واقع المرأة في يومها العالمي



محمد الصديق الوزاني
2020 / 3 / 9

- واقع المرأة في يومها العالمي

في فجر كل 8 مارس والذي يصادف اليوم العالمي للمرأة تستيقظ تلك السيدة التي دبلت ملامح وجهها من عياء يوم طويل و ساعات نوم قليل.. تستيقظ باكرا قبل الخامسة صباحا وقبل أن تستيقظ النساء المناضلاتة والفاعلات السياسيات والحقوقيات.. تضل جالسة في ملتقى الطرق ترتدي قميصان غير متناسقا اللون ومن فوقهما جاكيت دكوري رمادي اللون من تأثير أشعة شمس منتصف النهار، سروال صوف متهالك وحداء بلاستيكي فض قديم من نوع بيما بصيغتها القديمة.. تنتظر تلك البيكوب التية تلتقطها بسرعة، كما تلتقط سيارات الشرطة جماهير فريق عقب انتهاء المباراة واندلاع الشغب.. تقاوم تلك السيدة أجواء طقس الصباح البارد وهي تزاحم جاراتها ونساء بلدتها في محاولة لخلق جو دافئ بينهن من على سطح وسيلة النقل تلك إلى حين الوصول لساحة المعركة، حيث لا وجبة فطور إلا مع دق الساعة العاشرة صباحا حين تتصارع تلك السيدة مع بنات جلدتها على أطراف خبز و علبة عسل المربى وكؤوس الشاي البارد؛ في تلك اللحظات تكسر النساء جو العمل المرهق بأحاديث ومستجدات الأخبار المتداولة وبإبتسامات تنسيهن آلام المفاصل وعظام اليدين ولا يزلن يتبادلن أطراف الحوار إلى أن تعلن الباطرونة وهي تلك السيدة التي بدورها تضرعت أطنان الألم والمعاناة طيلة حياتها إلى أن أصبح إحساسها اتجاه الآخرين منعدم وتحول قلبها إلى حجر جبلي.. تنادي الجميع بصوت غليظ بالقيام حالا نحو الحقول لحصاد القمح وجمعه في أماكنه المخصصة.. ومن نهاية الحقل في الخلف يقف مول الشيئ يراقب كل التحركات وطريقة العمل ولا سبيل للاستراحة أو قضاء حاجتك.. كل ما عليك هو العمل كآلة مقابل 70 درهما لليوم، لاسبيل لتلك السيدة التي تزوجت بجوز كادح لايترك كرسيه في مقهى الضامة او الروندا فارغا طول اليوم.. فقد فرض عليها أن تخرج للعمل ولو في يوم النساء العالمي لأنها تركت من خلفها أبناءها الذين ترى فيهم مستقبلا مزدهرا وتحاول بكل قواها توفير كل الحاجيات الضرورية ليعيشوا حياة كجل أصدقائهم في المدرسة و والحي ووقت اللعب... لاتكاد تصل الساعة الخامسة مساءا إلى أن تتسارع النساء مجددا لتلك البيكوب التي يقودها رجل أرمل.. تتنافسن أيهن يركب أولا ويحظى بالأماكن الداخلية، في حين تضل النساء اللواتي أرهقهن التعب جالسات في آماكن تشوبها الرياح وفي وضعيات غير مريحة.. وفي تمام الساعة السابعة مساءا تكون قد عادة تلك السيدة رفقة جارتها إلى بيوتهن، يفترقن في نهاية الشارع الرئيسي للحي على أنغام تصحيح للأخطاء التي وَردة في غناء أنشودة تنگيفت في الحقول.. تدخل تلك السيدة منزلها المتواضع وحين يستحسن صغارها آثارها ورائحتها المعتادة يسارعون لتقبيلها وعناقها ومداعبتها، وما إن تغير ملابس العمل إلى أن تعود لتفتقد أحوال كل فرد من فلدات أكبادها في جو ينسيها ألم الإنحناء طوال اليوم في الحقول وكعادتها لايفوتها أن تخصص نصف حقها من فاكهة وجبة الغداء من ليمون وتفاح و موز والقليل من لحم الدجاج أو المعز لأبناءها يتقاسمونها فيما بينهم بكل سرور وفرح، متناسية أن اليوم هو يوم الثامن من مارس وهو اليوم العالمي للمرأة وأن عشرات النساء الحقوقيات والسياسيات في أبهى حلة متزينات ومرتديات لملابس أنيقة وأحدية جديدة في وقفات احتجاجية ملتقطات لصور وڤيديوهات ينشرنها على حساباتهن الفايسبوكية بأنهن يعانين من القهر والمعاناة والحرمان والتحرش... الخ.
فرق كبير بين من يناضل لأجل الحياة ومن يناضل لأجل الاستمتاع.

فإلى تلك السيدة وجاراتها و زميلاتها في العمل أقول#: طاب مقامكن وبورِك نضالكن ودمتن صامدات ودام لكن الوفاء والحب.. عيدكن سعيد