اخفاق المراة العراقية



رغد علي
2006 / 5 / 31

كنت شخصيا من اشد الداعيات لإعطاء المرأة موقعا حقيقيا ودورا بصنع القرار , لإيماني بقدرتها علي العطاء والإخلاص, لكني تراجعت عن هذا لأعلن بأسف شديد احفاق المرأة العراقية بإثبات وجودها !!!

فأين هي بهذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن ؟ أين عضوات الجمعية الوطنية المنتخبات وماذا يفعلن بهذا الوقت ؟ أين نشاط منظمات المجتمع المدني النسوية وبأي شيء هن مشغولات ؟؟؟ وأين الناشطات العراقيات ؟؟ فجأة اختفي الجميع ؟؟!!

لا أري لهن أي دور يذكر , وكأنهن لا يشعرن ولا يهمهم ما يحصل بالبلاد علي كافة الأصعدة وهذا يثبت بأنهن ليس إلا اكمالة العدد ال 25% التي تفضل الدستور بإعطائها لها .

إذا كانت المرأة العراقية تطالب بحقوق معينة , فمن باب أولي أن تثبت وجودها قولا وفعلا , من باب أولي ان تكون مواطنة حقيقية انتمائها الأول للوطن , انتمائها لكل الوطن الممتد من الشمال للجنوب لا جزء منه .

فأين مواطنة وانتماء المرأة العراقية بهذا الوقت ؟؟؟
إن الظروف هي التي تكشف معادن البشر , وأفضل تعليم هو ما نتعلمه بالظروف الصعبة , لان الحاجة ام الاختراع , والحاجة لوحدة العراقيين اليوم هي فوق أي اعتبار, وكان علي المرأة أن تتعلم الكثير مما تمر به الآن !! .

لا أعطيها أي عذر في غيابها هذا أبدا .
فالأعذار والحجج هي لغة الضعفاء , وتاريخ المرأة العراقية تاريخا مشرقا .

إن الحقوق لا تعطي فتكون صدقة من الآخرين أو هدية , لأنها تؤخذ وتفرض وجودها , نعم فشلت المرأة العراقية بإثبات مواطنتها, قد تثور علي ثائرة بعض السيدات , لكن مهلا يا عزيزاتي سأقول لكن لماذا أصدرت هذا الحكم ؟ سابدا بالأهم فالمهم:-

اولا : هذا الوضع الذي تسير به البلاد نحو المجهول ,البعض يتوقع الحرب الأهلية, والآخرون يحاولون تهدئة الوضع , لم اسمع بأي دور للمرأة العراقية , أقصد بالدور ان يكون علي مستوي الحدث , اما كان من الأجدر إعلان التماسك والوحدة الوطنية علي لسان السيدات من كافة الأطياف والأحزاب , الم يكن من المناسب اجتماع هؤلاء السيدات ليوصلوا رسالة للعالم بان المرأة كما توحد أفراد أسرتها وتجمعهم رغم اختلاف شخصياتهم بإمكانها أن تجمع الجميع تحت خيمة الوطن والأسرة الكبيرة أسرة العراق , او حتى مشاركتها للشعب العراقي بماسيه الأخيرة بأي شكل أو صورة , كان يقمن بجولة لزيارة الجرحى أو البيوت المنكوبة بالعراق مؤخرا أقول هذا مثلا !!.

ان إعلان الوحدة الوطنية بين النساء ومشاركتها للشعب , هو الأسرع بالوصول للقلوب لان المرأة بطبعها مسالمة وتبحث عن الأمان لها ولأسرتها , وتشعر بمصاب الآخرين أكثر من غيرها لطبيعتها , ولو قامت بذلك لكان له صدا مؤثرا بالمجتمع لأنها مربية الأجيال, هي نصف المجتمع المهدد بالانقسام والفرقة .,كان بإمكانها أن تفكر بألف فكرة لتقول لشعبها الذي انتخبها إنها تشعر معه وتعمل لأجله .

لكنها لم تفعل أي شىء من ذلك !!

مع انها لا تقل عن الرجل في إحساسها بالمسؤولية والانتماء الوطني, فهي المتضرر الأول لكل ما دار سابقا وما يدور حاليا , وهي الصوت الخافت , ليس لأنه غير مسموع , ولكن لأنها لا تعرف كيف تتصرف وكيف تقوم بدورها المتوقع منها ؟؟!!, أي أنها لم تتعلم من الظرف , ربما لأنها بعيدة كل البعد عن الشعب ومعاناته !!!

وربما لأن بعضهن لم يأخذن التعليمات من أحزابهم لحد الآن , وهذا واقع الحال فإذا كانت النساء بالجمعية الوطنية تمثل أحزابها الضيقة والمحدودة ولا تمثل كل العراق , فلن أتوقع منهن أي خير , علي المرأة منهن أن تفهم انها لا تمثل فقط صوت النساء , لكنها جزء ممن يمثلون أصوات العراق كله !!!! والعراق كله اليوم يان من الألم ويغرق ببحر الدم !!

أما منظمات المجتمع المدني فهن في صمت قاتل , وكأنهن ليس لا يفهمن إلا بقانون الأحوال الشخصية, وأقولها باعلي صوتي اليوم ليسقط قانون الأحوال الشخصية , وان كنت اؤويده شخصيا , لكن الأهم والذي يقلقني بهذه المرحلة هو العراق , و إذا لا يكون هناك عراقا واحدا متماسكا قويا لن يفيدني أي قانون !!

كانت هناك نشاطات واعتصامات قوية , منها المؤيدة ومنها المعارضة لقانون الأحوال الشخصية , قامت ولم تقعد الدنيا حينها , لكني لا أري أي فعل مماثل ضد التمزق والحرب الأهلية والفتن الطائفية والإرهاب ؟؟؟أو حتى بالدعوة للإسراع بتشكيل الحكومة,وتحمل مسؤولياتها وسد الفارغ السياسي ؟؟؟!!!

لماذا منظمات المجتمع المدني لا تفكر أن يكون دورها متلائما مع الحدث , ونحن أمام هجمة شرسة, وإذا كان للبعض نشاطا معينا فمن المفروض أن يسمع به الآخرون ليكون له تأثيرا وصدا , أي نشاط دون إعلام ليس له فائدة , فالإعلام سلاح قوي ضد الإرهاب , وإلا ما أهمية هذه المنظمات وما جدواها إن كانت بالمواقف الحرجة تقف موقف المتفرج ؟؟؟!! وليس هناك موقف تاريخي اشد خطورة مما يمر به العراق الآن .

ثانيا : صرحت بعض الأصوات المعدودة من النساء بان المفاوضات السارية لتشكيل الحكومة همشتهن , ولا اري في هذا تهميشا , لان المرأة هي التي تفرض وجودها ولا تتوقع من الآخرين دعوتها لولائم المفاوضات , لان البعض إن كان يريدها ديكورا سياسيا , فهي التي تساعد علي القيام بهذا الدور, حين تكون سلبية الموقف , انها تنتظر نتيجة تقاسم الآخرون, وما الذي سيقدمونه لها ؟ , تنتظر أن يذكرها الآخرون !! , ولست ادري كيف يذكرها الآخرون إن كانوا لا يشعرون بوجودها !!!

قد يسألني البعض ماذا يمكن أن تفعل ؟؟ الجواب بكل بساطة أن تذكرهم بوجودها !!!

لتستخدم ما وهبها الله من قدرات عقلية, وليس ابسط من ان تدير مفاوضات نسوية مماثلة لما يفعله قادة الأحزاب, لتلتقي النساء عضوات الجمعية الوطنية من مختلف الأحزاب ولتتفاهم فيما بينها, لتاتي من تاتي ولتغيب من تغيب, ومن ثم تصل النساء المجتمعات الي قرارات بكل الشؤون , وترفع مذكرة لرئاسة الجمهورية والجهات الاخري والي الشعب العراقي أيضا لانه هو الذي انتخبها , ومن حقه ان يعرف بماذا تفكر , لتعرض وجهات نظرها ومطالبيها للجميع , لتطالب كما يطالب الآخرون , ولتدعو للتماسك الوطني مجتمعة مع زميلاتها لا وحدها , وحتى لو أهملت مطالبيها , يكون هذا فعلا كافيا لإثبات وجودها وإسماع صوتها , بهذا تمارس دورها ومواطنتها الحقيقية ويكون لها فعلا حقيقيا وتاريخيا ..

علي المرأة العراقية ان تختار بين ان تكون حقيقة قولا وفعلا , وعلي قدر حجم المسؤولية, أو لا تكون بتاتا , إنني امرأة مثلهن, لكني ارفض بشدة المرأة التي بلا موقف وبلا صوت , وبلا رأي , امرأة كهذه لا يحتاج لها العراق بهذه المرحلة .
بالله عليكن يا نساء العراق أفقن من هذا النوم العميق وكن علي قدر حجم المسؤولية !!!