التحرش مسؤلية من ؟


منسى موريس
2020 / 7 / 8

مازالت المرأة في الشرق الأوسط حتى الآن تتحمل كل الأعباء والأخطاء والذنوب باسم المجتمع وعاداتة تارة وبأسم الدين تارة أخرى وكأن المرأة أصبحت مصدر لكل شهوة وخطيئة ، وهذا يتجلى بكل وضوح في مسألة " التحرش " فأغلب المجتمع لايُلقى اللوم على المُتحرش بل على المرأة وملابسها لأنها هي التي تُحرك غريزة الرجل حتى ولو قالوا أن التحرش ليس له مبرر لكن المرأة وملابسها تُشكل جزءاً من المشكلة فهذا أيضاً تبريرلهذه الجريمة ولعب بالألفاظ لأن التعدى على الآخر لايمكن تبريره على الإطلاق، ويجب علينا الوقوف على أدلة هؤلاء وتفنيد حججهم الواهية التي يبررون بها هذه الجريمة لأن تبرير الجريمة هو في حد ذاته جريمة أيضاً ، يقولون أن الشباب مكبوت وملابس المرأة تُثير غرائزهم ، وهل كل مُتحرش مكبوت ؟ بالطبع لا لأن هناك الكثير منهم متزوج وفى نفس الوقت يتحرشون بالمرأة ، وأيضاً ليس كل من هو غير متزوج هو بالضرورة يتحرش بالنساء فالكثير من الشباب لايُمارسون هذه الجريمة بحق المرأة وبرغم ذلك هم غير متزوجين ومكبوتون أيضاً ويعيشون حالة من الحرمان إذن ليس الكبت بحجة ولا بدليل ولا دافع للتعدى على المرأة ، وإذا كان الكبت زريعة وتبرير ورخصة للتحرش؟ فهل من حق المرأة المكبوتة التحرش بالرجل وبالتالي يجب أن تنادى المرأة بتغطية جسد الرجل لأنه يُثير غرائزها أيضاً حسب منطق هؤلاء؟ وإذا بررنا وقلنا أن الحرمان هو سبباً رئيساً للتحرش أليس هذا إحتقار للرجل وكأنه أصبح مثل الحيوان الذى لايستطيع أن يُسيطر على غرائزه؟ فعوض أن نُدين كل من لايستطيع أن يتحكم بنفسه وبغرائزه أصبحنا نجعل من عدم التحكم هذا تبرير لفعل هذه الجريمة والتعدى على المرأة ، وإذا كانت العلة في الملابس كما يقولون إذن لماذا يوجد تحرش بالنساء المُحجبات والمنتقبات؟ ولماذا يوجد تحرش بالأطفال أيضاً ؟
من هنا يتضح لنا أن المشكلة في المجتمع وفى الإنسان نفسه فالمجتمع الذى يرى أن المرأة أقل من الرجل وأنها مجرد جسد فقط وليست " إنسان " كامل حر واعى فالنتيجة الطبيعية سوف يُسقط عليها كل أخطائه وميوله وغرائزه ، لأنه جعلها مجرد وعائاً يُفرغ فيه كل كبته الجنسى ، وكما قال " السيد المسيح" في (إنجيل متى 5: 28) وأما أنا فأقول لكم: إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه.) فالمشكلة الحقيقية تترسخ في داخل الإنسان وليست في جسد المرأة فكلما كانت عين الإنسان وقلبه وكل مافيه من سلوكيات تنبع من أخلاقيات متعالية تترفع عن كل ما هو مُنحط وساقط فالنتيجة نظرته إلى الآخر لن يكون فيها أي نوع من أنواع التعدى لأنه يعتقد أن الآخر إنسان وليس مجرد وسيلة للمتعة وليس من حقه التعدى عليه حتى ولو بنظرة ، لكن لو كان داخل الإنسان يتحرك وفق مبادئ شهوانية خالية من أي قيمة أخلاقية ستكون نظرتة إلى الآخر كأنه شيء من حقه أن يستمتع به حتى تشبيهات هؤلاء للمرأة تؤكد على هذا فهم يعتقدون أنها مثل الحلوى أو السيارة فكل هذه التشبيهات تكشف عن لاوعى وتصورات هؤلاء عن المرأة فهى بالنسبة لهم أداة للمتعة وليست إنسان ، فالذين يبررون التعدى على الآخر سيبررون للمتحرش تحرشه وللقاتل قتله وللسارق سرقته لأن كل هذه الجرائم أيضاً هي في حقيقتها تعدى على الآخر ، كفاكم ظلماً للمرأة .