القوانين وتأثيرها على تهذيب أو استهتار الرجال



فؤاده العراقيه
2020 / 5 / 14

على أي أساس تكون عقوبة الرجل الزاني أخف من عقوبة المرأة الزانية ؟
هذه ليست دعوة للزنا أكيد، فالزنا والخيانة هم من ابشع الجرائم التي ترتكب بحق الشريك حيث يجتمع بهما خصال الجبن والكذب والخديعة، والأدهى من هذا كله هو التمييز ما بين عقوبة المرأة والرجل..
أما الأسباب التي أدت لهذا التمييز فهي مرتبطة بجذور ذكورية العقل العربي الذي وضع الفروقات ما بين الجنسين لتمتد للديانات والطوائف والقوميات ولكل من يختلف عنهم.
تبدأ الحكاية بعقد الزواج الذي بني على أساس السيد والمسيود، البيع والشراء، وليس على الشراكة والتكافؤ، حيث تبيع المرأة جسدها وخدماتها مقابل أن ينفق عليها الزوج ويتكفل بكسوتها وعلاجها واكلها وشربها، وبمقابل هذا عليها أن تتحمل تبعات هذا العقد ومن ضمنها حقه في ضربها فيما لو نكلت بالعقد الذي وثقوه وسجلوا به بضعة دنانير تحت مسمى المهر المتقدم الذي هو أثاث الزوجية وملحقاتها والمهر المؤجل تستلمه عند أقرب الاجلين على المذهب الحنفي، أو عند الميسرة على المذهب الجعفري، تحصل عليهما فيما لو قرر الزوج تطليقها، والمقابل لها هو حصولها على شرف لقب المتزوجة لتتخلص من ملاحقة الأهل والمجتمع لها، فكل ما يتعلق بعقود الزواج هي عبارة عن صك من القيود تكبل المرأة وتفسد أخلاق الرجل وتزيد من عنجهيته الفارغة حيث يتجلى من خلال هذه القوانين إنعدام العدالة التي هي أساسا للقانون الذي ينص دستوره على المساواة التامة وعدم التمييز الجنسي والطائفي والديني ولكنه حبر على ورق فقط، ويتجلى بوضوح ذلك التمييز المبني على أساس الجنس.
المشكلة هنا صارت مشكلتين، الأولى مشكلة العواقب المتأتية من هذه القوانين الغير منصفة و المتعسفة لإنسانية المرأة والمشوهة لنفسية ولإنسانية الرجل ، فعندما تقتنع الزوجة، مجبرة، بأن طاعة الزوج واجبة عليها تفقد إنسانيتها، وعندما يقتنع الزوج بأن طاعة زوجتة واجب عليها سيفقد إنسانيته، لكون العلاقات الإنسانية لا تبنى على أساس التسلط والعبو ية، بل على أساس القناعة والشراكة من خلال الحوار، والمشكلة الثانية هو جدار الصمت والسكوت على هذا الظلم والتمييز، حيث لم نجد من يتكلم عن هذا وينتقده , ولا من يحاول أن يقترب منه فصار جدارا كونكريتيا لغاية نسيانه من أصحاب الشأن( الأزواج ومن يمتهنون مهنة القانون) لم أجد من يتطرق لهذه القوانين التي هي من أتعس القوانين في العالم، ومعمول بها في أغلب البلدان العربية ومن ضمنها قانون الاحوال الشخصية العراقي، ففيما يتعلق بعقود الزواج والطلاق, جعلوا هذا العقد بمثابة بيع وشراء حيث تشعر الزوجة بأنها صارت ملكا لزوجها، ويشعر الرجل بأنه امتلك زوجته ومن حقه أن يقتلها في حالة ارتكابها للزنى لكون شعوره قد ارتكز على ملكية جسدها وهو صاحب الغيرة والشرف والمسؤول الأول عنها قبل أن تكون هي المسؤولة عن جسدها وتصرفاتها، ويعاقب بالحبس لمدة ثلاثة سنوات فقط ، ولكن لا يحق للزوجة أن تقتل زوجها الزاني بل عليها أن تصبر عليه وتعتبرها نزوة عابرة وستذهب لحال سبيلها. جاء هذا التمييز في العقاب لأسباب عديدة ومتناقضة ,منها اعتبروا الرجل ضعيفا ولا يمتلك القوة والسيطرة على غرائزه رغم انهم قالوا عنه بأنه الجنس الاسمى منزلة و الاقوى والاذكى منها، وفي الوقت ذاته حمّلوه مسؤوليتها.
والسبب الثاني اعتبروه بلا شرف وحصروا شرفه بجسد زوجته وهو غير مسؤولا عن أخلاقه بل عن أخلاقها هي فقط، فإن استقامت نال الشرف، وإن حادت عن الطريق لطّخ شرفه، ولكون القانون والعرف اعتبروا شرفه من شرفها الذي يقبع في جسدها دونه، فهو يتحمّل مسؤولية افعالها ولكنه لا يتحمّل مسؤولية أفعاله وغير مسؤول عن نفسه ولا عن أخطائه، بمعنى إنه لا يمتلك الشرف حيث اقترن شرفه بشرفها ، كل هذا ولا يكتفي البعض بهذه العقوبة ويطالبوا بحرق المرأة الزانية أو جلدها حتى الموت معتبرين زنا الزوج أخف أثرا من زنا الزوجة، أما عن سبب اعتبارهم هذا لكونها هي التي تحمل وتنجب الأبناء الذين ستختلط أنسابهم ، غافلين عن اختراع اسمه الـ DNA الذي يثبت جينات المولود، وغافلين عن تنصل الرجل الزاني لجريمته وللابناء الذين سيتسبب هو بولادتهم ، والمرأة هي التي ستتحمل اخطائه بمفردها وتعيش الحيرة ما بين إجهاض جنينها أو ابقائه بدون نسب وهو بمثابة الحكم بالإعدام عليه ، بمعنى إنها ستتحمل خطأها وخطأه، بالوقت الذي تكون به مصيبته أعظم وخطأه مضاعفا، كذلك السبب في تخفيفها بالحكم على الزاني هو غريزة الرجل التي قالوا عنها بأنها تتفوق على غريزة المرأة كما أدعوا, ولهذا السبب الساذج أيضا اعطوه حق الزواج من أربع نساء .
والسبب الأكثر جهلا هو ان الزوج اذا زنا يمكنه ان يتزوج من التى زنى معها ,ولكن المرأة لا يمكنها ذلك وعليه يجب أن تجلد إلى الموت.
فعلى اي اساس يكون هذا الفرق ما بين عقوبة الرجل الزاني وما بين المرأة الزانية وأكرر السؤال للذين يدافعون عن هذه القوانين.
هذه ليست دعوة للزنا أكيد ولكنها دعوة للتفكير ونبذ كل أنواع المظالم ,فالزنا بجميع اشكاله دليلا على ازدواجية الإنسان العربي الذي نشأ على التمييز بكل انواعه , فالعقل يبدأ بحرية الفكر ، والفكر الحر يبدأ بحرية التفكير وليس بحرية الجسد ... إذن معآ لنرتقي وان لا نصفق للرجال الذين يقتلون بحجة غسل العار، فليقتلوا عار أفعالهم وتفكيرهم اولا.