ملاحظات في شأن من شئون حبيبتي



محمد أبو قمر
2019 / 5 / 25

ملاحظات في شأن من شئون حبيبتي
======================
قال الفنان ماجد المصري إنه أمر ابنته بالتحجب لأنه هو الراعي لها ، أما إذا تزوجت فزوجها حر في أن يحجبها أو لا يحجبها.
هذا كلام لطيف لا غبار عليه ، فالرجل من ناحية يخشي من تعرض ابنته للتحرش ، ومن ناحية أخري يخشي من أن تفتن ابنته الرجال المؤمنين بسفورها فتبطل صيامهم وتعرض إيمانهم للخطر .
أنا فقط معني هنا بطرح عدة ملاحظات حول حيرة المرأة بين حقوقها الدينية التي وردت في القرآن ، وتلك التي وردت في الدستور والقوانين ، وبين أوضاعها في الخطاب الديني البشري الذي حول المرأة في الذهن الذكوري إلي مجرد كائن جنسي يُخشي من تأثيره السلبي علي إيمان المؤمنين ، ومن ناحية أخري خشية ذويها منها هي لربما يكون سفورها جزءا من ممارساتها التي التي تجلب لهم العار.
في القرآن الكريم برأ الله سبحانه وتعالي المرأة من الفتنة أو الافتتان وحدها دون الرجل حيث أكد في محكم آياته أن مسئولية خروج آدم وحواء من الجنة تقع علي عاتق الاثنين معا حيث ساوي سبحانه وتعالي بين الاثنين في الفتنة والافتنان إذ قال :( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) ، فالشيطان إذن وسوس للاثنين ، والاثنان معا استجابا لوسوسته بشكل متساو كما أبلغنا الله سبحانه وتعالي في هذه الآية.
وفي آية أخري يثبت الله لنا أن الميزة الوحيدة التي تفرق بين المرأة والرجل هي التقوي ، فإذا كان سفور المرأة يؤثر سلبا علي تقواها فإن إدعاء الرجل بأن المرأة السافرة تبطل صيامه وتؤثر علي إيمانه هو إدعاء باطل يدل علي نقص في تقواه هو ، إذ قال تعالي :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ).
أما في الدستور والقوانين فلا حاجة لي لذكر النصوص التي تؤكد حقوق المرأة وحريتها وإنسانيتها وبراءتها من كل ادعاءات الرجل الذكر الذي تنصب كل اهتمامته بالمرأة حول تأثيرها الجنسي علي شخصه الضعيف .
أما عن أوضاع المرأة في الثقافة الذكورية التي رتبها الخطاب الديني البشري في الذهن الذكوري فقد صار مصير المرأة المصرية رهن مفردات هذه الثقافة ورهن تفاصيلها التي نسبوها زورا إلي الدين بحيث تم الاطاحة بكل حق إلهي ورد في القرآن لها ، وتم الاطاحة بموجب هذا الخطاب الذي صار فكرا وثقافة وقوانين وأعرافا تخالف كل ما أنزله الله بشأنها من حيث تساويها النفسي والانساني والوجداني والعقلي مع الرجل ، وأطاح هذا الخطاب المصنوع كذلك بمجمل حقوفها الدستورية والقانونية ، وتحولت هذه النصوص الحقوقية المستمدة في صياغتها من شرع الله وأحكامه إلي مجرد حبر علي ورق ، إذ تحولت المرأة وفق الثقافة التي رتبها الخطاب الديني البشري إلي مجرد كم جنسي شيطاني ينبغي وضع القيود علي حركتها وعلي عقلها وعلي جسدها وعلي وجودها الانساني تماما كما لوكنت تربي في بيتك عنزة أو بقرة لتحصل منها فقط علي لبنها ، ثم في النهاية تلتهم لحمها وتروح تتجشأ مفتخرا بفحولتك وذكوريتك موهما نفسك أنك حققت مراد الله فيمن تحت يدك من أنثي.
فالأنثي وفقا للقناعات الدينية والثقافية التي روجها الخطاب الديني وجعلها دينا لا تجوز مخالفته منذ ولادتها ليست إبنة بالمعني الانساني والقانوني والديني ، وإنما هي شيء في حوزة وليها ، تنطبق عليها كل شروط الملكية الخاصة التي لمالكها حق التصرف فيها كما يشاء ، فله الحق في أن يعلمها أو لا يعلمها ، له الحق وحده بصفته المالك أن يزوجها لمن يشاء وفي السن التي يراها مناسبة حيث يسمح له الخطاب الديني بأن يزوجها حتي لو لم تتجاوز سن الطفولة البريئة وبالثمن الذي يحدده هو وبالطريقة التي يراها ، وهو الذي يحدد شكل ولون وطريقة ملبسها ( سواء أكان الأب أو الزوج) ، ثم إن الولي زوج أو أب أو أخ هو الذي يحدد إن كانت تخرج من البيت أو لا تخرج ، ثم يحدد هو المكان الذي تتجه إليه والشوارع التي لها الحق السير عبرها والوقت المحدد الذي ينبغي لها أن تعود فيه إلي الدار ، وليس لها حق العمل أو التنقل إلا وفقا لمشيئة الولي (المالك).
ما الذي يختلف إذن وفقا لهذه الثقافة ولهذا الخطاب بين ولاية الذكر علي الأنثي وولايته علي حذائه وساعته وجلبابه وأدوات عمله وجهاز التلفزيون والدولاب والمقعد الذي يجلس عليه والعنزة التي يربيها في حظيرة البيت؟؟!!.
هذه بعض ملاحظات وليست اعتراضات علي تصريح الممثل الرائع ماجد المصري الذي تحدث فيه عن حقه في فرض الحجاب علي ابنته بوصفه الولي الراعي ، ثم تنازله عن هذا الحق لزوج ابنته الذي ستكون له الحرية الكاملة بعد زواجه منها في أن يفرض عليها ما يشاء بناء علي انتقال الولاية أو الملكية إليه.