ابنتك ياايزيس ٢٧



مارينا سوريال
2020 / 11 / 28

سيزا

لسنوات سألت بالسنتهم تاره باعينهم غمزات كلمات من خلف الستار كيف فعلتها ورحلت؟حتى انا لست ادرلا كيف تركت كل شىء ولم ارى سوى مااردت ان اكون يحدث امامى ..حتى التصفيق الحاد يملىء اذنى الى الان يعيد لى لحظات النشوة القليلة البهجة التى انطفئت وحل الخواء محلها ..
عرفت ميعاد افطاره فى ذلك المكان فانتظرته يوما بعد الاخر ربما مرت ايام بين كل مره واخرى ولكنها كانت متصلة واحدة لايمكن فصلها بالنسبه لى ..كنت مع يوسف بينما اتخيل وجه لومانا امامى فاغمض عينى خجلا ولكن مع الوقت لم ارد سوى ان اراه ..كيف فعلت سألت نفسى لماذا؟ هل علمت مريم بذلك لهذا لم تخبرنى بما كان يحدث بينهم اردتها ان تقول نعم نحن غاضبان لهذا السبب او لاخر كنت اعلم ان اختلاف العائليتن سيصنع لهما الكثير من الامور وهى ايضا ما اعتقدت ابدا ان الامر انتهى ..كان لديها اصرار ان تتعلم كل الاشياء من بدايتها فواظبت على حضور المسرح وقت ان تاتى الرقة الى الاسكندرية رغم قله مشاركات اخيها حتى علمت بطرده منها بسبب تاخره وشربه الا انها كانت تجد عذرا دوما للذهاب تخلت عن افكارى فى ارسال المال لاخيها عندما لمحت انطفاء اهتمامى به ولم اعلم كيف وجدت طريق فلم تخبرنى ولم اكترث بالسؤال ..لاول مره اراقبنا فى المراه ذات الطول والسد الممشوق كبرت مريم كثيرا او اصابتها عدوى الصداقة فبتنا كلتانا متشابهتين جسدا وكان ملامح الوجه اختفت لتتوحد !احببتها اكثر من بقية شقيقاتى ولكن ما استطاعت سوى ان اغضب منها عندما رايتها تخطب له حتى تفاصيل تعرفها اليه وحضوره الى البيت وكيفية حصوله على الموافقة على تلك الزيجه ضاع من عقلى..
عندما بدأت المح فى عينيى لومانا الرغبة ذاتها فى اللقاء اصبحت اخاف وجه ناروز كلما حدق لى من بعيد وكاننى تذكرته فجاة رغم انه دوما ما يصحبنى الى كل مكان ليكون عين صاحبه الغيور..بدت اضيق اكثر كلما افكر كيف ان خطواتى معلومة لدى يوسف فلا مجال للفرار ابدا ..استطعنا ان نبتعد عن عيناه ناروز فى مكان اهدىء بالداخل فيه لانرى البحر ولكن اكتفيت بالنظر الى لومانا كان يعشق البحر ولد فى بيت فقير بالقرب من البحر عندما حضرواالى الاسكندرية كان دون السادسة فأحبها مثلما احب مدينته الاولى احببت لهجته المحشوه باللهجتين ولكن بمجرد ذكر اسم مريم انطفىء كل شىء وشعرت بتقلص اسفل امعائى ..كان بشاره هو سبب الشجار بعد ان سرق يويمة الفرقة قبل ان يرحل عن الاسكندرية والفرقة ويختفى فى القاهرة انزعجت وانا احاول تذكر ملامح الفتى الاول الى احببت كيف كان يحرضنا على تمثيل ما رايناه على الشاشة كيف كان مكون فرقتنا الصغيره فى غرفة البدروم بفيلتهم كيف تحول الى لص يسرق اعضاء الفرقة التى تمنى ان يصبح بطلا بها ..قال لومانا لقد ادمن لعب الاوراق اخبرت مريم ان تنسى امره لكنها كذبت واعطته مزيدا من المال لايمكن ان يبدأ حياته مع حبيبته على هذا النحو..
تذكرت قصة الموظف اللص الذى عشق نجمته حتى اختلس المال لاجلها واوهم الجميع انه رجل اعمال ويرغب فى عمل فيلما لاجلها وعرض عليها مبلغ ضخم من المال وقبلت وقبل الكثير ليتفاجئوا ليلة العرض بقدوم الشرطة والقبض على العاشق الذى دخل السجن لاجل عشقه وكيف لاجل هذا ذهبت ومريم لرية ذلك الفيلم الذى يظهر فيه اللص ذاته بدور البطل امام معشوقته حتى انه احضر ما استطاع من النجوم لاجلها فحسب فهل يفعل لومانا لاجلى الامر ذاته؟رن السؤال فى عقلى وهو يعدد سيئات بشاره وكيف اكتشف انه شخص سىء وان رأى والده فيه كان حقيقيا ولكنها لم توافق على قطع صلاتها بشقيقها ابدا ولهذا ولهذا فحسب قد يتركها ..تصاعدت الدماء جسدى لايستجيب لعقلى فى الرحيل فورا وعدم العوده الى ذلك المكان من جديد ..
فى المساء ذاته عادت حماتى لتقضى ليلتها معنا كعادتها كلما اشتاقت لولدها الوحيد لم يمنعها احدا عن كسر عاداتها حتى بعد زواجه وخاصة انه الصبى المعجزة فعد زواج لاكثر من احدى عشر عاما لم تنجب فيه سوى فتاتين حدث لها ما ارادت بعد ان تشفعت بالعذراء والقديسين اخبرتنى مرار عن المره الاولى التى سمعت فيها عن قصة حياة مينا العجايبى القديس المصرى وكيف جاء الى امه بمعجزة هو ايضا من العذراء فطلبت واحدة مثلها لنفسها وبكت كثيرا حتى حدث لها الامر ذات ليلة رات امراة شابة جميلة تضحك لها وتبارك لها وعندما استيقظت فهمت الامر ..تحققت معجزتها بعد سنوات من عدم انجاب صبى كان وحيدها يوسف ..
فكرت فى مريم طيله تلك الليلة اعلم اننى اخونها ويمكننى التوقف ..زفرت استدرت فى فراشى كان يوسف لايزال فى مكتبة يقضى الساعات الطوال ولا افهم ما عمله درس وتعلم ما اعلمه انه لم يحب ما تعلمه اخبرنى ذات ليلة انه احب الحقوق احب الدفاع عن الحق ولكن والده اراده مثله تاجرا يحافظ على المال اما المحامى فيوكل اليه ما يطلب منهم فحسب..غريب فى الماضى لم تكن المحاماه عملا جيدا كانت مهنة سيئة السمعة حتى اصبح سعد زغلول بطلا وطنيا وقامت ثورة احبها ابى وامى والجميع فى شبابهم كانوا جزءا منها فتغير كل شىء اما السينما فظلت عملت المشخصاتية سيىء السمعة لاتبدل فى حالهم سوى القليل ..اسمعهم منذ الان يتحدثون حول العيب واغضاب الرب فى اعمال بغيضة تسبب الخطية ما فعلت وما رايت وما اريد ليس خطية اوزيل لو كانت هنا الان لاخبرتهم ان الشعور شىء جميل ونبيل، ان لديهم تماثيل لمثل من صنعوا قصتهم ..ولكن هنا ستنعت باقبح الصفات فهل يمكنها ان تفعل؟
زهدت الطعام عده ايام تركت فيها حماتى تحلم بحفيد قادم فى احشائى ..معجزتها التى طلبتها شفاعتها التى قبلت تركتها تحلم بنذرها الذى نذرته للقديسين حتى تحصل على الصبى ..كانت علاقتى بالقديسين غريبة اخشاهم واحب الاستماع الى قصصهم تبدأ الحكايات فى عوالم غريبة وتنتهى بفصول من العذابات القاسية والتى تنتهى بمعجزات يصحبها الموت بتقطيع الجسد كلما اتخيل ما يصفونه اتجمد ..اخفيت خوفى عن الشقيقات اخبرتهن دوما اننى قاهرة الظلام فى الحقيقة كنت اخشى الشيطان كثيرا اخذت اتخيل كيف يكون حتى قابلنى ليلة فى الظلام..ألجمنى فمى عن الصراخ توقفت قدماى اردت ان اركض ناحية غرفة الشقيقات والاختباء بينهن ولكن كان امرى سينكشف سيزا جبانة سيزا جبانة اطبقت على اذناى كان عليه تحمل اى شىء ولا سماع تلك الكلمات ..كذبت اخبرتهن اننى اقتحمت غرفة المكتب وعبثت باوراق الاب ورأيت ما لم يعرفن فيها او يسمعن اخبرتهن بكثير من القصص الكاذبة وصدقن كل كلماتى رايت تريزا تغضب تحثنى على اصحطابها فى المره القادمة اعدها ثم اعود للكذب من جديد كلما حاولت اتوقف فى المكان ذاته يغمر البيت الكبير الظلام يطبق عليه من كل جانب وحينها يخرج الشيطان لينتظرنى فى ذلك الممر الطويل كمن ينتظر صاحبه فيخرج لى فى شكل فتى جميل اذا كان صديقا ثم ياتينى فى شكل مخيف اذا كان غاضبا ..اخفيت سرى عن الجميع تركتهن يفيشين السر الى امى سيزا تخرج فى الليل تعبث باوراق الاب حتى انها دخلت الى خزانتك ..كنت اعلم ان العقاب الذى نلته هو بسبب الشقيقات ..وعندما رحلت الى مدرستى الجديده لم يعد الشيطان يظهر من جديد ..عندما عدت الى جولاتى وادركت تمثال العذراء هناك علمت اننى محمية ..محمية من قبلها بطريقة ما لذا كان تجوالى امنا شيئا فشىءعدت سيزا التى تحب العبث فى الظلام ورؤية ما يخفيه الكبار عن الصغار دوما اردت اقتحام عالمهم لاعلم كيف يكون والان صرت اريد العودة طفلة ربما مافعلت ذلك ربما ما عوقبت وتركت البيت ما رايت اوزيل وما احببتها ماخسرت صداقتها وما رايت يوسف ولا كنت الان زوجة..
قال الطبيب انها نزلة معوية اصفر وجه حماتى تمنت لو استطاعت ان تؤلمنى فى تلك اللحظة حتى تنتهى لحظة انكسارها ..انتظرت ان يصب عليه يوسف غضبه فى المساء لكنه احتضنى احتضنى كما لم يفعل من قبل شعرت بخوفه اكثر من غضبه تعجبت مما يخاف كل هذا القدر ..تشبث بى امسكت به تمنيت لو طيف لومانا الملعون يرحل عنى الان لكنه ما ترك عقلى قط واكثر بل سمعت صوت تصفيق بعد ان ترتفع الاضواء فى قاعة السينما المظلمة وانا اقف وسط النجوم من حلمت بهم جزء من احلامى يقفون من حولى مبتسمين كما يفعلون فى صور مجلات الفن التى اطالعها باستمرار فتنعتنى حماتى بالحمقاء وما كان عليه ان اغضب فلا يمكن الغضب من الام ابدا!!
مرضت حماتى انشغل الكل فيها كنا منتصف اغسطس اقترب عيد العذراء كانت محمومة وكأن الصبى سيولد منها ..نظروا لى بملامه تحملت غضب شقيقاته وكانه ثمن لابد مندفعه حتى يسكن قلبى عن الخفقان حاولت ان انسى امره تلك اللحظات التى اعتدت فيها رؤية لومانا يوما بعد الاخر لى اسبوعان لم ارى وجه ..تشنجت امعائى من جديد عندما اخبرتنى صباح ذات ظهيرة بينما اتناول فنجان النعنان الساخن الذى اعدته لى شارده فى هواء لطيف عبر كاسرا حده الحراره حتى اوراق الشجر هللت لمجيئه بأن الزائره هى مريم ..مريم لقد نسيت امرها قام عقلى بمحو صورتها ليستطيع النوم من جديد..باغتنى وجهها ملىء بالشفقة ..الشفقة على ما حدث لى وكاننى اصبت بمرض خطير وكان المدينة باسرها تعلم بحالى وتتحدث لم افكر من قبل فى اننى ادور على السنه احدهم دخل الخاطر فى تلك اللحظة عقلى ولم يبارحنى بعدها قط..حاولت ان انهض لكنها سرعات ما ابتسمت جلست لجوارى ضمتنى اليها سعدت لاننى لم انهض لاجلها تركتها تحتضننى سارعت بطلب فنجانين من القهوة انتظرت حتى ابتعدت صباح بعيدا..
انتظرتها ان تخبرنى عن لومانا ومع ذلك شرت بالراحة عندما اهتمت بالسؤال عن ما يحدث معى سألتنى باهتمام هل انت سعيدة؟
توقفت لم افهم تسالنى عن السعادةهل تعلم بما يدورهل قدمت لتكشف امرى امام الجميع ؟!
اجبت بثقة سيزا القديمة نعم بالقطع يوسف رجل جيد
اشارت الى بطنى قالت امى تحبك كثيرا طلبت من القديس شاربل ان يساعدك فى طفل صغير
ألجمتنى لااعرف بما اجيبها هل تواسينى ام ترغب باذلالى لاول مره اشعر بذلك مع صديقتى الوحيدة لاافهم ماتريده حقا
سألتها عن بشاره باغتها نظرت الى عيناى كثيرا بحيرة قلت ماذا ماذا هناك لما تنظرين لى هكذا ؟
زفرت ابتسمت فى اضطراب حاولت ان تلتقط انفاس من جديد تراجعت الى الخلف اسندت ظهرها الى الكرسى تركت قدماها تتمددان امامها فى راحة قالت لااعرف ربما غادر الى القاهرة او ربما غادر البلاد باسرها لااعلم بشاره لم يعد الولد الصغير الذى كان معنا يجمعنا فى البدروم ويقوم باعطائنا الادوار ونحن نضحك ..اصبح اخر لااعرفه
كيف هى زوجته؟
اى زوجه تطلقا لاجل واحدة اخرى ..تعلمين ما عملها سيزا ..نظرت لى بحيره اكملت راقصة ترك بشاره عمل ما يحب وصار يتبعها فى كل مكان لم اعد اعرفه
سالتها بجراءه اكثر:هل يعلمون بامره ؟هل يعلمون بعلمك لكل هذا
اجابتنى دون ان تنظر لوجهى :اجل
وكانها تثق بى مثلما كانت تفعل فى الماضى فى تلك اللحظة عادت صباح بقهوتها امسكت مريم بفنجانها ترتشف بقوة تغلق عيناها متلذذه بمذاق القهوة المضبوط مثلما يفعل لومانا!!تراجعت براسى الى الخلف استنشق مزيدا من الهواء هل الاحباء يتشابهون دون ان يدرك احدهم ذلك ام يدرك انه صار انطباع الاخر امام الناس وانتهى الامر..
كنت اعلم ما سيحدث بعد ان رحلت ساخونها ربما ساخون الجميع نعم..وكاننى اعددت لذلك من قبل وهو قدرى لعنتى ..عندما مرت الايام واستطعت الذهاب الى ذات المكان وجلس قبالتى من جديد اخبرته سأرحل نظر لى مطولا يعلم اننى سارتك كل شىء زوج وعائلة علم هذا بالتاكيد من نظرات عينياى وهو يحكى لى تلك القصة التى اشتراها خصيصا لتكون اول انتاجاته للسينما وقرر ان تكون مريم بطلتها بينما قررت انها صنعت لاجل سيزا فحسب وليس لاجل فتاه اخرى غيرها..اخبرت سأرحل فى الغد يوسف سيغادر الى الصعيد لم اخبر بالمزيد لم اقص لاحد لاهو ولا مريم ان يوسف كان يحب ان يحصل كل ىء كما ينبغى ان يكون انه ولد فى عالم القديسين والملائكه بينما خلقت انا شيطانة تحب المراة المسحورة وتريد ان تصبح بطلة كل قصة بوجه جديد يصفق لاجلها المعجبين ..شعرت بالراحة لاعترافى له بالرحيل لاننى اتخذت قرارى ولم اعد افكر فى اى شىء ..صمت وحين تكلم سالنى اين سأرحل؟نظرت له بجدية :ان لم تدبر لى المكان ادبره انا لاجلى لاجلنا اذا اردت..توترت قسمات وجهه ..تعجبت لهذا للحظة شعرت بالضيقمن رؤيته لكنه تدارك لمحات وجهه وعادت جامده من جديد قال غدا فى المكان ذاته سنرحل الى حيث لايجدك احدا ..