ضحية واجب مجتمعي



نورالهدى احسان
2020 / 10 / 20

2020 سنة استثنائية جدا، شهدنا بها الكثير والكثير من المتوقع وغير المتوقع من الحوادث، كان ابرزها جائحة كورونا الذي اضاف للعراق حزنا فوق حزنه، بعد ما كان يفقد وروده وشبابه وهم بعمر الزهور بسبب الحروب والمظاهرات، اصبح يفقد كباره بسبب الوباء الذي تفاقم الى الحد الذي اختنقت فيه المستشفيات.
ثم نذهل بصدمة جديدة وهي الأم التي رمت طفليها من على جسر الائمة في بغداد!
الحدث الذي جرى لا يمكن حتى تصنيفه ضمن الجرائم ضمن الإرهاب ضمن الامراض النفسية، تعجز عنده الكلمات وتتوقف الحروف.
لكن يقودنا ما حدث اليوم الى موضوع تقوم عليه المجتمعات والبلدان وهو موضوع الزواج وكيفية إنشاء اسرة.
في المجتمعات العربية والعراق على وجه الخصوص، يعتبر الزواج فرض وواجب على كل رجل وامرأة، تكون غاية الرجل فيه غريزية وغاية المرأة فيه للحماية. والشق الاخر وهو (زواج القاصرين) تحت بند التقاليد والعادات التي تعتبر جريمة بحق الانسانية.
كل طفل أو مراهق يشاغب والذي هو سلوك طبيعي في مثل هكذا مرحلة عمرية، يأخذ الأهل خطوه الزواج حتى يحدّوا من هذا الشغب، كل طفلة تترك الدراسة تسلك طريق الزواج، كل امرأة تصل لمرحلة معينه أو عمر معين يصبح هدفها الأول والأخير الزواج.
وبالطبع المظلومية الأكبر في مجتمعنا الذكوري تكمن على المرأة، فأي امرأة لا تستطيع انْ تخطو اي خطوه بدون رجل، لا تستطيع انْ تكمل اهدافها بدون رجل هذه عقده الرجل التي توارثناها جيل بعد جيل بدون التمعن في اضرار هذه الموروثات المريضة.
ما حدث ليس امرا طبيعيا فكيف لأم انْ ترمي بطفليها بدون أنْ يرفَّ لها جفن أو ينبض لها قلب!؟ خصوصا وانها تبلغ من العمر ٢٠ عاما فقط.
متى تزوجت، متى نضجت وفهمت الحياة حتى تنجب وتربّي وتتحمل مسؤولية، هل كانت بعلاقة طبيعية مع زوجها، هل تزوجت بكامل ارادتها؟؟
والقائمة تطول من الاِستفهامات، ليس تبريرا لما فعلته، فحتى الآن لا نعرف نتائج التحقيق بعد القبض عليها، لكن ما حدث هو اكبر دليل بأن حالات الزواج في مجتمعنا اصبحت فاشلة بنسبة كبيرة جدا ونحن نرى بأم أعيننا المحاكم تختنق بحالات الطلاق. على المربين من الآباء والأمهات والمعلمين وصانعي المحتوى في السوشيال ميديا والاعلام انْ يقدموا أساسيات جديدة في التربية وخاصة في الزواج، الزواج نصف الدين والزواج مهم هذا لا يختلف عليه اثنان، لكن ليس من المنطقي انْ نزوّجَّ اطفالا لينجبوا أطفالا!
هذا ليس عدلا ولا يمت للإنسانية بأية صلة، وقت الزواج لا يحدده جسد امرأة ولا لحية شاب ولا هو حفلة وتصفيق وبوست على الأنستكرام فيها كلمة احبك ، الزواج مسؤولية و مؤسسة عظيمة، نتاجها جيلا يحمل على اكتافه حماية بلد بأكمله.
نحن ندمر البلد ونحن نطالب بإصلاحه، اي تفكير هذا الذي يدور بأدمغتنا، أي ضمير نائم نمتلك!؟
نحن نزرع فكرة العنوسة برأس بناتنا حتى يبدأ الخوف ينتابهن من كل جانب اذا تأخرن عن الزواج!!
نحن نزوج أولادنا حتى يعقلوا، انت كأب عاقل وانت كأم حريصة هل خلق الزواج من اجل انْ يعقل ابنكم، اين تربيتكم له، لماذا لم تربّوه على العقل بدل من انْ تزيدوا الطين بلّه في زواجه!؟
كيف يزوج شاب حتى الان يأخذ مصروفه من اهله، كيف تزوج بنت حتى الآن همها الوحيد هو انْ تضع خاتم زواج في اصبعها حتى تصبح مثل صديقتها الفاشلة!؟
هل هؤلاء قادرين على انشاء اسرة، هل هؤلاء بإمكانهم تحمل مسؤولية انجاب طفل وتربيته، وهم بالأصل أطفالا!؟
نحن بحاجه الى عمل فورمات لمفهوم الزواج، ووضع اسس جديدة لهذه المؤسسة الأسرية، حتى نحد ممّا جرى اليوم من جريمة بشعه بحق الأمومة وما نقلته من صور تشوّه أذهان الشباب حول فكرة الزواج وفكرة الإنجاب.