صفاء تبحث عن الصفاء



صفاء زويدي
2020 / 12 / 18

منذ ولادتنا وحتى كبرنا نمنح الحنان والحب
لم أكن اعلم أهذا ود متصنع أم هو فطري
كبرت وكبرت معي كل تلك المشاعر والأحاسيس
لأشعر وكأنه يجب عليا أن أبادل
كل هذا مع شخص آخر غير العائلة والأصدقاء
لأبحث عنه
كنت حينها في عمر الزهور ، في العشرين
لم أعلم وقتها من هو هذا الشخص لتكون أنثى أم ذكر
كل ما تريده حينها أن تمنحه للشخص المرغوب
وان يمنحني هو ذلك
أريد فقط أن اشعر بنفس شعور الشخص الآخر عندما امنحه كل هذا...
إلى أن جاء ذلك اليوم الموعود عندما التقيته فيه
الغريب في الأمر أنه كان يدرس معي
أعطيه اهتماما كبيرا فقط لان لدي معتقد كل من يدرس معي اخ
لينقلب كل شيء رأسا على عقب
لأعيد ترتيب، أو الأصح لأقلع كل تلك المعتقدات من جذورها إلى الأبد…
لم تكن سوى نظرة واحدة جعلت من أجنحة قلبها تنفتح
لتعلن عن أول رفرفة لها نحو الحب…
ومن يومها بدأت أحلامها معه لم يكن يحبها ولم ينظر إليها حتى بل لا يشعر بها أصلا
لم تكن جميلة ولا حتى فاتنة
لم تمتلك أي مقومات الجمال كصديقاتها
فقط كانت طموحة حالمة و لطيفة، تمتلك قلبا ملائكيا
روحا هادئة
و الأفضل أن أقول عقلا رزينا يزن الدنيا بأكملها تكتشفه فقط عند محادثتها وكأنها عجوز تقترب من عقدها التاسع
عاشت عمرها كله في التجارب والحقيقة أنها قارئة
منذ صغرها وهي تطالع الكتب كانت الأذكى مقارنة بتوأمها
ولكن هذا لم يجعلها فريدة
لأنها كانت منبوذة حتى أمها وأباها
لم يحباها قط لان وجهها ليس جميل..
كانت تبكي نفسها كل ليلة
تتمنى لو يبادلاها نفس شعورها
ولكن هيهات حتى أنهما لم ينتبها كم كانت ذكية وفاطنة
كانت تحاول دائما جلب انتباههما
تتحصل على المرتبة الأولى في كل الصفوف
ولكن لكرههما لها يجعلان أختها التوأم هي من تتحصل على هذه الجوائز رغم أنها لا تجاريها أبدا
لأنها ليست جذابة …
تبكي ليلها ونهارها حياتها مرها وحلوها تتمنى لو تختفي إلى حين قابلته …
كان شابا يافعا
خصلات شعره السوداء المجعد تزين وجهه المستدير
ذو وجه مضيء مثل الشمس
وعيناه السوداويين ورموشه الطويلة
فمه كحبة ياقوت, لؤلؤ أو سكر به يحيا قلب عاشق مستعبد
كان طريفا ومليحا وحلوا...
ننجذب نحن النساء إلى القلب الحنون و العقل السليم
فقط شخص واحد يستطيع الفوز بقلبك و بعقلك
عندما تراه تقع وكأنك تحلق في السماء
وتسمع تلك النبضات التي تنطق باسمه عندما تحادثه
وينتابك ذلك الشعور الغريب لكن جميل جدا أو هو أجمل مما تظن...
كما حال صديقتنا صفاء كانت تراه أمانا والعالم كله حروب
أميرها وفارسها المغوار
الذي تنتظره منذ سنين
ليحول اكتئابها إلى ضحكات
وتتجاوز به مرّ الأيام والسنين والحياة...
لتحب الحياة كما لم تحبها من قبل
ستهجر و تتغير عن الجميع إلا عنه
لقد وقعت في شباك حبه ...
كانت تجلس في شرفة غرفتها
تخطو خواطرها تخطو أيام حزنها وتعبها لتعوضها بأيام الحب...
آفاقها النسيم البارد
الذي بدأ يتسلل إلى جدران قلبها
وقطرات الندى ترسم ذكرياته الخالدة على نافذة غرفتها
ورائحة الحب تدخل إلى حجرة أحلامها
معلنا بدء فصل آخر جديد للحياة..
بدء فصل العشق
دموع الغيم تنهمر
صوت ضحكات الأرض تتعالى
فقد غمرتها شمس الحب
فقد روت عطش أزقتها
لتتلون السماء بألوان الحياة...
ويتعالى أنين الرياح ليغطي الوشاح الأبيض دنيا العشق والسلام
سيعم الأمل والأمان وستشرق شمس الحب كل صباح
ويأتي قمر الهوى باحثا عن ظلها كل مساء...
لم يكن مجرد حب
أو مجرد مشاعر مبعثرة
بل أعظم من ذلك
لقد كان عشقا ملتهبا
يتجدد ويزداد لهيبا بمرور الثواني والدقائق والساعات
ويتفاقم ويزداد شيئا فشيئا بأعماقها كما لو كان طفلا ينمو في أحشائها
ينمو يتفتح كما الأزهار
كما الروح ملتصقة بالجسد
كما القلب لولا نبضاته لما عشنا
وبفضلها يضخ الدم إلى أعضائنا لنعيش
هكذا هو حبي له
أعظم من كل تلك الترهات
بل أعظم من أن يندرج ضمن حب عنتر وعبلة
قيس وليلى
وحتى فينوس وأدو نيس
لقد كان ومزال عشقا أبديا
فسلام على أرواحنا الملتحمة ...
لتستفيق على صوته أمها
الذي يتخلله الشتم والسب وكأنها خادمة
قصتها تشبه قصة سندريلا
ويا ليتها كذالك هي تحسدها فقط على حنان أبويها الّذي تتمنى لو تعيشه ولو الثانية واحدة ولكنها لم تعد تأبه بهم
فقط لكونها وجدت حب حياتها ورفيق دربها وأميرها
تنتظره دائما لتنظر إليه وتشبع عينيها بجماله وحبه الأول
لترسم مشاعر الحب على ملامحه
لتشفي بعضا من جروحها ليكون هو دوائها ومرهمها
يعلم أنها تحبه ولكن غروره وتعجرفه
أو أقول قلة تربيته جعله في هذه المرحلة من التكبر
ويا له من أبله والسبب تحيطه الفتيات
لينظر إليها ويذهب لمحادثتها لغاية في نفسه
ولم تكن غاية تدعو للاطمئنان أبدا
وتلك الابتسامة الماكرة أيضا
لتشرح أساريرها وتفرح كما لم تفرح من قبل
لم تستطع شرح تلك الابتسامة رغم كونها مختصة بها
ولكن فرحها، سعادتها جعلها تنسى كل هذا...
آه لك يا صغيرتي
وتتوالى الأيام
لتعبر هي عن حبها له
ليبادلها نفس الحب متصنعا
لتعيش وكأنها في عالم آخر
عالم وردي لطالما رسمته هي في كتاباتها
وتشهد على ذلك غرفتها الصغيرة وفراشها الصغير وحتى وسادتها المبللة بدموعها
ليسعد قلبها كما لم يسعد من قبل
ليبدأ بضخ كم هائل من الدماء لا من الحب ليسري في كامل جسدها...