امة لا تحترم الوقت ، امة خاسرة



جلال الاسدي
2019 / 7 / 18

الالتزام بالموعد و احترام الوقت ، اخر اهتماماتنا و لا يشكل هما معرفيا عندنا صفر على الشمال ، الا من تشرب و تشبع بالثقافة الاوربية او من ترعرع هناك ، وهم القلة القليلة و لا يشكلون شئ قياسا بالاعداد المهولة التي ترمي ثقافة الوقت و احترامه خلف قفاها . لماذا ؟ سؤال الاجابة عليه تستدعي حضورا او استدعائا للتاريخ . نحن امة جبلت على التمدد و التكاسل و الاسترخاء في كل شئ ، امة ( ان شاء اللة ) و ( اللة كريم او بلهجة اشقائنا العرب ، اللة غالب ) ، كل شئ نرميه على قدرة غيبية مسخرة و جاهزة لاستقبال صلواتنا على نبينا و اوليائه و اصحابه و زوجاته ، و استقبال خمولنا و تكاسلنا … و مستعدة ان تتكفل بحمل وزر الالتزام بموعد او احترام لوقت او موعد قد ينفعنا ، لكننا نؤجل كل شئ الى حين ، و نقول ان شاء اللة و نرمي كل شئ على هذا الله المتكفل بكل شئ نيابة عنا . يقول توماس جيفرسون ( الوقت هو المال ، Time is money ) ، في الحضارة الغربية كل شئ يستغل لخدمة الانسان و مصالحه ، خاصة الوقت … كما يقولون يمكنك شراء كل شئ الا الوقت ، من يشارف على الموت لو دفع كل ما يملك من اجل ساعة اضافية في الحياة لن يحصل عليها ، كل شئ يمكن استرجاعه الا الوقت ، ف ال ( تكه ) اذا مرت خلاص لن تعود .هكذا ترى اهمية الوقت في حياة الانسان و بأنه اثمن رأسمال اذا احسنت استغلاله يمكنك ان تجني الكثير الكثير . في احدى المناسبات الوطنية في بريطانيا و التي تستدعي حضور الملكة لافتتاح نصب او مشروع خيري ، يتجمهر الناس بانتظار مجئ الملكة ، و انت كمتفرج عربي معهم تصاب بالدهشة عندما تنظر الى ساعتك و ترى ان الافتتاح لم يبقى عليه سوى خمس دقائق و الملكة لم تحضر بعد ، لكنك تنظر الى الناس من حولك ، الكل هادئ و رلاكس و كأن كل شئ على ما يرام ، وقبل الموعد بدقيقتين تأتي سيارة الملكة ، تقف الملكة قليلا و تفتتح المشروع او الحفل و تغادر . لا تملك هنا الا ان ترفع القبعة احتراما لهؤلاء الناس و لملكتهم التي تعطي نموذج لتقديس و عدم هدر الوقت ، ولا تنسى حسرتك على قومك ، ابناء جلدتك الذين يحتقرون الوقت و يلعنونه دائما و ابدا و يتمنون انقضائه و زواله لانه حمل ثقيل . سأعرض عليك مشهدين كثيرا ما نراهما في التلفزيون ، الاول في احد شوارع دولة اوربية او في دولة متقدمة مثل اليابان ، في اي وقت ليس بالضرورة وقت الذروة ، سترى وتيرة الحركة هناك سريعة جدا ، الكل يمشي مسرعا اقرب الى الهرولة وهو يحمل حقيبة الاوراق يراوح بها مرة بيده اليمنى و سرعان ما ينقلها الى اليسرى ، وهو يسرع كانه في سباق مع الزمن ، الجميع على هذا المنوال . ننتقل الى اي شارع من شوارع البلاد العربية و حتى الاسلامية فكلنا في الهوى سوى ، سترى الحركة بالسلو موشن ، الغالبية اذا مو الكل يجرجر اقدامه و كأنه مصاب بالكساح لا لانه تعبان او متكاسل ، وانما لقتل هذا العدو المزعج ، البغيض ، الوقت ، عدو الانسان العربي والمسلم . لكن العرب و المسلمين و كعادتهم و كونهم شعوب متحركة ، نشطة و فاعلة في مسيرة الحضارة الانسانية اخترعوا دوائا ناجعا و فعال جدا و اكسكلوسف لهم ، و لكنهم مستعدون لنشره في اي دولة تحتاجه الا وهو ( الننننوم ) ، فعال في القضاء على الوقت و قبره في مهده . ترى الاخ العربي او المسلم اذا انزعج من هم او مشكلة واجهته او حتى اذا اخذ جرعة اضافية من السعادة و الفرح يلجأ الى هذا الدواء المعجزة ، خاصة في رمضان ، الليل للاكل و المكسرات و المعجنات و النهار للنوم ، لا احد يعمل ، الكل خامل ، متكاسل ، متوتر كل تفكيره منصب على اللحظة التي يعلن بها انتهاء و قت الصوم ، لا تستيقظ الاسرة الا قبل الفطور بدقائق . اما اذا ضربت موعد مع احد سيقول لك انشاء اللة و اذا جاء بعد الموعد بنصف ساعة ، هذا شخص ممتاز يمكن الاعتماد عليه قياسا بغيره الذي لن ياتي ابدا . اما الموعد الانكليزي فهو مضرب الامثال ، تلاحظ اذا ضربت موعد مع اجنبي سيقول لك موعد انكليزي ام انشاءاللة ، لكونك عربي او مسلم طرف في هذا الموعد تشعر بالاستفزاز و التحدي ، و اكيد ستؤكد له انه موعد انكليزي اصلي مية مية ، لكنك طبعا لن تأتي لان ( النومة ) اخذتك و تخسر التحدي كالعادة ، العرب و المسلمون خاسرون دائما لانهم لا يحترمون الوقت و الموعد على حد سواء .