استغلال -المقدس- لإرتكاب -المدنس-



عبدالله مهتدي
2020 / 9 / 26

1-
الزي لا يصنع الوقار،وفي المثل المصري ما يشبه دلك:"ليس كل من ارتدى عمه شيخ"،L’HABIT NE FAIT PAS LE MOINE مناط هدا الكلام ما قام به فقيه بلدة الزميج بنواحي طنجة من اغتصاب لفتيات كن يحفظن القرآن بالكتاب الذي يشرف عليه المعني بهذا الفعل الإجرامي .فاللحية وحز الشارب و"حمل " كتاب الله، وترديد الأدعية ووضع السبحة في اليد واستعمال عود الأرك أو السواك أو الكحل حول العينين،والاستماع لأشرطة القرآن والفضائيات الدينية لا يمكن أن يصنع من الناس ملائكة،إد يمكن أن يكون دلك مجرد مظاهر خادعة "اكسيسوارات " يحتاجها المجرمون لتأثيث مسرح الجريمة ،وابعاد الشبهة للإفلات من العقاب ،ولعل التيمة الكبرى لدلك هي "استغلال المقدس لارتكاب المدنس،تحت مسمى الإنتقال من تقديس النص وماحوله إلى تقديس الشخص ،هدا التقديس الدي يجعل الناس خاصة في أوساط محافظة كقرية الزميج يضعون كل ثقتهم في من له السلطة الروحية والرمزية المستمدة من الدين. ولعل اللافت للانتباه هو أن أغلب هده الأفعال الوحشية ترتكب في القرى والمناطق النائية حيث تترسخ في الأعماق ثقافة العار والحشمة والصمت والخوف من إيقاظ الفتنة مصحوبة بهالة من الوقار والثقة العمياء في كل من له صلة بتحفيظ القرآن وإمامة الصلاة .
2-
أثارت تدوينة أحد "الشيوخ" تقززا ومقتا كبيرا ومفادها أن الطفلة يجب أن تلبس زي "الحشمة" كي لا تثير الشهوة،ولعل الذي يفكر بهذا المنطق لا شك يحمل في داخله مغتصبا محتملا ،لأنه لا يمتلك في دماغه عقلا بل عضوا تناسليا،إضافة إلى أنه يعتبر جميع الناس حيوانات لا هم لها سوى قضاء وطرها ولو على البهيمة التي يوصي بعض المتن الفقهي الذي ينهل منه المعني بقتلها إدا جامعها البشر ،وهو نفس الفقه الذي يعتبر المرأة مركوبا،ولم تخلق سوى لمتعة الرجل ويوجب تفخيض الطفلة وجواز نكاحها إدا كانت سمينة تطيق الوطء،وأنها نجس وناقصة العقل والدين،وأنها إدا مرضت لا يوجب على زوجها النفقة عليها لأنه لم يعد ينتفع بها....إلى غير دلك مما علق بالدين وأصبح هو هو الدين وليس منجزا بشريا أنتجته "عقول" محكومة ببنيتها الفكرية والاجتماعية ،هو نفس الفقه الدي يسبغ ألقاب التقديس على أناس يعتقدون أن لهم تفويض من الله للدفاع عن الدين كألقاب (شيخ الإسلام، أسد السنة ،إمام المجددين ، مجدد هدا الزمان،العلامة الفهامة النحرير.....)
3-
لن ندعو إلى شنق مغتصب الفتيات القاصرات بمصارين مغتصب الأطفال وقاتلهم، فللقضاء وحده الحق في إقرار العقوبة المناسبة تيعا لما في ملف القضية ،يجب أن نشجع على تطبيق القانون وأن يكون الجميع سواسية أمامه ،وعلى المحاكمة العادلة،وأيضا على إنصاف الضحايا،أما دعوات السحل في الشارع وقطع الاعضاء والاخصاء والشنق على أطراف المدن بل الذبح وأكل لحم المجرم فدلك كله فوضى قد تعيد الدولة والمجتمع إلى نظام الغاب .ولابد من الاعتراف أن الإغتصاب الدي يقوم به بعض الفقهاء والأئمة أصبح ظاهرة لافتة للأنظار مند عشرات السنين ،وفي بلدان إسلامية متعددة،ومن ينفي دلك هو فقط يطالبنا بالصمت ،تحت التهديد بتهمة معاداة الإسلام والدين،وهو ما يحدث اليوم بقرية الزميج اد رغم اعترافات المتهم أمام الضابطة القضائية(الدرك الملكي)،ورغم الشهادات الحية للفتيات ضحايا الاغتصاب وهتك العرض مصحوبة بغصات في الحلق ودموع تعبر عن كل معاني الالم والحزن، لا زال البعض ينفي هدا الواقع ويتجاهل كل تطورات القضية، لأن الامر يتعلق "بموظف ديني" ،وهنا نلاحظ أن هؤلاء الدين أطلقوا تهديداتهم بالسحل والذبح والاعدام في الشارع لمغتصب وقاتل الطفل عدنان ،لجأوا إلى اعتبار قضية فقيه قرية الزميج مجرد محاولة للإساءة إلى المسجد و أهله،وتشويه أهل القرآن، بل هناك من تمادى في هذيانه-مشى بعيد- معتبرا أنها حملة لمحاربة القرآن والإسلام بعد إغلاق المساجد بدأت ضد الكتاتيب ومعلمي القرآن،واهل الله وخاصته،وهده أم المغالطات –أنظر موقع "معا من أجل رفع الدل عن المساجد" على الفايسبوك- لأنه لا يجب ان نماهي بين الدين وممارسيه،بين الدين والفكر الديني،بين الدين والتدين، بين الوحي والبشر، بين المطلق والنسبي، وخير مثال هم الصحابة الدين اقتتلوا فيما بينهم فمن كان منهم اهل الله وخاصته انما هم بشر يخضعون لغرائز الحياة ويخطئون ويصيبون وانتقادهم ليس انتقادا للدين.لقد دفعت بهم الحمية إلى اقتراح تأسيس جمعية للدفاع عن الائمة لتشمل الدفاع عن كل قضايا الدين. والصياح بضرورة تطبيق الشريعة وكأن هدا التطبيق هو العصا السحرية التي ستحل كل المشاكل أمام تعقيدات الواقع ، بينما هي قفزة خطيرة في الفراغ ستعيدنا إلى الدولة التوتالييتارية التي حكم حكامها بفهم معين للدين وأوصلوا شعوبهم إلى كوارث اجتماعية وسياسية وثقافية هي أس التخلف اليوم.هؤلاء الدين يريدون ان يطبقوا الشريعة لحل ازماتنا لم يستطيعوا ان يتخلقوا بخلق القرآن كما وصف الرسول ،ولم يستطيعوا أن يبتعدوا عن السب والقدف واللعن وهي أمور لا تكلف شيئا امام مطلب تطبيق الشريعة ،فيصفون مخالفيهم بالكفر والزندقة ويشبهونهم بالكلاب والخبثاء وعملاء الإستعمار والخونة والعلمانيين الملحدين،وأنهم يقتاتون كلامهم من المزابل والقمامات، وينعتونهم بالقرود ومشرعي الإغتصاب واللوطية ودعاة القتل باسم القانون، بل في انتقادهم للإعلام الخبيث ينكثون على أحدهم بأن اباه لم يذكر دعاء الجماع ويصفونه ب "راس الطارو".هل هده تدخل في شرع الله الذي يريدون تطبيقه؟
4-
فإلى من يضع رأسه في الرمل وينفي وجود ظاهرة اغتصاب الأطفال والفتيات من قبل فقهاء أو أئمة مساجد أو "موظفين دينيين" حسب التسمية الاخيرة التي ظهرت حتى لا يتم سوء الضن يتسمية فقيه أو إمام أو شيخ، ويدعي ان تلك حرب على الإسلام نسوق بعض الأمثلة القليلة التي جرت في السنوات الاخيرة،القبض على إمام مسجد بقرية شرق الإسكندرية بتهمة هتك عرض طفل سبع سنوات أثناء تواجده بالمسجد لحفظ القرآن ،إمام وخطيب مسجد بإدارة أوقاف قطور بمصر أيضا قام بهتك عرض طفلة،طالب بجامعة الازهر قام بهتك عرض طفل أثناء حضوره دروس تحفيظ القرآن، سلفي من حزب النور بمصر ايضا ضبطته دورية أمنية صحبة طالبة منقبة في وضع جنسي فاضح داخل سيارته على الطريق الزراعي السريع بمدينة طوخ ،في السعودية في سن ستة وأربعين عاما قام بهتك عرض طفل يعاني من تخلف عقلي مقابل إغراءات مالية ،أحد الأعضاء الخمسة من هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وهي بمثابة محكمة تفتيش متنقلة ،والدين جرى التحقيق معهم في قضية ما ،وجد في هاتفه الخلوي ادمانه على الدخول للمواقع الاباحية –طبعا هدا مشروع مغتصب- في باكستان تفجرت قضية محمد حنيف خان وهو في سن 42 عاما،الدي حوكم بتهم التحرش الجنسي واغتصاب أطفال وكان يمارس طقوسه الإغتصابية عقب صلاة العشاء،وكان يأخد ضحاياه إلى غرفة ملحقة بالمسجد قائلا لمن يرفض دلك" لأجل الله قل نعم" ،وقد كان معروفا لدى مسلمي مدينة" نوتنجهام" بإنجلترا...في سوريا شيخ سبعيني من شيوخ السلفية وقائد كتيبة "أحباب الصحابة" وكان ممن أفتوا بجواز" نكاح المحارم أثناء الجهاد"،ضبط وهو يمارس الجنس مع حفيدته ذات 18 ربيعا حيث أعلنت أنه أقنعها بشرعية نكاح الجهاد...في المغرب سبق لمجموعة من الهيئات والفعاليات أن نددت بظاهرة اغتصاب الاطفال من طرق قيمين على الشأن الديني كما اعتبر محمد رفيقي أن هناك نوع من التطبيع مع الظاهرة،وطبعا نال حقه من السب والشتم واللعن،وكلنا لابد يتذكر إمام مسجد بدوار بيحلوان بمنطقة سيتي فاضمة بالجماع القروية أوريكة وهو الدي اتهم بجناية الإغتصاب الناتج عنه الإفتضاض، وقد عرفت القضية بعد فرار إحدى ضحاياه التي أرادت عائلتها تزويجها ،مخافة انكشاف أمرها،وقد كان الجاني يلقن فتيات الدوار بين سن 6 إلى 12 عاما قاعد تجويد القرآن وحفظه، تقديم إمام مسجد بنواحي تارودانت متورط في هتك عرض طفلة لا تتجاوز التسع سنوات ، التي استدرجها الوحش صبيحة المولد النبوي إلى احدى المدارس القرآنية وأشبع فيها غرائزه المرضية بطريقة وحشية،ايضا على هوامش مدينة إنزكان ،تورط خطيب مسجد في اقتراف جريمة اغتصاب وتحرش جنسي بأطفال الكتاتيب القرآنية، بالجماعة القروية البخاتي ناحية آسفي، تعرض شابة مريضة نفسيا في عقدها الثالث للإغتصاب من طرف أمام مسجد بإحدى البنايات التابعة له ، بمدينة تيزنيت تفجرت قضية اغتصاب ثلاث قاصرين من طرف إمام مسجد بجماعة سيدي بوعلي بولعمان ......
5-
وبعد؟؟؟؟؟
"يخرجوه لينا لشاريع نقطعوه طراف طراف وناكلو ليه لحمو"
"إدا قررت السلطات الإعدام في حق أمثال هؤلاء الوحوش دبحا فأنا أتطوع لأدبح ..بكل فرح وفخر"
"ما فعله هدا المجرم يسمى في الإسلام حرابة وحكمه أن يقتل ويصلب وليس إعدامه"
نشر فيديو لطفل من غزة وهو يصرخ:"اعدموا قاتل الطفل حمزة" لا أعرف لمادا طفل من غزة ولماذا غزة بالضبط؟-
على قناة الحدث 24 صاحب برنامج حول الجريمة يعتبر المحكومين بالاعدام ياكلون ويشربون "مبرعين " ويطالب بالإعدام والذبح مشيرا بحركة يده إلى عملية الذبح بالسكين ،لكنح لم يفوت الفرصة لضرب الحركة الحقوقية والجمعوية ويبخس النضالات الجبارة التي تقوم بها خلال سنوات ،ولا يستطيع أن يستوعب التحولات والمتغيرات الجارية ومنها أن الحركة الجمعوية والحقوقية شريك فعال وقوة اقتراحية ومكسب من المكاسب التي قدمت ولا تزال من أجلها تضحيات كبيرة، مشددا على أن الحكومة الإسلامية –يقصد الحكومة التي يترأسها العثماني –يجب أن تطبق شرع الله.-واش ما كا يعرفش بلي كاينة شي حاجة سميتها استقلالية القضاء في الضستور-( الخطأ مقصود").معتبرا أن الحكم بالإعدام وتنفيده من أجل "باش نبردو"ومتباهيا بما تفعله السعودية بالعلماء والفقهاء من قطع للرؤوس –" لي هز راسو كايطير"-والغريب أن هدا الشخص يعتبر الحديث عن علم النفس والمريض نفسيا مجرد "هضرة خاويا"..شخص آخر من السويد مختص في علم الجريمة يقترح إما "قرطاسة ديال درهم " أو يشنق وسط احدى المدن معتبرا أن جميع منخرطي الجمعيات الحقوقية ليس لهم أبناء لدلك مواقفهم لا تعجبه ، بل حتى ساري كول طالبت بالقتل معتبرة أن المغرب ليس فيه قوانين.
من ناحية اخرى نلاحظ ثلاث مواقف متناقضة من الصفحة الفايسبوكية "معا من أجل رفع الدل عن أئمة المساجد" من ثلاث حالات اغتصاب :الأولى التضامن اللامشروط مع إمام مسجد تيسغارين نواحي إقليم أزيلال والدي كان قد ربطه حشد من الناس تحت وابل من السب والشتم والضرب مطالبين بإعدامه بعد ضبطه متلبسا بمحاولة اغتصاب ،معتبرين هؤلاء مجرد بلطجية يشتاقون إلى تشويه صورة أئمة المساجد ،(رئيس الرابطة الوطنية لأسرة المساجد اعتبر أن هناك خطباء وأئمة وقعوا في هفوات تعليقا على حادثة التنكيل بالإمام) ،نفس الصفحة تطالب بإقامة "شرع اليد"اتجاه مغتصب وقاتل الطفل عدنان،موقفها الثالث هو اعتبار انفجار قضية فقيه قرية الزميج مجرد مناورة لتشويه الاسلام .
إنها مقاربة أحادية تخاطب العاطفة وتنجر خلف ثقافة الثأر والقصاص من أجل القصاص ،دون فلسفة عقابية تندرج ضمن رؤية شمولية لظاهرة تخترق المجتمع وتضرب نسيجه الاجتماعي ضربات موجعة.
عناصر من أجل التفكير:
لاعب كرة القدم السابق والرئيس الحالي لدولة ليبيريا أمام تزايد حالات الإغتصاب ،اعتبر هدا الأخير "حالة طوارئ وطنية"،وقام بنفسه بافتتاح مؤتمر وطني لدلك مشددا على أن الاغتصاب وباء،ومن أهم ما أعلن عنه إحداث سجل وطني لمرتكبي الإغتصابات وتعيين مدع عام مختص في هده القضايا.أما في الهند فقد تم تدريب المراهقين للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين على اعتبار أن اعدام المغتصبين ليس حلا وإنما تغيير الهنود لنظرتهم اتجاه المرأة.
-لا بد من ترك القضاء ليقول كلمته بعيدا عن اي ضغط أو تدخل ،تدعيما لاستقلاليته وتكريسا لدولة الحق والقانون ،مع ضمان المحاكمة العادلة بعيدا عن صيحات "شرع اليد "
-دسترة جريمة الاغتصاب ، جعلها من القضايا التي لا تقبل التقادم ولا العفو
-وضع حد للإفلات من العقاب في حق المغتصبين وتشديد العقوبات
-الدفع بكشف السر الطبي لكل من يتبين تعرضه للاغتصاب لكنه يحجم عن التبليغ تحت ضغط الخوف أو ثقافة العار أو اي سبب آخر
-إحداث مرصد وطني بفروع جهوية لتتبع ظاهرة الاغتصاب إحصاء ودراسة واقتراحات
تحمل الدولة والمجتمع لضحايا الاغتصاب مواكبة نفسية وتربوية وصحية وقانونية ....
-حملات إعلامية غير موسمية على مستوى الإعلام المرئي والمسموع وفي المدارس والشارع ومختلف الفضاءات العامة ،مع ادماج جمعيات الطفولة والشباب والنساء في أي مجهود توعوي سواء داخل المدن أو خارجها
-ادماج التربية الجنسية في المقررات الدراسية مند المراحل الأولى لتعليم الطفل قدسية الجسد.
وضع رقم مجاني للتبليغ عن محاولات الاغتصاب مع سن مقاربة امنية استباقية
-مناهضة كل ما من شانه الحط من الطفولة والمراة سواء كان تأويلا معينا لنصوص دينية او فقها متزمتا أو عادات قديمة ،وتشجيع ثقافة البوح والمكاشفة داخل المجتمع.
إن أهم درس علمته لنا حادثتا الإغتصاب الأخيرتين هو أنهما سمحتا للأفكار الموجودة في قلب المجتمع بالخروج إلى العلن،أفكار منها ما يخيف ،ومنها ما يصدم ،ومنها ما يوحي بأن داء أعطابنا قديم.