تطبيق المعايير الدولية في تصنيع واستيراد لعب الأطفال مهمة وطنية وانسانية



سوسن شاكر مجيد
2021 / 1 / 28

يعد اللعب الجزء الهام من حياة الأطفال، فهم يتسلون ويلهون عن طريق اللعب، ويتمرنون ويفرغون طاقاتهم ويستشكفون العالم المادي، ويكتسبون المعارف والمهارات في العالم الأجتماعي. فالألعاب تعد جزءا لا يتجزأ من اللعب في جميع الأعمار ، ويمكن ان تزيد من النمو الفكري وتحفز الأبداع وتعزز التفاعل الأجتماعي والتعلم. ويبدأ التعامل مع الألعاب بعد الولادة بفترة وجيزة ويستمر على مدى فترة الطفولة كلها لكن الطريقة التي يستخدم فيها الأطفال لعبهم تتغير حسب السن، ومرحلة النماء والفكر والقدرة الجسدية.
وهنا لابد ان تكون الألعاب مأمونة كي تشكل عاملا ايجابيا في حياة الأطفال من حيث الأستعمال المعدة لها ومن حيث اساءة استعمالها الممكن توقعها بصورة معقولة. ولابد ان تكون اللعب المأمونة جيدة التصميم وتناسب عمر الأطفال ومتينة وغير سامة .
لقد اظهر تحليل للمخاطر اجرته مؤخرا الولايات المتحدة الأمريكية ان اغلب اقسام الطواريء في المستشفيات عالجت اصابات ذات صلة باللعب وكانت 2.5% منها ميكانيكية، و1% كيميائية، واقل من 1% كهربائية او ذات صلة بالنار و4% غير محددة. وان 64% من الأطفال الذين تم استقبالهم في المستشفيات كانوا اطفالا تحت سن الخامسة من العمر، و22% اطفالا مابين 5-9 سنوات من العمر، و8% بين 10-14 عاما، و24% اكثر من 15 سنة. ومعظم الاصابات كانت غير خطيرة وان حالات الوفاة المرتبطة باللعب نادرة وتنجم في اغلب الاحيان عن الاختناق او الرشف او التسمم.
كما وتشير المنشورات الطبية الى وجود حالات التسمم التي تتعلق بالتسمم الناجم عن المعادن الثقيلة ، كالرصاص والزئبق، في حالة ابتلاع الطفل الصغير لعبة او قطعة من لعبة بصورة غير ملائمة، او حالات التسمم الحادة بين تلاميذ المدارس والمراهقين الذين يتنشقون المواد الطيارة كالغراء او المذيبات المستخدمة في العتائد الحرفية وطواقم الفنون والحرف، كما تشير التقارير عن حروق وثقوب في الأمعاء بسبب ابتلاع بطاريات صغيرة ، او التسمم الناتج استخدام مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية او ادوات التلوين المائي، واقلام التلوين، واقلام الرصاص والحلي.
ان مستخدمي الألعاب يجب حمايتهم من المخاطر التي تؤثر على الصحة او تؤدي الى احداث اصابات جسدية عند استخدام الألعاب حسب الطريقة المعدة لها، مع الأخذ بنظر الأعتبار تصرفات الأطفال المعتادة وتشمل هذه الأخطار مايلي:
1- الأخطار المرتبطة بعملية التصميم والتركيب ومكونات اللعبة وتركيب الحواف والنتوءات والحبال والكابلات والروابط. حركة الأجزاء المختلفة للألعاب. وبعض اجزاء اللعب تكون قابلة للابتلاع او الاستنشاق. وبعض اجزاء اللعب تكون قابلة للخنق والأختناق.
2- الأخطار التي تنتج من استخدام اللعبة والتي لايمكن ازالتها بشكل كامل. وان تتناسب درجة الخطر مع قدرة الأطفال الذين تقل اعمارهم عن 36 شهرا. وان تكون بطاقة بيان اللعب او مواد التعبئة والتغليف الخاصة بها وتعليمات الأستخدام مرفقة مع اللعب وان تلفت انتباه المستخدمين او مشرفيهم بشكل كامل نحو الأخطار المتضمنة عند استخدام اللعب وطرق تجنب هذه الأخطار. وان تكون الخواص الميكانيكية والفيزيائية للألعاب واجزائها تتحمل الأجهادات التي تتعرض لها خلال الأستخدام دون ان تنكسر او تصبح قابلة للتشوه وبالتالي يمكن ان تعرض المستخدم لخطر الأصابات الجسدية.
3-بعض اللعب تكون غير قادرة على حمل الطفل في المياه وفقدان قابليتها على الطفو في الماء
4-بعض اللعب تكون فتحات الدخول اليها مغلقة ولايمكن فتحها بسهولة لدى دخول الطفل اليها.
5-بعض اللعب يكون نظام تشغيل الكوابح فيها من الصعوبة تشغيلها من قبل الأطفال.
6-بعض اللعب كالمقذوفات يكون نظامها اطلاق النار من قبل الطفل مما تعرضه للأذى الجسدي والأصابة.
7-بعض اللعب تحتوي على السوائل والغازات المسببة للحروق والأحتراق للأطفال .
8- بعض اللعب تحتوي على عناصر قابلة للأشتعال او الانفجار في بيئة الطفل
9-بعض اللعب تحتوي على مواد ذات مخاطر صحية ويمكن تناولها بالفم او الأستنشاق او التلامس مع الجلد او الأغشية المخاطية او العين عند استخدامها.
10-بعض الألعاب التي يمكن تشغيلها بالكهرباء وتسبب للطفل الصدمات الكهربائية
11-بعض الالعاب تحتوي على المواد الاشعاعية المضرة بصحة الطفل.
وفي العراق انتشرت الكثير من الألعاب ذات المخاطر العالية على حياة الأطفال ولعل ابرز الألعاب شيوعا وتداولا بين ايادي الأطفال هي العاب العنف كالمسدسات والبنادق البلاستيكية والمفرقعات التي تصدر اصواتا مرعبة، ولعبا اخرى تستخدم في تقييد الايادي والارجل ، ويشاهد الأطفال في الأزقة والشوارع وهم يقومون بتقليد رجال الشرطة والجيش في تنفيذ العمليات القتالية والمطاردات والأعتقالات، ويصاحب ذلك اطلاق الأصوات من هذه الأسلحة. وان معظم التجار واصحاب محلات بيع لعب الأطفال يعملون على استيراد انواع عديدة من هذه الألعاب لكونها تشهد اقبالا ورواجا كبيرا وتحقق الأرباح المضمونة.
وقد سجلت اقسام الطواريء في المستشفيات الكثير من الأصابات للأطفال في العين والوجه ولكن لم تعثر الباحثة على اية احصائية رسمية من وزارة الصحة بعدد وانواع الأصابات التي تم معالجتها في المستشفيات العراقية نتيجة استخدام العاب العنف. كما ان معظم دوائر الدولة المسؤولة عن الرقابة والتوجيه لم تتخذ اي دور يذكر تجاه منع مثل هذه الألعاب.
وفي دراسة اجريت عام 2013 من قبل الدكتورة منى تركي موسى، والدكتورة افنان محمد شعبان من جامعة بغداد والموسومة ( دور الأعلام في الحد من اقتناء لعب الأطفال المحرضة على العنف ) توصلت الى ان 29.5% من الأطفال يميلون الى اقتناء اللعب على شكل الأسلحة ( كالمسدسات والبنادق والسيوف) والمفرقعات وان البرامج الأكثر تأثيرا على سلوكيات الأطفال هي برامج الأطفال العنيفة وبنسبة 57.5%
ومن اجل التغلب على المخاطر التي تسببها بعض الألعاب على الأطفال دأبت عددا من المنظمات والجمعيات الدولية على وضع المعايير في تصنيع واستيراد لعب الأطفال ويمكن للعراق الأستفادة من خبراتها وتجاربها في هذا المجال واعداد معايير عراقية لتصنيع واستيراد العاب الأطفال وهي:


المجلس الدولي لصناعة لعب الأطفال International Council of Toy Industries ICTI
وهي منظمة غير هادفة للربح مهتمة بصناعة اللعب في جميع انحاء العالم، تأسست عام 1975 وتقع في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، وتضم في عضويتها 20 جمعية وطنية مختصة بلعب الأطفال. ومهمتها هي:
-تعزيز معايير سلامة لعب الأطفال.
-تخفيض وازالة الحواجز امام التجارة.
-النهوض بالمسؤولية الاجتماعية في هذه الصناعة.
-وضع برامج معالجة الشواغل البيئية .
-ممارسة التوظيف العادل والمشروع.
-السلامة في مكان العمل.
-تكون بمثابة مركز للمناقشة وتبادل المعلومات بشأن الأتجاهات والقضايا الهامة لصناعة اللعب.
وصدر عن جمعية الارجنتين سلسلة من معايير سلامة لعب الأطفال منها :
1- معايير سلامة لعب الأطفال ذات الخصائص الميكانيكية والفيزيائية.
2- معايير سلامة لعب الأطفال التي تحتوي على المغناطيس والمفرقعات.
3- معايير سلامة لعب الأطفال القابلة للاشتعال.
4- معايير سلامة لعب الأطفال التي تحتوي على بعض العناصر.
5- معايير سلامة لعب الأطفال التي تحتوي على المواد الكيمياوية.
6- معايير سلامة لعب الأطفال التي تشغيل بالمواد الكهربائية.

الأتحاد النقابي الأوروبي لصناعة اللعب Toy Industries of Europe
وهو اتحاد نقابي يمثل صناعة اللعب في اوروبا ويعد الأتحاد مصدرا فريدا من المعلومات في صناعة الألعاب. تأسس عام 1991 ويهدف الى:
-تعزيز قيم صناعة العاب الأطفال لجميع اصحاب المصالح.
-تأسيس بيئة اكثر ايجابية لصناعة اللعب.
-تعزيز قيمة اللعب في النمو الجسدي، والنفسي، والأجتماعي للأطفال.
-يعد منبرا لمناقشة القضايا التي تعتبر اساسية لقطاع اللعب.
-توفر المعلومات والمشورة بشان التطورات والتحديات التي تواجه هذه الصناعة من الناحية التشريعية
-تعزيز التقدم التقني والاقتصادي في صناعة اللعب لصالح المستهلكين
-احترام المباديء والعمل لكل عضو واتخاذ القرارات الاستراتيجية الخاصة بها
-مساعدة الاعضاء على مواكبة تطورات الصناعة التي تجلب الحلول الفعالة لتعزيز جودة المنتج وتنوعه.
-تثقيف الأعضاء على الأمتثال للسلامة والجودة والمعايير الأخلاقية في التصنيع وتثقيف المستهلكين حول اللعب الأمنة.
-احترام حقوق الملكية الفكرية في اوسع معانيها.
-تعد الصوت الموثوق فيه للصناعة والشركاء والحوار مع واضعي السياسات الأوروبية والدولية وأصحاب المصالح الآخرين
وقد وضعت المعايير المفصلة لصناعة اللعب مع اللجنة الأوروبية للتقييس European Committee For Standardization
واللجنة الاوروبية للتقييس والكهربائية CENELFC European Committee For Electrotchnical Standardization

رابطة صناعة اللعب Toy Industry Association TIA
وهي منظمة تجارية غير هادفة للربح تأسست عام 1916 في الولايات المتحدة الأمريكية ومقرها مدينة نيويورك. وتمثل جميع الشركات المشاركة في انشاء وتقديم الألعاب والمنتجات للشباب والأطفال من جميع الأعمار . وتمثل مايقارب نحو 90% من اسواق الولايات المتحدة الأمريكية.
لديها تاريخ طويل من الريادة في مجال سلامة الالعاب بما في ذلك المسؤولية عن تطوير ووضع اول المعايير الشاملة لسلامة الالعاب وصدرت عنها معايير الألعاب ISO8124-2012.
ويواصل اعضاء الجمعية العمل مع المسؤولين الحكوميين ومجموعات المستهلكين وقادة الصناعة على البرامج الجارية لضمان اللعب الامنة.
وتخدم كمدافع في هذه الصناعة على القضايا التشريعية والتجارية بما يعزز الصورة في نمو هذه الصناعة عن طريق الترويج لمنتجات لعب الاطفال والشباب في المعارض التجارية ووسائل الاعلام وتعزز العمل الخيري للأطفال.







المقترحات:

1- ضرورة قيام هيئة التقييس والسيطرة النوعية بوضع معايير وارشادات للموردين من اللعب والتي تؤكد على سلامة اللعب وتنظيم صناعة اللعب.
2-اصدار التشريعات والقوانين الخاصة التي تحد من الأضرار المترتبة على المنتجات من لعب الأطفال الخاصة بالمصانع العراقية.
3- وضع الدلائل الأرشادية ذات الصلة بسلامة اللعب المتعلقة بمرحلة نماء الأطفال ومناشيء استيراد وتصميم اللعب ووظيفتها.
4- التأكيد على دور المؤسسات الحكومية في حظر استيراد الألعاب المسببة للعلل والاصابات للاطفال وخاصة تلك التي تتوفر فيها الخصائص الميكانيكية والفيزياوية والكيمياوية وغيرها والتأكد من مطابقتها للمعايير الدولية.
5-انشاء قاعدة بيانات حول انواع الألعاب المستوردة، والمخاطر الناجمة عنها واعداد اصابات الحوادث التي تعرض لها الأطفال وغيرها من المعلومات.
6-توجيه وزارة المرأة والتربية ومنظمات المجتمع المدني بتوعية الأسر العراقية بمخاطر العاب العنف وابعاد الأطفال عن استخدامها او شرائها.
7- توجيه وزارة الداخلية بتطبيق القوانين الصارمة ومعاقبة اصحاب المحال التجارية المروجين للألعاب النارية والمفرقعات والمسدسات والبنادق ومصادرة الكميات الموجودة في الأسواق واتلافها.
8- اجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالعاب الاطفال ودورها في نمو الأطفال تربويا ونفسيا واجتماعيا من خلال مراكز البحوث المختصة بالطفولة في الجامعات العراقية.
9- ضرورة قيام وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بتوعية المجتمع بمخاطر وسلبيات استخدام الألعاب المحرضة على العنف والمسببة للأخطار الصحية للأطفال، والتقليل من بث برامج العنف والجريمة في القنوات الفضائية لما لها من تأثير على سلوكيات الأطفال في النمذجة والتقمص للأدوار التي تعرض في مثل هذه البرامج.
10- عقد مؤتمر دولي تدعى له المنظمات الدولية وألأقليمية والمختصين الأكاديميين من اجل مناقشة معايير لعب الأطفال وتصنيعها وتأثيرها على الأطفال من جميع الجوانب.