المرأة وموروث القهر



عايد سعيد السراج
2006 / 6 / 24

(انطباع , بمثابة بيان أولي )
هم لا يئدونها فقط , بل يتناوبون على وئدها , ويتاجرون بكرامتها ويجعلونها خادمة لهم , ويتلذذون بقهرها , لمْ يصنعونها آمة , بل أمموها لعالم الرجال , ومكنوا أنفسهم من مناطق ضعفها, وراحوا يلطمون الخد على مناقبها الجميلة, فالمرأة في أعرافهم مشيّـئة , وفي دساتيرهم قاصرة , وفي أخلاقهم فاسدة , وفي دياناتهم ناقصة عقل ودين , فهي التي تجلب سوء الطالع , ويعتبرونها نجاسة عليك أن تقضي وطرك منها وتغتسل , وهي( حريمة) قاصر مغلوب على أمرها , وهي الفتانة الدهارة المكارة , إذ أن كيدهن عظيم , وهي المحرمة ومحروم عليها معرفة عالم الرجال , إذا اقتربت منها تدنسك , وإذا ما اختليت بها يوسوس لكما الشيطان , أي هي الكائن الذي بلا كرامة , والمهدورة كرامته عبر الأزمان , طبعاً في شرع الملالي وشيوخ البهتان , الذين لا يأتمن من شرهم أنس ولا جان , فبأي ألاء قدسية المرأة يكفران , ويصبون أحقادهم وكراهيتهم, على هذا الكائن الجميل الطيب الودود, الذي خصه الله بالأنوثة والأمومة , وطالما ثمة اعتداء على الطبيعة , على الجمال , على الأطفال , على الحيوانات الأليفة , على الأنهار والأشجار والزهور , فإن الاعتداء قائم على المرأة , فعدم الاعتداء على المرأة هو الرقي ذاته , وهو السمو والأخلاق والقيم , فالمجتمعات التي تحترم المرأة , تؤمن بمستقبلها , أما المجتمعات التي تعتدي على المرأة , فهي ضد أسباب الحياة , لذا فإن الإرهاب زائل لا محالة , لأن أس شروره الاعتداء على المرأة فالإرهاب الجسدي ضحيته المرأة , والإرهاب النفسي ضحيته المرأة , والإرهاب السياسي ضحيته المرأة , والإرهاب العسكري ضحيته المرأة , فالمرأة بما أنها هي القاسم المشترك للأسرة , وهي نواة تكوين المجتمع , لذى فالإعتداء يقع عليها بالدرجة الأولى , والمجتمعات التي لا تحترم كرامة النساء , لا تحترم أسباب وجودها , ومن يعادي المرأة بقوانينه ومفاهيمه وقيمه , فهو يعادي خاصية العيش المتطور , ولكن المأساة تكمن في أن ّ شرائح واسعة من النساء , في العالم الإسلامي , والشعوب التي تضطهدُ المرأة , تحولت فيها المرأة إلى كائن يعادي نفسه , ويرضى بالذل والخنوع , والاضطهاد , وأحياناً كثيرة هو نفسه يمارس الإضطهاد على أبناء جلدته , وهذا بسبب الظلم والقهر الطويلين اللذين مورسا بحق المرأة , وأيضاً بسبب الجهل المصطنع , الذي خلفته قيم الرجال على عالم المرأة , فبدون التزود بالعلم والمعرفة , وخلق الشخصية الراقية , والمستقلة , للمرأة فأنها ستظل تحت ثير الجهل والظلم , بل أيضاً تظل مشغولة بالكره والأحقاد والأنانية , فكلما ارتقت المرأة عالم المعرفة , كانت أكثر استقلالية وبحثاً عن إنسانيتها , فالتحرر من الانحطاط والغرائز المبتذلة , والبحث عن السمو , والارتقاء بالأحاسيس إلى عالم الجمال , يكون سبيل المرأة إلى تحقيق إنسانية, أكثر موضوعية , فهم يحاولون أن يؤقلموا المرأة , ويحجموا دورها , ويقزموا إنسانيتها , لأنها إنسانية بطبعها , أممية بمشاكلها مع بنات جنسها , فعليها أن تعي دورها في تضامنها العالمي – ليس مع المضطهدات من أبناء جنسها فقط , بل للخصوصية الإنسانية النسوية فيما بينهن , وليزلن براقع الهمج , وأوشحة الجهل , التي أرادها الرجل بسياطه الغبية , وكارثيته في حكم العالم , فما بال هؤلاء البلهاء , لا يتعظون , وفي غيهم يعمهون , وعلى زرائر الورد يتبجحون , لماذا لا يتحررون من العقد , ومن شر الحسَد, وينامون على آرائك من الغباء , ويتخيلون ذواتهم الأمراء , ولا يجيدون سوى خلق الفتن , وعزيزهم لا يؤتمن , وعند أقدام بعضهن يتحولون إلى براغيثاً , وفي لحظة الغريزة تراهم ساجدين , ولدناءتهم فاعلين , ألا بئس ما أمنوا وما يؤمنون , إن كان الجهل هو سيد القيم , والدجل والنفاق محترم , فهذا يعني أنهم أمة هالكة , وطريقها مسدودة شائكة , ألا بئس الرجال , وبئس القول والقوال , وبئس ما يأكلون ويشربون , بل بئس تلك الأخلاق الوضيعة , وبئس الأنفس الهالكة , التي على عفن الأشياء متهالكة , يضمرون ما لا يقولون , ويقولون ما لا يضمرون , وفي دواخلهم نفوس خبيثة , تتظاهر بالدجل والنفاق , وتظهر الاحترام والأشواق , فهم يخجلون من كراماتهن, ويركعون لأحذيتهن , فأنت تستغرب كيف يستطيع إنسان , يعيش في هذا الزمان , ويتظاهر بأنه رب الأكوان , وملهم البشر معرفة الإيمان , وهو المرسل والناطق باسم الرحمن , وهو الوصي على الدين والأديان , أن يحتقر أي كان , أم أن الاحتقار هو واجب, وفي شرعهم مطالب , فهم يتاجرون بالدين وبما أنزل من الله رب العالمين , أنهم القائمين بالعرف والمعروف , وهم نهاة المنكر , والواقفين بوجه كل متجبر , وهم أوّل الجبارين , وأكثر النمامين , وهم سدنة الشرور , وجزازي الرقاب , والقاتلين الناس بلا حساب , فمن شرهم لا تنجو النساء , ولا بناتهن , والسالبين النساء من بين أيدي أزواجهن , وميتمين أطفالهن , وذلك باسم الأخلاق والقيم , والعادات والتقاليد , ومهددينهن بالصراخ والوعيد , يا أنتم يا جيف الناس , يا من لا يوسوس إلا في صدوركم الوسواس الخناس , ستلاحقكم أرواح النساء , في كل مكان , وسيقذفكم التاريخ إلى اللامكان , فمن قتل حرة أبية, مسلمة سنية, أو شيعية , نصرانية , أم ذمية , كأنه قتل الناس جميعاً , أم أنكم في دواخلكم مقتولون , وفقدتم الإحساس , وكنتم بئس الناس , فالمرأة أيها الإرهابيون , كائن فضله الله على الناس تفضيلاً , وجعلهن من لَدُنهِ شباناً وفتيات , وأطفال وادعين , طيبين خانعين , يحتاجون إلى حنانهن ورعايتهن , ويصرخون من ألم الفراق ( ماما ) , فستصرخ الجبال لصراخهم , وتترحم السماء لرحمتهم , وفي الصبح والإمساء , يبكون أمهاتهن اللواتي خطفهن الطغاة , من دبابات ومجنزرات وإرهابيين وما يعدون من معسكرات , فالمرآة وفي تاريخها الطويل , وفي كل الحواضر والبوادي , عانت من الويل الكثير , لأنها من كائنا ت السلام , وعلى جانبيها ينام الحمام , وتمنح الطيب والحنان لأبناء البشر , اللذين استرقوها , وأكلوا من يديها لذيذ الطعام , ألا يخجلون عندما يقتلونهن بحجة جرائم الشرف , ويسنون لذلك العرف , هؤلاء الذين لا يملكون سوى البهتان , هؤلاء الذين عندما يكون الشرف والكرامة , من أجل خير الناس والوطن , يدفنون رؤوسهم , تحت نعالهم كالنعامة, فهل الذي يذبح أخته بالسكين , يملك شيئا من الدين , والمأساة أنه لا يسجن , ويتفاخر أمام الناس , اللذين على شاكلته , ليس عندهم إحساس , أنه غسل العار , ولا يعرف أنه هو العار , وستلاحقه الفضيحة بسبب أفعاله القبيحة , فلو كانت هذه المرأة تستطيع الدفاع عن نفسها بالقوة , على طريق الفتوة , لركع تحت نعالها هذا الرجل الجبان , وما قام بفعل البهتان , فأين القانون الذي يحمي النساء من جرائم ما يُدعي الشرف , يا أيتها النظم التي بلا شرف , اللعنة عليكم يا إرهابيي الفكر والعقيدة , وعلى ما طاب لكم من النساء , وأنتم تتماهون بالجهل والغباء , وأعوذ النساء من شروركم , يا (من كالعير يقتلها الظما والجهل فوق ظهورها محمول ) , وسلامي للنساء الوادعات الطيبات , المناضلات , المدافعات عن حقوقهن وكراماتهن , وبئس الرجال المتخلفون وما يفعلون 0