رهيبة القصاب - من موطن القهر السياسي والظلم خرجت امرأة يانعة تطالب بإسقاط النظام وتتحدى الظلم والقهر السياسي



سروه رشيد حميد
2020 / 3 / 8

نضال امرأة تحدت الحكم الملكي والاستعمار البريطاني وانقلاب ٨ شباط القومي وفاشية البعثيه عاصرت وعاشت هذه المراحل من تاريخ العراق المعاصر بأبشع الظلم وقساوة الأحداث اللانسانية منذ صغرها، عانت الكثير في مرحلة شبابها من اعتقال وسجون وتعذيب وحشي صمدت وكانت من الرفيقات المشهود لها صلابة موقفها. في المراحل الدراسية المتوسطة والاعدادية كانت نقطة انطلاقها في العمل الحزبي الشيوعي لترفع الراية الحمراء من أجل مساندة الطبقة الأكثر استغلالا طبقة الكادحين ومناصرة قضية المرأة لذا كانت في مقدمة العمل في منظمة العمل النسائي رابطة المرأه، وفي مرحلة من مراحل حياتها الشبابية استلمت القيادة وكانت في مقدمة النضال بين مدينتي الموصل ولادتها ونبع جذورها الاصيله والعاصمة بغداد. امرأة أحبت كل الطوائف المختلفة التي ينتمي إليها المواطن العراقي واحترمت كل الأديان وانكرت بقوة العنصرية والطائفیة المقيته. اختلطت وعاشرت مختلف القوميات من خلال عملها التنظيمي إضافة إلى نشأتها وتربيتها المنزليه. حيث تقول الرفيقه كان لدينا بيت ذوا غرف كثيرة لذا كانت والدتي تؤجر غرف بيتنا لعوائل كردية لاعالتنا بها اختلطنا بالشعب الكردي وكنا حينذاك أطفال ووالدنا كان مختفي أو في السجن لانه اختار الحياة السياسية ضد السلطات وقهرها. أنها المرأة القوية المتحدية القهر السياسي وظلمه الرفيقة المخضرمة رهبية محمد القصاب ورفيقة والدي رشيد حميد عارف في العمل الحزبي الشيوعي منذ اندلاع ثورة تموز لحين إعتقال والدي واعدامه. بالرغم من كبر سنها ووضعها الصحي اليوم لكنها تساند وتدعم بقوة الشباب الأبطال ثورة تشرين منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية لحد يومنا هذا . الرفيقة رهبيه من مدينة الموصل من عائلة سياسية وأب سياسي يساري وطني دخل السجون وحكم عدة مرات وهرب واختفى عن الأنظار مدة طويلة، لتأخذ والدة رهبيه مسؤولية عائلة كبيرة تتكون من ستة أطفال في بيت تديره الام امرأة قوية لتعيل أولادها الستة وتربي بناتها ومنهم رفيقتنا رهبيه مكملة بها مسيرة الأب السياسي والأم المساندة في دعم زوجها. عند وصول الرفيقه رهبيه مرحلة الاعداديه بدأ نشاطها الحزبي يتسع وفكرها ينضج أكثر ومجال وجودها في الرابطة النسائیه يتحدى مجتمع الطبقي الذكوري المتسلط وبها انطلقت في مسيرتها النضاليه. أثناء احداث مؤامرة الشواف الخبيثة التي حدثت في الموصل عام ۱۹۵۹ ضد ثورة تموز واليساريين وبالأخص الشيوعيين أدى إلى اعتقال وقتل واختطاف عناصر نشيطه معروفه من الحزب الشيوعي العراقي. تحت وطاة الأحداث التي حدثت وعلى ايدي القوميين قتلت اخت الرفيقه رهبيه (غنيه القصاب عن عمر أربعة عشرة عاما ) برصاص دمدم السام على يد المتآمرين على ثورة 14 تموز في مؤامرة الشواف .
في المدرسة الاعداديه التي كانت رهبيه طالبة فيها بالذات وضعت مدرسة اللغة العربيه زكيه فخري عريضة توقيع لاسماء ينكرون ويشجبون ما جاء به في جريدة إتحاد الشعب حول الحوادث الأخيرة التي حدثت في الموصل من خطف وقتل لرفاق الشيوعيين ، عندما قرأت الرفيقه رهبيه العريضه مزقتها أمام مدرسة اللغة العربية والطلاب بسبب ما آل إليه من كذب وخداع، بها تم إلقاء القبض عليها وفصلت على إثرها من المدرسه. وفي تلك الظروف الصعبة التي مرت بها المدينة بسبب مؤامرة الشواف اعتقلت الرفيقه وأرادوا جماعة القوميين أن يختطفونها بعد المحكمة بتجهيز سيارة لذلك وقتلها، لكن عرف الموضوع من قبل أحد المعارف، لذا انقذها من الاختطاف المحتم اهل والدها كانوا الأكثرية من الحزب الشيوعي في وقتها، ووضعوها في سيارة بعد خروجها من المحكمة متجهين بها الى العاصمة بغداد. هناك بدأت العمل الحزبي الشيوعي وحصلت على عمل في إحدى المطابع التي كان يملكها الأستاذ عبد الفتاح أبراهيم (مطبعة الرابطة) . وعلى هذا الوضع اختفت الرفيقه رهبيه في بيت امن منزل الأخ لطيف وزوجته آمنه التي كانت تعمل في رابطة المرأة العراقية , حيث كانوا من أصدقاء الحزب في بغداد ساعدها في إيجاد المسكن والدي الرفيق رشيد حميد عارف. بعد اندلاع ثورة تموز تعرفت رهبيه على رفيق دربها وتزوجت منه عام 1962 إلا وهو الرفيق الشيوعي البطل المخضرم ابراهيم مخموري من قضاء مخمور مدينة اربيل مواليد عام 1935 من أبطال وقادة حركة( حسن السريع) وكان ثمرة الزواج جنين ينمو في احشائها في الأشهر الأولى من حملها، حدث انقلاب شباط المشؤوم عام 1963 الذي أدى الى إلقاء القبض على الرفيق ابراهيم مخموري وعذب اشد التعذيب من قبل الجلاد المجرم ناظم كزار وعمار علوش ومزق جسده اربا اربا وألقي في النهر في بناية محكمة الشعب التي كانت تطل على النهر وكانت محكمة المهداوي سابقا. أما الرفيقه رهبيه القي القبض عليها ايضا في منزل اختها بعد مراقبتها في عمل حزبي ادته في نفس اليوم ، عذبت هي الأخرى اشد أنواع التعذيب مما أدى إلى فقدانها للجنين ونقلت إلى قصر النهايه بعد أن التقت بسجن النساء من بينهم تسعون إمرأة بطلة تقبع في سجون الجلادين ومن بينهم الرفيقه بتول الخزعلي ام جماهير مع أطفالها الصغار جماهير وانوار، علم بعد ذلك بأنهم دفنوا في إحدى المقابر الجماعيه (الرفيقة بتول وابنها جماهير)-.اثناء مواجهة رهبيه للحاكم دافعت وبكل صلابة عن مبدأ الشيوعيه فاصدر الحكم ست سنوات وسنتين مراقبه بدون اي أدلة تذكر . عند مجئ حزب البعث للسلطه عام ١٩٦٧ أطلق سراح رهبيه ورفع عنها حضر حكم المراقبه بعد عام من إطلاق سراحها. بالرغم من الألام والحزن الشديد وعمق الجراح التي لا تلتئم بفقدان عائلتها زوجها وطفلهما اتصلت الرفيقه بالحزب الشيوعي وبدأت ممارسة العمل الحزبي بتفاني وعزيمة وتحدي أكبر لتكملة المسيرة النضالية التي بدأتها. بدأت بالعمل في إحدى معامل الورق إلى جانب عملها الحزبي وأصبحت من إحدى أبرز قيادي الرابطة النسويه. تركت العراق بعد فترة لإكمال دراستها في الاتحاد السوفييتي وعند رجوعها إلى الوطن، كانت قد تزوجت من رفيق شيوعي ولديهما طفلان تركتهم في رعاية والدهم . في ذلك الوقت عند عودة الرفيقه رهبيه إلى الديار كان قد تم اصدار إتفاق الجبهة.اثناء فترة الجبهة مارست الرفيقه رهيبه التنظيم النقابي للعمال وكانت من القيادين مع عدد من رفاق الشيوعيين وكان من الرفاق القدامى الرفيق رشيد حميد عارف في بغداد ويحيى الدجيلي. في نهاية السبعينات بدأت الهجمة الشرسة البعثيه على رفاق الحزب الشيوعي العراقي من اعتقالات واختطاف وسجون إلى الإعدامات مما أدى إلى شل حركة التنظيم الحزبي. بالرغم من خطورة الظروف السياسية قررت رهبيه وزوجها الإتصال بالرفاق في بغداد لإعادة التنظيم الحزبي مرة أخرى ونقل وإيصال البريد الحزبي من وإلى في بداية الثمانينات من القرن المنصرم. بالرغم من الوضع المرعب والقاسي التي وضعت فيه الرفيقه رهبيه مع زوجها اضافة إلى المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقها من رعاية البيت الاطفال ومنهم من بدأ المرحلة الدراسيه الأولى كان عبئا ثقيلا وهما لابد من اجتيازه . بدأ اعادة العمل الحزبي من قبل الرفيقه رهبيه وزوجها بجدية وإرادة قويه في تلك الفترة الحرجه لحين اختفاء زوج رهبيه عن الأنظار بعد أن وشى به، اضطرت هي الأخرى للاختفاء مع أطفالها وساعدها اهل المنطقة والمعارف في بيع أثاث المنزل لحين انتقالها إلى الموصل وكان وضع أهلها لا يقل خطورة عن وضعها بسبب عمل اخوتها الثلاث في الحزبي الشيوعي بين كردستان والموصل إضافة إلى حرب إيران كان الوضع أكثر خطورة وظلما . لذا تركت بيت والدتها وأجرت دار سكن للاختفاء واحتضان أولادها السته، حملت الثقل على كاهلها بمفردها مسؤولية ورعاية وحماية الاطفال في أصعب واقسى ظروف الحياة السياسية تحت وطاة أبشع دكتاتورية عرفتها المنطقة دكتاتورية صدام إلى عام سقوط الصنم ٢٠٠٣ . اليوم تعيش الرفيقة رهبيه مع زوجها في دولة السويد قريبة من أولادها واحفادها تستذكر بين الحين والآخر نضال إمرأة تحدت المصاعب ورفيقات ورفاق رحلوا واخرين هرموا تحدوا ظلم السلطات وقهرها.
اثني بكل تقدير وحب واحترام المرأة الفولاذيه ونضال اللبوات الرفيقة العزيزه رهبيه القصاب بمناسبة عيد المرأه والى جميع نساء العالم في هذه المناسبة.