بأن القضاء حباله طويلة ولن ينصفهن.

حاولت (ح،أ،م) البالغة (45) عاماً، وهي متزوجة من قرية "الأحكل" بعد وفاة والديها المطالبة من أشقائها وأولادهم بنصيبها من الإرث الذي يرفضون إعطاءها إيَّاه، فتقول: إن تبريرات عدم إعطاء المرأة نصيبها انه طالما العزلة بأكملها منذ أكثر من مائة سنة لم تورث الإناث إضافة إلى أنهم قاموا بعمل إتفاق يهدفون من خلاله إلى وضع مسوغات أو تشريع جديد يحل محل القرآن الكريم والسنة النبوية والقوانين الوطنية لكي يحرموا المرأة.

تمثل ذلك بقيام عدد من الأعيان والوجهاء والمشايخ بعمل إتفاق مكتوب يقضي على توريث النساء من يوم التوقيع عليه وحرمان اللواتي تُـوفين قبل هذا الاتفاق من حق الإرث الا يعتبر هذا احتيالاً جديداً على الشريعة الاسلامية... وعن موقف القضاء قالت: للأسف القضاة في المديرية يقفون موقف المتفرج أو العاجز.
وما طالبت (ف،ع،م) 55 عاماً، وهي متزوجة، بإرث أبيها "فتحت النار عليها وعلى زوجها وأولادها لان المشايخ والعقال والأمناء والأعيان يد واحدة على هذا الظلم".


لا تفتحوا باباً مغلقا
ً
ويعتبر المواطن (ي،ل،س)25 عاماً، متزوج، ومن قرية "الأحكل" الاتفاق الذي أقدم عليه المشايخ والأعيان بحرمان الأناث الموتى من نصيبهن من الأرث وإعطاء الأحياء منهن بدءاً من فترة توقيع الاتفاق –نوعاً من الاحتيال على أمر المولى عز وجل.. "يدعون أنهم متدينون وسلفيون بهذا الخداع".
القليل من الذكورفي تلك المنطقة أعطوا أرحامهم نصيبهن الشرعي من الإرث متحدين المشايخ والأعيان.. يقول (ج،ح،ن) 48 عاماً، وهو متزوج: كانوا يريدون إقناعنا عدم إعطاء الأرحام نصيبهن قائلين لنا (إنكم ستفتحون باباً قد أقفل منذ زمن بعيد).. وهكذا غيرهم من المتنفذين..
وفي إحدى جلسات المحكمة حضر عدد من المشايخ والعقال، منهم الشيخ عبدالرقيب قايد الشابره، وعاقل قرية "التعاكرة" علي حسن التعكري، وعاقل قرية "الغرص" محمد الحاج الغرص، وعاقل قرية "حضيه" عبده حسن محمد، وأفادوا بأن مشكلة عزلة "الغربي والفجرة" تعاني من قضية عدم توريث النساء، كون العادة في العزلة منذ أكثر من مائة عام لم يتم توريث النساء، والتصرفات الشرعية باسم الذكور فقط.
وطالب المشايخ والعقال من المحكمة بحل جذري لهذه القضية، كونه سبق ان أفتى كثير من العلماء بأن التصرفات التي مضت عليها فترة طويلة وقد مات المتصرفون فيها، تبقى على ما هي عليه..

فالشيخ عبد الرقيب قائد فازع شيخ عزلة (الغربي والفجرة) أحد الموقعين على إتفاق عام (97)م يؤكد أن ذلك العرف منذ أكثر من مائتي سنة "نعرف أنة مخالف للشرع والقانون، لا نستطيع الخروج بحل بسبب كثرة المتوفين فهناك عدة درجات وطبقات، وهذه مشكلة يصعب حلها ". وحول الاتفاق قال: قيل أنه مخرج لكي لا تحرم المرأة من الإرث وتوزع بين الذكور والإناث. ونالت الوثيقة استجابة لدى بعض المواطنين، وربما كانت محاولة للخروج من المشكلة، مؤكدا إن الاتفاق مخالف للشرع والقانون.. لكن "أعملوا لنا مخرج".


سيحدث فتنة

أمين العزلة عبد السلام الخولاني يؤكد أيضاً بأن حرمان الإناث من الإرث مخالف للشرع والقانون، مرجعاً سبب المشكلة إلى أنه قبل ما يقارب مائتي سنة كان أبناء "إسحاق" يقومون بصياغة البصائر والمبيعات بين الذكور فقط.
وعن أسباب عدم إعطاء النساء حقوقهن قال: "من الصعب حالياً، لأن الميراث قديم، وستحدث فتنة عند ما تأتي تطالب بحق جدة جده أو أخولاته، ولم نجد حلاً سوى التوقيع على إتفاق عام 97 م يعطى من بعد الاتفاق إرثاً للمرأة، وما قد مضى لا ينظر إليه".
ونفى من يتهمه بأنه أخذ حق أرحامه.. "أنا وأخواني أعطينا أرحامنا حقهن في الإرث قبل الاتفاق".. مشيراً إلى أن المشكلة ليست مشكلة مواطن واحد بل عزلة كاملة.
وأوضح أن القضية أثيرت بعد ما ذهب أشخاص إلى المحكمة لرفع دعوى قضائية يطالبون فيها بحق أمهم من أخوالهم، وأن القضية قد عرضت على المحكمة وهي أمام المحكمة العليا للنظر فيها.


الخلل في القضاء وليس الشرع

أما الشاعرة فاطمة العشبي التي حال ضعف القضاء بينها وبين نيل نصيبها مع إحدى عشرة أختاَ لها من أشقائها، بعد وفاة والدها. فتقول: الحكام هم أساس الفساد في البلاد وليس الورثة فالشرع في منطقتنا (حفاش-المحويت) يعطي المرأة حقها من إرث أبيها..
وتضيف الشاعرة فاطمة : والدي رحمه الله كان يميل لحب الأولاد اكثر من البنات، حيث قام وأعطى مزرعة في تهامة لأحد أبنائه شرط العيش فيها (ميراث ذرية) وهو حسب ما تؤكد العشبي مخالف للشرع والدستور والقانون.
وبصوت شاحب أجهدته سنوات ظلم داخل المحاكم، تجدد تلميحها إلى أن القضاء غير نزيه في بلادنا: (أية عدالة والحاكم المتربع على كرسي العدالة يقول: عندنا ما يورثوش للإناث).. فهم سبب الظلم والفساد.
ولا ينكر أشقاء فاطمة حقها في إرث أبيها لكنهم يرفضون تقسيم التركة منذ خمسة عشر عاماً بعد وفاة والدهم وهن يطالبن بنصيبهن دون فائدة.
وتحمِّل العشبي الدولة مسؤولية حرمان المرأة من إرث أبيها الذي يستولي عليه الذكور بسبب الفساد والرشاوى فيها، لتميع القضايا داخل المحاكم وأجهزة الدولة.
وتزيد: يتم التحايل على ألإناث في بلادنا بحسب قوة المرأة وضعفها، فإن كانت قوية قادرة على المطالبة بحقها ستناله، أما إذا كانت ضعيفة فيؤخذ حقها، وتختتم قائلة: "القضاء هو سبب الفساد"


ثلاث محاولات قتل

الناشطة المدنية محفوظة حسن علي السعفاف من مديرية ملحان محافظة المحويت تتعرض منذ أكثر من عامين لمحاولات تشريد من أحد أخوتها في مدينة باجل بحرمانها من ميراث والدها.
وقد رفعت دعوى قضائية وصدرت أحكام لصالحها، إلا أنها لم تجد طريقها للتنفيذ، بحكم تدخل مباشر وغير مباشر من متنفذين.
وتقول: قمنا بتوسيط العديد من الناس من أجل إجراء قسمة شرعية أو حتى الحصول على مصاريف شهرية تساعدني في تحمل مسؤولية معيشتي وابنتي دون فائدة. وبعدها توجهت إلى القضاء (محكمة باجل)، وطالبت بأجراء قسمة شرعية عادلة لميراث والدي، وحجز تحفظي على التركة وذلك في شهر يونيو 2005م.
إلإ أنه تمت القسمة بين أخوتها الذكور واستبعاد محفوظة وأختها من الأب... وتتهم محفوظة من قاموا بعملية القسمة، وهم أشخاص تربطهم علاقة قرابة (نسب)مع أخوتها، ولا يعيشون في مدينة باجل المنطقة التي فيها الأموال، ومنهم أمين عام المجلس المحلي في ملحان محمد يحي عبده وأمين سر محكمة ملحان عبده بن يحي، وأمين المظالم في المجلس المحلي محمد سعد البدجي، والأمين الشرعي محمد عبد الله البدجي وآخرين.
وأثناء التقاضي في المحكمة تفيد محفوظة: "تعرضت لثلاث محاولات قتل في وضح النهار والقضايا مطروحة أمام نيابة باجل، وإصدرت المحكمة عدة قرارات لصالحي، تم إيقافها بحجة الصلح، إلا أن الذين تقدموا للصلح كانوا يختفون مباشرة بعد إنتهاء فتره الصلح.
وتستغرب السعفاف من إيقاف سير المحكمة على الرغم من إصدار أكثر من حكم قضائي لصالحها، لم ينفذ أي منها إضافة إلى تدخل مشايخ ومسؤولين في السلطة المحلية لتوقيف أحكام قضائية صادرة لصالحها.
وتعتبر محفوظة -التي سلمت للموقع ملف أحكام قضائية تؤكد نصيبها من ميراث أباها - إن إصرار المرأة على أن تستقل بقرارها وتتمسك باستقلاليتها حالة جديدة وغير مألوفة في محافظة المحويت، التي رمت بها الدولة بعيداً وكأنها ليست من مكونات خريطة الجمهورية اليمنية، بحرمانها من كل المشاريع الخدمية، وهو ما جعل بعض المتنفذين يبيحون حقوق المرأة في بلادنا... ونادراً ما توجد إمرأه في منطقة نائية بقوه وشجاعة محفوظة السعفاف التي لم تحبطها مماطلة المحاكم، ونظرة القضاء غير العادل ضد المرأة المطالبة بحقها.


عيوب اجتماعية

للمتخصصين في علم الاجتماع رؤية حول استمرار تمسك مناطق يمنية بالأعراف القبلية المخالفة للشريعة الإسلامية.
وتعتبر الدكتورة عفاف الحيمي أستاذة علم الاجتماع بجامعة صنعاء أن السبب يرجع إلى الجهل والأمية والفقر الذي يعد السبب الرئيسي، كون الفقراء يخافون من إعطاء المرأة نصيبها وفق الشرع والقانون.
وتؤكد أستاذة الاجتماع بأنها ظاهره عامة، قد تكون ظهرت بشكل بارز في منطقة معينة، لكنها موجودة في معظم المناطق اليمنية التي تحرم المرأة من حقوقها المصادرة من أخوتها بعد وفاة الوالدين، واصفة ذلك بالعيوب الاجتماعية وليس الشرعية..
وأشارت إلى أن صمت الإناث وعدم المطالبة بحقهن يرجع إلى الأمية التي تجعل المرأة تفكر بأنها لو أخذت حقها تشتت أموال الأسرة، وأيضاَ خوفاً منها من العداوات والخلافات مع أهلها، لذا فهي ترضي بالقليل منهم.
وطالبت الحيمي منظمات المجتمع المدني وقبلها الحكومة توفير كافة الخدمات للمناطق المعزولة والعمل على تعليم الفتاه اليمنية في كافة المناطق.


انعدام متطلبات الحياة

ويرى الدكتور حمود العودي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء أن حادثة حرمان النساء من الإرث تثير كثيراً من التساؤلات والدلالات كونها تتم بمعرفة مشايخ وفقهاء وأشخاص ضالعين في شئون القانون، ويصادقون على وثيقة تحرم النساء من الإرث معتبراً ذلك الاتفاق "وكأننا نقول للناس إن الإسلام لم يصل إلى العزلتين بمخلاف رازح"
ويقول: قد يلتمس لهم العذر، لكن لا تتلبس عليهم الوسيلة لحل المشكلة، فالعذر بأن الناس تعارفوا على هذا الأمر وأحياناً قد لا يؤخذ بأنه رفض للدين وإنما بحكم العادات والتقاليد،وتجد في بعض المناطق اليمنية عندما تحتاج المرأة أو يموت زوجها يحكم عليهم بإعالتها.

وعن رؤية الدكتور العودي الاجتماعية لحل مشكلة تلك المناطق التي تحرم المرأة من ميراث أبيها يقولُ: المسألة لم تكن مبنية على رفض العرف الشرعي، وإنما مبنية على نوع من المجاملات والعادات القبلية التي لا تفضل تمزيق الثروة ونقلها من أسرة الأب والأبناء إلى أسرة أخرى. ولذلك تجد المرأة ترفض نقل الإرث إلى بيت زوجها وتظنه عيباً فتتنازل لأخوتها عن قناعة، كون هذا فخراً لها لأنها حسب العودي: "تحافظ على مكانة أهلها وكرامتهم من كرامتها، وهو مبدأ من روابط الأسرة وليس من مبدأ القهر وإلغاء الحق".
وتجد المرأة ناجحة في منزلها بتربية أبنائها، إلا أنها تستدعي أخوتها وتعطيهم نصيبها. لكن يرى العودي إن الأمر المثير هي الوثيقة التي وقعها عقلاء مشرعون يعطون سابقة خطيرة جداً.
ويرجع أستاذ علم الاجتماع استمرار العرف القبلي في تلك المناطق الى العزلة والتخلف وتدني الوعي والثقافة وعدم معرفة الأمور والقضايا الشرعية، وأحياناً التعصب القبلي، إضافة إلى أن المعايير الإجتماعية تلعب دوراً كبيراً حيث أينما تجد الجهل المطلق تجد مشائخ وأعياناً وفقهاء يوقعون اتفاقاً مخالفاً لشرع الله.
ويضيف "كلما إبتعدت عن مراكز الثقافة والوعي والتعليم وغياب متطلبات الحياة تبرز هذه الظواهر، وهي أكثر ما تكون شائعة في المناطق البدوية والرعوية والفلاحيه المعزولة والمحرومة من كثير من متغيرات الحياة" ويختتم قائلاً "قد يكون الجهل بالشيء هو السبب".


الزيدية لم يعط رأيا
ً
وينظر الدكتور محمد العمراني أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء إن نتيجة بقاء النظام القبلي واعتماد الدولة عليه في فترة من الفترات السابقة (على القبائل) هو ما جعل المرأة محرومة من نيل نصيبها من الإرث، مشيراُ إلى إن المذهب الزيدي لم يعط رأياً صريحاً في منع المرأة من الميراث، ضارباً مثالاً بأن هناك قاعدة معينة في حالة البيع أو الشراء أو التوريث كان يعطي المحل لكل منطقة الحق في التصرف.. أي تتبع الأعراف المتبعة فيها سواءً في مسألة بيع وشراء الاراضي في بعض الحالات يكون له ملحقات (طريق أو بئر.. إلخ)، بعض الفقهاء كانوا يطرحون ضرورة ذكر تلك الملحقات كتابة البصائر وآخرين يعترضون على ذلك بحجة إن البيت معروف مع ملحقاته فيذكر (البيت وملحقاته) أو (ما تعارف عليه أهل المحل) وهذا ما أعطى دعماً شرعياً للذين يحرمون النساء من الإرث بأن لكل منطقة ما تعارفت عليه.
وأكد العمراني أن الدولة غير حاسمة في القضايا التي تصل الى القضاء اذا ذهبت المرأة تطالب بحقها والشيء الأخر لا تستطيع المرأة الذهاب إلى المحاكم، كونه من العيب، على إعتبار إن تلك الجماعة لا زالت تدافع عنها إذا وقع لها مكروه لكنهم لا يعطونها حقها من إرث رغم إن قانون الأحوال الشخصية يعطي المرأة حق الميراث وكذلك القوانين والتشريعات اليمنية، لكنها لا تطبق،مشيراً الى ان اجراءات المحاكم تطول فيها القضايا، أضافه إلى أن هناك بعض قضايا المرأة تجد تعصباً ضدها، والوقوف مع الأهل... نوع من المجاراة للحكم السائد.


الزواج من خارج العائلة

الناشطة في قضايا مناصرة المرأه اليمنية أمل الباشا ترى أن مسألة الإرث من القضايا الـتي تعاني منها النساء في المناطق الريفية، خاصة الأراضي التي تعيل النساء كونها مرتبطة بعملها في الريف لتوفير لقمة العيش، وهو المورد الوحيد للحصول على المال.
وتعتبر رئيسة منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان "عزلتي الغربي والفجرة" بمديرية عتمة إحدى القرى المتعددة التي تحرم فيها الأعراف القبلية الإناث من الإرث، وأحياناً تُمنع النساء من الزواج من خارج العائلة، خوفاً من انتقال الثروة لأولاد شخص غريب (زوجها) وهذه حالة من الظلم الإجماعي المخالف للشريعة والقيم الإسلامية، ومناقضة للأجتهادات الفقهية الإسلامية في توزيع الميراث، ومناقضة للدستور والقانون اليمني.
لكن الأعراف القبلية لا زالت سائدة.. "ونضالنا نحن النساء ضد تلك الأعراف وتغيير بعض القوانيين غير المنصفة لم يتوقف" مستغربة من أن القوانين اليمنية الكثيرة التي نصوصها تعمل لصالح الفرد (كان ذكر أو أنثى) تظل نصوصاً فقط دون تطبيقها على الواقع وتنفيذها لمنع انتشار مثل هذه الحالة.
منسقة تحالف المحكمة الجنائية الدولية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تؤكد إنها مخالفة صريحة لشرع الله فلا دين ولا أخلاق تسمح بحرمان الإناث من الإرث.. "لكن لأول مره عرف قبلي يمارس لأكثر من مائة سنة بدلاً عن القانون".
وتطالب أمل الباشا الدولة بحل القضايا التي وصلت إلى القضاء والرد الرادع على تلك الممارسات غير الإنسانية من قبل القضاء، إحتراماً لدولة القانون التي تردد كل يوم عبر وسائل الإعلام بالقوانين والتشريعات. فالمادة رقم (3) من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات "وهو واضح وأحكامه قاطعة".
وشددت الباشا على ضرورة قيام القضاء بالبت في القضايا التي تصل إلية، وعلى الدولة القيام بدورها في حماية الحقوق التي تعد مسئوليتها في المقام الأول،حماية الحقوق وممتلكات الأشخاص، لأن القانون لوحده لا يفي بالغرض، بل لا بد من قيام الدولة والأحزاب والتنظيمات السياسية بدورها في التوعية، إضافة إلى أنه لا توجد عقوبة على الرافضين الذين لا يجب السكوت عليهم بهدف حماية المواطنات من هذا الظلم".
وعن دور منظمات المجتمع المدني، خاصة المناصرة لقضايا المرأة، ترى أمل الباشا أن مشكلة تأثير المجتمع المدني لازال محدوداً، إذ لا يستطيع الوصول إلى تلك المناطق البعيدة، مطالبة إتحاد نساء اليمن الذي يقول أن لديه فروعاً في محافظات الجمهورية القيام بدوره من خلال عمل برامج توعية بهدف تنوير المرأة بكافة حقوقها المشروعة.


النظرة القاصرة والاعتقاد الخاطئ

اتحاد نساء اليمن معني بالدفاع عن قضايا المرأة.. تقول الأمينة العامة لإتحاد نساء اليمن فوزية أحمد نعمان: حرمان المرأة من الميراث ناتج عن عدم استيعاب بعض المجتمعات والأسر لما جاءت به الشريعة الإسلامية السمحاء، وما منحت المرأة من حقوق في هذا الجانب. لكن النظرة القاصرة واعتقادهم الخاطئ بعدم قدرتها على الحفاظ على ممتلكاتها، والخوف من انتقال ميراثها لصالح زوجها وأولادها، والجهل وعدم المعرفة بالشريعة الإسلامية وما أكد عليه الدستور والقوانين، كل ذلك يمثل السبب في ضياع حقوقها.
وأشارت إن دور الاتحاد يقوم بعدد من الأدوار من خلال أنشطته في مختلف فروعه ومراكزه، من أهمها التوعية والتثقيف إلى جانب محو أمية النساء مع تقديم الحماية القانونية للنساء اللواتي يتعرضن لمختلف أنواع العنف.
وعن عدم لجوء المرأة إلى القضاء للمطالبة بحقها تفيد فوزية نعمان التي تعمل أيضاً وكيلة لوزارة التربية والتعليم لقطاع تعليم الفتاه: "إن تنشئتنا الخاطئة لبناتنا، القائمة على انه من العيب الوقوف أمام أفراد أسرتها من الرجال للمطالبة بحقوقها، وعدم ثقتها بعدالة القضاء لانحياز الغالبية منهم الى صف الرجال عند اصدار الأحكام وخاصة التعسفية منها والتي تجعل المرأة تستسلم لإيمانها بأن العدالة مفقودة وان النظرة للمرأة التي تلجأ الى القضاء قاصرة، وعدم توفر القدرة المالية لدى المرأة لتتمكن من اللجوء إلى القضاء".
وتؤكد الأمينة العامة لاتحاد نساء اليمن بأن المسئولية عن استمرار مثل هذه الظواهر الجميع شركاء فيها، أولهم الإعلام المقصر في دوره التوعوي، وثانيهم القضاء فمتي ما تحقق العدل والانصاف تحقق الأمن والرخاء للجميع.


المرأة دورها هامشي

وعن دور اللجنة الوطنية للمرأة تقول هناء عبد الرحمن هويدي المديرة العامة لإدارة التنمية إن قضايا المرأة اليمنية كثيرة ومتعددة نتيجة الموروث الثقافي السائد والتقاليد، ونتيجة للسيطرة الذكورية في الساحة اليمنية فدور المرأة دائماً هامشي حتى في المنزل..
وتؤكد مديرة إدارة التنمية باللجنة الوطنية إنه رغم أن مجتمعنا إسلامي يطبق الشريعة الإسلامية لكن في مسألة ميراث المرأة لا يطبق الشرع ولا القانون، حيث في بعض المناطق اليمنية يعتبر توريث المرأة عيباً اجتماعياً، ومناطق أخرى تعطي من الميراث للنساء القليل واليسير الذي لا يذكر، وكأنة حسب وصفها (من باب الصدقة) وعادة ما يتنازل عنها الرجل لعدم احتياجه لما سيعطيه للمرأة...
وقالت هويدي: حاولنا في اللجنة الوطنية أن نطرق هذا الجانب من خلال عمل عدد من الورش والدورات التدريبية التي تشمل ذكوراً وإناثاً تحدثن عن حرمانهن من الإرث، مضيفة أن القضية ليست في الشريعة الإسلامية بل كيف نصل برسالتنا إلى المناطق الريفية التي نسبة الأمية فيها كبيرة إضافة إلى أن اللجنة استهدفت في بعض دوراتها خطباء مساجد، وطلبنا منهم بالتنسيق مع وزاره الأوقاف والإرشاد التطرق لقضايا المرأة في خطب الجمعة من رؤية دينية.
وأوضحت أن دور اللجنة ينحصر في رسم السياسات الإستراتيجية ومتابعة تنفيذها على القطاعات المختلفة، وان اللجنة ليست من مؤسسات المجتمع المدني، مشيرة إلى أننا نحتاج إلى تطبيق القوانين والتشريعات اليمنية التي تمنح المرأة حقها، لكن في الواقع لا تطبق تلك القوانين.
وطالبت بضرورة عمل محاكم مستعجلة خاصة بقضايا النساء للبت فيها لأن المرأة ليس لديها استعداد للذهاب يومياً إلى المحاكم...

وتحدثت المحامية نبيلة المفتي من المنطلق الديني، معتبرة حق الإرث مكتسباً شرعاً، وحرمان الإناث مخالفة للشريعة الإسلامية.
ومن المنطلق القانوني تقول المفتي: المرأة إنسانة ومن حقها أن ترث مثل الآخرين، ولا يجوز حرمانها، فلا توجد قوانين أو تشريعات تنص على حرمان الإناث.. إلا إذا عدنا إلى العصر الجاهلي.
واعتبرت الاتفاق الذي وقعه المشايخ والأعيان في عزلتي "الغربي والفجرة" مخالفاً للقانون ونصوص الدستور والشريعة الإسلامية أيضاً. ولا يملك المشايخ أو غيرهم الحق في تحديد إرث للمرأة، مطالبة بإحالتهم إلى المساءلة القضائية لأنهم مخالفون للنظام العام والقوانين التي تمس الكيان.
وطالبت القضاء -إذا أثيرت قضية- بإصدار أحكام رادعة واضحة، لتكون سابقة قضائية لتوضيح النظام العام، وإذا كانت هناك مسألة لا توجد نصوص قانونية لفصلها، فللقاضي الحق في إصدار أحكام اجتهادية فيها، كون القاضي اليمني قادراً على ذلك، معتبرة أن تطويل الإجراءات القضائية قد يضيع الحق، وحفاظاً على حقوق المواطنين... فلا يجوز أن تظل القضايا أكثر من سبع سنوات في أروقة القضاء.


اللجوء للقضاء تمرد

ويرى المحامي جمال محمد الجعبي أن النظرة الاجتماعية للمرأة التي تذهب للقضاء طلباً لحصتها في التركة أو للشكوى من وقوع جريمة تعرضت لها، ينظر إليها على أنها متمردة، وتكون عرضة للاتهام المسبق والهمس والتعريض بها، وكأن اللجوء للقضاء حق ذكوري فقط.
وقال الجعبي: بموجب قانون الأحوال الشخصية فإن للمرأة الحق في الميراث وفق الأنصبة الشرعية المقررة بأحكام الشريعة الإسلامية، لكن الذكور يرفضون تسليم النساء ميراثهن.
وعدم لجوء النساء إلى القضاء، يرجع الجعبي ذلك إلى بطء الإجراءات وضعف القضاء في تنفيذ الإحكام التي تصدر عنه، موضحا إن الأشخاص الذين يرفضون تنفيذ الإحكام القضائية يجب معاقبتهم بتهمة إنكار العدالة.
وتحدث عن الطرق والحيل التي يتم بها مصادرة ميراث المرأة.. "هناك حيله يلجأ لها الأصول حيث يقوم المورث في حياته بوقف الأرض التي يملكها على ذريته من الذكور دون الإناث أو الذكور والإناث ويستثني ذرية الإناث ويبقيها حكرا لأولاد الأولاد، إضافة إلى التواطؤ الاجتماعي في كثير من المناطق اليمنية، ومن الوسائل السائدة يقوم المورث في حياته بمنح بناته أموالاً سائلة وبناء بيوت لهن، معتمدا على عرف يمنع البنات من العد في ميراث آبائهن.


الخوف من القضاء

وترى الناشطة في مجال حقوق الإنسان المحامية شذى محمد ناصر بأن هناك الكثير من النساء لا يحصلن على نصيبهن في الإرث، ويعود ذلك إلى المفهوم القاصر لدى البعض، وهذا موجود في بعض محافظات الجمهورية دون أي سند شرعي أو مسوغ قانوني.
وتسرد بعض قضايا حدثت.. "فقد واجهت امرأة من أسرة عريقة من مدينة تعز أفادت بأن أخاها محتفظ بالتركة لديه -أي نصيبها الأكبر- ويقوم بصرف مبلغ لها من حين إلى آخر عندما تكون بحاجة مثل السفر إلى خارج الجمهورية أو المرض، وعند ما سألتها هل وقع على أي أوراق بأنه يحتفظ بنصيبك.. أجابت بـ لا".
وهناك حالة أخرى عرفتها من أمانة العاصمة، حيث النساء في الأسرة لا يستلمن نصيبهن من الميراث مطلقاً. (المتزوجات، المطلقات،العازبات)... إحداهن رفضت هذا الأمر وطالبت الأخوة بالجلوس معهن والإفصاح عن التركة وتسليم كل واحدة منهن حقها في الإرث وفقا للشريعة الإسلامية، فكان رد الأخوة بأن الوالد لم يترك أي شيء فهذا الثراء أو الوضع الحالي نحن صنعناه، وسوف نصرف ونتكفل بك مع بقية الأخوات ولكن موضوع الميراث لا يوجد أي شيئ، فحاولت اللجوء إلى القضاء ولكنها خافت من العواقب التي قد تواجهها.
وتوضح شذى ناصر أن الأسباب ترجع إلى أن زوج الأخت ينظر له على أنه إنسان غريب دخيل في الأسرة وسيحصل على مال الأخت بطريقة أو بأخرى، وسوف يتحسن حالة, ورأي أخر يرى المحافظة على الأخت من طمع زوجها، فربما يأخذ المال و يطلقها ويتزوج بفتاة أخرى.
الطرح الآخر يفكر.. كيف نسمح لشخص غريب صلته بأنه زوج أختي ويصبح أحد الأطراف في معرفة أسرار الأسرة بطريقة أو أخرى ويحصل على المال لكونه زوج الأخت أو زوج ابنة الأخ ويتمتع هو وأولاده (أبناء المرأة)، غرباء عنا. نكتفي بإعطاء الأخت من وقت لأخر مصروفاً أو معونة عند حاجتها وعند الضرورة.

ومن رؤية قانونية تقول: كل ما طرح عن حرمان المرأة من ميراثها غير شرعي وغير قانوني فالشريعة الإسلامية قد أعطت المرأة حقها وكرمتها، ولكن الأخوة والأعمام أو الجد هم من يقفون وراء حرمانها من حقها الشرعي والقانوني.
وتشير إلى أن ذلك يعود إلى جهل المرأة بحقوقها الشرعية القانونية وخوفها من أن تطالب عبر المحكمة، حيث ربما تطرد من المنزل إذا كانت عازبة أو خوفها على حياتها، وأحياناً تتم القسمة وهي قاصر، وتكبر وهي غير مدركة لنصيبها من الميراث، كما أن الجهل والأمية والبيئة المحيطة بها قد تساعد على حرمانها من حصتها في الميراث.