لا ترقعوا بکاراتهن بل عقولکم



نزار جاف
2006 / 7 / 2

قبل أکثر من سنة، جمعني القدر على طاولة واحدة في إحدى الکافيتريات المزدحمة في مدينة"کولونيا"مع فتاتين اوربيتين"اسبانية و بولنديـة"، وقد کان لإزدحام المکان سببا في دفع الفتاتين للإستئذان مني بالجلوس الى طاولتي، ومنذ البداية قالت إحداهما لي: أنت إيطالي، أنا واثقة من ذلک. و هي ليست المرة الاولى التي يظن فيها إنسان بإنني إيطالي، ولکنني أحببت أن لا أنکر هذه المرة، ولذلک تظاهرت بذلک.
وبعد مضي مدة وجيزة، طفقت أبادلهما الحديث، وعلمت إنهما فتاتان لعوبتان و لهما مغامرات"الکثير منها"مع رجال"نفطيين"کما سميتا القادمين من بلاد الذهب الاسود، وأوضحتا بأن"النفطيين"يرغبون فتيات"طازجات"يقومون بأنفسهم بفض بکارتها، ولأجل ذلک"حسب کلامهما"قامتا ولأکثر من مرة بعملية جراحية لترقيع بکارتيهما کي تمثلان دور عذرائين أمام فارسين قادمين من بلاد النفط.
هذا الحديث تذکرته و أنا أقرأ فيCNNعن ذلک التحقيق الصحفي بشأن الاطباء الاوربيين الذين يقومون بإجراء عمليات جراحية لترقيع بکارات فتيات"معظمهن من المسلمات"، وتکاد تکون فرنسا الاولى في هذا المضمار بحسب ماجاء في التحقيق الصحفي.
مسألة"غشاء البکارة"وأهميته في شرقنا، ليس له أهمية کبيرة فقط وإنما حتى مصيرية في أغلب الاحيان إذ وبسبب من فقدانها"لأي سبب کان"فإن حياة تلک الفتاة سوف تکون في مهب الريح، هذه العملية الجراحية التي تکلف500 يورو بحسب ما قالته طبيبة فرنسية، قد تکون کافية لإرضاء رجولة مزيفة و قيم بات التصنع يغلب عليها في عالم يتغير، والذي يدعو للتقزز و الإشمئزاز هو أن العديد من الرجال و الشبان المسلمين المقيمين في"أو القادمين الى" اوربا، يقيمون علاقات جنسيـة غير شرعية سواء عن طريق علاقات صداقة أو إرتياد المواخير و علب الليل، أما بخصوص موقفهم في منازلهم فتراهم"يتنافحون شرفا"، إنها أبشع إزدواجية تطحن الرجل المسلم و تدفعه لزواية ضيقة من تفکير سقيم لم يعد يجد نفعا ليس هنا في اوربا وإنما حتى في عقر داره.
بالامس وأنا أقرأ في کتاب"شرح نهج البلاغة"للمعتزلي إبن أبي الحديد، إستوقفني قول بليغ و عميق المعاني للأمام علي أبن أبي طالب بخصوص تربية الابناء وهو يقول:"لاتقسروا اولادکم على أخلاقکم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانکم"، غير أن هذا الزمن الذي شعر بعملية تغييره رجل کعلي قبل أکثر من14 قرن، هو زمن واقف بل هو بمثابة برکة راکدة في عقول الکثيرين من رجال هذا الزمن وهم يرون تغيير معظم الاشياء من دون أن يدرکوا إنه قد آن الاوان لکي يفکروا بتلک القيم و المثل المعشعشة في رؤوسهم و التي تبدو کعقبة کأداء لا في وجه تحرير المرأة من عبوديتهم فقط، بل وحتى في وجه تحرير فکرهم من إستلاب مقيت ينال من أهم شئ لديهم وهو إنسانيتهم.
إننا بحاجة لإعادة النظر بالکثير من الامور، کي لاتکون هناک ثقافة"الکذب المقنع"الذي بات المجتمع يمارسه برجاله و نسائه ومکمن العلة يعود للرجل و قيمه"السيادية"التي لامناص أمامه سوى إعادة التفکير بها و بعدم جدواها في هذا الزمن.
الرجل الذي بات يرى إنعکاسات و ردود فعل عصر الانفجار المعلوماتي و القرية العالمية على کل شئ، يجب أن يعي وبوضوح أن الانثى کائن إنساني لها أحاسيسها و مشاعرها وقبل ذلک لها تفکيرها و منطقها الخاص بها والذي قطعا سوف يخضع لتأثيرات هذا الزمن السريع في کل شئ، وإن هذه الانثى ليست ستدرک"لإنها قد أدرکت فعلا"أن زمن خنوعها لهيمنة غير عادلة و لا إنسانية لأخيها الرجل قد إنتهى و أن القادم من الزمان سوف يکون کفيل بنفض غبار تلک القيم البالية عن تفکيره وبالاخص حين يکف عن التصور بأن قيمة الانثى تکمن في غشاء رقيق هو کخيط العنکبوت أو يکاد يکون أوهن منه!