نحو تاسيس مراكز متخصصة في الارشاد الاسري في العراق



سوسن شاكر مجيد
2021 / 1 / 3

تعرضت الأسرة العراقية نتيجة التحولات الأقتصادية والأجتماعية والسياسية والحروب والحصار الأقتصادي، والعمليات العسكريات الى هزات عنيفة ، وبدأت مظاهر التفكك الأسري تأخذ طريقها الى الأسرة .
فبعض الرجال تقلصت مهامهم ومسؤولياتهم الأسرية من رعاية وحماية بسبب مشاركاتهم في الحروب او انشغالهم طوال اليوم بالعمل مما جعل المرأة تضطلع بادوار متشعبة، وتعاني من كثرة الاعباء والمسؤوليات داخل وخارج المنزل فضلا عن تعرض الكثير من منهن الى الفقر والحاجة والبحث عن الرزق بأي شكل كان.
كما تنامت ظروف العزوف عن الزواج وتأخر سن الزواج عند الشباب والشابات وتزايدت العقبات امام الزواج وتكوين الأسر.
واصبحت العديد من الاسر مجرد كيان رسمي غابت عنها قيم المعاشرة بالمعروف والاحسان للأهل ومفاهيم الرعاية والحماية والمودة والرحمة وانعكس ذلك على الابناء وتعرض شريحة واسعة من الشباب الى الانحلال الخلقي وتعاطي المخدرات.
كما تفشت الخيانة الزوجية واقامة العلاقات غير الشرعية خارج مؤسسة الزواج ,
لذلك اصبحت الحاجة ماسة جدا الى تأسيس مراكز للأرشاد الاسري التي يمكنها ان تقدم الخدمات الاستشارية والاجتماعية والتوجيهات النفسية والقانونية للأسر التي بحاجة اليها في سبيل اشاعة ثقافة اسرية بناءة وهادفة تساهم في تحقيق نهضة اجتماعية وثقافية.
وتعد العلاقات الأسرية هي مصدر أثراء ودعم ومساندة لكل فرد منها، ولكن يمكن أن تشكل مصدرا للضغوط والمعاناة في كثير من الأحيان. ولذا لايخلو اي بيت من تباين في وجهات النظر التي قد تؤدي الى مشكلات وخلافات أسرية ، وان كان الكثير من هذه المشكلات التي تواجهها الأسرة يمكن حلها وتجاوز أثرها بين طرفي الخلاف من تفاهم. الأ ان بعض الخلافات والنزاعات قد تستفحل بين افراد الأسرة الأمر الذي يستدعي تدخلا من أطراف آخر. وهنا تبرز اهمية ودور الأرشاد الأسري والزواجي الذي يهدف الى معالجة المشاكل الأسرية بأسلوب علمي، ويساعد الأسرة على فهم الحياة الأسرية والزواجية ومسؤولياتها من اجل تحقيق التوافق داخل الأسرة.
ويهدف الأرشاد الأسري الى :
- تحقيق السعادة والأستقرار للأسرة وبالتالي سعادة واستقرار للمجتمع.
-وقاية وحماية الأسرة من العنف الأسري.
-زيادة الوعي بأهمية وقدسية الأسرة وسمو رسالتها وضرورة استمراريتها.
-تنظيم أدوار أفراد الأسرة بما يضمن التفاعل الأيجابي لتحقيق النمو والتطور السليم والعيش الكريم الصحي لجميع الأفراد.
-التعريف بالآثار والنتائج السلبية المترتبة على عدم قيام الأسرة بأدوارها وواجباتها.
-التأثير الفعال في كافة المراحل التي تمر بها الأسرة ( ما قبل الزواج، وما بعد الزواج) بما يضمن الفهم والوعي والتصرف السليم داخل أطار الأسرة.
كما ان الأرشاد الأسري له فوائد عديدة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع ومنها:
1- زيادة الوعي المجتمعي بمفهوم الأسرة السعيدة والصحية والمتعافية.
2- زيادة وعي الأسر بالمشكلات التي تؤدي الى توتر العلاقات الأسرية، وأثرها على أداء الأسرة لدورها بفاعلية.
3- الوقاية من المشكلات الأسرية والعمل على معالجتها عند وقوعها.
4- تشجيع مهارات الحوار والتواصل الفعال بين جميع أفراد الأسرة الواحدة.
5- تطبيق مهارات حل الصراعات والمشكلات في التعامل مع المشكلات الأسرية.
وبالأمكان تقديم خدمات الأرشاد الأسري بانواعها المتنوعة وتشمل:
- خدمة الدعم الأسري عبر الهاتف.
-خدمة الأرشاد الزواجي وماقبل الزواج والتركيز على اسس أختيار شريك المستقبل وتكوين الأسر النموذجية.
-خدمات الأصلاح والوفاق الأسري.
-خدمات الدعم الأجتماعي المساندة.
-التدريب على مهارات الحياة الأسرية المتعددة كالمهارات الوالدية، والأتصال، وحل المشكلات، والتعامل مع الضغوط والصراعات.
-التوعية المجتمعية والأسرية بطبيعة الحياة الأسرية وشروط نجاحها، والواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل فرد فيها.
-الأحالة للجهات الأخرى مقدمة الخدمة الطبية والقانونية والتربوية من خلال اتفاقيات تفاهم وشراكة.
ومن أجل الأستفادة من خبرات وتجارب الدول المتقدمة تعرض الباحثة نماذج من المراكز والجمعيات الدولية التي تقدم خدمات الأرشاد الأسري من أجل معالجة المشكلات التي يعانيها الأفراد والأسر وهي:

الجمعية الأمريكية للزواج والعلاج الأسري American Association for Marriage and Family Therapy AAMFT
وهي جمعية مهنية مختصة في العلاج الاسري والزواجي تأسست عام 1942، وتمثل 25000 من الأسر والأزواج المعالجين وتتعامل مع المشاكل والأحتياجات والأنماط المتغيرة من الأزواج والعلاقات الأسرية. وتقود الى التفاهم والبحث والتعليم في مجال الزواج والعلاج الاسري.
وتوفر للأفراد الوسائل والموارد التي يحتاجونها لتحقيق النجاح والزواج والأسرة .
وتلبية المعايير الصارمة للتعليم والتدريب ، واعلى المعايير الأخلاقية للمهنة والتعلم والخبرة السريرية. وتوفر للمعالجين والطلاب التدريب للممارسة السريرية .
تسهيل البحث والتطوير والتعليم والاشراف السريري واخلاقيات المهنة والممارسة السريرية في الزواج والعلاج الأسري.

اما اهم الموضوعات التي تهتم بها هي:
التحديات السلوكية للأطفال:
البلطجة، اساءة معاملة الأطفال واهمالهم، البدانة في مرحلة الطفولة، الأعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة ، الأطفال والطلاق، الأطفال من مدمني الخمر، العلاقات مع الأطفال، المرض العقلي عند الأطفال، عنف الأخوة.
التحديات السلوكية للمراهقين:
مشاكل سلوك المراهقين، المراهقين وايذاء الذات، المراهقين وتعاطي المخدرات، الأعتداء الجنسي على المراهقين،
تحديات الأزواج:
التبني، العنف المنزلي، المشاكل الجنسية للأناث، العقم، الخيانة، المشاكل الجنسية للذكور، أدارة الصراع خلال الطلاق، الأغاثة الزوجية، الزواج والأسرة والمعالجون، الأعداد للزواج، الصحة الجنسية.
قضايا الأسرة:
تقديم الرعاية للمسنين، تأثير الغضب على الأسر، اسر ألأحداث المجرمين، الضائقة المالية للأسرة، الأجداد والأحفاد، الحزن لفقدان الطفل، الأسر المتعددة الأعراق، الحمل والولادة.
القضايا الطبية:
العلاج الجراحي للبدانة، سرطان الكبار، مرض الزهايمر، المرض المزمن، المرض السكري، الأسر التي تعيش بفيروس نقص المناعة البشرية، الأضطرابات الوراثية، مرض باركنسون، النساء وامراض المناعة الذاتية.
تعاطي المخدرات:
مشاكل الكحول، مشاكل القمار، الأدمان الجنسي، تعاطي المخدرات ، العلاقات الحميمة.
العاطفي:
علاقات التعلق للكبار، اضطرابات تقص الانتباه وفرط النشاط، متلازمة اسبرجر، الثكل، الأضطراب الثنائي القطب عند الأطفال والمراهقين، الاضطرابات المتكررة، اضطرابات الشخصية الحدية، اضطرابات الهوية ، الفصام، اضطرابات الاكل ، الهوية بين الجنسين ، اضطراب الوسواس القهري ، اضطراب الهلع، الرهاب، اكتئاب مابعد الولادة ، اضطرابات مابعد الصدمة ، صدمة الأغتصاب، التفكير في الانتحار، الأنتحار لدى كبار السن.

جمعية العلاج الأسري والممارسات النظامية Association For Family Therapy & Systemic Practice AET
جمعية العلاج الاسري وهي منظمة رائدة في المملكة المتحدة للأطباء النفسيين والأسرة والممارسين تعمل مع الأطفال والشباب والكبار والأزواج والأسر والأفراد وتمكينهم من الأستفادة من نقاط القوة والضعف والتفاهمات وايجاد سبل المضي قدما في حياتهم. وهي تدعم البحوث وتطوير التدريب والعلاج الأسري ومعايير الممارسة والمؤتمرات وورش العمل. وتوفر ثروة من المعلومات والموارد للطلاب والمهنيين والجمهور.
وهي الصوت الرائد في المملكة المتحدة باستخدام المنهج النظامي في العمل العلاجي مع العائلات والافراد والازواج والمجتمعات الأخرى من الرعاية في خدمات القطاع العام والخاص والممارسة المستقلة وتشمل الأنشطة الرئيسة هي:
- وضع معايير التدريب والممارسة
-تعزيز وتطوير البحوث
-توفير معلومات عالية الجودة للاحداث والموارد
-التدريب للاعضاء والجمهور ووسائل الاعلام والمنظمات والمفوضين واصحاب العمل.
-تقديم المشورات في الممارسة والخدمات العلاجية في المملكة المتحدة
-اصدار مجلة العلاج الاسري ومجلة السياق للأعضاء والأفراد والمنظمات.
الرابطة الأوروبية للعلاج الأسري European Family Therapy Association EFTA
تأسست عام 1990 كمبادرة من شبكة العلاج الاسري الاوروبي وهي جمعية غير رسمية من المعالجين للاسرة الذين اجتمعوا منذ عام 1983 في مختلف المؤتمرات واندمجوا في عام 1986 .
هدفها هو وضع معايير الجودة والمباديء التوجيهية الأخلاقية وتحسين القبول والتدريب والوصول الى العلاج الأسري فضلا عن تشجيع القيام بالبحوث. واجراء مسح للبحوث ذات الصلة برفاهية الأسرة وتعزيز الصحة، وتمويل البحوث على المستوى الأوروبي.
ويتناول العلاج الأسري مشاكل الناس في سياق علاقاتهم مع الأشخاص في حياتهم وشبكاتهم الأجتماعية. وهو نهج من العلاج النفسي المعترف به جيدا وتعني في المقام الأول نظام الأسرة كوحدة أجتماعية والعلاج الديناميكي النفسي والسلوكي المعرفي والذي يركز على الفرد.
والعلاج الأسري والممارسات النظامية تعمل على التركيز على المباديء وأداء الأسرة على مختلف المستويات وتعزيز التفاهم المتبادل والدعم العاطفي بين افراد الأسرة وتنمية مهارات التأقلم واستراتيجيات حل المشكلات في مختلف معضلات الحياة.
والقضايا التي تهتم بها هي:
- المشاكل الصحية ولاسيما الامراض الجسدية المزمنة.
-المشاكل النفسية
-صحة الاطفال والمراهقين العقلية
-الضغوط النفسية
-الكحول وتعاطي المخدرات
-المشاكل الزوجية بما في ذلك الأنفصال والطلاق.
-الحضانة والتبني والقضايا ذات الصلة.
-القضايا التي تنطوي على دورة حياة الأسرة والمراحل الأنتقالية من الحياة.
-تعزيز مهارات الأبوة والأمومة والأسرة.
-المشاكل المتعلقة بالمدرسة.
-المشاكل المرتبطة بالعمل.
-التجارب المؤلمة والخسارة والفجيعة.
-تعطل الحياة الأسرية بسبب الصراعات الاجتماعية والسياسية والدينية.

مركز الأرشاد الأسري في ولاية ميسوري Family Counseling Center of Missouri
تأسس عام 1972 كمنظمة غير هادفة للربح تقدم خدمات الصحة العقلية وخدمات العيادات الخارجية وبرامج الوقاية المجتمعية.
ويعمل من اجل تحسين نوعية حياة الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية من خلال مساعدة الناس على اجراء التغييرات الأيجابية في حياتهم وتمكينهم من اتخاذ القرارات السليمة والفعالة. ويسعى الى توفير العلاج المهني والدعم المجتمعي لجميع الأشخاص الذين يحتاجون الى العلاج وتقديم الخدمات ذات الجودة العالية مجانا. وتوفير سلسلة متصلة من خدمات الرعاية الصحية العقلية والحصول على الخدمات في ولاية ميسوري ولويزيانا. وتعزيز الرفاهية والعافية لحياة الأفراد والمجتمعات من خلال غرس الأمل وبناء الشراكات ودعم الانتعاش وتقديم المشورة الفردية والاسرية والحماية للأطفال والبالغين.
وتشمل الخدمات:
خدمات الصحة العقلية.
خدمات الأدمان.
الوقاية والتعليم.
الأعاقة التنموية.
خدمات الأزمات.
والعلاج المهني.
ودعم المجتمع.

الجمعية الدولية للأرشاد الزواجي والأسري International Association of Marriage and Family Counslers IAMFC
تأسست عام 1989 وتعتمد على منهج متعدد الثقافات في دعم قيمة وكرامة وامكانات الأسر التي تخدمها.
وتتكون الجمعية من مستشاري الصحة النفسية والزواج والأسرة والمعالجين، والمرشدين الاجتماعيين، وعلماء النفس، والأطباء النفسيين. وتشمل العناصر المشتركة لأعضاء التدريب المهني في الأرشاد والتدريب الأضافي في الزواج والأرشاد الأسري والعلاج والأهتمام والمشاركة في العمل بصورة مباشرة او غير مباشرة مع انظمة الزوجين والأسرة.
وهي تعمل على معالجة الصعوبات التالية:
- مشاكل التواصل
-الخيانة
-تحقيق المطالب مابين البيت والعمل
-مشاكل سوء السلوك او المدرسة المتعلقة بالطفل
-صدمات الطفولة
-فقدان احد افراد الاسرة
-الصراعات العائلية المختلطة او الزواج مرة اخرى
-مشاكل الابوة والامومة
-العنف الاسري
-تعاطي المخدرات
-وتعمل على تعليم المهارات مثل التواصل الفعال وحل النزاعات وتاكيد الذات وادارة الوقت
-وانها توفر خدمات التقييم والتشخيص والارشاد الاسري والزواجي والفردي
-وبرامج الوقاية والتثقيف للوالدين وادارة الازمات
-والزواج المتعدد او الاسر ذات المجموعات المتعددة.



المقترحات:
1-استحداث مراكز نموذجية للأرشاد الأسري في جميع محافظات العراق وتكون تابعة الى وزارة المرأة من اجل تقديم الخدمات الوقائية والبنائية والعلاجية للأسرة والمجتمع..
2-وضع أستراتيجية وطنية للأرشاد الأسري بالتنسيق مع الوزارات المعنية والمنظمات والجمعيات الدولية المتخصصة.
3-اصدار التشريعات والقوانين التي تنظم عمل مهنة الأرشاد الأسري والمؤسسات المقدمة للخدمة .
4-منح التراخيص للجمعيات غير الحكومية المهتمة في الأرشاد الأسري وتحديد معايير ممارسة المهنة مع وضع الأنظمة الخاصة بالعاملين في هذا المجال.
5-ضمان جودة البرامج الأكاديمية المختصة بالأرشاد الأسري في الجامعات العراقية من خلال تطبيق المعايير الدولية.
6-تدريس مناهج الأرشاد الأسري في الجامعات وفي كافة الأختصاصات لما له من اهمية في دعم واستقرار الأسرة والمجتمع.
7-تنفيذ ورش العمل التدريبية للعاملين والأداريين في مجال الأرشاد الأسري للتعريف باجراءات العمل واسلوب التطبيق.
8- اجراء البحوث والدراسات ذات العلاقة بالمشاكل الأسرية والبرامج الأرشادية التي يمكن استخدامها من اجل ايجاد حل للمشكلات.
9-تفعيل وسائل الأعلام المختلفة من اجل نشر الوعي حول مشكلات الأسرة وامكانية حل مثل هذه المشكلات.
10- تنظيم مؤتمر دولي حول دور الأرشاد الأسري اثناء الأزمات ودعوة الخبراء والمتخصصين الدوليين من اجل عرض تجاربهم وخبراتهم في تقديم العلاج للأسر المتأثرة نتيجة النزاعات والصراعات الداخلية ويمكن دعوة المنظمات الأقليمية وجامعة الدول العربية للمساهمة بالأفكار والأراء للحد من تفاقم المشكلات.
11-انشاء قاعدة بيانات ومعلومات تتعلق بالأسرة العراقية وماتواجهه من مشكلات اجتماعية واقتصادية وصحية وتربوية ونفسية وقانونية للأستفادة منها من قبل الخبراء والمختصين في اجراء الدراسات والبحوث ووضع الأستراتيجيات المتخصصة لمعالجة المشكلات.