تجريم وجه الانثى.. كيف ولماذ؟!! وجه الانثى كدليل ادانتها.. (2/3)



محمد عبعوب
2019 / 11 / 4

ما إن يأخذ جسم الطفلة في المجتمعات المتأسلمة (و ليس المسلمة) تفاصيله كجسم أنثى، حتى يحكم عليها بالسجن المؤبد تحاصرها عيون الذكور إما كأقارب من الدرجة الاولى بعزلها عن حراك الحياة العامة و إداعها زنازين الاقامة الجبرية، او كجيران و وسط اجتماعي بغزوها بنظرات شبقية لا ترى فيها سوى ثقب او بئر للغوايا واللذة، ومثيرة للفتنة، بعد أن كانت لهم قبل أن يستكملوا رجولتهم منبعا للفرح والطمأنينة والحنان.
و إذا ما أضطرت تلك الاسيرة للخروج يتم تكفينها بأكفان سوداء من اعلى رأسها حتى اسفل قدميها، حتى عيونها يتم إخفائها تحت نقاب.. و بهكذا مظهر لا يشكل خروجها خرقا لحكم الاقامة الجبرية المفروض عليها، فمهما جابت هذه الموؤدة من أفاق فلن يتعرف عليها أحد، فشخصيتها التي يعد وجهها المعبر الابرز عنها كإنسان على وجه الارض، تم إخفاءه وراء نقاب لا يظهر منه شي، اذاً هي غير موجودة في وعي محيطها، فهي في تلك اللحظة في زنزانة متنقلة اسمها النقاب او الحجاب!!
هذا الوجه الذي كان يوما ما مبعث الفرح والطمأنينة لقطيع الذكور، يتحول بقدرة قادر الى منبع للشر والفتن، يجب حجبه والغاء صاحبته من الوجود في الفضاء العام ، إلا كأسيرة بين جدران زنزانتها او وراء نقابها!! ينسى الوالد والاخ انه استمد يوم أن فتح عيونه على الحياة طمأنينته وفرحه من وجه أنثى هي امه ، و أنه لو حكمت عليه الظروف الحرمان من رؤية وجه امه او مربيته فإنه سيكون حتما يعاني من مرض كراهية لجنس الانثى او على الاقل لا يعرف قيمتها حتى كزوجة فيعاملها كآلة بيولوجية ليس إلا..
هكذا وفي غضون عقد ونصف و في احسن الحالات في غضون عقدين، يستحكم العداء والشك بين الانثى و الذكر في الاسرة الواحدة في هذه المجتمعات المنغلقة على ثقافة تجاوزها الزمن، ويتحول وجه الانثى، اختا كانت اوحتى أما، الى باعث للشك والتطير، وتخضع كل حركات وسكنات تلك المسكينة لقوانين صارمة من الاقامة الجبرية والشك والرقابة المتواصلة، يتحول وجهها الى مصدر خطر يجب حجبه.. ينسى ذلك الذكر ان من امدته، منذ أن زرع كعلقة فمضغة في ذلك الرحم الى أن لامس جسده الغض الارض لأول مرة، بأسباب الحياة والثقة والطمأنينة والراحة النفسية، هي من يصنفها اليوم كمصدر خطر على حياته ومبعث قلق يحرمه الراحة النفسية ، يجب وضعها تحت الرقابة الدائمة.. و تتآزر قبيلة الذكور او جماعتهم المشبعة بهذه القناعات المزورة، بعد أن تكون قد سيطرت على الفضاء العام وصادرت أي صوت مخالف لرؤيتها للانثى، تتحالف و تتآزر للبحث في التراث و الموروث الثقافي عن اسانيد تبرر حكمها الجائر الذي حول الانثى من مصدر للفرح والطمأنينة والثقة في الحياة، الى مصدر للخوف و الشك والخطر يبرر ويسند حكمهم عليها بالحجز وراء القضبان والأكفان الى أن توارى التراب..
إنه وأد روحي للأنثى في قبيلة الذكور يفوق في أذاه وآلامه الوأد البيولوجي الذي حرمه الله منذ أزيد من اربعة عشر قرنا بنص مقدس لا يقبل الجدل، لكن جهابذة قبيلة الذكور اخترعت وأداً جديدا ملطفا في شكله للانثى سمته الحجاب..

- يتبع -