إشكالية الحجاب المرأة المسلمة مغيبة بين جاهزيتين إلى الدكتورة إلهام المانع



غسان المفلح
2006 / 5 / 8

(إلى د. إلهام المانع)


في مقابلة مع قناة العربية تساءلت الباحثة الدكتورة إلهام المانع [عن العلاقة أصلا بين" قطعة قماش" والإيمان بالخالق الذي منح الإنسان العقل ليفكر ويعبر عن رأيه، وقالت إن دعوتها لخلع الحجاب لا تعني بها أن تمشي المرأة عارية بل يجب أن تكون محتشمة وتبتعد عن الأشكال الفاضحة. ] قبل أن نمضي في حوارنا نسأل الدكتورة ماهو المعيار في تحديد الشكل الفاضح من غير الفاضح بالنسبة للمرأة عموما وللمرأة المسلمة خصوصا ؟ وخصوصا أنها أكدت أن الرجل ليس حيوانا جنسيا ؟ رغم أنني أختلف مع الدكتورة في هذا الأمر فالرجل حيوان جنسي وهذه ليست شتيمة . لأن الحوار يقتضي نزع الحجب كلها عن المرسل / ثقافة الإنسان الغربي/ والمتلقي المرأة المسلمة / بالآن معا , حيث لا زالت الجاهزيات المرسلة هي جاهزيات ذكورية بامتياز !! وكما أن هذه الجاهزيات والتي هي طيف لا محدد وبسببية تاريخية لامتناهية من العلائق المجتمعية وعلى كافة الصعد والمستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والإيمانية والاقتصادية ..الخ والتي تقدم نفسها في كل مرة داخل البنية الاجتماعية على أنها الحل وربما الموضة في أحيان كثيرة !! مثال بسيط وساذج :

المجتمع الغربي كان ينتج ألآف من المغريات التي تحث الناس والبشرية على التدخين وكل هذا كان يحتاج لجملة من الشروط والعناصر المتشابكة والمعقدة بدءا من احتياجات اقتصادية ربحية وانتهاءا باستغلال الغرائز من أجل بيع كميات أكثر من التبغ وصلت إلى مليارات المليارات من الدولارات . والآن تغير الوضع وأصبح هنالك جملة من السيرورات الاجتماعية وعلى كافة الصعد من أجل الانتهاء من ظاهرة التدخين وأصبح الخطاب الصحي والطبي سيد الموقف عن مضار التدخين وصلت إلى اعتبار التدخين يؤثر على القدرة الجنسية عند بعض من الخطاب الطبي هذا , وبدأت الدول أيضا بسن القوانين والتشريعات التي تساعد في تحقيق هذه الجاهزية [ منع التدخين ] وتقديمها للبشرية من جديد على أنها هي جوهر الغرب والحضارة الإنسانية ومنع الإعلانات عن السجائر في كافة وسائل الإعلام كإحدى النتائج المباشرة . ونحن بدورنا الآن نتلقف هذه الجاهزية وبدأت بعض الدول الأخرى تستعد لسن القوانين من أجل منع التدخين وفرض ضرائب عالية على المدخن . وبقليل من التمعن نجد أن ألالآف من الوظائف فقدت وستفقد وألالآف من المصانع ستغلق وألالآف من صفحات القوانين والضرائب ستنشر ..الخ حتى أنه بات من البداهة ألا تدخن في مكان عام ..! بينما لم تكن هذه البداهة موجودة قبل سنوات قليلة !! وانطلاقا من هذا المثال السطحي لتعريف الجاهزية والتي تصبح بداهة إنسانية ومن يقف خارجها هو إما متخلف أو مجنون أو ...الخ من أوصاف . وفق هذا المعيار ندخل إلى موضوعنا لنقول :

أن الحجاب هو جاهزية دينية وماقبل دينية بالنسبة لسكان المناطق الشرق أوسطية . وأصبح الآن نزع هذا الحجاب هو جاهزية سياسية بالدرجة الأولى وهذا يعود إلى جملة من المسائل التاريخية والراهنة المعقدة والكثيرة ولكن نشير فقط إلى عاملين :

الأول هو انتشاره في البلاد الغربية بين الجاليات الإسلامية وهذا خارج البداهة الغربية في لباس المرأة . مع مايترتب على ذلك من نتائج اجتماعية واقتصادية ودينية وخلافه .

الثاني هو الذي يتعلق بالاقتحام الأخير للمشروع الغربي للمناطق الإسلامية في عقر دارها وبكل حمولاته وجاهزياته المعرفية والقيمية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية والثقافية . .الخ . والذي أسانده لأسباب تاريخية تتعلق بحاجتنا إلى فكفكة هذه البنى التقليدية وانهيار جاهزياتها المتخلفة والتي تعيق الشعوب عن الانصهار بهذا الشكل الأكثر إنسانية من الحضارة البشرية . ولكن هذا الاختراق ليس موجها لأن هذه الدول إسلامية أو غير إسلامية بل يتعلق الأمر بإعادة انتاج موسعة لهيمنة هذا المشروع الغربي بوصفه مشروع حضارة كونية وضعية بامتياز . إذن هذا جزء من الثمن الذي ستدفعه المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية في هذه العملية الجارية والتي في أسها الموضوعي أهم من قرارات يأخذها هذا الزعيم أو ذاك أوهذه الإدارة الغربية أو تلك وهذه يسمونها الآن بالعولمة على كافة الصعد والمستويات .

ولم تجب الدكتورة الفاضلة والتي احترم كتابتها : لماذا مطلوب من المرأة المسلمة أن تنزع حجابها ؟ وغير مطلوب من المرأة الغربية : أن تستر جسدها أكثر كما تريد الدكتورة نفسها وألا تلبس لباسا فاضحا ؟ وبغض النظر عن موقفي الذي سأحدده في نهاية هذه الحوارية إن القاعدة المعرفية والقيمية لنزع الحجاب هي قاعدة ذكورية بامتياز . لأن المرأة بالغرب لم تخض هذه المعركة ولا تعنيها أصلا ولا تساهم في تصديرها لهذا الشرق المتخلف فهي لديها مشاكلها المختلفة مع هذه الثقافة الذكورية في عقر دار الغرب نفسه . فلازالت تعاني من تمييز في الكثير من مجالات الحياة وإلى الضرب أحيانا ..الخ

وسأدخل من مثال بسيط : الغرب يسمح لسن قوانين تتعلق بالزواج المثلي ويسمح للمثليين بالتحول إلى مواطنيين عاديين بمعنى لم يعد المثلي منبوذا وهذا حق من حقوقه ككائن إنساني وبشري حتى واحتاج الأمر إلى كثير من الجدل والذي لازال مختلفا عليه ومستمرا حتى هذه اللحظة في بعض البلدان الأوروبية وأمريكا أيضا . هل الحرية في الحجاب ليست بداهة والسماح بالزواج المثلي بداهة !؟ إذن المعضلة في ما يعرف بجاهزيات الحرية الفردية في البلدان الغربية [ وفق نظام معرفي ننبش فيه من داخله ] . واختصارا حول هذه النقطة الأولى :

حتى الحريات الفردية والعامة هي : جاهزيات تحركها معايير تاريخية وليست أنطولوجية بعد ضمان الحريات الفردية والعامة في المجتمعات الغربية كما تحاول الدكتورة أن تفهمنا :[ قطعة قماش لاعلاقة لها بالإيمان بالخالق ] !! فكما هي قطعة قماش تعبر عن جاهزية دينية بالنسبة للمرأة المسلمة والثقافة الذكورية المسلمة هي أيضا تعبر عن جاهزية نقيضة ولكنها سياسية بامتياز . علينا إذن الحفر في مقولة [ الحرية في المشروع الغربي وتبيان أسها المعرفي والقيمي والتاريخي والسياسي ..الخ ] .وبنفس المنطق من البداهة القول عندما تتحول قضية من قضايا الحرية الفردية أو العامة إلى قانون علينا البحث في الحد الذي يرسمه هذا القانون الحد المعرفي والتاريخي والأخلاقي . كي نكشف عن جملة الأسباب التي انتجت هذا القانون بماهي تصريح من جهة ورسم لحد هذه الحرية الفردية من جهة أخرى . وهذا يقودنا إلى نقاش القانون الديني في قضية الحجاب تقول الدكتورة المانع مايلي : ["أحترم قرار النساء المسلمات واختيارهن ولكن حان الوقت أن يأتي من يقول أن هذا ليس جزءا من الدين الاسلامي". ] في هذا القول كثيرا من المغالطة وربما من القراءة التأويلية للنص الإسلامي [ والتأويل مكروها بالنسبة لي ] النص الإسلامي واضح في قضية الحجاب وليس نصا حمال أوجه مطلقا في الكثير من القضايا أوافق السيدة الدكتورة لكن في قضية الحجاب النص واضح غطاء الرأس أو بشكل آخر شعر المرأة جزء من العورة بلا محاولات تأويلية أو تلفيقة عذرا منك سيدتي . وعلينا أن نخوض المعركة هكذا : يجب تغيير النص في هذه القضية إذا اقتنعا بالحوار والثقافة والحرية أن حجاب المرأة أداة قمع لها . لا مصالحة في هذا الأمر مع النص الإسلامي ولكن المصالحة مع المسلمين قائمة وعلى طول الخط : إنها الحياة وسننها .

إما تحجب أو عدم تحجب وهذا متروك للمرأة كخيار فردي وهنا نعود إلى توفير الجاهزيات السياسية والمعرفية والاقتصادية ليس من أجل خلع الحجاب أو عدم خلعه بل من أجل توفير كامل الحرية وأسس ممارسة هذه الحرية الفردية قانونيا للمرأة الفرد : في أن تتحجب أو لاتتحجب وهنا برأيي جوهر القضية . وهذا يقودنا إلى الزحزحات التي تمارس على فعل الحرية في البلدان الغربية بما هي زحزحات سياسية وأحيانا آنية أو لحظية ومتحركة بتحرك هذه الحضارة في حدودها التاريخية . بينما الحرية الفردية للمرأة المسلمة قضية أنطولوجية بالدرجة الأولى لا تخضع كثيرا لمعايير تاريخية متحركة لأن الحريات العامة والفردية مغتصبة في البلدان الإسلامية عموما بالمعنى النسبي للعبارة !! هنا يجب أن ينصب نضالنا من أجل حقوق المرأة المسلمة وليس من أجل أن ترمي قطعة القماش هذه !! وبعدها هي حرة في أن تتحجب أو لاتتحجب ! والحجاب هنا في قراءة تاريخية يتحول إلى موقف أقلية من النساء المسلمات أو أكثرية ليس هذا هو بيت القصيد ولكننا : في الغرب يمكن لمجتمعاته أن تستوعب في نظامها التاريخي هذه الحركية خصوصا إذا تم فصلها وفق معايير حقوق الإنسان عن قضية الإرهاب فهل يتمكن من ذلك ؟

أن تملك الخيار في ذلك وإذا تحجبت يجب أن تصان حقوقها في ذلك . إنها الحرية الفردية ياسيدتي الكريمة وهذه مرتبطة أيضا في جملة من العوامل التاريخية اقتصاديا سياسيا تعليميا حقوقيا وثقافيا ..الخ . وهل هذه المعادلة من التعقيد بحيث تؤثر على عقل المرأة العالمة بحقوقها وحريتها وأشكال ممارسة هذه الحرية وممارسة هذه الحقوق . وهنا بالضبط المرأة العالمة بحقوقها تماما . وليست المرأة التي لازالت لا تستطيع الخروج من البيت بلا رقابة . والتي لازالت تغلف روحها وجسدها ألآف الرقابات التقليدية والدينية . والسؤال البديهي بالطبع لماذا نفترض أن الحجاب هو سلفا خيارا أجباريا للمرأة العالمة والتي أخذته بمحض إرادتها ؟ وهنا إذا اقتنعنا بهذا الأمر يكون الحوار معها تماما كالحوار بين إناس لهم نفس الحقوق الإنسانية سواء كن محجبات أو غير محجبات . حوار ثقافيا حقيقيا في إن الحجاب هو حجب للعقل قبل الجسد كما يفهم من سياق نص الدكتورة المانع عموما . لهذا أنا لست مهتما في جعل القضية عبأ أضافيا على المرأة المسلمة , بل ما يهمني هو توفير الجاهزيات الدستورية والمدنية لكي تمارس حريتها كاملة في أن تتحجب أو لا تتحجب وبدون وصايات من أحد أو رقابات من عائلة أو مجتمع وليست ملزمة بشرح هذا الأمر لأحد في كلا الحالتين .

وفي هذا عودة للميثاق العالمي لحقوق الإنسان .. والذي نصوصه واضحة في هذا الشأن الدولية . ونحن نحتاج كعرب لكثير من أمثال الدكتورة إلهام المانع .

إشكالية الحجاب والمثياق العالمي لحقوق الإنسان

[ لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر علي سيادته ] المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ثم تنص المادة الثامنة عشر على [ لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة وأمام الملأ أو على حده ]

وسؤال البداية : هل يدخل الحجاب ضمن الشعائر و الممارسة المعتقدية أم أنه مخالف لهذه المادة ؟ والجواب رغم أنه بسيط وفق هذا النص وهو نعم لكن الأمر بات الآن في نقاشه خارج هذا الميثاق العالمي لحقوق الإنسان . علينا ألا نتواطئ على أنفسنا ومع هذه الكتلة المتحركة بفعل الفضاء الموجه ضد الإسلام السياسي كي يقع في النهاية على رأس المرأة المسلمة !! أو بالعامية [ تنكسر الجرة على رأسها فلا تحصل لا على بلح العراق ولا على عنب الشام ] فالويل لها لا قانون يحمها في لبس الحجاب في الغرب ولا قانون يحمها في خلع الحجاب في الشرق. حتى لوكان هذا الشرق مقيما في باريس مثلا ؟! والأنكى من ذلك أن النظرة للمرأة المحجبة في الشوارع الأوروبية هي تكثيف شديد : للنبذ . ليس المشكلة في سن قوانين تمنع الحجاب في الأماكن العامة وغيرها . بل في تشكيل هذا الفضاء المعادي لها بحيث باتت تشعر هي بهذا النبذ . وكأنه ليس من حقها أن تتحجب !! والسؤال عندما تذهب إمرأة أوروبية إلى أحد البلدان الإسلامية هل ترتدي كما يرتدن النساء المسلمات ؟! ألا يذكرنا هذا عندما كانت جاهزية العنصرية في الغرب قائمة بالنسبة لليهودي ثم لاحقا للأفريقي ..الخ

ولنلاحظ الآن : أن اللباس اليهودي التقليدي لايثير حفيظة الغرب ـ ليس كله بالطبع ـ وهذا يقودنا إلى الحد التاريخي الراهن في التعامل مع قضية الحجاب بماهو حد سياسي اقتصادي ..الخ وليس حدا تحرريا كما يريد بعضهم أن يسوق له وإن كان موضوعيا يمكن أن يلعب هذا الدور في حالات ولكنه في حالات أخرى يمكن له أن يفعل عكسيا بما يضر خيارات المرأة المسلمة من أجل حريتها .

وفي هذا المعنى التاريخي لا أدافع عن الحجاب مطلقا بل إنني أدافع عن حق المرأة التي تتحجب بمحض قناعتها أو حق المرأة المسلمة التي تريد الارتداد وليس عدم التحجب فقط . حقها في أن تصبح مسيحية مثلا أو بوذية . فهذا هو حق شخصي جدا علاقة لا تخص أحد كائن من كان ولا سلطة لأحد عليه . وعلى فكرة هنالك الكثير في بلاد الشام من تمسحوا أو تأسلموا دون أن يطبق عليهم حد الردة في التاريخ العثماني للمنطقة . وخصوصا في سوريا ولبنان ـ عودة لكتاب الباحث كمال صليبي الذي عنوانه بيت بمنازل كثيرة ـ

والمشاعر الآن في الغرب تجاه الحجاب تشبه إلى حد كبير مشاعره تجاه المثليين في مرحلة سابقة من تاريخ أوروبا المعاصر !

قضية الاندماج والإعلان العالمي لحقوق الإنسان :

يقول الصديق الكاتب بيار عقل مشرف موقع شفاف المتوسط في مقابلة معه [ في عام 1806م، قرّر نابليون بونابرت أن يعالج "المسألة اليهودية" في فرنسا. عقد مجلساً دينياً شاملاً لليهود كان المجلس الأول منذ مجلس مماثل انعقد في القدس قبل 1700 سنة. طرح بونابرت 12 سؤالاً على حاخامات اليهود وأعيانهم. السؤال الأول: هل تقبلون بمنع تعدد الزوجات؟ السؤال الثالث: هل تقبلون بزواج اليهودية من غير يهودي؟ بونابرت قال لليهود أن عليهم، إذا أرادوا الإندماج في فرنسا ما بعد الثورة، أن يختاروا. وافق اليهود على أن دينهم لا يدعو لتعدد الزوجات، ويقبل بزواج اليهودية من غير يهودي، ومسائل أخرى. بعدها انفتحت أبواب "المواطنية" لليهود الفرنسيين. كان اليهودي يرفض تعليم أبنائه في المدارس العامة، ويصر على إرسالهم إلى "المدارس التلمودية" (أي ما يعادل "المدارس القرآنية"). لماذا؟ لأن "التلمود" أهمّ من العلوم الحديثة. هذا الموقف كان يناسب الحاخامات لأنه كان يعطيهم مكانة إجتماعية عظيمة، مثل مكانة بعض مشايخ المسلمين حالياً. بعد إصلاحات بونابرت، دخل اليهود في المجتمع الحديث وتفوّقوا فيه. أفضل أطباء فرنسا حالياً من اليهود. هذا هو المستقبل العربي. "أطلبوا العلم ولو في الصين". ]

وهنا نلاحظ أن نابليون لم يطلب من الحاخامات اليهود عدم ارتداء المواطنيين اليهود الملابس التقليدية اليهودية التي ترمز إلى يهودية الكائن الإنساني ولم يمنعهم من ارتداء هذا اللباس في أي مكان لا عام ولا خاص . والمتتبع للسياق الأوروبي يجد أن السبب المباشر هو الحد من تدفق المهاجرين المسلمين . وهذا حق أوروبي بامتياز لا يجب إنكاره مطلقا . ولكن ليس من خلال تعقيد حياة النساء المسلمات في أوروبا !! وبالمقابل على المسلمين الالتزام بكافة المواثيق والمعايير والقوانين الأوروبية والتعاطي مع الوطن الأوروبي بشكل لا يميزه عن وطنك الأصلي ونبذ أي عنف أو محاولة إلحاق ضرر بالشعوب الأوروبية مطلقا بالعكس تماما محاولة قيام تواصل حقيقي مع هذه الشعوب التي تقدم للمهاجرين فرصة العيش الحر الكريم وعدم التعامل بجحود ونكران . وعلى المسلم أيضا ودوما أن يضع نفسه مكان الإنسان الأوروبي تماما . وهذا هو المقصود بالتأكيد بالاندماج الفاعل والإنساني للمهاجرين في مجتمعاتهم الجديدة . ومن خلال هذا الاندماج الفاعل والإنساني يخدمون أنفسهم ويخدمون بلادهم القديمة وبلادهم الجديدة أيضا فالإنسان يجب أن يكون إنسانا إينما حل وهذه هي جوهر القضية . على السلطات الأوروبية دعم كل ما من شأنه سن القوانين التي تتيح ممارسة الخيار الحر للمرأة المسلمة سواء بحجابها أم بدونه لأن الحجاب بحد ذاته ليس هو جوهر القضية . وعلى الأوروبيين تقديم مبررات حقيقية لكيفية الدور الذي يمارسه الحجاب في انتاج الإرهاب أو في عرقلته لقضية الاندماج الإسلامي في المجتمعات الأوروبية . والمثال أمريكا والتي أكثر ما تضررت من الإرهاب لم تتخذ هكذا قرار بمنع الحجاب في الأماكن العامة ؟!!

وبناء على ذلك الاندماج هو حق إنساني وواجب في الآن معا . وإذا كان المسلمون غير قادرين على ذلك فليطرحوا حلا آخر فليست أوروبا هي من أتت إلى عندهم بل هم من أتوا إلى اوروبا .

بعد هذه الحوارية السريعة نجد أننا نعود إلى نقطة البدء :

كيفية توفير الأساس المدني والقانوني والإنساني ووفق كل المعايير الدولية لحقوق الإنسان من أجل أن تمتلك المرأة المسلمة حق الخيار في كل ما يتعلق بحياتها الفردية والشخصية والعامة . وهذا هو المطلوب من أوروبا المساهمة به ومعها كل المثقفين العرب ومن كل التيارات.