انتصار هند الحناوي هو انتصار لمصر المستقبل



عمرو اسماعيل
2006 / 5 / 26

أخيرا وبعد صراع طويل شجاع تستحق عليه هند الجناوي واسرتها كل التقدير .. انتصر الحق وحكمت محكمة الاستئناف في حكم نهائي بإتبات نسب إبنة هند الحناوي الي احمد الفيشاوي رغما عنه وانتصارا للحق ..
إن هذا الحكم ليس انتصار فقط لهند الحناوي واسرتها ولكنه انتصار لمصر كلها .. انتصار لقيم الحق والعدل والعلم والمستقبل .. انتصار للقضاء المصري العظيم واستقلاله ..
لقد ضربت هند الحناوي وأسرتها لكل الشعب المصري مثلا يجب أن يحتذي ..
لقد كانت هند عظيمة هي واسرتها .. لأن اعترافها بالخطأ .. خطأ الوثوق في شخص لا يستحق هذه الثقة ..فهي لم ترتكب في الحقيقة خطأ شرعي فهي تزوجت زواجا عرفيا .. رغم اعتراض البعض عليه وانا منهم فالشرع لم يحرمه .. هو شجاعة يندر وجودها ..
وكانت شجاعه في رفضها أن يتحمل جنين لا ذنب له عاقبة خطأ لم يشارك فيه بل كان نتيجته .. وكانت أسرتها .. اكثر شجاعة بقرارها الوقوف بجانيها الي النهاية رغم ما في تبعات ذلك من مصاعب قد تثقل كاهل أي اسرة ..
قرار المحكمة بإثبات بنوة إبنة هند الحناوي لوالدها .. هو دليل أن الحق لا يضيع طالما كان وراؤه مطالب .. وهو رسالة لكل مصري ومصريه .. أن الاستبداد لا ينجح إلا نتيجة التخاذل في السعي وراء الحق ..
انتصار هند الحناوي هو انتصار للمرأة المصرية وللاسرة المصرية .. انتصار لشجاعة المرأة وحقها ألا تظلم في مجتمع ذكوري يغفر أخطاء الرجل ويحاسب عليها المرأة بدلا منه .. لقد أثبتت هند الحناوي في هذه القضية كم هي المرأة اكثر شجاعة وخلقا من الرجل في أحيان كثيرة .. لقد رفضت هند الإجهاض وقتل ابنتها بدون أي ذنب ... رغم أن بعض الرجال أو أشباه الرجال في الحقيقة ممن يدعون التدين قد نصحوها بذلك تلافيا للمشاكل علي أن تدفع كفارة وتصوم 60 يوما .. أي رجال هؤلاء ..
لقد رفض احمد الفيشاوي وعائلته وبعض المتعاطفين معهما في وسائل الإعلام الاعتراف بمسئوليته وتحمل هذه المسئولية .. بينما تحملت هند وعائلتها المسئولية كاملا ..
لقد رفض احمد الفيشاوي وعائلته تحليل الDND وهو الاثبات العلمي المؤكد الذي يثبت النسب في اعتراف ضمني ومتخاذل بمسئوليته وفي محاولة للتهرب من هذه المسئولية .. وقد أيده في هذا التهرب للأسف بعض ممن يحسبون علي الاسلام وهو منهم براء ممن لا زالوا يعيشون في القرون الوسطي .. وانتصار هند الحناوي سيكون انتصار للمستقبل عندما يضطر الجميع الي أصدار تشريع ينتصر للعلم والمستقبل باعتماد هذا التحليل كاساس لإثبات النسب ..
إن انتصار هند الحناوي هو خطوة علي الطريق .. خطوة مهمة لتغيير قيم المجتمع الذكوري الذي يحمي الرجل حتي لو أخطأ ويحرم المرأة من كثير من حقوقها .. حقها في أن تكون مواطنا كامل الأهلية والحقوق ..
لقد أثارت قضية هند الحناوي نقاشا حيا وصحيا .. رفع الغطاء عن الكثير من الأخطاء في مجتمعنا .. ووضعها في دائرة الضوء والنقاش والحوار .. وهذه القضية هي انتصار لحرية التعبير وقيمة الحوار وأهميته .. أهمية نقاش كل القضايا والتابوهات التي كنا نخجل أو نخاف من مناقشتها ..
قضايا حرية المرأة وحقوقها في القرن الواحد والعشرين ..
قضايا بعض التشريعات التي لا تتناسب مع عصر العلم .. عصر ال DNA وزرع الأعضاء ..
بعد اليوم سيفكر اي رجل في خداع أي امرأة اعتمادا علي بعض القوانين البالية التي تتيح له الهروب بفعلته .. لأنه يعرف أنه سيضطر الي تحمل مسئوليته تماما مثل المرأة .. وأن المجتمع لن يتعاطف معه ولن يسمح له الهروب بجريمته ..
قضية هند الحناوي ستكون البداية لثورة تشريعية لإقرار قوانين تعلي من قيم العصر .. قيم المساواة واحترام حقوق الإنسان وحقوق المواطنة بصرف النظر عن الدين والجنس واللون واسم العائلة ..
قضية هند الحناوي ستكون بداية النهاية للمتاجرين بالدين والمتربحين منه وكل من نصب نفسه متحدثا باسم الله والاسلام .. واالله والاسلام منهم براء ..
قضية هند الحناوي هي انتصار لقيم الشجاعة والاصرار في طلب الحق ..
إن هند تستحق التحية والتقدير علي شجاعتها وإصرارها والدفاع عن حق ابنتها .. وأسرة هند الحناوي تستحق التقدير والاحترام لوقوفها بجانبها وتحمل الكثير في سبيل ذلك ..
أما أكثر من يستحق التقدير من الرجال في هذه القضية فهو والد هند الحناوي الذي ضرب مثلا رائعا لأي أب مصري بل واي مواطن مصري .. إن وقوفه بجانب ابنته وعلنا مع تسليط الأضواء إعلاميا علي القضية .. عمل يجبن عنه الكثير من الرجال في مجتمعاتنا .. تلك المجتمعات التي تعشق دفن الرؤوس في الرمال كالنعام .. مجتمعات تعاقب الأنثي علي خطأ لم ترتكبه في الحقيقة مثلما كان الحال مع هند الحناوي .. تعاقبها علي خطأ خطط له وارتكبه رجل يحتمي بالدين والعادات والشهرة .. ثم يريد أن يتهرب بعد ذلك من مسؤوليته ..
إن الاستاذ الدكتور حمدي الحناوي استاذ الاقتصاد يستحق كل التحية والاحترام كما تستحق هند الحناوي ووالدتها استاذ علم النفس الشجاعة كل التقدير والاحترام ..
أما الرجل الثاني الذي يستحق اتقدير والاحترام فهو المستشار احمد رجائي الدسوقي الذي أصدر الحكم وانتصر للقضاء المصري النزيه والمستقل وانتصر لمصر المستقبل .. نفس القضاء المستقل الذي رفض أي ضغوط داخلية وخارجية في قضية المستشارين البسطويسي ومكي وقضية أيمن نور ..