ابنتك ياايزيس ٩



مارينا سوريال
2020 / 9 / 29

تريزا
منذ رحلت سيزا شعرت بالارتياح كانت امى تجاورنا فى الفراش ليالى طويلة وعندما قررت العوده وانلوم بغرفتها تركت لنا ضوء خافت كى لااخشى الظلام فى الليل ..عندما حل موعد ذهابى انا ايضا للمدرسة ربتت على وجهى قبلتنى واحتضنتنى طويلا قالت ساتى دوما لرؤيتك لاتقلقى قريبا يحل موعد الاعياد وسوف نحتفل بعام جديد معا..
فى الماضى فى صغرنا كنت وصفيه نسخة حتى ظن البعض اننا تؤامين ولكن هذا غير صحيح هناك عامين فاصلين بيننا..
تمنيت ان نتنزه من جديد فى حديقة الازبكية انا وامى ومريم حتى الغروب قبل ان نعود الى البيت ..بيت جدنا الاكبر هيدرا الذى اخاف منه كثيرا فى الليل..تقول سيزا اننى اخاف الظلام ولطالما عايرتنى بسنوات صغرنا فى اختبائى بجوارها خوفا من الظلام بعد موت صفية..غير صحيح لم اخش الظلام بل عيون صفية التى كانت تخرج لتراقبنا فى الليل ولاتختفى سوى بالنور..كدت ان اخطا يوما واخبر سيزا بسرى لاازال اشكر الرب لاننى لم افعل واخبرها عن تلك الليلة المشؤمة يوم كنا نلهو انا وصفية حقا كنت الهو عندما اندفعت خلفها اركض وانزلقت قدماها وسقطت على الدرج..يخنقنى الظلام خفت ان تكون تامدرسة مظلمة وهدأت عندما حل الظلام بضوء خافت يمحى وجه صفية ويمنعنى من الصراخ وفضح نفسى بعد كل هذا الوقت..كنت الثالثة بعد سيزا وصفية التؤام احيانا المكمل لشىء لم اتسبب يوما فى مشكلة مثلما فعلت سيزا واغضبت ابى وامى ولم اكن ملاكا مثل صفية ..لاهذا ولا ذاك ولليوم لاوصف لى ..
تنفست عندما ذهبت سيزا بقيت اشهر طويلة انعم برحيلها حتى فى اوقات العيد والتى حرص ابى على ارسال الادهم وجلبها الينا لم اشعر بالضيق..اصبحت اكبر قليلا مما مضى اخذت اراقب نفسى فى المراه لانظر لاستدارتى واستدارت خاصرتها ..هل هى اطول منى؟ بشرتها قمحية تشبه ابى بينما انا بيضاء اللون شقراء مثلى امى ..ربما لهذا لم تعد تجلس مع امى مطولا ..عندما عادت فى اجازتها الاخيرة كان ابى منهكما فى العمل لايعود سوى فى وقت متاخر جدا ..رقبتها وهى تجلس منكفئه على منضده وتكتب حتى اوقات متاخره عندما تسمع صوت عربته تهرع وتخلد الى النوم..اردت ان اذهب الى المدرسة انا ايضا لاكتب مثلها ..

سيزا
مرت اعوام الحرب ولم اشعر بالخوف الذى دب وسط القلوب ولم انشغل بما اصاب القاهرة او الاسكندرية كثيرا بتنا وكأننا فى عالما اخر محصنون ..اعترف باننى احببت الجدران الجديدة وتعودت على الجلوس فى المكتبة اقرأ الروايات الفرنسية سحرنى هوجو عندما قرات البؤساء ..احبتنى مدام اوزيل امينة المكتبة كثيرا فعرفتنى ببلزاك قالت ان له سلسلة حول طبيعة البشر لابد لى من قراءتها ..احببتها عندما كدت ان اسقط يوما عن الدرج فجذبتنى بقوه وضمتنى يديها وربتت على ظهرى بدفء..
العناق لم اعرفه من قبل وما ظننت ان له فائده لم يعانقنى ابى لانه عيب ولا الام رأيتها تعانق صفية من قبل..كان صوت يديها على كتفى لذيذ شعرت بدغدغه تضرب ظهرى وراحة تسقط فى صدرى بلا مبرر..نزعتنى عنها برفق بعد دقائق سألتنى بحنان هل انت بخير؟جلبت لى كوب ماء قالت كدت تحطمينى عنقك لما كل هذا الاندفاع فتاة مشاغبة ضحكت لو قالت اخرى تلك الكلمة لعلمت ان العقاب قادم لكنها اعقبتها ببسمه ذكرتنى بجوزفين رغم غضبى منها وعدم غفرانى لها..
قضيت اعوام الحرب بين جدران مليئه بالكتب وحديث مع اوزيل لم انتبه ان بلادها كانت من ضمن الحرب ولا مشاركة ابنها الوحيد هناك لارسائله التى انقطعت عنها فجاة ولا تنهداتها كلما سمعت خبرا جديدا الا بعد مرور وقت طويل..شعرت بالذنب عندما علمت صدفه ندمت اننى لم اسأل لااسأل احد اعتدت عدم السؤال منذ سنوات ست مرت عليه فى هذا المكان لولا اوزيل ورواياتها لما مضى اى منها مع الوقت قل حديثى مع جانيت بلا سبب وكان كل ما تنتظره فى تلك المدرسسة المغلقة هو تناول وجبات شهية..
تعلمت ان اكتب ما اشعر به الى السيدة العذراء دوما طيلة تلك السنوات قلت لها مرار ارجوك اريد ان اصبح مثل تلك الفتاة التى رايتها قبل سنوات على المراه المسحور
عندما عدت الى البيت معتقده انها جازه اخرى سأقضيها بين جدان اصبحت غريبة واعود من جديد لسجن اختاره ابى لى ولاجل مصلحتى وجدت الام تربت على شعر مريم ..مريم التى كبرت قليلا ولكنها تبدو بلهاء بها شىء خاطىء لم يخبرنى احدا ماالذى يحدث لها؟وفى البيت ايضا وبين اعين جدنا الكبير هيدرا راقبت كراهية تريزا التى بدات تنمو تجاهى يوما بعد الاخر رغم اننى لااضايقها هل لاتزال تذكر معايرتى لها بالخوف من الظلام؟!
نمت ازهارى اعجبت بنفسى يداى صنعتا هذا الجمال..اعتنى بهما الادهم فخف غضبى منه لكن علاقتى بصباح اصبحت فاترة ..رأتيها تدلل مريم وتغمرها فى غياب الام بالحب وتلهو معها وكأنها ابنتها الوحيده لم يكن لصباح ابناء من الادهم لكنها كانت تنادينى يا سيدتى الصغيره فأعتقدت فى صغرى اننى صغيرتها هى واننا نلهو فى ذلك البيت الواسع حتى علمت انها مربيتى فحسب وان الام هى من انجبتنى ..
وحدتى اصبحت كابوسا صرت انتظر العودة الى المدرسة والحديث مع مدام اوزيل رؤية جانيت حتى قابلتها بالصدفة رايتها يوما تعتنى بازهار حديقتها الواسعة لم ألحظ من قبل حديقة بذلك الجمال فتاة لم ارها من قبل ..لمحتنى انظر لها نهضت وتقدمت الى السور الفاصل بين منزلينا ذلك السور المنخفض والذى ظل يرتفع فى السنوات اللاحقة وتحول كالسجن الذى يفصل بين كل بناية عن الاخرى..
مريم يواقيم ادعى
سيزا قلت
اردت ان اقول لها اسم ابى لكن امتنعت خوف ام غضب منه فكرت لثوان فانتبهت لشرودى انا صديقة مريم قالت لى ان اختيها فى المدرسة انا ايضا اتعلم ولكن لست فى القسم الداخلى ..نبره غيظ كادت ان تخرج منى فكتمتها سريعا..قالت انهم قد رتكوا الاسكندرية خوفا من غارات البحر اخذت تتحدث عن البحر تردد ان القاهرة بلاسماء خانقة لايخفف عنها وحدتها سوى تلك الازهار التى بدات فى الاعتناء بها
فيما بعد علمت ان والدها تاجر اقشمة كبير كان ذائع الصيت فى الاسكندية قبل ان ينقل تجارته الى القاهرة وعندما تعثر شاركه ابى العمل!!عندما رأتنا تريزا تبادلت معها السلام وكانهما صديقتين منذ زمن طويل ربما لانها قابلتها قبل ان تجلب للمدرسة الداخلية مثلى سألتها عن صحة امها ردت انها بخير الان ..فى المساء وجدت امراة ممتلئه ذات ضحكة واسعة غير متكلفة احيانا فى غرفة ضيوف النساء رايت الام تضحك على نكات بلا معنى بالنسبه لى عندما رأتنى اقف بعيدا ضحكت قالت تلك هى العنيده ابنتك سيزا اليس كذلك؟تعالى الى هنا الى فتاة اردت دوما ان اراك..لم احب ام مريم تعجبت كيف صادقت الام مثل تلك المراة التى تتحدث وكأنها صاحبة لصباح وليست سيدة البيت !!تراجعت الى الخلف..قالت انه الخجل لابأس ستعتادين وجودى هنا انا وامك اعز الصديقات منذ زمن طويل تبادلت مع الام ابتسامة صغيرة راضية..
شعرت بغربتى داخل بيتى القديم صباح لاترى سوى مريم الصغيرة وحديقتى وكانها محاصرة تحت اعين الجاره الجديدة عند المساء انتظرت قدوم ابى لنتناول العشاء سويا حقا اشتقت له وغفرت له غضبى القديم..عندما رانى وكان تذكر شىء هام سالنى كيف ابلى فى دراستى هل اتعلم جيدا؟قلت له نعم ..اكمل كمن لم ينتظر الاجابة لابد ان تتقدمى فى كل ما تحصلين ايدك ان ترفعى الراس لقد كبت بما يكفى لتصبحى زوجة صالحة..سقط قلبى وابديت عدم مبالاتى ،ظللت اتقلب فى فراشى طوال الليل حتى انقذنى ضوء الشمس وعندما وقفت شارده اراقب شجرتى المحبوبة سمعت صوتها هاى سيزا ما رايك لنشاهد فيلما سويا...قلت باندهاش فيلم
قالت نعم هل ذهبت الى السينما من قبل ابى يصحبنا كثيرا انه يحب مشاهدتها واككملت بصوت منخفض وانا ايضا صرت اعشقها بشده ..
مضت فترة الظهيرة وانا انتقى من بين ملابسى فستان لاذهب للسينما كان لابد ان اكون الاجمل ..تلك الفتاة مريم ذات وجه جميل كلما تتحدث تأسر من يسمعها رغم انها قصيرة القامة وهزيلة الساقين بشده..