ما بين الثقافة والسياسة



نضال عرار
2019 / 12 / 24

ثمة سجال بين السياسي والثقافي سرعان ما يتأزم ويتصاعد تبعا لتطور مسار معين
هل تنحاز الثقافة إلى الموقف السياسي أم إلى الحريات والآمال ؟
فإذا كانت الثقافة تتشكل في وجدان الشعوب وتطلعاتها وأحلامها فإن السياسة ما تنفك تتغير تبعآ لأهواء الساسة ومصالحهم بقدر الممكن المتاح ولا سيما في عالمنا العربي .
وثمة سؤال آخر بالمعنى المعرفي من يقف بوجه الإبداع وحرية التعبير ؟!!
لن تجد مثقفآ واحدآ يدافع عن حياة الفقر إن عاشها ولكنك ستجد الآلاف من أولئك ممن يدافعون عن الفقراء وحقهم في العدالة الإجتماعية ، حقهم في مستلزمات الحياة الرئيسة في التعليم والطبابة وفرص العمل .... إلخ .
وما هو الموقف من الربيع العربي ؟
طالما احتدم السجال بين المنادين بالحرية والمناهضين للمؤامرة كما يحلو للبعض القول .
ثمة إستبداد وأنظمة عسكرية أمنية وغياب للحريات لأنظمة وقوى ترفع شعارات التحرير والمقاومة وثمة شعوب تتوق للحرية أحزابها وقواها ضعيفة غضة بالمعنى البنيوي .
موضوعيا لا تناقض بين الحرية والتحرير فكلاهما يعبر عن طموح الشعوب في بناء دولة المواطنة وتحرير البلاد .
هنا يبرز السؤال المفترض أين يقف ولمن ينحاز المثقف ؟ مع أنظمة مارست القمع والفساد ترفع شعارات الممانعة أم مع معارضات تحالفت مع كل حدب وصوب في سبيل محاربة الشيطان كما يدعون .
وإذا كانت (الثقافة ) تريد أن تنتصر فلها أن تفعل بوحي الثقافة ذاتها التي تعيش في وجدان الشعوب وتطلعاتها كما لو أننا ننتصر لعروبة حيفا ويافا وقيسارية والقدس أيضآ .
إن الإنتصار لأنظمة دونما شعوبها هو مؤشر على ماهية المثقف الموظف بالمعنى الاداري والكهنوتي على نحو ما . كما أن الوقوف بوجه التكفيريين والمؤامرات لا يبرر أبدا تغافل وتناسي حق الشعوب في التحرر حقها في مؤسسات لا ينخرها الاستبداد والفساد ، حق الشعوب في دولة يسو د فيها تكافؤ الفرص وسبل العيش الكريم ، حقهم في التعبير والحكم الرشيد والتداول السلمي للسلطة . لقيم العدالة هذة ينحاز المثقف بوصفه منتجا إبداعيا للمعرفة ، فلا ينحاز للآني المتحرك بقدر ما ينتمي إلى الأعماق عند الجذور ، هناك حيث يستوطن الضمير الآدمي .
ثمة مقاربات يعيشها المثقف الفلسطيني على وجه التحديد تفي بالحديث حقه فهو ما ينفك يدافع عن حلمه التاريخي وذاكرة شعبه في يافا وعكا وطبرية ويصوغ كذلك خطاب الدولة المستقلة ، شيئ من هذا القبيل يفهم على هذه الشاكله له مفاعيله لدى المثقف .
طالما كانت الثقافة ملتبسة لها غرائبيتها الخاصة وجدلها وعمقها في التراث والتاريخ هذه الثقافة هي نمط الحياة ، نمط الإبداع الحر والفكر المتجدد على الدوام لا نمط الموات .
إن لقاء مثقفين لا يطالب بحرية الكتاب والمثقفين من أقبية السجون ولا يمهر بمطالب الشعوب وآمالها إنما هو الموات ، ليس إلا .
حاشية
1-توالت موجات الربيع في بيروت وبغداد والجزائر وما زال المثقف الفلسطيني ينئى بنفسه عن كل ما يحدث ، يبحث في الصمت عن ملاذ وراحة ضمير .
2- تحرير الأرض لا يعني استباحة حرية الآخر ين .
3- أزمة القوى الطائفية تعني موضوعيا الانحياز للمشروع العروبي الديموقراطي .