لا استراحة للنساء



زياد ملكوش
2020 / 6 / 23

المراة .. الجنس الاول ففي جسدها بدات وتجددت الحياة البشرية ، في رحمها تحصل المعجزة منذ آلاف السنين ، ومنذ آلاف السنين اعتبرت الجنس الآخر وقُهرت وظلمت . والاديان لم تنصفها كثيرا ، حتى الاسلام الذي ما فتأ الشيوخ يقولون بانه كرم المراة لم يفعل فتفاسيرهم تناقض ذلك .
الاسلام كما هو في المفهوم والتفسير التراثي والحالي السائد الذي يعتمد على فهم خاطيء للمصحف وعلى احاديث تُنسب للرسول حتى لو صح بعضها فهي ظرفية ولهذا كان الرسول قد نهى عن تدوينها . اسلامهم هذا ابعد مايكون عن تكريم المراة لا بل ينظر اليها بدونية ويرى ان مكانها الصحيح هوفي البيت لخدمة زوجها واولادها وبالتالي خدمة المجتمع الاسلامي كما يّدعون .
في اسلامهم شعرها عورة وشهادتها نصف شهادة الرجل الذي يضربها إن نشزت ( ولا تضربه ان هو نشز) ، في اسلامهم يتزوج الرجل عليها مرة ومرتين وثلاث واربع مرات ، وهي تكتفي بواحد ، في اسلامهم التواصل مع اولادها رهن اشارة الرجل ان طلقها بكلمتين ، في اسلامهم ترث نصف مايرث الرجل ، في اسلامهم تلعنها الملائكة ان امتنعت ليلة عن النوم مع زوجها ان رغب ، في اسلامهم تكتفي في الجنة بالحلى والاساور بينما للرجل 10حواري او اكثر . هؤلاء المفتون والائمة والدعاة والشيوخ ( اسماءهم كثيرة ) هم بشر اراء وتفسيرات القلة الصادقة منهم تحتمل الصواب والخطأ . الم يقل الامام الشافعي : رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب . انهم مرآة عصرهم وسلاطينهم ومصالحهم والمجتمع الذكوري الذي ينتمون اليه .

احاديث النبي إن صحت فهي متناقضة وتناقض سلوكه تجاه نسائه العديدات فهو بلا جدال مغرم بالنساء اذ تزوج 13 امرأة وكان ذلك مقبولا عند العرب في ذلك الزمن قبل ان تنزل ايات الزواج التي تبيح الزواج بامرأة واحيانا ان لزم باخرى ( واحدة 1 ) /ارملة مع اولاد على ان يعدل بين زوجتيه وبين واولاده والاولاد اليتامى ( مع نفي الله لإمكانية العدل : ولن تعدلوا ) ولاربعة مرات فقط ( لا اربع زوجات ) . وربما انزل الله هذه الايات متاخرة مراعاة للنبي العاشق للمراة كما كان قد انزل ايات سماح خاصة له في عدة مناسبات ، مرة عندما نام مع ماريا القبطية في منزل حفصة وعلى فراشها فغضبت ولامته على ذلك فوعدها ان لا ياتي ماريا ابدا فنزلت الاية : ياايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبغي مرضات ازواجك والله غفور رحيم . ثم عندما اعجبته زينب بنت جحش وكانت زوجة ربيبه زيد بن حارثة والذي طلقها عندما لاحظ ميل النبي لها، ولم يكن مقبولا عند العرب زواج الرجل بزوجة آخر كان تبناه فهو مثل ابنه فنزلت الآية : فلما قضى زيد منها وطرا زوجنكاها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان امر الله مفعولا . وايضا عندما انتقدت عائشة النساء اللاتي يهبن انفسهن للرسول بغير صداق وكانت بعض النساء تهبن انفسهن للنبي فكان يتزوج بعضهن او يرفض ، وكانت عائشة جريئة وقوية الشخصية وغيورة . عندها نزلت الآية : ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك . فقالت عائشة للرسول : إني لارى ربك يسارع لك في هواك . كما هو معلوم بعد تحديد الزواج للمسلمين نزلت ايضاتطلب من النبي التوقف عن الزواج : لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج ولو اعجبك حسنهن الا ماملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا .
هل من المعقول ان هذا النبي الذي يحب النساء ويعاملهن برقة ويعتذر لهن ، يقول في احاديث منسوبة له زورا ان النساء ناقصات عقل ودين او : لو كنت آمر أحدا ان يسجد لاحد لامرت المراة ان تسجد لزوجها .
المؤمنين
الله لم يفرق بين الرجل والمرأة وفي كثير من الآيات يخاطب الرجال والنساء والمؤمنين والمؤمنات واورث المرأة كالرجل ، لهذا فهو امر محير ان يسمح بضربها وبان تكون شهادة امرأتين كشهادة رجل واحد وان يقارن ملامستها بالعودة من الغائط في منقضات الوضوء ، وما يقوله بعض المفسرين الجدد لتغيير المعنى السلبي كالدكتور المتنور شحرور ماهو الا محاولة للي عنق الحقيقة لتصبح ملائمة لمعاييرالحاضر . انا اعتقد ان هناك شيء عصي على الفهم ، حتى لو اخذنا بعين الاعتبار ان المصحف مثل التوراة والانجيل هو نص تاريخي وبعض الآيات فيه ظرفية فهذه المعاملة لاتليق حتى لزمن الرسول . ومن الصعب تصديق ان يكون الله الرحمن السلام الودود قد قال ذلك عن المرأة . لابد ان التباسا او خطأ ما قد حصل عند نسخ لجنة عثمان للمصحف او عند اعادة النسخ .

اليوم وفي القرن 21 لم تنل المرأة العربية من حقوقها إلا القليل وخاصة في مسائل العمل والمساواة في الاجور والميراث والزواج والطلاق وحضانة الاولاد وغيرها ، لا السلطات السياسية مع الدينية ولا المجتمع الذكوري سيتكرم بإعطاء هذه الحقوق . قالت الشهيدة درية شفيق قبل اكثر من 60 عاما : لن يعطي احد الحرية للمراة إلا المراة نفسها . نعم ، لن يعطي المرأة حقوقها الكاملة إلا المرأة نفسها . سيكون الطريق طويلا وشاقا ولكنه ممكن وضروري . لا يجب ان تخدع المناصب السياسية التي تمنحها السلطات احيانا للنساء عن حقيقة ان اولئك النسوة لاتفعلن شيئا حقيقيا وانهن في كثير من الاحيان “زينات مملكات” كما يقال ، او تم تعينهن لااسباب انتخابية إن كان في البلد المعني شبه ديمقراطية . كذلك لا يجب ان ينخدعن بالخطابات المنمقة التي يلقينها رئيسات الاتحادات والجمعيات النسائية او بعض العاملات في هذا المجال . كثير من هؤلاء النساء راغبات في الظهور وحضور الحفلات وافتتاح المعارض او متسلقات .حتى من يحققن بعض المطالب البسيطة . هدى شعراوي التي يعتبرها الكثير من رائدات تحرير المرأة وكانت رئيسة اول اتحاد نسائي مصري هي في حقيقة الامر كانت تريد اظهار ان طبقة الاغنياء الاقطاعيين التي تنتمي اليها مهتمة بامور التحرير ولم تطالب جديا باية حقوق سياسية ا ومدنية وكان جل خطابها الدعوة الى نبذ النقاب والى الحق في التعليم ولم ترسل احدا للدراسة كما كانت تدعي وهي / للمفارقة/ وإن ساعدت الناشطة /كانت متفوقة / درية شفيق للحصول على منحة من وزارة المعارف للدراسة في فرنسا إلا انها طردتها من الاتحادالنسائي لاحقا ويقال لا لشيء إلا لان درية لا تنتمي لطبقتها بل للطبقة الوسطى . كذلك معروف حربها الشرسةعلى المغنية فاطمة سري لان الاخيرة طالبت بحق ابنتها في حمل اسم والدها/ ابن هدى والذي تزوجها سرا وتنكر لها.
على الجهة الاخرى فان درية شفيق هي مناضلة حقيقية مخلصة نشأت في طبقة متوسطة واستطاعت ان تكمل دراستها بالرغم من العوائق الاجتماعية في حينه وحصلت على الدكتوراة من السوربون لكن كلية الآداب في جامعة القاهرة رفضت تعيينها لانها امرأة وجميلة وذات افكار تحررية . لكي تثبت ان المرأة المتعلمة المثقفة تستطيع ايضا ان تبقى انثى شاركت / دون علم اهلها / في مسابقة لملكة جمال مصر التي كانت تشارك فيه فقط القبطيات او اللواتي اصولهن اجنبية .. وفازت بالمرتبة الثانية / وصيفة/ وهاجمتها الصحافة بشدة . درية شفيق اسست مجلة نسائية واتحاد بنات النيل الذي اصبج حزب سياسي بعد الثورة قبل ان يلغي عبد الناصر الاحزاب .اسست جمعيات لتعليم الاميات وايجاد عمل للعاملات . كونت مجموعة من النساء للتدرب على القتال والتمريض ضدالجنود الانجليز المقيمين حول قناة السويس . حاصرت مع مجموعة من النساء بنك كرندليز البريطاني ودعت الى مقاطعته . اقتحمت مع 1500 امرأة البرلمان المصري مطالبة بالحقوق السياسية والمدنية للمراة . بعد ثورة 52 اضربت عن الطعام 10 ايام للمطالبة باشراك النساء في وضع دستور مصر ، وتم اعطاءها وعدا بضمان حقوق المرأة في الدستور الجديد الامر الذي حصل بفضلها فقط لحقوق التصويت والترشح وليس للمساواة في الاجور وباقي الحقوق المدنية . انتقدت عبد الناصر ووصفته بالدكتاتور مما ادى الى طردها من الجمعية التي اسستها ووضعها تحت الاقامة الجبرية وصفها بالخائنة في الاعلام المصري وتم التعتيم على اسمها ومنجزاتها ووضعها تحت الاقامة الجبرية واجبار زوجها على مغادرة مصر ومنعه من العودة / تم الطلاق لاحقا/ فعاشت في عزلة تامة لمدة 18 عام انتحرت بعدها . هذه هي المناضلة الحقيقية للوطن والمراة والحرية . هذا هو المثال الذي يجب ان تنظر اليه المراة المعاصرة .

لن تاتي الحقوق بسهولة فالسلطات السياسية وشيوخ الدين وغالبية من الذكور وحتى قسم من النساء يريدرن ابقاء الوضع كما هو . هناك عمل كثير ونضال طويل ومعارك عديدة وكفاح قاس من الضروري ان تكون ضمن استراتيجية الوصول الى دولة مدنية علمانية ديمقراطية يكون الجميع فيها متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الجنس والعرق والدين واللون وغيره . كل ذلك ممكن وحتمي وقادم والى حينه لا استراحة للنساء .