لماذا يكره الرجل المرأة؟؟



عبد الناصر جلاصي
2020 / 12 / 31

يمكن المجازفة بإعتبار هذا السؤال بهذه الصيغة تكثيفا لعشرات الأسئلة القلقة التي فرضت نفسها في الفترة الأخيرة (عدم تمثيلية المرأة في الحياة السياسية، المساواة في الميراث، العنف اللفظي والمادي، التحرش ،الإغتصاب،تبرير الإغتصاب والتحرش ؛بالأمس مجرم يوثق عملية تشويه وجه فتاة في مقطع فيديو يقابل بتعاليق ثناء وتمجيد وفي أفضل الحالات تبرير. واستنكار محتشم ....) مع تطور في الحركات النسوية التي استغلت جيدا وسائل التواصل الإجتماعي من خلال التنسيق الإفتراضي وإطلاق الحملات واحدة تلوى الأخرى لفرض عديد المطالب وللتشهير بالمتحرشين (بلغت أوجها في التفاعل مع الحملة العالمية مي تو ) والتشهير بالعنف المسلط على المرأة وفرض حمايتها بترسانة من القوانين لكن ظلت قاصرة على القضاء على هذه الجيغا-ظاهرة التي يعاني منها كل شعوب العالم والشرقية عموما والعربية الاسلامية خصوصا لذلك فالاستئناس بالتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع والانثربولوجيا وغيرها من العلوم الانسانية ضروري لمحاولة فهم "لماذا يكره الرجل المرأة ؟!" ....
منذ ان حصل الانقلاب الأبوي على المجتمع الأمومي (الذي ظهر بعد مرحلة التوحش وقبل المرحلة البربرية) سعى الرجل للمحافظة على الثلاثي/مربط الفرس في هذا الصراع وهو ثلاثي السلطة-الثروة-الجسد مدعما سطوته للحفاظ عليها بترسانة قوانين و عادات وتقاليد و تشريعات دينية نجح في فرضها واثبتت تماسكها ليوم الناس هذا منذ الاف السنين مع منظومة تعذيب سادي تردعها عن الإنتفاض (في شريعة حامورابي توضع المرأة الزانية مكتوفة في نهر دجلة أو الفرات أما الديانة الهندوسية ترميها للكلاب المجوعة لمدة ثلاث أيام لنهشها حتى الموت ولاحقا اقرت الديانة اليهودية رجمها وأخذها المتحيل والمهووس إبن إسحاق ولفقها للإسلام (ولم يغفل على التأكيد ان تكون حجارة متوسطة لإطالة التعذيب قبل الموت) ولازالت هذه الوقاحة الأخلاقية تمارس في عديد الدول على رأسها إيران -صديقة اليساريين والتقدميين العرب- والسعودية مع إتفاق لكل الأديان السماوية أنها السبب في النزول من نعيم الجنة إلى جحيم الحياة و إجماع منقطع النظير في كل الحضارات الغربية والشرقية على دونيتها وإعتبارها كائن مستباح ) مع إحلال آلهة ذكور محل الآلهة الإناث منذ الثورة الزراعية الأولى (12 ألف عام ق م ) إضافة لحصول الأب على السلطة المطلقة إلى جانب مناخ ذكوري جعل الذكر يحس انه كائن كامل و أنه سيد الكائنات وعلى رأسهم المرأة ولئن كانت هذه الأفكار والمعتقدات لترسيخ وتوطيد البنية الفوقية للمجتمع للبطريركية الذكورية فإنّ اسبابه النفسية أعمق من هذا ويمكن إختصار عشرات الدراسات التي تناولت هذا الحقد الدفين من الناحية البسيكولوجية وهذا العداء يعود اساسا للمخاوف اللاشعورية المكبوتة منذ آلاف السنين على رأسها الخوف من فرجها الذي يبتلع قضيبه (في ظل غياب تربية جنسية للناشئة تفسر لهم الخصوصيات الفيزيولوجية لرحم المرأة وتكيفه بإعتبار انضباطه لقانون التطور خاصة فترة المشاعة الجنسية حيث تكيف مع مختلف الاحجام داخل العشيرة حيث هناك اغلبية ساحقة من 9 إلى 15 سم و اقلية صغيرة من 16 الى 25 سم و من 5 الى 9 تكيف معها رحم المرأة من خلال القابلية للتمطط و من خلال وجود النقطة جي على بعد 5 سم وهذا من شأنه أن يطمئن الاطفال والمراهقين الذين يقومون بالتبارز والتناظر اليوميين حول حجم عضوهم الجنسي وينقذهم من عقدة الخصي وانه سيعيش حياة جنسية ناجحة ويهدأ من روعه وقلقه الذي يجعله يحقد ويكره المرأة التي ستبتلع قضيبه ) كما أنه على رأس أسباب الكره هو الخوف العميق واللامتناهي من المقارنة برجل آخر لما يحيله على نقص ويفكر مباشرة ان الشخص المقابل أكثر فحولة منه وهو نفس التوجه الذي يفسر السادية الجماعية المرعبة في فكرة الرجم التي يشارك فيها الرجال (بينهم الأب و الإبن إذا تجاوز العاشرة) بالرغم ان الامر لا يعنيهم لكن يقومون مباشرة في لاوعيهم ان عشيق المرأة أكثر منهم فحولة لذلك اختارته ولم تختر أحد الجلادين المتأهبين بالحجارة بسبب الثقة المهتزة داخل الرجل والواضح ان الرغبة الجنسية المكبوتة هي العامل الأقوى وراء المخاوف اللامعقولة من المرأة إلى جانب الرغبة في الإغتصاب والمتأصلة في النفسية البشرية الذكورية والتي يمنع تحقيقهاالقوانين الوضعية العقلانية الى جانب العقدة الأودبية ونشوء فانتازم "الأم المفترسة" التي تحرم الابن من جنة الرحم بالولادة ثم من جنة الرضاعة بالفطام يضاف لها لاحقا انها -أي المرأة- سبب حرمانه من الجنة من خلال قصة غواية حواء لآدم (ينشأ فانتازم الام المتوحشة أساسا بسبب تأخر الام عن إرضاع إبنها بإعتبار الربع ساعة جوع وعطش للرضيع تعادل ثلاثة أيام من جوع وعطش الراشدين).
ولا يخفى أيضا مدى عداء وكراهية المرأة لنفسها la haine de soi في عديد المحطات اليومية والتفاصيل الصغيرة او المفصلية وآخرها إنشاء مجموعات تدعو لتعدد الزوجات و التصدي لقانون المساواة و تحميل الضحية مسؤولية ماتتعرض له وتحويلها لجلاد وقد يكون سببه الرئيسي العنف الرمزي -المصطلح نحته السوسيولوجي الفرنسي بيار بورديو- المسلط ضدها طيلة قرون الذي يولد بالضرورة سلطة رمزية (السلطة التي يطيع بها العبد سيده و المظلوم ظالمه و النساء رجالهم) جعلها تستبطن وتقتنع وتتبنى رأي جلادها فيها الذي نجح وبمساعدتها في تحويل المحرمات والممنوعات التي فرضها عليها في سياق تاريخي وثقافي معين الى مسلمات لا غبار عليها من "الله" و "الطبيعة" و "البيولوجيا" وتطمس تاريخية هذه المحرمات فتتحول الى الى قوانين طبيعية من الناحية العلمية و فطرة الله التي فطر عليها الناس من الناحية الدينية فلا تصبح مثيرة للاستنكار وبالتالي التمرد بل تصبح أمرا عاديا ومقبولا يتوارث جيلا بعد جيل يرث عن سابقه الخضوع الطوعي la servitude volontaire مع الاستناد على منظومة دينية وفقهية حزمة من الاحاديث الملفقة لفقها مهووسون برتبة محدثين لا أول لها ولا آخر مثل :
"يقطع صلاة المرء المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود" (واضح أن الكلب الأبيض أفضل من المرأة!!) رواه مسلم في صحيحه وفعلا تستبطن المرأة اليوم هذا الامر وتتحاشى المرور امام الرجل عند صلاته
"لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه" صحيح الجامع 7725
"ناقصات عقل ودين" رواه مسلم والبخاري (اليوم علوم الدماغ والاعصاب يدحضان هذا الهذيان الملفق)
شاوروهن وخالفوهن فإن في خلافهن البركة" رواه العسكري بإعتبارها حليفة الشيطان ضد الرجل وإلى آخره من الأحاديث التي لا يتسع المجال لذكرها لليوم تأخذ مكانها في المنظومة الفقهية تستبيح الآخر المختلف.
ختاما ليس أمام المرأة من خيار إلا النضال ومزيد النضال ضد لا وعيها بدرجة أولى وضد المنظومة السائدة بما تحمله من قوانين وتشريعات وعادات و في المنطقة العربية النضال ضد الفاشية العسكرية الأخ غير الشقيق للفاشية الدينية الذان يشتركان في ضرورة قمع المرأة خاصة و أن يكون في سبيل المواطنة و الإنسانية وليس لتعويض هيمنة جنس بجنس آخر كما أن ادارج التربية الجنسية للناشئة سيقضي على نسبة هامة من أسباب كره الرجل للمرأة و يوفر سنوات وعقود من التخلف