معيقات عمل المرأة في المجتمع الفلسطيني



هيثم الشريف
2006 / 6 / 16

تقرير: هيثم الشريف
ما عاد عمل المرأه يقتصرعلى الأعمال المنزلية, فقد انطلقت المرأه لتمارس حقها في العمل ,على الرغم من سيادة مفهوم اجتماعي يقول"بعدم ضرورة عمل المرأة!!
واذا كان هذا هو واقع المرأة الموجود في المجتمع, فهذا لا يعني أن هذا الواقع يلبي طموح القيادات والحركات النسوية,كما لا يلبي على الاطلاق الاحتياجات الاجتماعية بشكل عام.
مها أبو دية شمّاس مديرة مركز المرأه للارشاد القانوني والاجتماعي في القدس ورام الله ترى أن هناك نظرات مجتمعية نمطية سارية لا تتفهم عمل المرأة في بعض القطاعات ان لم يكن في أغلبها, مع الشعور بعد الامان والامان المجتمعي في ظل الاحتلال ,كذلك في القضايا الاجتماعية والذي يدفع الثمن كما تقول هم النساء!!
واضافت شماّس تقول"المفروض أن يكون هناك دعم للنساء كي تختار وان تدخل في القضايا المهنية التي بها تحدي ونشجعها".
"وان شعرنا انها قادرة على ذلك نعطيها الدعم.
وقد ختمت بالقول"وقد اثبتت المرأة الفلسطينية أنها قادرة".
من الواضح اذن أن البعض يعتقد أن كفاح المرأه هو كفاح ضد الرجل في حين تصر المرأه على أن كفاحها هو ضد ارث من المفاهيم النمطية السلبية حول عمل المرأة .
عضو المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتورة حنان عشراوي قالت أنه
لا يمكن أن نستخدم النمطية في توزيع المهام أو المسؤوليات.فالعائلة مكونة من أب وأم وبالتالي هناك تكافؤ في المهام والمسؤوليات ,وتحمل الاعباء داخل المنزل وخارج المنزل.
واضافت عشراوي "هناك من ينظر الى المرأه وكأنها انسان أقل قيمة أو ينظر لها نظرة دونية !وبالتالي اذا حاولت الحصول على حقوقها فهذا يعني أنها تتحدى سلطة الرجل! وهناك من يعتبر هذا التحدي هو خرق لواقع حقيقي.. أوهو تهديد لشعور الرجل برجوليته!! فمفهوم الرجولية غير الناضج والمتخلف لدى البعض يعطي البعض نوع من عدم الثقة بنفسه.. وبالتالي يرى في نهوض المرأه وكأنه تهديد لرجوليته بينما نحن نعتبر أن الرجل الذي يمتلك الثقة بالنفس ,ويمتلك الرجولة بالفعل هو الذي ينظر الى المرأة كشريك متكافيء".
وأوضحت عضو المجلس التشريعي باننا بحاجة أيضا الى مؤسسات داعمة للمرأه بحيث تخترق هذه القوالب الهامدة, وتخترق الحواجز التقليدية وتستطيع أن تمارس مهامها من ناحيتين هما ناحية العمل الاقتصادي المنتج وهذا في معظمه حكرعلى الرجل!وناحية صنع القرار السياسي والذي يعتبره الرجل آخر معقل من معاقل نفوذه!!".

وعند التفكير في أي محاولة لتغيير واقع المرأه في مجتمعنا,يطرح مباشرة موقف الدين من هذا الموضوع,وهنا يحدث الخلط بين مفاهيم اجتماعية سائدة لا علاقة لها بالدين وبين الدين نفسه! على الرغم من أن المرأة تتساوى مع الرجل في الحقوق والواجبات وفي سائر التكاليف الشرعية هذا ما أكد عليه رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سماحة الشيخ تيسير التميمي قاضي القضاه اذ أوضح أن الاسلام يحافظ على المرأة ويعتبرها عرض يجب أن يصان.
فالمرأة كما يشير قاضي القضاه تستطيع أن تتولى جميع المناصب القيادية. وكل المهام التي توكل اليها, فهي عنصر هام في تنمية المجتمع وفي تماسكه الاجتماعي وفي الحفاظ على بنيته الاجتماعية, كما أنها أكثر من نصف المجتمع عددا,ولكنها كل المجتمع لأنها ترعى النصف الاخر.
فللمرأه حقوق وواجبات كاملة الاسلام أعطاها اياها وأولاها عناية خاصة ولكن للأسف يقول التميمي هناك موروث ثقافي جاهلي ليس من الاسلام في شيء يحاول أن يمنع المرأه من حقوقها وان تقوم بواجباتها على أكمل وجه.
هذا الموروث الثقافي يتعارض مع ديننا ومع ما دعت اليه الشريعة الاسلامية من الحفاظ على مكانة المرأة ووجوب أن تتبوء المناصب والمسؤوليات التي تتفق مع طبيعتها, حيث أبدعت المرأه في الكثير من المراكز القيادية في صدر الاسلام وفي هذا الزمان وأكدت فيها أنها تستطيع أن تكون صنو للرجل".

وعلى الرغم من انطلاق المرأة في ممارسة حقها في العمل فلا زالت بعض المفاهيم الاجتماعية السائدة تؤثر على اختيار المرأه للعمل في مهن محددة.
العميد عوني سمارة مدير عام شرطة محافظة الخليل أخذ يقول
"في الحين الذي نعاني فيه من نقص في الشرطيات , لدينا مئات الطلبات للشرطة!! على الرغم من اننا أعلنا منذ أسابيع عن طلب شرطيات للعمل في سلك الشرطة ولكن! لم نجد متقدمات؟؟ لأن البعض يقول"أنا أضع ابنتي في الشرطة وسط الرجال؟؟!"ويتسائل العميد سمارة ويقول"ان كانت ابنتك تعمل مدرسة.. وفي مؤسسة.. وفي السكرتاريا وتسمح لابنتك أن تعمل في البنك حيث تقابل من الرجال أكثر مما تقابل في الشرطة؟؟ لماذا تسمح لها أن تعمل في البنك ولا تعمل في الشرطة؟؟
نحن نحاول يقول سمارة تغيير المفاهيم السلبية السائدة من خلال عدة خطوات نقوم بها في سلك الشرطة حيث عمدنا الى أن ناخذ معنا شرطيات اثناء خروجنا في الاحتفالات واخذنا نكثف من عملهن في المنازل حين يتم اقتحامها أو تفتيشها.
كذلك بدأنا نرسلهم ليعطوامحاضرات في "المرور والمخدرات والمباحث"كما أخذنا
نحضر متخصصات نفسيات وعلميات لأعطاء محاضرات للشرطيات بشكل خاص.
والان أي دورة ارسلها في مجال الكمبيوتر أو الصحة النفسية أو المعلومات احرص على تضمين شرطيات لارسالهن لهذه الدورات.كما أكد مدير عام شرطة محافظة الخليل أن هناك تقصيراعلامي من الاعلام ومن المسؤولين الفلسطينيين في بعض الاحيان".


فرغم وجودأنماط تعيق تقدم المرأة ودخولها لكثير من القطاعات الا أن هذا لا ينفي وجود قصور من الجهات التي يفترض ان تدعم فيه هذا التوجه للمراه.


هذا القصور من الاعلام الفلسطيني في اعطاء المرأه الفلسطينية حق القيادة في الاعلام أشار اليه الاستاذ نعيم الطوباسي نقيب الصحفيين الفلسطينيين حيث قال
"حتى الان المرأة لا تعمل في الصف الاول في مجال الاعلام وهنا أنا أطالب بأن تكون الصحفية الفلسطينية في الطليعة فكما أن هناك مؤسسات يقودها رجل يجب أن تكون هناك مؤسسات فلسطينية تقودها امراه في مجال الاعلام
لتستطيع أن توجه الاعلام الفلسطيني وأن تحدد سياسة الاعلام. وأكد الطوباسي أن
المرأه الفلسطينية مؤهلة لأن تعمل في هذا المجال.

ولكن من الضرورة بمكان وقبل الحديث عن عدم قيام الجهات المعنية بدورها في الموضوع" مع الاخذ بالاعتبار أن12% فقط من العاملات في الوظائف الحكومية وصلن لمراكز قيادية!!" علينا أن نتسائل حول دور المرأة نفسها
وهذا ما أجابت عليه شيرين أبو عاقلة
مراسلة قناة الجزيرة الفضائية حيث قالت "أنه لا يجب أن ننتظر أن يأتي الحل من أي جهة حكومية حيث أكدت ان الدور يبدأ من عند المرأه ومن ثم يأتي دور المجلس التشريعي ومختلف المؤسسات فعلينا أن نبدأ بالعمل تقول أبو عاقلةوبالنهاية عندما نبدأ وعندما نقوم بالشيء الذي نرغب فيه وعندما نثبت لمن حولنا من مجتمع وعائلة أن هناك نتيجة من هذا العمل وأننا نعمل ليس من أجل شخص وانما من اجل فائدة مجتمع يكون هناك تقبّل.
وفي ختام حديثها تمنت مراسلة قناة الجزيرة الفضائية أن يكون هناك انتباه للقضايا المتعلقة بالمرأة حيث قالت" في ظل هذه السلطة الكبيرة والمرحلة السانحة لترسيخ القرارات من خلال المجلس التشريعي هذه فرصة ربما ستضيع اذا ما كان هناك انتباه للقضايا المتعلقة بالمرأه والمجتمع وبالتاكيد هذه مسؤولية كبيرة وعليهم أن يتحملوها".

المشكلة تتفاقم عندما ندرك أن هنالك جهات لم يعد دورها يشوبه القصور فقط وانما انتقل هذا الدور الى ما هو أسوأ أي الى تكريس الواقع القائم!!


فالدور الاعلامي تقول زهيرة كمال وزيرة شؤون المرأه السابقة عمليا "هو يكرس الصور النمطية للمرأة والرجل في داخل المجتمع وهذا يجب أن يتغير من خلال ابراز نماذج ايجابية وهذا ما قامت به الوزارة من خلال توزيعه على محطات التلفزة حيث تم عرضه وتم ابراز نساء عاديات ولكن هم ليسوا انماط تقليدية, هم عملوا بشيء جديد بحياتهم .
فمثلا"امرأه ترأس شركة تأمين وعادة التأمين هو للرجل فكيف هذه المرأة وهي المرأة الاولى على المستوى العربي ناجحة وفلسطينينة! وعلى رأس مؤسسة محلية. المرأه الثانية صاحبة شركة سيارات ..الثالثة كاتبة ورئيسة اتحاد كتّاب ..والرابعة في حزب سياسي وترأس مؤسسةمجتمع مدني وهن نساء عاديات ويمكن أن تقوم المرأة بهذه الاعمال تماما كماالرجل.
وحسب ما ترى وزيرة المرأة السابقة فان هناك نوعين من الرجال بحكم التربية والثقافة ,النوع الاول من الرجال هومن تربى وربى نفسه على مفاهيم الديمقراطية فهو يعتبر أن المرأة شريكة.والنوع الثاني من الرجال هو من ربى نفسه على عكس ذلك ويرى ان المرأه دخيله على هذا الموضوع وأنها جاءت لتأخذ موقع كان هو له!! فيعتبرها منافسة! بل يقاوم أي تطور واي اجراء ايجابي يمكن أن تاخذه على صعيد المراة واي منجز يتحقق على هذا الصعيد.
ولهذا السبب تقول وزيرة المرأة السابقة زهيرة كمال" يجب أن يكون هناك الكثير من برامج التوعية والكثير من البرامج العملية المشتركة التي تجمع الرجال والنساء معا حتى يعتبر كل منها الاخر هو شريك له في هذه الحياة".

ختاما نحن نقول: قانون العمل الفلسطيني كفل حق المرأة في العمل حيث جاء فيه" وفقا لأحكام هذا القانون والانظمة الصادرة بمقتضاه يحظر التمييز بين الرجل والمرأه".
ولكن!!حتى وان كفل القانون حق المرأة في العمل.. وحتى وان استطاعت أن تعمل في حقول ظلت لعقود حكرا على الرجل محرمة على المراة.. يبقى السؤال:الى متى تبقى المفاهيم النمطية السلبية المتوارثة السائدة أقوى من القانون؟
[email protected]