مشاركة المرأة حق أم منحة؟



سحر حويجة
2006 / 6 / 26


في سبيل نهضة جديدة للمجتمع ، من أجل الخروج من نفق الظلم والقهر والاستبداد، يحتل مطلب مشاركة المرأة، وشعارات حقوق المرأة ، مساحة من الاهتمام، رغم إنها ليست بالمستوى المطلوب، حيث تكتفي القوى السياسية ، بالإشارة بشعارات عامة ، وأحياناً خجولة بما يتعلق بحقوق المرأة، إن تسليط الضوء على واقع المرأة العربية، يظهر الواقع المتردي، نتيجة تردي وانحطاط الواقع العربي، ويعكس صورة سيئة عن المجتمع العربي ، تم استغلال هذه الأوضاع من قبل الدوائر الخارجية المهتمة بالشأن العربي، و أصبحت قضية المرأة ورقة ضغط، من أهم مظاهر وضع المرأة، ضعف مشاركة المرأة في القرار السياسي، وضعف دورها السياسي.
حققت المرأة في كثير من الدول العربية ، مكتسبات جديدة يضمنها القانون، في المغرب، و الكويت، وتسلمت مراكز قيادية، و مناصب هامة في سورية، وفي دول عربية أخرى، وظهر نية للعمل على مشاركة ممكنة للمرأة في السعودية. كل ذلك يجري، مع اختلاط الأمور بين هل هذا منحة أم حق.
الحق يعرّف ويختلف تبعاً لاختلاف مصدره، فهناك الحق الطبيعي وهو حق قائم على الحرية الكاملة، والمساواة بين جميع الناس .
القانون الطبيعي القائم على الحق الطبيعي، يقوم على حرية الإنسان، باسم العقل والمنطق، وليس القول العربي ، "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً،" إلا تعبير عن الحق الطبيعي، ولكن مع تطور الواقع، وتطور المفاهيم ، تم نقل مفهوم الحق الطبيعي إلى العقد الاجتماعي، وهنا الحرية ارتبطت بالقانون، حيث أنه لا يوجد حرية بدون قانون. هذا يعني على مستوى ممارسة السلطة ، تساوى الجميع أما القانون حاكم ومحكوم .
إذن القانون هو الذي يحدد المراكز القانونية للأشخاص، وبالتالي حقوقهم.
صحيح إن الدساتير العربية، ومنها الدستور السوري، اعتبر المرأة مواطناً مساوياً للرجل بالحقوق والواجبات. في الوقت ذاته هناك قوانين الأحوال الشخصية تتعارض في مضمونها مع الدستور، حيث تؤكد أن المرأة مهما علا شأنها، إنسان قاصر وقرارها ليس بيدها، ولكن في الواقع إن تعليق الدستور والعمل بقوانين الأحكام العرفية، إضافة لإلغاء الحريات، أدى إلى تعطيل إمكانية تغيير القوانين التي تتعارض مع الدستور، الدساتير في الدول العربية، كلها أتت لتزين سلطة الاستبداد، وليست قانون أعلى، يعمل تحت سقفه الجميع، حاكم ومحكوم، بل إنها لا تتجاوز القشرة ولا مكانة لها في الوعي الجماهيري، بسبب عدم العمل بها.
كل نمط من الأنماط السياسية يقوم على انحياز ثقافي معين. الاستبداد، يتغلغل في تفاصيل حياة مجتمعاتنا ، يقوم على الإكراه والقهر ، يغذي ثقافة العنف، على الصعيد السياسي والاجتماعي، كل ذلك يعزز النمط التقليدي القائم على عدم قبول الآخر ، حيث يصبح الولاء للتشكيلات التقليدية على حساب الولاء لمؤسسات الدولة، ويعزز النظرة الذكورية، ويدعم العائلة البطريركية. لذلك تراجع وتدهور وضع المرأة مع سلطة الاستبداد. كذلك الدين، شأنه شأن غيره من الظواهر ، يجب أن يتوافق مع نمط ملائم للعلاقات الاجتماعية السائدة، نرى أنه يتخذ في تفسيره مفهوم ذكوري .
إذن الحق هو تعبير عن مراكز قانونية، تعني مساواة الجميع نساءً ورجالاً أمام القانون، لكن غياب الحرية والديمقراطية يحول دون سلطة القانون، وهنا الحق يبنى على حق السلطة فقط ، أنظمة فئوية تعبر عن مصالح وامتيازات فئة خاصة.
على الرغم من مشاركة المرأة بالشأن العام على ا لمستوى الاقتصادي وإثبات كفاءتها ، إلا عن حضورها على المستوى السياسي ضعيف السبب الأول هو النظام السائد ، حيث تصبح أي مشاركة سياسية هي مشاركة شكلية، لا دور للفعالية والكفاءة، ويتم التعامل مع الأشخاص، كأفراد، وليس من خلال المؤسسات كمواطنين، يؤدي ذلك إلى شكلية المشاركة السياسية، للجميع رجالاً ونساءً ، و يساهم بشكل خاص ، في إبعاد المرأة عن السياسية.
الإنسان الخارج من هذا الطور يحمل السمات النوعية لهذه المرحلة باعتباره إنسان تاريخي، لذلك نلاحظ إن المجتمع مازال يرفض مشاركة المرأة وترفض المرأة مشاركة المرأة ، من خلال عدم انتخابها، كأنها تتدخل بشأن لا دخل لها.
أما المشاركة المنحة فهي تتخذ الأشكال التالية:
الشكل الأبوي للسلطة يأخذ دائماً شكل عطاء منحة، وليس حقاً، لأن السلطة هي تعطي الحق، من أجل تجميل السلطة ، وقد تكون لتخفيف الضغوط الجارية، تعمد إلى تنازلات شكلية، تمنح للمرأة كما في وصول نائب رئيس للجمهورية أو فرض نسبة 12 بالمائة في مجلس الشعب، لكن بدون تغيير القوانين التمييزية، بين المرأة والرجل.
هناك بعض المظاهر الشائعة، حيث يعطى دور للمرأة قد تقوم بها أطراف خارجية، أو داخلية هم أصحاب قرار، ونفوذ ، من أمثال منظمات عالمية، أو أحد الأشخاص الذي يعطي دوراً للمرأة بسبب روابط شخصية، هذه الأدوار تتخذ شكل منحة لأنه لا يبنى على حق المساواة والمشاركة والكفاءة، بل على أساس علاقات شخصية، ورغبة صاحب القرار.
ثقافة التوريث السياسي في الدول المتخلفة قد يكون الوارث امرأة ، وهنا يتقبل المجتمع ذلك بصفتها تابعة لرجل ذات تأثير وسلطة عميقة، تكمل دوره، كما يحصل في كثير من الدول الإسلامية.
برز مفهوم الغوتا النسائية :هو نسبة معينة في الانتخابات، 30بالمائة يتم فرضها كمرحلة انتقالية، مع إنها تتعارض مع مبادئ الديمقراطية وتتخذ شكل منحة ، بسبب عدم انتخاب حقيقي من قبل الشعب للمرأة، إلا إنها إذا قامت على الكفاءة ، وأثبتت المرأة قدرتها ، سوف تلعب دوراً إيجابياً بتغيير نظرة المجتمع للمرأة .
مشاركة حقيقية للمرأة يحتاج إلى مناخ مناسب، ويحتاج إلى جهود الجميع، في سبيل بناء مجتمع ديمقراطي قائم على حقوق المواطنة، ومساواة الجميع أمام القانون ، لا يمكن أن يستقيم ويقوم على حساب أي فئة من المجتمع، تنمية قيم المشاركة ، وإبراز القدرات الحقيقية للمرأة، يحتاج أيضاً إلى وعي المرأة لذاتها ، وحقيقة دعم المرأة للمرأة .
سحر حويجة