أساسيات الوقاية من سرطان الثدي



مصعب قاسم عزاوي
2020 / 10 / 8

يعتبر سرطان الثدي واحداً من النماذج الأشيع للسرطانات التي تصيب النساء، وبمراحل عمرية مختلفة، وبشكل متزايد الكم ومضطرد النوعية. ويعد معدل الوفيات الناجم عن هذا النوع من السرطانات مرتفعاً بشكل كبير، وبشكل مؤلم في كثير من الحالات لتأخر الكشف عنه إلى مراحل عصية على العلاج يكون فيها السيف قد سبق العذل.

ويجدر بنا الإشارة هنا إلى نسبة إحصائية مؤلمة جداً، وتوضح بأن واحدة من كل تسع نساء يطورن حالة سرطان ثدي خلال فترة من حياتهن، والغالب أن يكون ذلك في الأعمار المتقدمة، مع ضرورة الإيضاح بأن جميع النساء البالغات وبمختلف الأعمار يمكن أن يصبن بسرطان الثدي أيضاً.

ونضيف هنا نقطة على درجة عالية من الأهمية وتشير إلى أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والمعالجة السريعة يمكن أن تخفض نسبة الوفيات بنسبة تزيد عن 60%، لوجود نسبة كبيرة من سرطانات الثدي القابلة للعلاج وبشكل يؤمن نتائج مبهرة، من ناحية معدل الحياة العام للمرأة المصابة، ومن ناحية حالتها الصحية العامة أيضاً.

عوامل الخطورة المؤهبة للإصابة بسرطان الثدي:
هناك مجموعة من العوامل يجب أخذها بعين الاعتبار عند تقصينا لإمكانية إصابة هذه السيدة أو تلك بسرطان الثدي، حيث تشكل هذه العوامل وبشكل متضافر فيما بينها، أرضية ملائمة من الناحية الجسدية لنشوء سرطان الثدي، مع الإشارة الضرورية إلى أن ازدياد عدد عناصر الخطورة الموجودة عند امرأة ما يزيد إمكانية الإصابة بشكل أكبر، ووفق متتالية هندسية:

*العنصر الأهم: وجود قصة عائلية سابقة للإصابة بسرطان الثدي، وخاصة لدى الأم والأخوات الشقيقات، والذي يعكس استعداداً عائلياً لدى هذه الأنثى للإصابة بسرطان الثدي، وإن وجود مثل هذه القصة يجب أن يجعل المرأة تنظر إلى نفسها بعين الحذر والمراقبة اللصيقة والدورية لنفسها من أجل الكشف عن سرطان الثدي المحتمل عندها وبمراحل مبكرة قابلة للعلاج.

*النساء اللاتي حملن في سن متأخرة، أي فوق سن 32-34 سنة وسطياً.

*النساء اللاتي ابتدأ عندهن الطمث ( الدورة الشهرية) بوقت مبكر قبل سن 11 سنة، أو انتهى متأخراً بعد سن 40- 47 سنة أو الاثنين معاً.

*تناول حبوب منع الحمل لفترة طويلة أكثر من 6 سنوات، ودون استشارة الطبيب، فيما يتعلق بنوع حبوب منع الحمل الملائمة لحالة هذه السيدة، والتي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المدة الزمنية السابقة التي تناولت خلالها حبوب منع الحمل.

*التدخين بكافة أشكاله، وفرط تناول الدهون الحيوانية المشبعة وخاصة السمون الحيوانية وصفار البيض، والزبدة.

عناصر الشك الموجهة لإمكانية وجود سرطان ثدي:
هناك مجموعة من العناصر توجهنا نحو الشك بإمكانية وجود سرطان ثدي عند هذه السيدة، وإن استيعابنا لهذه العناصر بشكل شمولي يجعلنا أكثر قدرة على الإمساك بالسرطان في مراحله الأولى والقابلة للعلاج غالباً، وبذلك يمكن أن يقوم كل منا بدور الطبيب في مجتمعه:

*كتلة ضمن نسيج الثدي لم يتغير موقعها أو حجمها، خلال الفترة السابقة، لمدة تجاوزت الثلاثة أسابيع، ولم تتأثر بحالة الطمث. حيث أن العقد الطبيعية التي يمكن أن تظهر في نسيج الثدي تتميز بكونها لا تستمر لفترة أكثر من ثلاثة أسابيع ثابتة الصفات من ناحية الموقع القوام والحجم، بالإضافة إلى أن ظهورها وصفاتها تتعلق بشكل مباشر مع توقيت الفترة الزمنية التي تكون فيها المرأة ضمن دورية الطمث والإباضة.

*عقدة لمفاوية ( بلغمية ) متضخمة ومجسوسة، ولم يتغير موقعها وحجمها وقوامها خلال فترة تزيد عن ثلاثة أسابيع، وخاصة فيما يتعلق يتلك العقد التي تتواجد تحت الإبط.

*أي انخماص نقطي يظهر بشكل انحفار فوق جلد الثدي.

*أي نزّ من الحلمة يظهر في غياب أي مرض التهابي أو إنتاني مرافق في الثدي، وخاصة إذا كان لون النز أحمر أو بني.

*أي انسحاب أو انقلاب للحلمة يطرأ حديثاً على الثدي.

*تغير في شكل الثدي وحجمه وانتظام محيطه الخارجي مقارنة مع الثدي الآخر.

التحري والكشف المبكر عن سرطان الثدي:
إن الحديث عن التحري والكشف عن مرض سرطان الثدي بشكل يجب أن ينطلق من المقولة الوقائية العظيمة التي تقول بأن المرأة نفسها هي الأكثر قدرة على حماية نفسها من سرطان الثدي وذلك من خلال المراقبة الدورية والتي يمكن أن تكون بها لاكتشاف سرطان الثدي الذي يمكن أن يصيبها في مراحل مبكرة، من خلال الفحص الذاتي للثدي والذي يجب أن يجري شهرياً لدى كل النساء فوق عمر 20 سنة في اليوم التالي لانتهاء الدورة الطمثية، حتى الوصول لسن اليأس، وذلك يجب أن يجري مرتين شهرياً. ويمكن أن إلى الخطوط العامة للفحص الذاتي للثدي التي تتمثل في: تحري الكتل المجسوسة والتي تغاير صفات الكتل الطبيعية في الثدي التي أشرنا إليها أنفاً، من خلال جس نسيج الثدي براحة الأصابع وبشكل وئيد، وبحركة دائرية صغيرة السعة، في وضعيات الاستلقاء والوقوف، مع إمكانية استخدام رغوة الصابون لزيادة سهولة التحسس لأي كتلة كامنة تحت الأصابع، ثم التحري اللاحق للعقد اللمفاوية المغايرة للطبيعي وفق الصفات التي أشرنا إليها سابقاُ، في منطقة تحت الإبط خاصة، وفوق عظم الترقوة أيضاً.

مع ضرورة الفحص الوقائي من قبل طبيب أسرة أو طبيب مختص بالكشف المبكر عن السرطان مرة كل سنة إلى سنتين بعد سن 40 سنة، ولا يعتبر هذا بديلاً عن الفحص الذاتي للثدي، وإنما مكملاً له.

و نشير هنا إلى استقصاء طبي على درجة عالية من الأهمية، وبقدرة عالية على تشخيص السرطانات الموجودة في الثدي وبمراحل مبكرة جداً، وقبل أن تصل إلى الدرجة التي يمكن الإحساس بها بالفحص الذاتي للثدي، وهذا الاستقصاء هو صورة الثدي الشعاعية ( ماموغرافي) و التي تعرف باللغة الإنجليزية بـ (Mammography)، والتي يقوم أساسها على أخذ صورة شعاعية لنسيج الثدي كاملاً بكميات ضئيلة من الأشعة، وبتكلفة مادية مقبولة عموماً لذوي الدخل الشعبي، على الرغم من ضرورة تعميمها على المراكز الصحية التابعة للقطاع العام لتصبح بمتناول كافة النساء في عالمنا العربي، من أجل تعميم ودعم التوجه الوقائي فيما يتعلق بسرطان الثدي، الذي يهدد الكثير من الأسر وبشكل مأساوي في غالب الأحيان. ويجب إجراء هذا الاستقصاء مرة كل سنتين بين سن 40- 49 سنة، ومرة واحدة سنوياً بعد عمر 50 سنة.

وإن تطبيق هذه الإجراءات الوقائية كفيل في معظم الحالات، بتأمين الكشف المبكر جداً عن سرطان الثدي وبحيث يكون العلاج الشافي متاحاً وقابلاً للتطبيق، لكي تبقى مجتمعاتنا بمنأى عن هذا الخطر ومفاعيله المرعبة على أمهاتنا، وأخواتنا، وبناتنا؛ صانعات الحياة وأس استمراريتها.