|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
احمد المغربي
!--a>
2020 / 11 / 8
من غرب الكرة الأرضية لشرقها و من أكثر الشعوب تقدما و تفتحا لأكثر الشعوب تزمتا لم تتخلص العلاقات بين الجنسين من طابعها الحيواني بشكل مطلق و لم يتخلص عصر ناطحات السحاب مما ورثه من عصر الأهرام بشكل كلي فبالرغم من توفر الوسائل اللازمة للتخلص منه ظل الطابع الحيواني حاضرا في السر حتى في أرقى الحضارات و لم تغب عن أغاني عصرنا الحالي قصائد الماضي المتغزلة بجسد المرأة بل صارت الكليبات توضح مقاصد القصائد بدقة لم تكن متاحة قبل زمن السمعي البصري و لم يعد الإستمتاع بأجساد الجاريات و المغنيات حكرا على السلاطين و حاشيتهم فأصبحت الجارية المُكرهة في زمن العبودية ممثلة بورنوغرافية في زمن الرأسمالية
و إذا كان دافع الرأسمالية للربح عاملا أساسيا لتحفيزها و دفعها لابتكار حلول لبعض المشاكل فقد قادها نفس الدافع بتشجيع من الجشع لخلق حلول مزيفة فتحول دورها التقدمي لنقيضه وصارت تلوث الثقافة كما تلوث البيئة مؤكدة تنبأ ماركس حول أن استمرار الرأسمالية و ثقافتها الربحية الجشعة الملازمة لها سيقود العالم للهمجية إن لم يتخلص منها
فمن أجل بيع منتوجاتها تساهم الشركات في ترسيخ النظرة الحيوانية للعلاقة بين الجنسين مستخدمة في ذلك نفس الوسائل القادرة على تقليص تلك النظرة في عصرنا الذي كسرت فيه العديد من القيود و صارت فيه الأفكار تسافر في كوكبنا غير عابئة بالحدود كما يثبت التطور الذي وصل له الإنسان أن الشر و الاضطهاد و الأنانية ليسوا طبيعة بشرية أو ظواهر أزلية و يفند تاريخ البشر أطروحات الهوبزيين و البيولوجتماعيين الذين يختزلون مخترع القطار و البيانو و مؤلف السيمفونيات في مجرد حيوان جذور شره و أنانيته موجودة في طبيعته البيولوجية فيحاول القضاة و المحامين الهوبزيين بذلك إعلان براءة الرأسمالية من دورها في الشر الذي تنتجه إلا أنه حتى بعد مؤلفات كارل ماركس التي أثبت دور النظام الاجتماعي في تكوين أفراد المجتمع أدان ألبرت أينشتاين الرأسمالية في مقالته الشهيرة حول الاشتراكية و رد على أطروحات البيولوجتماعيين فوضح أن الأنانية ليست صفة راسخة في الطبيعة البشرية بفضل عوامل بيولوجية بل هي خاضعة لطبيعة النظام الاجتماعي كما أشار لدور الاعلام و التعليم و قال : " العمل المأجور القائم على استغلال عمل الغير، الاحتكار، المنافسة الشديدة وغير المحدودة بين الرأسماليين، السعي نحو أعلى قدر ممكن من الارباح، التحكم بالمؤسسة التشريعية، الهيمنة على وسائل الاتصالات، كل هذا من السمات الجوهرية للنظام الرأسمالي. وهذا كله يقود في نهاية المطاف إلى إهدار كبير في العمل و شلل في الوعي الاجتماعي لدى الافراد، و هو الشلل الذي سبق أن أشرت إليه ... و شلل الأفراد هذا أعتبره أسوء شرور الرأسمالية. إن منظومتنا التعليمية بأسرها تعاني من هذا الشر، انهم يغرسون في التلاميذ نزعة مفرطة في السلوك التنافسي، و يجري التركيز على توجيههم نحو هدف واحد، و هو تحقيق النجاح الشخصي "
و ما ينطبق على الأنانية ينطبق على الجنس و يحدد موقعه في العلاقة بين الجنسين فبالرغم من أهميته الكبيرة باعتباره وسيلة للتكاثر بين الكائنات التي يعتبر الانسان جزءا منها إلا أنه في العلاقة بين الرجل و المرأة يمثل حاجة بيولوجية لا تلبى إلا في إلا في إطار العلاقات الاجتماعية التي تتجسد في أشكال مختلفة كالحب و الزواج و الدعارة... و في تاريخ المجتمعات الطبقية تحققت هذه الحاجة البيولوجية في غالب الأحيان في أشكال مثلت اضطهادا للنساء إلا أن هذا الاضطهاد الذي ترتبط به النظرة الحيوانية للعلاقة بين الجنسين ليس أزليا أو طبيعيا و يتأكد هذا في ماضينا البعيد و حتى في حاضرنا بالرغم من كل عيوبه إذ أن هذا الاضطهاد و النظرة الحيوانية لهما جذور في طبيعة الأنماط الاقتصادية و الاجتماعية و ليس في الطبيعة البشرية فخضوع المرأة للرجل و معاملتها من طرفه كوسيلة له أساسه في الأوضاع الاقتصادية التي وضعت النساء في البيت و هو انعكاس لتلك الأوضاع التي لم تكن بدورها أزلية حيث أنها مجرد مرحلة من مراحل المجتمع البشري فقبل مرحلة الزراعة التي أجبرت النساء على الابتعاد عن الحقل و دخول البيت كان البشر يعيشون على القطف و الصيد و كان دور المرأة في هذه المرحلة لا يقل أهمية عن دور الرجل و لم يكن دورها أقل أهمية في أي وقت من الأوقات لكن حصر عملها في البيت كون أوهاما جعلتها تعتبر كملكية خاصة للرجل فصارت المرأة في العلاقة بين الجنسين مجرد وسيلة للجنس و الانجاب و تربية الأولاد و حرمت من الحق في الطلاق و بدل أن تكون تلك العلاقة مبنية على التراضي كانت مبنية على الاكراه
إلا أن هذا الاكراه لم يكن فوق الطبقات حتى في العصور القديمة فخديجة أول زوجات رسول الاسلام التي كانت تاجرة ثرية في شبه الجزيرة العربية هي من عرضت الزواج على رسول الاسلام الذي كان يعمل لديها و في عصرنا بالرغم من كل النواقص يثبت التقدم الذي وصل له البشر بشكل واضح أن أغلال الماضي ليست طبيعية و أزلية كما يدعي البعض إذ أن ما تبقى منها موجود فقط بسبب وجود أقلية يتناقض القضاء على تلك الأغلال مع مصالحها الضيقة كما كان يتناقض تحرير العبيد و القضاء على العبودية مع مصالح من كانت تعتمد حياتهم على تجارة العبيد
إن القذارة التي تملئ العلاقات التي لا تختلف في جوهرها عن الدعارة بالرغم من أن عصرنا ورثها من القرون الوسطى فهي تجد في عصرنا دعما من طرف النظام الاجتماعي القائم على تسليع كل شيء و لهذا فإن تنظيف عصرنا من كل أزبال العصور المظلمة صار ضرورة لا يمكن تحقيقها بدون ثورة اشتراكية تقضي على ما يلوث عصرنا و تهدم كل الأغلال و الحواجز التي تعيق التقدم و بناء المجتمع الانساني الجديد
ملاحظة : بالنسبة لمثال الحب و الزواج والدعارة فقد أردت أن أوضح من خلاله أن :
- موقع الجنس في العلاقة بين الجنسين يتغير لأنه بالنسبة للبشر يمثل حاجة بيولوجية يمكن تلبيتها في إطار علاقات اجتماعية جد مختلفة فعندما تلبى في الدعارة لا يحتاج من يلعب دور (الزبون) إلا للمال ليحصل على علاقة جنسية مع (البائعة) و يحصل على الجنس كبضاعة مقابل سعر معين كما يحصل على الخبز أو تذكرة القطار مقابل سعر معين فالجنس في هذه العلاقة الاستغلالية يصبح سلعة ككل السلع يتم فيها التبادل بين بائع و مشتر على عكس علاقة الحب التي يكون فيها للجنس دور ثانوي مقارنة بالعوامل الأخرى التي تكون أسسا لهذه العلاقة ففي الدعارة لممارسة الجنس لا يحتاج الطرفان لتكوين علاقة تختلف عن تلك التي يكونها أي بائع بزبونه بينما في الحب لا يمارس العشيقان الجنس إلا كجزء ثانوي حيث تحتاج علاقتهما لتوجد أساسا عدة عوامل
- الدعارة تاريخيا منذ الزواج الأحادي كانت و لا زالت تلعب فيها المرأة دور البائع مما يعكس تسليعها و استعمالها في العلاقة بين الجنسين كوسيلة مفعول بها و ليس كمتفاعلة بالرغم أن كل عاقل يدرك أن الجنس يمثل للمرأة أيضا حاجة بيولوجية لكن وضعها في المجتمع جعلها تستعمل كوسيلة لا إرادة لها و في عصرنا ترسخ استلابها درجة جعلتها تتقبل وضعها في مستنقع الدعارة و صارت بالنسبة لبعض النساء طريقا مختصرا للاغتناء في سيادة البطالة و العهر و تسليع كل شيء
- هناك فرق بين الحب و الزواج فهذا الأخير كما أثبت انجلز في بحثه لم يكن دوما تعبيرا عن الحب أو تتويجا له و كما يثبت الواقع حتى في عصرنا فليس كل زواج قائم و مؤسس على الحب