آخر مستعمرات الرجل



رشا ممتاز
2006 / 6 / 13

أرى ان هناك تشابه كبير فى ثقافتنا ومجتمعاتنا بين المرأه والمستعمره..
فعندما ينظر إلى المرأه على إنها كائن حى دون الإنسان ولا يمكنها بأى حال من الأحوال ان ترقى إلى درجتة فتلك جريمه يذهب ضحيتها مجتمع بأسره رجاله ونساؤه وأطفاله اقتصاده وبيئته جريمة لا تقل بشاعة في نتائجها عن بشاعة القنبلة الذرية ..ودون مبالغه..

ليس فقط لأن المرأة هي الأساس فى البناء و النواه فى الخليه و الأم والمدرسه,ولكن أيضآ لأن نزع الإنسانيه عن أى إنسان مهما يكن جنسه او دينه او لونه او نوعه , نزع الإنسانيه عن الآخر هى جريمه بحق الإنسانيه ذاتها .فلا يمكن بأى حال من الأحوال ان تتجذأ حقوق الإنسان لايمكن ان يطلق لفظ إنسان على العرق الأبيض فقط على المواطن الأمريكى والأوروبى فقط على المسيحى أو المسلم فقط على الأغلبيه فقط على الذكورفقط ..لأن لفظ إنسان لا يمكن ان يحمل سوى معنى واحد فقط يطلق على بنى آدم جميعهم على الجنس البشرى بنوعيه على اختلاف طوائفه واعراقه والوانه وديانته فلا يمكن ان يكون الرجل الأسود حيوان والمرأه جماد .!!

والمستعمر كأى مجرم قبل شروعه فى ارتكاب جريمتة وهو بكامل إرادته ووعيه لابد له ان يعثر على مبرر يخفض به صوت صرخات الشعور الأخلاقي المؤرق المسمى ضمير..ويشحن به كتلة مشاعره السلبيه ويوجهها ضد ضحيته ..فمثلآ كى يبرر المستعمر جريمته ضد الإنسانيه كان عليه ان ينزع رداء الإنسانيه عن ضحيته فتجده قد تفنن فى تصوير الضحيه على انها مخلوق دونى عديم الأهليه لا يمكنها التصرف فى شئونها أو اتخاذ قراراتها او التصرف فى أموالها وثرواتها دون إذن أو وصايه ..وبهذا يكون المستعمر هو الواصى والحامى والمحافظ عليها من شر نفسها ومن شرور الغير..فتتحول الجريمه فى غمضة عين من عمل خارج عن القانون إلى عمل شرعى يدعمه ويحميه القانون!!
وهذا ما نجده جليآ فى محاولات المستعمر الدؤوبه لتلميع صورته وإيجاد مبررات مقنعه لجريمته فيزيف التاريخ ويعيد كتابة صفحاته ويسكت أصوات شهوده ويضخم ما يسميه بإيجابيات الإستعمار لدرجه تنعدم فيها رؤية السلبيات وهذا هو ما عايشناه بدءآ من الحمله الفرنسيه النابليونيه على مصر بأسم التنوير إلى الحمله البوشيه على العراق بأسم التحرير!! ..

ومصطلح الأستعمار على الرغم من إرتباطه فى الأذهان بالألم والمعاناه والظلم والإستعباد والإستبداد إلا انك تجده لغويآ يعنى النقيض من ذلك فالأستعمار لفظه محدثة مشتقة من ع م ر واستعمره فى المكان أى جعله يعمره ومنه قوله تعالى ( هو الذى أنشأكم فى الأرض وأستعمركم فيها)
فالأصل اللغوى يفيد معنى طلب التعمير والسعى لتحقيق العمران ..حتى اللفظ تم تلميعه !!
ليتحول الإغتصاب إلى تراض وإتفاق وتتحول المغتصبه إلى عاهره غاويه تستحق ذلك بل وتسعى إليه لتصبح الضحيه جانى والجانى ضحيه !!!
ولأن الكذب حباله قصيره فإن مبررات الجريمه لا تصمد طويلآ فيتبع كل جريمه شيئان إما شعور جارف بالذنب يعصف بالجانى ويدمره وإما ان تتحجر مشاعره ويعتاد الإجرام ويفقد إنسانيته .. وفى كل الأحوال يكون خاسرآ .

فلا يمكن لمن إنعدمة إنسانيته أن يتكلم عن حقوق الإنسان ويجد من يسمعه ,سيفقد مصداقيته و لأن فاقد الشئ لا يعطيه فلا يمكن لعنصريه او فاشيه ان تلد ديمقراطيه او إنسانيه بمفهومها السليم ومعناها الصحيح..

ولأن رداء الإنسانيه هو رداء واحد فعندما تنزعه عن الآخر تنزعه ايضآ عن نفسك!!
فإن كل من يحاول تجريد المرأه من آدميتها او التشكيك فى عقلها وقدرتها وسلبها حق تقرير مصيرها محاولآ خلق مبررات إمبرياليه واهيه وإلصاقها بدين او عرف او تقاليد او طبيعه سيقع فى نفس الفخ وسيغرق السفينه بمن فيها ..
وصدق من قال ان المرأه آخر مستعمرات الرجل..