كلنا في الهم نساء



ماري تيريز كرياكي
2006 / 7 / 13

قامت ست عشرة دولة عربية (مصر، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، سورية، لبنان، الأردن، الكويت، اليمن، جزر القمر، البحرين، السعودية، العراق، جيبوتي وموريتانيا) بالمصادقة على الاتفاقية التي تحظر التمييز ضد المرأة ، إلا أن معظم هذه البلدان قد أبدت أيضاً، من جهة أخرى، تحفظات عديدة على بنود هذه الاتفاقية مما أدى بالتالي لإفراغها من محتواها، وهذه البلدان قد استندت في تحفظها على البند رقم 28 من الاتفاقية الذي يجيز لها حق التحفظ على بنودها، والذي ينص على:

1- يتلقى الأمين العام للأمم المتحدة نص التحفظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام، ويقوم بتعميمها على جميع الدول.2- لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها.3- يجوز سحب التحفظات في أي وقت بتوجيه إشعار بهذا المعنى إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يقوم عندئذ بإبلاغ جميع الدول به. ويصبح هذا الإشعار نافذ المفعول اعتبارا من تاريخ تلقيه.

وجاءت تحفظات هذه البلدان لتطابق القوانين المجحفة المعمول بها في هذه الدول، كقوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالزواج والطلاق والتي تبيح تعدد الزوجات والتي توجب عليهن الانصياع للأزواج والوصاية والإرث. وكذلك القوانين المقيدة للحرية الشخصية للمرأة كحرية السفر والإقامة والتنقل، إضافة إلى حق التعليم والعمل. والقوانين المتعلقة بمنح الجنسية للأولاد الذي تحرم منه المرأة ولا يحق لها أن تمنح جنسيتها لأولادها من زواج أجنبي على عكس الرجل. ويبقى التمييز واضحاً بين المرأة والرجل في بعض العقوبات كعقوبة الزنا وجرائم الاغتصاب حيث يعفى الرجل في حال ارتكابه لهذه الجريمة من العقوبة في حال موافقته على الزواج من المغتصبة. كذلك العقوبة المخففة التي يحصل عليها الرجل في حال قيامه بما يسمى بجرائم الشرف.

ويضاف إلى ما سبق من الحقوق المدنية الحقوق السياسية، وحرمان المرأة من ممارسة حق الانتخاب والترشح في عدد من البلدان.

وتنطلق تحفظات عدد كبير من الدول العربية على المعاهدة من مقولة أن بعض بنود المعاهدة يتعارض مع التشريعات الوطنية أو أحكام الشريعة الاسلامية أو مبادئ الدساتير الوطنية.

وهكذا انصبت معظم التحفظات على البنود التالية: الثاني والخامس والسابع والتاسع والخامس عشر والتاسع والعشرون من اتفاقية حظر التمييز ضد المرأة.

وينص البند الثاني على:

تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:أ- إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة؛ب- اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات لحظر كل تمييز ضد المرأة؛ج- فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي؛د- الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام؛ﻫ- اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة؛و- اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة؛ز- إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.

وبموجب الاتفاقية ينبغي أن يدخل هذا النص في قوانين الدول الموافقة عليها. وقد أبدت حكومات مصر، والجزائر، والمغرب، والعراق، وسورية تحفظها على هذا البند. ويتعارض هذا التحفظ مع هدف ومضمون الاتفاقية مما يعني رفضها ضمنياً.

أما البند الخامس فيدعو إلى القضاء على الأدوار النمطية للمرأة وينص على:

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:أ- تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة؛ب- كفالة تضمين التربية العائلية فهما سليما للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، والأعتراف بكون تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأبوين على أن يكون مفهوما أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الاساسي في جميع الحالات.

وقد قامت معظم الدول بتفسير هذا البند بالدعوة لإقامة اسرة غير نمطية، وهذا ما لم تدعو إليه هذه الفقرة وإنما القصد هو تغيير صورة المرأة النمطية التي تنحصر في مجال الأعمال المنزلية وتربية الأطفال، لتتمكن المرأة من تطوير حياتها في مجال العلم والعمل وبأن تصبح كائن حر قادر على اتخاذ قراراتها وعلى المشاركة في شتى المجالات الحياتي والسياسية. دولة وحيدة لم تتحفظ على هذا البند هي جزر القمر.

وينص البند السابع المتعلق بالحياة السياسية والعامة على:

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في:أ- التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام؛ب المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة، وفي شغل الوظائف العامة على جميع المستويات الحكومية؛ج- المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.
وقد تحفظت عليه الكويت، وبالرغم من محاولاتها الجادة والمستمرة، لم تستطع المرأة الكويتية الحصول حتى الآن على حق التصويت في الانتخابات العامة والترشح لها.

أما البند التاسع المتعلق بقانون الجنسية فينص على:

1- تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.

وقد تحفظت على هذا البند كل من مصر، والجزائر، والمغرب، وتونس، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وسورية.

البند الخامس عشر يتعلق بمسألة المساواة الكاملة بين المرأة والرجل أمام القانون وينص على:

1- تعترف الدول الأطراف للمرأة بالمساواة مع الرجل أمام القانون.2- تمنح الدول الأطراف المرأة، في الشؤون المدنية، أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، وتساوي بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية، وتكفل للمرأة، بوجه خاص، حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وتعاملهما على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات القضائية.3- تتفق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي يكون لها أثر قانوني يستهدف الحد من الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية.4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.

والمساواة في هذا البند، تعني المساواة في المواطنة، والتمتع بالحريات الأساسية للإنسان. وقد تحفظت على هذا البند أو على بعض فقراته حكومات الجزائر، والمغرب، وتونس، والأردن بدعوى تعارضها مع الشريعة الإسلامية. أما سورية فقد تحفظت على الفقرة الرابعة المتعلقة بحرية التنقل والسكن.

البند السادس عشر يتعلق بالمساواة في الزواج والحياة العائلية وينص على:

1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:أ- نفس الحق في عقد الزواج؛ب-نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل؛ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛د- نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول؛ﻫ- نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبادراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفي الحصول على معلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق؛و- نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول؛ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل؛ح- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتكلات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً.

وقد تحفظت على هذا البند مصر، والجزائر، والمغرب، وتونس، وليبيا، والعراق، والأردن، والكويت. أما سورية فقد تحفظت على البند 1 وفقراته ج ، د ، و ، ز وذلك بدعوى تعارضها مع الشريعة الإسلامية وقوانين الأحوال الشخصية.

البند التاسع والعشرون ويتعلق بحل النزاعات بين الدول عبر إحالتها إلى محكمة العدل الدولية وينص على:

1- يعرض للتحكيم أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية لا يسوى عن طريق المفاوضات، وذلك بناء على طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكن الأطراف، خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الوصول إلى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم، جاز لأي من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.2- لأية دولة طرف أن تعلن، لدى توقيع هذه الاتفاقية أو تصديقها أو الانضمام إليها، أنها لا تعتبر نفسها ملزمة بالفقرة 1 من هذه المادة. ولا تكون الدول الأطراف الأخرى ملزمة بتلك الفقرة إزاء أية دولة طرف أبدت تحفظا من هذا القبيل.3- لأية دولة طرف أبدت تحفظا وفقا للفقرة 2 من هذه المادة أن تسحب هذا التحفظ متى شاءت بإشعار توجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

وقد تحفظت على هذا البند أو على بعض فقراته مصر، والجزائر، والمغرب، وتونس، والعراق، والكويت، ولبنان، واليمن، وسورية.

بعد هذا الإيجاز لاعتراضات الدول العربية يمكننا القول إن الخوف على مصير النساء في مجتمعاتنا هو خوف مشروع في ظل انعدام الاعتراف بها كإنسان مساو للرجل في الحقوق ويختلف عنه بالواجبات. وبدون دعم هذه الحقوق بقوانين تصونها وتصون حقوق المرأة، لا يمكن لمجتمعاتنا التقدم ونصفها يعاني من الشلل. فهنا لا بد من وجود أو السماح بوجود مؤسسات المجتمع المدني التي تدعم المرأة من خلال إيصال صوتها واشراكها فعليا في جميع الأنشطة السياسية والاجتماعية.

ومطالبتنا بإلغاء التحفظات تحمل ضمنيا مطالبة مشروعة بتعديل جميع قوانين الأحوال الشخصية والسياسية والجنسية والعقوبات.

وأخيراً يجب التأكيد أن أي تحفظ على التصديق على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة يعتبر بحد ذاته تمييزا ضدها.