الزواج العرفي .. او ..العلاقات المهينة ..أنتصار لهند الحناوي



فهد ناصر
2006 / 6 / 24

تشكل العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل احدى المحرمات الاساسية في المجتمعات العربية،اسوة بالدين والسياسة..الخ كون هذه المجتمعات قد أفرزت مساحات شاسعة لسلطة الدين وللاعراف والتقاليد القبلية وللقيم الاجتماعية المتوارثة،حتى أصبحت تشكل سلطة قائمة بحد ذاتها في المجتمع أوتمارس سلطة مزدوجة مع سلطة الدولة والقانون الهش والقمعي في مطلق الاحوال.
التطورات التي يشهدها العالم الذي نعيش فيه وفي مختلف المجالات قد تركت آثارها الواسعة النطاق على مجتمعات العالم قاطبة لجهة تزايد وعي الانسان الثقافي والعلمي وتزايد وعيه بمساحة حرياته وحقوقه الاساسية بما يمكنه من التطلع والارتقاء بحياته وممارسة دور فاعل في مجتمعه ومحيطه,وسعيه لتجاوز كل ما يحد من حرياته او يشكل عائقا امام أنسانيته ،التطورات التي تحدث في العالم اذا كانت قد سلطت حيزا كبيرا على الانسان وحقوقه وحرياته،فانها قد سلطت حيزا أكبر على المرأة وقضاياها وحقوقها وحرياتها الشخصية كانسان فاعل وقادر على ممارسة دورخلاق في مجتمعه والعالم ايضا.
العالم العربي بمجتمعاته ودينه وقيمه البالية يقف على الطرف الآخر من مسار تطورات العالم المعاصر،كنقيض كامل الارتداد والنكوص،بل هو يكاد يكون البؤرة التي لاعلاقة لها بكل التطورات التي تحدث لصالح الانسان وحرياته،فالعالم قاطبة يسير بخطى حثيثة نحو الامام الا أن العالم العربي وفي كل يوم يقطع مساحات شاسعة نحو الخلف أذ تشهد المجتمعات العربية ارتداد نحو الجهل والتخلف واعلاء سلطة الدين وقيم الغيب وتحميق الانسان وتحقير مكانته وتغييبه بكل الوسائل الممكنة للسلطات الدكتاتورية الحاكمة او للمؤسسة الدينية والقبلية القائمة.
مجتمعات كهذه لابد وان يصبح الحديث فيها عن العلاقة الطبيعية والانسانية بين المرأة والرجل ،حديثا شائكا ومعقدا ومن يتناوله بطريقة ما عليه ان يكون جاهزا لصد الهجمات وحملات التشهير او التكفير في معظم الاحوال.ان مجتمعات اوجدت زواج المسيار والمتعة وزواج فريند، بأستنادها الى الشريعة الاسلامية وتفاسير الفقهاء،فانها حتما توجد الزواج العرفي والزواج السياحي و..أخيرا وليس آخرا الزواج الفندقي ..وربما ستبدع في أيجاد تعريفات ومسميات كثيرة آخرى لاهدف من وراءها سوى تشويه العلاقة الجنسية بين المراة والرجل مادامت تقوم خارج اطر الشريعة والدين وخارج قيم ومعايير المجتمع المتخلفة .
الزواج العرفي او السري هو احدى التعريفات التي تسود في المجتمع المصري في النظر للعلاقة بين المراة والرجل ويتم السعي الى ترسيخها كعرف وممارسة في المجتمع وبقوة لجهة تكريس دونية المراة والحط من كرامتها وتشويهها ونبذها اجتماعيا واخلاقيا.
وعلى الرغم من ان الزواج العرفي ليس بجديد،أذ ان آخر الاحصائيات تقول بوجود مليون حالة زواج عرفي في مصر،الا ان القضية التي أثارتها هند الحناوي خلال السنتين السابقتين والاجراءات والممارسات القانونية والاجتماعية والدينية التي أتبعت معها او ضدها،قد سلطت الضوء على هذا الزواج بشكل كبير وبينت مدى الاستخفاف الذي تتعرض له المرأة التي ترتبط ونتيجة ظروف أجتماعية واقتصادية سيئة جدا بشخص ما، وفقا لاصول الزواج العرفي ،فالرجل ومادام نتاج بيئة ومجتمع يشكل التخلف والجهل والامية وابتذال كل قيم التحضر والانسانية او تشكل دونية المراة والاستخفاف بها ،علاماته الاساسية المميزة ويخضع وبشكل كبير لسلطة الدين والقيم المتوارثة،لابد وان يكون سريع التراجع وانكار العلاقة الزوجية كونها عرفية او سرية وكذلك أنكار أبوة ونسب الطفل الذي ولد جراء علاقة كهذه ولابد كذلك وان يتعامل مع من ترتضي ان ترتبط به عرفيا كما تعامل احمد الفيشاوي مع هند رغم كل الدلائل العلمية والاجتماعية والقانونية التي تؤكد صدقية وواقعية العلاقة التي ربطته بهند،الا انه سرعان ما أستند الى قيمه الدينية والاجتماعية المتخلفة واللاانسانية وأنكر هذه العلاقة وكذلك الطفلة التي نتجت عنها والادعاء بأن ما جمعه بهند كان علاقة غير شرعية إإإإإإإإإ مما يشكل اهانة كبيرة لهند التي أثبتت انها وعائلتها يمكن ان يكونوا حملة مشعل القضاء على هذا الاجحاف والدونية البشعة التي مورست وتمارس ضد اعداد هائلة من النساء في مصر.
ما قامت به هند الحناوي من جهود خلال السنتين السابقتين يشكل مفتتح طريق أمام اعداد كبيرة من النساء في مصرللاخذ بحقوقهن التي يسعى المجتمع والشريعة والقيم البالية الى هتكها واستلابها،لست هنا بصدد الحديث عن الحقوق الشرعية او الميراث والنفقة وما الى ذلك،لكن حقوقهن الانسانية في المجتمع باكمله والمتمثلة في النظرة اللاانسانية التي توجه للمرأة بشكل عام او للمرأة التي ترتبط بشخص ما عرفيا اوبأي شكل آخر،حقوقهن في وجود نظرة انسانية للعلاقة ما بين المرأة والرجل ومدى تساويهما في الحقوق والواجبات وتمتعهما بالحريات الاساسية بشكل كامل وغير منقوص،الحق في أن العلاقة الجنسية بين المراة والرجل هي حق طبيعي ولايجوز التدخل به او فرض الوصاية عليه وأخضاعه للأطر الدينية والاجتماعية الضيقة والمشوهة،النظرة للطفل الذي يولد جراء علاقة كهذه على أنه أنسان له حق الحياة مثل الذين يولدون من زواج تم بمباركة رجل الدين او بمصادقة قاضي المحكمة وان التعامل معهم بشكل مهين يعد اهانة للمجتمع ولقيمه كونه نتاج هذا المجتمع ونتاج علاقاته الاجتماعية وقيمه وموروثاته التي لايشكل فيها الانسان سوى كائن مغيب