التبني وما عليه



أحمد حمدي سبح
2020 / 1 / 21

قديمآ لم يكن يوجد أوراق او معاملات كتابية تثبت التبني الا مجرد اقوال هذا او ذاك، فان حضر الموت احد الاغنياء خرج من ادعى انه ابنه بالتبني تبناه في قافلة او في قبيلة او مكان آخر كانت له فيه اقامة لفترة من الزمن، فيدعي نصيبآ له من الميراث وهذا وان لم يكن منتشرآ ولكن يجوز توقع حدوثه في زمن تغيب فيه السجلات والمحفوظات والمكاتبات والعقود المكتوبة.
أما اليوم فلم تعد هذه الحجة براهنة ولا هذه الأوضاع بقائمة.

ولكن في عالم اليوم والأمس أيضآ وان اختلفت الظروف والدرجات يظل دائمآ هناك حاجزآ نفسيآ قد لا يستطيع البعض تخطيه في غمرة الضغوط وحدوث الاختلافات والمشاكل فلأنه لايوجد رابط بيولوجي حقيقي بين الأب والإبن بالتبني فهذا قد يدفع الأب يومآ الى تخليه عن ابنه بالتبني في حال ظهور اختلافات في الطباع والرؤى بينهما.

أو في حالة انجاب الأب لطفل في مرحلة لاحقة وحدوث نوع من الضمور لديه في مشاعره تجاه ابنه بالتبني.

أو كنتيجة لوجود مشكلات وضغوطات من الأهل والأقارب الذين يزعجهم وجود ابن بالتبني يشاركهم في الميراث مما قد يدفع الأب في هذه الحالة أيضآ الى تخليه عن ابنه بالتبني ففي النهاية الأوراق هي التي أنشأت الرابطة بينهما بينما في الحالة البيولوجية فان الاوراق تنشأ نتيجة لهذه الرابطة .

هذا كله إضافة الى أنه قد تظهر حساسيات في المستقبل ازاء العلاقة بين هذا الطفل عندما يكبر وزوجة الأب، وان كانت له اخوة من البنات بل ومدى تقبلهم له هن واخوتهن من الذكور وعدم معاملتهم له كأنه أخ من الدرجة الثانية أو حتى بغضهم له في كثير من الحالات لمشاركته اياهم في الميراث.

كذلك المشكلات التي ستظهر وتطفوا على السطح في حال ظهور الأب والأم الحقيقيين لهذا الطفل المتبني في المستقبل ومايرتبه ذلك من اشكالات اجتماعية ونفسية وحتى قانونية للجميع.

بل ان وجود التبني في حد ذاته وامكانية الحاق الطفل بنسب ولقب عائلة أخرى سيدفع الكثيرين من الفقراء الى التخلى عن أطفالهم اما ايداعآ بالحيلة والتزوير في دور للأيتام أو الأحداث أو حتى بيعآ لعائلات من ميسوري الحال.

مما يفتح الباب على مصراعيه لمشاكل اجتماعية جمة وتظهر معه تجارة جديدة وهي تجارة الأطفال والتي لا نغض الطرف عن وجودها حاليآ في ظل قوانين تمنع التبني فما بالنا لو تم تغيير هذه القوانين وأضحت تبيح التبني فإنه يمكن ساعتها تصور نشوء منظومة مقننة ومدارة علانية وبدون مواربة واستحياء لاستيلاد الأطفال وبيعهم يكون أطرافها فقراء يستولدون بغرض البيع وأغنياء يشترون ووسطاء وسماسرة بينهما يسهلون الأمور والإتفاقيات وتنشأ منظومة مالية مهولة لذلك في ظل ظروف حياتية بالغة الصعوبة عنوانها الفقر والغلاء والعوز وضعف التعليم والثقافة وانتشار الجهل بين كثيرين من الفقراء وكثيرين من الأغنياء .