المرأة الكويتية والسياسة



حنان المطوع
2020 / 12 / 25

كانت نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة 2020 صدمة نسائية، بل صدمة حضارية اجتماعية إنسانية في المجتمع الكويتي المتحرر الذي كان سباقا دائما في التطور على المستوى الخليجي في الأدب والفنون التشكيلية والمسرح والتمثيل التلفزيوني، حيث شاركت المرأة الكويتية بكل اقتدار في جميع هذه الفعاليات، فقد خلا المجلس من العنصر النسائي.
وتم شغل منصب واحد في الحكومة د.رنا الفارس لوزارة الأشغال العامة والبلدية.
ومنذ إقرار حقوق المرأة السياسية في الكويت عام 2005 شاركت المرأة مع الرجل في النهضة بالمجتمع الكويتي في مجالات متقدمة عديدة.
وبالرغم من أن إقرار حقوق المرأة السياسية جاء متأخرا جدا في مجتمع تنويري كالمجتمع الكويتي، إلا أنه يبقى إنجازا سياسيا كبيرا للمرأة الكويتية وللمجتمع الكويتي بشكل عام.
عندما يقف الدستور مع المرأة في معترك الحياة جنبا إلى جنب مع الرجل فإنه يقف إلى جانب المسيرة الحضارية التي لا تنهض إلا بالرجل والمرأة معا. فهذه هي الحياة الإنسانية. بل للمرأة أفضلية على الرجل في بناء المجتمع البشري على أسس إنسانية.
ففي بدء الخلق لم تقتل امرأة امرأة! بل قتل الرجل أخاه (قابيل وهابيل) ولا يزال، وسيبقى! وفي القرآن الكريم: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) «سورة البقرة 30».
ترى مَن من البشر مسؤول عن سفك الدماء؟ المرأة أم الرجل؟
المرأة منذ تاريخ خلقها وهي تنزف الدماء، حائضا، وولودا للحياة لا الموت! بل قد تموت وهي تلد لنا الحياة.
وعبر التاريخ، فالجنرالات (الجمع هنا ليس جمعا مؤنثا سالما!) وقادة الجيوش والمحاربون، طوعا أو كرها، والمستعمرون، وقاطعو الرؤوس، وذابحو الأطفال... هم جمع مذكر!
بعد الحروب المدمرة التي شنها «رجال» الإغريق في جميع بلاد اليونان، طرح الكاتب المسرحي الساخر أريستوفانوس في مسرحيته «ليسستراتا» فكرة طريفة من شأنها أن تجعل الرجال يقلعون عن الحروب.
حرضت «ليسستراتا» جميع نساء اليونان على هجر أزواجهن في مضاجعهن! حتى يقلعوا عن الحروب التي تفتك بالرجال والنساء والأطفال، وتدمر حضارة اليونان.
تتجاوب النساء مع دعوتها، فيقاطعن أزواجهن في الفراش، في محاولة لإقامة دولة عادلة ترعى النساء جميع شؤونها! لكن الدوافع الجنسية القاهرة تدفع ببعض النساء والرجال إلى لقاءات سرية! فلم يتحمل الجميع هذه المقاطعة وكانت النتيجة أن تصالح الرجال والنساء، وأقسم الرجال على عدم العودة إلى الحروب.
مسرحية فذة تتضمن مسؤولية الرجل عن الحروب، وإلى الثقة في قدرة النساء على إنقاذ الرجل من نزعته الذكورية في وسفك الدماء، وبالتالي إنقاذ الحضارة من التدمير.
ونحن لا نقول إننا هنا في حرب دموية، لا سمح الله، بين الرجل والمرأة في مجتمعنا المسالم، بل هي حرب برلمانية ذكورية تسلطية يقف وراءها جيش من الرجال الذين هالهم أن يروا المرأة الكويتية تنافسهم علما وجرأة في الحق ودفاعا عن قيم المجتمع ومصالحه العليا من دون غاية ذاتية نفعية.
إن التأمل العميق في نتائج انتخابات مجلس الأمة 2020 يشير إلى انتكاسة سياسية اجتماعية إنسانية خطيرة في المجتمع الكويتي.
وأنا أقترح أن يوضع حد لسيطرة الرجل على مقدرات الأمة بإقصائه المرأة عن المشاركة السياسية في إقرار شؤون الوطن في مختلف المجالات.
وهذا الاقتراح هو أن يكون لسمو أمير البلاد عند أي انتخابات قادمة لمجلس الأمة، الحق الدستوري في (تعيين) نسبة، يقررها الدستور لسموه، من النائبات المشهود لهن بالنزاهة والتخصص العلمي التقني والأكاديمي الرفيع المستوى حتى يتم كسر الاحتكار الذكوري لقرارات المجلس بدعوى الأكثرية الغالبة المطلقة في غياب صوت المرأة المعادل الموضوعي للنائب الرجل عند التصويت على القرارات المصيرية للمجتمع.
لكن السؤال الكبير: هل تسمح أنانية الرجل للمرأة بأن تتسلم مقاليد الحياة معه.. وليس ضده؟