سعاد خيري وأطفال فلسطين



عايد سعيد السراج
2006 / 6 / 17


هل يكرهون الكاتبة سعاد خيري , أم لا يحبون كتاباتها, عندما كتبت المفكرة سعاد خيري , عن المأساة الأليمة التي أودت بحيات عائلة الطفلة ( هدى) التي تبناها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس , قرأت مقالة الكاتبة سعاد خيري , وإذ في( التقييم مجموعة من القراء يضعون لها أصفاراً ,) فخطرت لي الفكرة التالية : يا ترى هل هؤلاء الذين وضعوا صفراً في تقييم الموضوع , هم مع قتل عائلة الطفلة – هدى – أم هم يحقدون على الكاتبة سعاد خيري ؟ ثم ما علاقة الموضوعين ببعضهما , أم هم لايقرؤن أصلاً بل هم جماعة من الحاقدين الموتورين تماماً, مثل الذين ليس لهم عمل سوى إرسال الفيروسات , أي قبلوا أن يكونوا مصدراً للأذى والكره, وعندما نشرت ُ قصيدة – المخبر – قلت لزميلي – إن المخبرين عند نشرها سوف يضعون للقصيدة أصفاراً , فاستغرب صاحبي , وفي اليوم التالي عندما شاهدنا القصيدة , ضحكنا بملىء أفواهنا رغم الحزن الكبير الذي في أعماقنا , وذلك بسبب نمط الحياة التي نعيش , إذن هذا هو جزء من عالمنا , فئة من البشر يعيشون معنا , ربما هم أهلنا أو أخوتنا أو جيراننا , أو معارفنا , أو من اللذين لا نعرف , لا يريدون أن يعرفوا 0 كل همهم هو , أن يكرهوا , وحملوا الكراهية رسالة ينشرونها على الناس , بدلاً من المحبة , لماذا ببساطة لأنّ المحبة تحتاج إلى شجاعة , ونبذ الأنانية والكره , مثلما الكرم الذي هو شجاعة , وكذلك النبل , وللتخلص من الحقد تحتاج أن تكون شجاعاً , وتكون قادراً على نبذ الشر في أعماقك وتجعل الخير سبيلاً لحياتك , فعندما ترى كاتبة مثل سعاد خيري , تستمر في الكتابة منذ زمن طويل , رغم هذه المسيرة المملؤة بالأشواك , فأنت يجب أن تقف لها باحترام وتكون أخلاقياً في أنتقاد مفاهيمها التي تتناقض مع أرائك , بل الجميل والإنساني أن نكون مختلفين , ولكن الأجمل أن نكون متحابين في الإختلاف , فالمرأة في عالم الشرق الكئيب تحتاج إلى كل الرجال الذين يؤمنون بفكرة العدالة والمساواة أن يقفوا إلى جانبها , لا لأنهم أضعفوها فقط بل لأن واجبها عليهم يتطلب ذلك , كم يسعدني عندما أرى كاتبات جليلات , مثل سعاد خيري , وغيرها من الروائيات أو الشاعرات أو اللواتي يعملن في حقول الفكر والأدب والفن ويكنّ نساء حقيقيات , ويدافعن عن حقوقهن في إنسانيتهن ويكنّ أكثر صدقية مع الذات , فالمسألة لا تحتاج أن نكون فلاسفة ومفكرين كباراً , لأن أس البلاء الذي ُبليت به البشرية يأتي من بعض الفلاسفة والمفكرين الكبار , الذين يحيزون مفاهيم الكون لعقدهم وأوهامهم , لأن أجمل فلسفة هي أن تكون في خدمة الحياة تضع قدمك بين الذين يعملون من أجل العدالة , والمرأة هي أس العدالة الآن 0
المرأة هذا المخلوق الجليل الرائع الذي نحبه جميعا ً هذا الكائن المملوء بالحياة والحب , والذي تتوفر فيه أسباب ديمومة البشر , هذا اللغز الجميل المحير الذي ما أن تقترب منه حتى تشعر أنه ملكك, وما أن تبتعد عنه حتى تعرف أنك امتلكت الوهم , إذاً واهما ً كل من تصور أنه امتلك المرأة لأنه تصور أنه قريباً منها, فالمرأة عالم يمتد من شاطىء الحلم إلى شاطىء النار, والمرأة علمتها الأيام كيف تحني رأسها للعواصف , وكيف تترك المسار يسير , وتبقى جالسة على قبة المجد الأنثوي, الذي تعرف تماماً أنها على ذراه منذ بدأ الخليقة , وأن هذا الكائن الآخر هو نتاجها ومصدر رعايتها , ومن هنا تراها تؤكد أنها القادرة على استيعاب كل الأشياء , وأيضاً ترى الرجل يحاول تضليلها لجعلها تكون أكثر إستكانة وليونة ليستطيع تشكيلها وفق ما يريد , فالمرأة التي لا تعيش في مجتمع يعيش فيه البشر , متساوون في الحقوق والواجبات , وأيضا في الكرامات لا يستطيع أن يحقق لذاته أي مجد , ويظل هذا المجد يعيش في أوهامه وأساطيره مبتعداً عن الواقع الذي هو الحياة ذاتها , فالكل يريد من المرأة أن تكون تابعة لمفاهيم الرجل , الرجل المنكسر المتغطرس الذي يتظاهر بالمعرفة وسيادة القوم , ويحاول أن يحط من إنسانيته وذلك بانحطاطه من دور المرأة , فالنساء اللواتي يمتلكن حريتهن وإنسانيتهن لا يستطعن أن يكن أمهات صالحات لا( لنخفظ لهن جناح الذل من الرحمة ) فقط , بل لنجعل منهن وبمعيتهن سيدات صالحات يتربعن على قمة الخُلقُ , ويستطعن أن يساهمن في مجد الأمة , فالمجتمعات التي تحترم نفسها لاتعبىء الناس شعارات كاذبة , ودماغوجيات مفضوحة , بل علماً وقيماً سامية وتصوغ قوانين وأنظمة تظهر العدل ولا تنظر على نصفها الآخر , أنه عيب فالذي يخجل من يده اليسرى لا يعمل بها , وتتحول إلى عضو غير نافع بل عالة على الجسد فيمرض الجسد , وآنئذٍ يشل العنصر القيم من المجتمع فبوركت أمة تحترم نسائها وبوركت أمة عرفتها أنها السيدة المحترمة للخليقة وقد خصها الله للأمومة والحنان , فالحرية والعلم والصدق مع الذات يخلق مجتمعا ً لا يميز بين المرأة والرجل , ولا يخلق عالماً معقدا ومتناقضاً من الداخل فان النساء اللواتي وئدن في زمن الجاهلية , يئدون اليوم إنسانيتهن , ويحولهن إلى دمى طيعة خانعة , لهذا الجاهل المتكبر الذي يدعي أنه قيم عليهن وأنهن رمزاً للخطيئة , وكأنه ليس طرفاً فيها 0 أيتها النساء يا سيدات الوفاء مزقن الحجب واحملن الأقلام عالية لأن الأقلام شموع تبدد الظلام والمرأة قادرة أن تكون مثل الرجل تماماً في كل العوامل من أدب وعلم وفن وسياسة ثم ألا يتعض العرب من , كولدا مائير , رئيسة وزراء إسرائيل ,التي علمتنا أن الرجال ليسوا وحدهم القادرين على صنع القرار الإستراتيجي وجعلت رؤساء العرب آنذاك يقفون صاغرين أمام جبروتها وهم يضطهدون نساء بلادهم , ويعتبرونهن عيب أو عار , فتحية لحرات بلادي وهن يأخذن قرارا تهن بأيدهن, في كل مكان من عالم الشرق المستبد , وتحية للمرأة الكويتية وهي تناضل لنزع حقها من عالم الجهل والظلام , وعلى كل الكويتيين الشرفاء وأصحاب العقل النّير , الذين يريدون أن يكونوا مع الحياة الكريمة , أن يكونوا مع المرأة الكويتية في معركتها الانتخابية الأولى , وتحية وفاء لك ِ أيتها المرأة الجليلة ذات الإرث الطويل من الفكر , سعاد خيري 0