الطريق الصعب



زينب محمد عبد الرحيم
2020 / 2 / 15

تحترمُ المرأة ذاتها عندما تختار الطريق الصعب...
فالطريق الصعب بالنسبة للمرأة التي خُلقت في المجتمعات الشرقية يتمثل في حريتها وسعيها الدائم للأستقلالية بعيدًا عن التبعية ,فحين تسعى المرأة للأستقلال الفكري وتريد أن تُكون لنفسها فكرًا ورأيًا وترفض وصاية الرجال تتعرض إلى أبشع أنواع التهميش وفي بعض الأحيان تتعرض للإضطهاد والعنف الرمزي مقابل أن تتحصل على أبسط حقوقها الطبيعية داخل مجتمعها الضاغظ الطبقي الذي يتمتع بالشيفونية الذكورية وتهيمن عليه أفكار التسلط وإخضاع المرأة ويفرض عليها أن تكون تابعة للرجل حتى وأن كانت إمرأه عاملة تشارك ماديًا في مصروفات المنزل فهى بطبيعة الحال تابعة للزوج ولا تستطيع أن تتخذ أية قرارات تخصها هى شخصيًا بدون موافقة ذلك الزوج
ولا أستطيع أن أنسى ذلك الموقف عندما كنت أقوم بعمل بحث ميداني في أحد الأحياء الشعبية بمنطقة القلعة ورأيت فتاة لا تتجاوز العشرون عامًا وتحمل فوق كتفها أنبوب غاز فهى بائعة أنابيب تحمل تلك الكتل الحديدية فوق ظهرها سعيًا للقمة العيش والمفاجأة يمسك فى عباءتها أبنها الصغير الذي لايتعدى الثلاث سنوات يتبعها ويسعيان سويًا لكسب الرزق فتسألت أين رب تلك الأسرة؟ أين أنت ياسي السيد ؟ فهذا مجرد نموذج لفتاة شعبية واحدة ولمن يريد أن يرصد المزيد من النماذج لا علية سوى أن ينزل الحارة المصرية ليرى بعينة كيف تعمل المرأة سواء كانت شابة أو سيدة مُسنه فالمرأة عُرفت منذ فجر التاريخ بقوتها ومهارتها وقدرتها على فعل الكثير ولا تختلف عن الرجل من حيث القدرات في شئ فلكل نوع دوره الاجتماعي وإذا جازت التفرقة فتكون بناء على هذة الأدوار ومدى تأثيرها في المجتمع فهذه النماذج أختارت أيضًا الطريق الصعب وحتى المرأة التى كافحت وتعلمت وتريد أن تشق طريقها بإستقلالية و شرف وجدية تتعرض لعدد لا نهائي من التحديات سواء من الضغط الذكوري أو تتعرض لذلك الضغط من النساء الآتي تشبعين بالأفكار الذكورية ويقدسن العبودية والتبعية فلا يتحملن رؤية نموذج المرأة الحرة المستقلة التي ترى نفسها إنسان لا يختلف عن الجنس الأخر في شئ سوى القدرات والمهارات وما يمكن أن يقدمة كلا الجنسيين للمجتمع من خدمات وإبداعات فكرية في كافة المجالات وحتى إذا نظرنا لما يسمى أوهام تمكين المرأة فكل هذه الشعارات لا نرى منها شئ على أرض الواقع المرأه لازالت مقهورة وأن ظن العبيد أنها أخذت كامل حقوقها وزيادة... المرأة لازالت تحت وطأة الصراع ما بين الأسرة والمجتمع والعمل والزواج والأبناء وكلما زادت نسبة التعقيد والأزمات داخل المجتمع زادت معها بل تضاعفت مشكلة المرأة فى الشرق فكيف للمرأه الحرة المتمردة على الواقع الغير مرضي أن تشعر بالرضا ؟! فالإنسان خُلق ليتأقلم ويتكييف مع أية بيئة وأي مناخ ولكن كيف للإنسان أن يتأقلم ويتكيف مع القيود كيف لنا أن نُبدع ونحن مقيدون ؟! كيف لكي يا حفيدة إيزيس أن تستقلي بذاتك وتمارسي حقوقك الإنسانية بعيدًا عن أية وصمات يوصمها لكي المجتمع الذكوري الطبقي الرأسمالي الذي جعل صاحب المال هو صاحب الكلمة والرأى والهيمنة فيسير هو في المقدمة وخلفة العبيد والأتباع !!!
ولما كانت المادة هى قطب التسلط كان الخوف والخرافة القطب الآخر لتحجيم عقل المرأة وجعلها فريسة للأوهام والخرافات التي ينسجها المجتمع الذكوري الطبقي من الخيال المحض والمرأه من شدة وقوعها تحت تأثير الخوف تصدق تلك الخزعبلات تحت مسميات التقوى و الحرام والحلال والأعراف والعادات والتقاليد التي هى من صنع السلطة المتحكمة في المجتمع وكما قال سبينوزا في رسالته فالخرافة هى أكثر الوسائل فاعلية لحكم العامة ولذلك كان من السهل باسم الدين دفع العامة تارة إلى عبادة الملوك كأنهم آلهه ودفعهم تارة آخرى إلى كراهيتهم
ويقول ان هذه الاجراءات لم تنجح فى اي مكان بقدر مانجحت عند الأصولين حيت تعد المناقشة اليسيرة كفرًا و لايمكن للعقل السليم أن يدلي برأي أو أن يبدي مجرد شك بسيط .
ويندهش سبينوزا عندما يرى أناس يتفاخرون بأيمانهم ومع ذلك يتنازعون بخبث شديدويظهرون أشد أنواع الحقد بحيث يظهر إيمانهم في عدائهم لا في ممارستهم للفضيلة ويقول ايضا انه أصبح من الصعب التعرف على عقيدة الفرد إلا من خلال مظهره الخارجي وملابسه أو من مجرد تردده للعبادة في مكان كالمسجد,كنيسة,معبد
وكذلك أصبح جسد المرأة مرآة لتلك التناقضات تتغير فيها أزياء النساء وفقًا لظروف الهيمنة داخل المجتمع التي تعيش فيه ولا ينجيها ولا يهلكها إلا عقلها وتمسكها بالحرية فتترك السهل وتختار عن طيب خاطر ... الطريق الصعب!