مهزله تعدد الزوجات



نهى عبير
2020 / 10 / 27

(تعدد الزوجات في الإسلام) هذا كان اسم مجموعة على الفيسبوك ضافني إليها أحد الأصدقاء، فظننت في البداية أنها مجموعة ساخرة من محتواها.
نعم هي ساخرة بالنسبة لي كنوع من الكوميديا السوداء، فهي تحتوي على أكثر من سبعة وأربعين عضو تقريباً يعرضون فيها رغبتهم بالزواج من ثانية، دون مراعاة لمشاعر وكرامة الزوجة الأولى ام ولاده التي تتحمل أعباء الحياه معه وتخفف عنه..

أليس من الاخر ان اجد رجل يكتب انه لا يملك المال ولا المسكن ويريد ان يتزوج بالثانية، بشرط أن تقبله بظروفه تلك؟
أليس من الاخر أن أجد الرجال يتعاملون على أنهم في عصر الجواري ويريد ان يمتلكوا من النساء اربع ويضعون الشروط القياسية للجمال والحساب والنسب والثراء والأخلاق وهم لا يكادوا يكفون أنفسهم؟

منهم الخمسيني الذي لا يمتلك سكن ولا وظيفة لكنه يريد زوجة!
ومنهم من يريد خادمة بدرجة زوجة له ولاولاده ويضع شروطه عليها!
ومن يريد البكر الرشيد الصغيرة، ويوهم نفسه انها ستأتيه راضية بظروفه عن طريق منشور كتبه!

أتظن أن النساء سيقطعن ايديهن حين قرائة عرضك اللعين؟!

فالبداية حقاً ظننتهم يمزحون، ولكنه مزاح سخيف، وتعاملت مع الأمر على هذا الأساس وقمت بالتعليقات الساخرة للمزاح..
ففجأت بالعشرات يراسلونني، طلباً مني أن أكون زوجة ثانية، والغالبية بلا مهر ولا نفقة ويضعون شروطهم ببجاحه غريبة!
هم بالطبع لم يروا في صفحتي الخاصة سوى صوري، لم يهتم احد منهم بقراءة أفكاري التي تنتقدهم دائماً، كالجاهل الذي يمسك بالجرائد والجلسات ليشاهد الصور فقط.

ألم يكرم الدين المرأة أيها السفهاء ووضع شروط وأحكام للزواج؟
تريدون الزواج بلا مهر ولا شقه ولا نفقة، اتريدون زوجة أم عشيقة؟

وما الداعي لزوجة ثانية، أليست الأولى بامرأة أيضاً؟
إن النبي لم يقبل أن تكون لفاطمة الزهراء دره، حرصاً على مشاعرها؛ واشترط على علي بن أبي طالب المهر حتى ولو مهراً رمزياً ليدخل السرور لقلبها، ولانه من حقوقها.
خلق الله لآدم حواء واحده، ولم يخلق له أربع، وأكتفى بها آدم ولم يعترض على أرادة الله.
وجعل الدين الإسلامي شروط للزواج بالثانية، أمر بالعدل، وختم الآيه بلن تعدلوا.

وزوجتك الأولى انت من اخترتها، وتقدمت لخطبتها، وانفقت في المهر والشبكة والمسكن..
فلما الآن تبحث عن ثانية، ولما تريد أن تقبل بك الثانية فارغ الأيدي؟

وكيف تقبل بمشاركتك في مجموعة تهين النساء وتستعبدهن، أليست أمك بامرأة وابنتك بامرأة أيضاً؟

ولما يقبل مجتمعي بتسليع النساء هكذا، أليس فيهم حاكم رشيد يوقف هذه المهزله، ويجرم تعدد الزوجات، ويفك قيود النساء المستعبدات المغلوبات على أمرهم، والمغيبات؟

وإن قلبنا الآيه، وكانت هناك مجموعة تدعوا لتعدد الأزواج، وتشترط عليهم التخلي عن حقوقهم، وعن كرامتهم، فهل سيقبل احد أم انه سيكون حديث الساعة الذي سيراق فيه الدماء؟ ةج