شكوى مقدمة من ”لجنة العريضة النسائية“ بمملكة البحرين



غاده جمشير
2006 / 6 / 7

26 أبريل 2006م
معالي السيد/ كوفي عنان
الأمين العام للأمم المتحدة

الموضوع : شكوى مقدمة من ”لجنة العريضة النسائية“
بمملكة البحرين – برئاسة السيدة غادة جمشير

السيد الأمين العام ،
نتقدم، نحن النساء البحرينيات عضوات ”لجنة العريضة النسائية“ بقيادة السيدة غادة جمشير، بشكوى يعتصرها ألـمٌ ومرارةٌ داما ثلاثةٌ وثلاثين عاماً، منذ استقلال مملكة البحرين وصدور أول دستور لها عام 1973م وتوجه الدولة إلى التنظيم الإداري والقانوني. عند ذلك صدرت التشريعات متلائمةً مع التطور الاقتصادي والاجتماعي والإداري، إلا أنّ الأحوال الشخصية ظلّت دون تنظيمٍ أو تقنينٍ، وظلّت المرأة البحرينية الطرفَ الضعيف في المعادلة الأسرية، خاصّة عند لجوئها للقضاء الشرعي من أجل المطالبة بحقوقها، سواء كانت زوجة أو مطلقة. و منذ فترة السبعينات حتى منتصف التسعينات، اتفقت الإرادة السياسية مع إرادة بعض رجال الدين على حرمان المرأة من حقوقها الشرعية التـي أقرّتها الشريعة الاسلامية، ووقفت هذه القوى ضد تقنين الأحوال الشخصية أسوة بباقي الدول العربية والإسلامية في ذلك الوقت، فأصبحت المرأة البحرينية رهينة الموقف الرسمي والإجتماعي.

الأساس القانونـي للشكوى
إن لجوءنا إليكم مبعثه إيماننا الراسخ بدور الأمم المتحدة وبدوركم في نشر السلام وتثبيت حقوق الإنسان- وبالأخصّ حقوق الفئة الضعيفة التي عادةً ما تندرج النساء تحت مظلّتها، وتفعيلا للتوصية الصادرة من لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة في شهر مايو من عام 2005 بضرورة وضع قانون للأحوال الشخصية، ودور الأمم المتحدة في مراقبة حقوق الإنسان في الدول الأعضاء. كما يأتي لجوءنا اليكم بصفتكم هذه انطلاقاً من مبدأ المساواة والكرامة الانسانية الذي نص عليه دستور مملكةالبحرين في المادة 18 منه، مساوياً بين المواطنين في عين القانون وفي الحقوق والواجبات العامة – ومن بينها المساواة أمام القضاء بكافة فروعه (ومنه القضاء الشرعي). جديرٌ بالذكر أن المبدأ الذي رسخه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقات الدولية، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو).
خلت المنظومة القانونية في مملكة البحرين من وجود قانون للأحوال الشخصية ينصّ على حقوق وواجبات الزوجين؛ تحديداً، حقوقهما الزوجية والالتزامات المترتبة عليهما تجاه بعضهما البعض وتجاه أطفالهما. وقد أدى هذا النقص إلى عدم توازن حقوق الطرفين. نقدم مثالاً على هذا حق الزوج في حضانة أولاده بعد سن السابعة عند الطائفة الشيعية، رغم أن هذا الحكم ليس له سند فقهي في القرآن أو سنة سيدنا محمد (ص). ونقدم كمثلٍ آخرٍ أنّ للأب أو الجد الحقّ في تزويج صغيرهم، الأمر الذي يعد إنتهاكاً لطفولته، دون الحاجة للرجوع إلى الأم. نضيف إلى الأمثلة حقّ الرجل الشيعي الزواج بعدد غير محدد من النساء، تحت مسمى ”زواج المتعة“، وزواج العديد منهم بغير المسلمات زواجاً مؤقتاً ليحولوا بذلك دون حصولهن على نصيبهن من الميراث.
أدى عدم وجود ”قانون الأحوال الشخصية“ إلى انتهاك العلاقات والحقوق بين الأطراف الواردة في نص المادة 16 الذي تحفظت عليه مملكة البحرين. فأصبح من الصعب ضبط تلك الحقوق ومراقبة تصرفات القاضي الشرعي. وزاد الأمر صعوبةً تعدُّدُ المذاهبِ والمرجعيات في الشريعة الإسلامية، بل في المذهب الواحد،
على الرغم من أن فقرة هـ من المادة الخامسة من الدستور تلزم الدولة بمبدأ التوفيق بين دور المرأة في الأسرة ودورها في الحياة العامة، من خلال تشريع يحفظ حقوق المرأة وأطفالها في الأسرة ويقيها العوز والحاجة عند الطلاق، أو أثناء الحياة الزوجية، إلا أن هذا أمرٌ لم يتم حتى تاريخه في مملكة البحرين.

الوضع الفني وميكانيكية عمل القضاء

ينقسم القضاء الشرعي في مملكة البحرين إلى درجتين.
أولاً- محاكم الدرجة الأولى، وتتكون من:
1. المحاكم الصغرى: تتكوّن كل محكمة من قاضي شرعي منفرد، ينظر أغلب طلبات المتقاضين مثل النفقة والحضانة والسكن.
2. المحاكم الكبرى: تتكوّن كل محكمة من ثلاثة قضاة شرعيين، ويكون من اختصاصها قضايا الطلاق والميراث والهبة والوصية.
ثانياً- محاكم الدرجة الثانية(الاستئناف) وتتكون من:
1. المحكمة الكبرى الإستئنافية: تتكوّن من ثلاثة قضاة شرعيين، وتنظر ما يستأنف أمامها من أحكام المحاكم الصغرى.
2. المحكمة الإستئنافية العليا: تتكوّن من ثلاثة قضاة شرعيين.

يتم تعيين القضاة في المحاكم الشرعية على أساس طائفي، تبعاً لكل طائفة، ولا توجد معايير دقيقة ومحددة لتعيين القضاة، كما يعتمد التعيين على ترشيح من قبل المجلس الأعلى للقضاء.
إنّ المشروع الإصلاحي الذي قاده جلالة الملك يعتبر المرأةَ أحد أركانه الجوهرية. لقد أخذ المشروع الإصلاحي في اعتباره أبعاد اجتماعية واقتصادية تشمل جميع المواطنين نساء ورجالاً. ومنذ ذلك حظت المرأة باهتمام مباشر من قبل جلالته، لتأخذ دورها الطبيعي والمأمول ولتدخل المرأة لأول مرة مرحلة تطابق النصوص الدستورية والقانونية مع الواقع المعيشي للمواطن البحريني رجالا ونساء.
إيماناً بذلك كله أعلنت الدولة عن رغبتها في تقنين مسائل الأحوال الأسرية. وجاءت هذه الرغبة إستجابة لنداء النساء البحرينيات عامة، والمتضررات منهن خاصة. وقد مرّت المطالبة بتقنين هذه المسألة عبر فترات زمنية تتجاذبها قوى المد والجزر.
هذه الرغبة جوبهت بمعارضة عنيفة تجاوزت كل حدود العقل والمنطق في رفضها، بل صرح زعيم هذه الجبهة بأن الدماء والدماء الغزيرة لن تكفي لمنع هذا التوجه. دفع هذا الموقف الشارع الشيعي للتوقيع على عريضة ترفض مبدأ التقنين أصلاً، ثم تطور ذلك الموقف لتسخير مسيرات وندوات طائفية تطالب بضمانات دستورية، تضمن لهؤلاء سلطتهم الدينية والأبوية على المرأة، ولو آل الأمر لغير ذلك لاحتكموا إلى دستور المملكة الذي ينص في المادة الثانية على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ومن ثم تطور ذلك الموقف إلى القبول بمسألة التقنين بإشتراطات تعجيزية تنتهي إلى الرفض منها إلى القبول.
وهاهم يا معالي الأمين أصحاب دعوة الديمقراطية والمطالبين بعودة الحياة النيابية تحت شعار "البرلمان هو الحل" باعتبارها أمل طالما تغنوا به، يعودون ويؤدون هذه التجربة من خلال رفضهم تناول البرلمان للقانون وإصرارهم على احتكارهم سلطة إصدار القانون وتعديله وإقرارهم مبدأ احتكام جيل المستقبل لأفكار الحاضر من خلال اشتراطهم عدم تعديل القانون، وفوق ذلك مطالبتهم بضمانه دستورية أي تعديل الدستور بالنص على مطالبهم واشتراطاتهم الغير مسبوقة لافي الماضي ولا الحاضر ولا نظن بأن هناك دول ستقتدي بهم حيث يطالبون ويصرون على اعتماد القانون من قبل المرجعية الدينية في النجف أي المساس بمبدأ سيادة الدولة التي كفلتها المواثيق الدولية.
إن القوى المعارضة لقانون الأحكام الأسرية تتخذ من هذا القانون مفتاح للمساومة بينها وبين الدولة غير عابئة بالأضرار التي تصيب النساء البحرينيات وأطفالهن وتصدع الأسر غايتها في ذلك شرعنه وضعها وخلق سلطة رابعة تتولى تنظيم وتقنين مسائل الأحكام الأسرية وفرض هذا التقنين على الجيل الحالي والتحكم أيضا في أجيال المستقبل.

الخلاصة:
تطالب لجنة العريضة النسائية معالي الأمين العام والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والبرلمان البريطاني والمنظمات الدولية والجمعيات والهيئات النسائية الوقوف الي جانبها بالدفع لإصدار قانون الأحكام الأسرية واعتماد البرلمان آلية إصدار هذا القانون تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات الرسمية وهو المبدأ الأول تطبيقاً بالنسبة للفصل بين السلطات التشريعية والمؤسسات الدينية.
وتفضلوا منا جزيل الشكر والتقدير،،،

السيدة : غادة جمشير
رئيسة لجنة العريضة النسائية

E-mail: [email protected]
00973-39680807
Kingdom of Bahrain