في عيدها ... لازالت



بشرى العزاوي
2020 / 3 / 8

واجهت المرأة الكثير من التحديات منذ نشأتها الأولى, وناضلت من أجل إنسانيتها وذاتها التي يريد البعض إلغاءها وتغييب دورها الأساس في بناء المجتمع بحجة العادات و بقيت مهمشة بسبب ذكورية المجتمع المقيتة, وتطور الحياة لم يحررها بل ما زالت مكبلة اليدين تعاني من اضطهاد الكثير من الرجال وعبوديتهم, ومقيدة بتقاليد بالية فرضها عليها المجتمع, فالبعض لا يكن لوجودها أي احترام ويعاملها كمملوكة لديه, أو كدمية يحركها على هواه, وينظر إليها على أنها إنسانة ضعيفة خلقت لتكون تحت سيطرة رغباته إلا أنها ليست كما يظن؛ فالكثير من النساء لهن بصمات في المجتمع وتفوقن على الرجل في كل المجالات, ولم يقف في وجهها أي عائق وقدن شعوبا بقرارات صائبة, إلا أن الرجل لا يعترف بإمكانياتها ويحاول دائما تضييق الخناق عليها لكي لا يشعر بأنه أقل منها شأنا, وللأسف بعض النساء خضعن لرغباته وأفكاره الدنيئة, وبالحقيقة الذنب لا يقع على الرجل وحده بل تتحمل المرأة الجزء الأكبر من المسؤولية, لأنها سمحت للرجل بالسيطرة عليها والتحكم بمستقبلها, فهي التي من تنهض بواقعها وليس غيرها, فالمرأة إنسان كامل لا نفرقها عن الرجل وتربيتها وتنشئتها الاجتماعية هي من تحدد شخصيتها كإنسانة وهي من تفرض الاحترام والتقدير لما تحمله من أخلاق وصفات تسمو بها كرامتها و نجدها مفخرة لنفسها ولغيرها.
معاناة المرأة اليوم كبيرة فلقد زادت نسبة الأميات , وما زال الكثير من الخريجات جليسات البيت لم يجدن فرصة عمل وهذا الأمر أثر على نفسيتهن سلبا ودفع بالبعض إلى الانتحار, فضلا عن تهميش دورها في المجتمع وعدم إعطائها فرصة لإعلاء صوتها سياسيا, والزواج القسري والمبكر كان له نصيب في زيادة معاناة المرأة, وأيضا العنف الأسري الذي ما زال يحصد بها, وزيادة نسبة الأرامل والمطلقات اللواتي تحملن نظرة المجتمع الدونية , ومن المعاناة أيضا تعرض البعض إلى التحرش والاغتصاب وغسل العار وهدر حقوقهن القانونية, والكثير الكثير من المعاناة التي تعانيها المرأة في المجتمع, لذا أتمنى ونحن نعيش هذه الأيام مناسبة يوم المرأة العالمي أن يُحترم وجود المرأة بشكل فعلي وملموس وليس مجرد شعارات ترفع من هنا وهناك فان اكثر الرجال الذين ينشرون في مواقع التواصل الاجتماعي و يظهرون ثقافتهم الايجابية تجاه المراة ويدافعون بمنشوراتهم عن حقوقها هم بالاصل وفي واقع حياتهم الاسرية ربما هم من يمارسون الاضطهاد ضدها , فيجب ان يغير الرجل ما في نفسه من افكار سلبية وذكورية تجاه المرأة وايضا في يومها العالمي نأمل أن يعطى حقها الدستوري والقانوني, وأن ترفع عنها قيود المجتمع التي جعلتها تدور في دائرة مغلقة, وبنفس الوقت أدعو كل امرأة إلى النهوض بواقعها وأن تدرك جيدا أنها ليست أقل شأنا من الرجل وأنها نصف المجتمع ولولاها لما اكتمل, وعليها أن تأخذ دورها في التعليم وأن يكون لها صوت في جميع ما يفرض عليها, وأن تكون مخيرة وليست مسيرة, فلها دور كبير في بناء المجتمعات فهي أم لأجيال قادمة, وعلى الحكومة أن تشرع قوانينا تضمن فيها حقوقها وتؤمن مستقبلها, وأهم تلك القوانين هو قانون حماية المرأة من العنف الأسري فهذا القانون سيضع حدا للرجل, وسيمنعه من التقليل من شأنها وعلى منظمات المجتمع المدني إقامة ندوات تثقيفية وتمكين المرأة من خلال تلك الندوات والتعريف بدور المرأة وأهمية وجودها واحترام حقوق الإنسان عسى ولعل نحقق تغيير حتى ولو كان بسيط في العقول .
وبهذه المناسبة اختم مقالي بتهنئة الى كل نساء العالم اللواتي هن كل المجتمع وليس نصفه ولو لا وجودهن لما كانت هناك حياة فكل عام وهن بالف الف خير وفي عطاء دائم .