المرأة مخلوق الظُلم النَاعِم



جوسيان داوود
2020 / 3 / 5

من أشد أنواع الظلم أن يلعب الظالم دور الضحية ويتهم المظلوم بإنًه الظالم تلك المقولة لعالم الرياضيات الفذ
ديفيد هيلبرت هي
ملخص لما تعانيه المرأه عبر العصور عموماً وخاصة فى مجتمعتنا العربية وكأنه ذنب أو خطيئة كونها خُلقت امرأة
بل وليس على الذكر خطأ او ذنب لمجرد كونه الذَكر والمرأة ضحية لمجرد الأنوثة
فهى أُضحية جاهزة دائما لتُسفك عوضاً عن أخطاء الذكر
ومهما وصلنا إلى أى مظهر من مظاهر الحضارة والحرية فى مجتمعتنا لا تتغير تلك الفكرة إلا بقدر ضئيل جدا
ففى الماضى كانت المرأة الكيمتية ملكة متوجة لم تكن امة بل كان لها شأن عظيم لا يقل عن الذكر
لم نتعلم الإنحدار إلا بعد الزحف الصحراوى علينا حاملاً غبار الجهل فأنسدت عقولنا عن القدرة لإعادة هوية المرأة الحقيقية إلى المجتمع المصرى
فالمجتمع الذى نحيا فيه ممسوخ بعادات بدوية لا ترى المرأة سوى حلوى مغلفة تنتظر من يبتلعها ويصبح الفائز بعذريتها المنشودة لإثبات حالة من الشرف لمجتمع يعانى من إنعدام الشرف
و أتخذنا ثوب القداسة المزيف كحشمة خارجية للأجساد لإخفاء الإبتذال الداخلى للأفكار والقناعات
ولمزيد من الدروشة الصاقنا تلك الهراءات بالمقدس وفزاعة الثواب والعقاب لتكتمل الدراما الهزلية التى نحيا فيها
و هذا لا يعنى دعوة للإبتذال ولكن للبُعد عن ثقافة الظاهر
وتقديسها للحد التى تصبح فيه نصل على رقاب النساء
فمجتمعتنا الآن أكثر حداثة ولكن حداثة منقوصة ترجع بعجلة الزمن للخلف مئات السنين تتمثل فى رجعية الأفكار الراسخة والإلحاح عليها بشكل دائم حتى أصبحت مُسلمَات لا يجوز الخروج عنها
ومن خلال تلك القناعات البالية وصلنا لمنحنى الخطر فوصلت المرأة لقناعة ان تهميشها هو لصالحها، قهرها هو الحرية و سلبها بالأمر الطبيعى
مرحلة عظيمة من تشويه النفس والروح أدت إلى أنها أصبحت تدافع عن تلك الإنتهاكات وتجلد بها الآخريات وأصبح المخلوق الناعم ظالم لذاته !!
قاهر لبنى جنسه ناهش لكل ضحية ناعمة تسقط من بنى جنسه نتيجة القهر الذكورى فتلك المصيبة ستؤدى إلى إنتاج أجيال مشوه بدرجة أكثر ضراوة من أمهات تم إستئصال فكرهن بمشرط الفكر السائد للحقيقة المُطلقة
الذى يقول للمرأة :لا تكونى كما تريدين بل كما يريدك الآخرون
وهذا مكمل للنظرية السائدة (القهر هو الحرية )
وكان التنفيذ العملى والتطبيقى لتلك النظرية متمثل فى الحادثة الشهيرة لفتاة المنصورة التى سقطت ضحية التحرش الجماعى لجحافل الضباع الجائعة لأى تاء تأنيث تسير على الأرض إفترسوها.
لأنها أخترقت (شفرة الملابس ) المجتمعية وكانت الحادثة بمثابة صفعة لكل أمرأة تتبارى فى سباق تتطابق القطيع حتى تفوز بمدح المجتمع ورضاء الذكور .
فأنطلقت الخناجر المسمومة من أفواه النساء اللآتى أسقطن عليها حرمانهن من الحرية ومَرهمت ذواتهن المتورمة بالتقوى المزعومة
دفعت المسكينة ثمن أنها حلوى بلا غلاف فى مجتمع يحدد الأخلاق فى العادات والتقاليد ويلصقها بالمقدس
وكل هذا إدعاءات لا تمت للضمير بِصلةْ.
فحرمان الأنثى لذاتها من التنعم بالحرية هو أعلى درجات القهر فتخلت المرأة عن قيمتها كإنسان لتضمن الإطراء المجتمعى فنجد أن مقاييس المجتمع المتمثلة فى الشرف والأخلاق تسير على عنصر واحد دون الآخر
فأنوثة المرأة وجمالها ليست تهمة عليها أن تتبرء منها فهى شرف يُعتد به
فأنتى غير مُطالبة أن تستيقظى يومياً لترضى كافة أفراد المجتمع حتى تفوزى بميدالية العفة .
أفيقى أيتها الأنثى المقهورة إجبارياً من المجتمع ومن ذاتك لذاتك
أيها الكائن الناعم مخلوق الظلم .
لا تنتظرى أن تحصلي على حريتك إلا من خلال التمرد على قيودك بذاتك فقط