ملاحطة عابرة حول النّسويّة



نادية خلوف
2020 / 9 / 6

المرأة عدوّ المرأة في المجتمع العربي بشكل عام، و السّوري بشكل خاص. نردّد كلمة المجتمع الذكوري ، نجعل المرأة ضحيته، و تقبل بهذا الدور -أعني دور الضحية-فهي: المعقّدة التي تخلى عنها زوجها ، وسليطة اللسان ، و المختلّة . تقتنع المرأة بدورها هذا وتقوم به كما أراد لها المجتمع، و النساء في مقدمة هذا المجتمع.
لا تبحث النساء بشكل عام عن الحرّية ، بل يبحثن عن الزواج ، فما نفع الحرية مع الوحدة و العزلة الاجتماعية؟
هنا يمكن القول أن موقع الشاب و الفتاة قد تغيرا في المجتمع ، فحتى تحصل الفتاة على الزوج يجب أن يكون لديها مواصفات ، وهي من يقدم نفسها ، ولا زال الجزء الأول من فكرة الزواج عند البخاري سائدة ، وهي الزواج من صاحبه المال.
تتزاحم مواقع التواصل بالنسويات اللواتي يصرخن من أجل المرأة على الفيس بوك ، لكن في الحقيقة وفي العمق لم يساندن النساء بهذا الصراخ ، فلا زال قانون التعدد ساري المفعول ، ربما قل تطبيقه بسبب الفقر و الجوع، ولا زالت قوانين الحضانة والوراثة تعتمد على التمييز، ولا زال يحق للرجل-وفق القانون-قتل المرأة لدواعي الشرف ، وهي الجريمة التي يرتكبها الأب، الأخ ، الزوج، أو القريب ، وتكون الضّحية هي الأم أو الزوجة أو إحدى المحارم، وقد منح القانون السوري العذر المحل في المادة 548 من قانون العقوبات، أي أنه يمكن أن يعفى من العقوبة لو توافرت شروط كون الجريمة هي جريمة شرف. هذا شرف الرجل ، لكن لو فاجأت المرأة زوجها وهو في سريرها مع امرأة أخرى فهل يطبّق عليها القانون مثل الرجل؟ يقال أن البعض طالب في مجلس الشعب بتعديل هذه المادة من قانون العقوبات.
نحن نتحدّث عن قانون ، وتصرف قانوني يجعل الجاني لا يشعر بالنّدم لأنه قد يكون يعمل وفق الشّرع و القانون، وهنا يتطور الأمر أكثر فيصبح الأمر هو سنة يومية لاضطهاد المرأة ، حيث يرجم شخص أمه أو أخته. . . يا للهول!
هنا لا بد أن أشير أن الأبناء الذكور يحاولون اضطهاد الأم بطرق خفيه كي لا يتحملون مسؤولية ، وتحت ضغط غريزة الأمومة، وبعد عراك طويل قد تصمت الأم وتستسلم، و قد تعيد النظر في تربيتها، و تسأل نفسها؟ هل كان عليّ أن أفضّله على البنات؟ فالمرأة يجب أن تتعرض للعنف حتى لو كانت أمّاً .
أرغب أن أشير دائماً أن جريمة الشّرف تنتشر بين الفقراء، وهم أغلبية الشعب ، اًصحاب المال و النفوذ شرفهم محفوظ . لم تأخذ المرأة في دائرتهم حقوقها، لكنهم لا يذبحونها.
الرجل يقوم بكل الأمور القانونية و الشّرعية ، فلماذا نلومه؟
هناك مجموعة نسوية سورية على الفيس بوك أطلقت حملة " زوجي زوجك" من أجل دعم تعدّد الزوجات . هل تريدون أكثر من هذا تخلفاً؟
عادة تكون أكثر حالات الطلاق من قبل الرجل، و من ملاحظاتي أنّ الرجل يطلّق زوجته بشكل عام عندما يصبح فوق الأربعين من عمره، وتكون المرأة قريبة من هذا العمر، وهو يعرف النتيجة مسبقاً ، فحتى الأولاد يمكنه حرمانها من رؤيتهم. القانون هنا رغم ضعفه لا قيمة له، وهنا تنبذ المرأة من عائلتها وتنبذ اجتماعياً في مجتمع يلوم الضحية على الدّوام ، و تكون المرأة على رأس القائمة التي تحارب المرأة وهي تخشى " أن تخطف لها زوجه" هذا الكائن المسكين الذي يمكن أن يتم خطفه من النّساء. في سورية اليوم حالات الطلاق كبيرة جداً في الداخل والخارج ، وجيل من الأطفال يتعلّم بشكل مصاحب على أن الأمور عادية، ورغم أن بعض النساء اللواتي طلّقن أزواجهن بعد الوصول إلى الغرب ربما انتقاماً ن المعاملة، لكن النسبة الأكبر ممن طلقوا هم من الرّجال، لكن يجب أن تضخّم قضية طلاق المرأة كنوع من العقوبة المعنوية.
هناك بعض الحركات النسائية السورية المعترف بها و التي شكلها الرجال " المعارضين" لديهن تمويل وسفر ، وفنادق ، وطعام . هؤلاء يمثلون الرجال وليس النساء . مالم تنشأ حركة شعبية نسوية تستطيع الضغط على النّظام المقبل في سورية لتغيير القانون، وبخاصة قانون الأحوال الشخصية، ومواد قانون العقوبات المتعلّق به لن يتغير شيء. البحث عن المساواة القانونية هو أهم بند في أية حركة نسائية.
هل سوف يحدث هذا؟
لا أعتقد أن هذا سوف يتم في الأعوام الخمسين المقبلة ، هناك انتكاسة ما بعد الثورة حيث العودة إلى الشريعة بشكل حاسم ، وتحكيمها في مصدر التّشريع، لكن لا شيء دون تضحيات، فقد ولت النساء الغربيات إلى المقصلة من أجل حريتهن ، وسوفيوجد جيل من السوريات يسعين للحرية الحقيقية.