تأسيس الرابطة العراقية للمرأة الجامعية وفق المعايير الدولية خطوة رائدة للنهوض بالمجتمع



سوسن شاكر مجيد
2021 / 2 / 15

يقاس تقدم المجتمعات بمدى التقدم المتحقق في مجال التعليم فهو يؤثر بشكل مباشر ويتأثر بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وله روابط وثيقة بخفض مستويات الفقر كما انه يساهم بشكل فعال في الترابط الاجتماعي.
وان السير نحو تحقيق الأهداف الألفية أصبح من الأولويات في أغلب دول المنطقة ولا يعد التعليم كهدف ثاني من الأهداف الأنمائية للألفية فقط وانما يدخل تطور التعليم في تحقيق التقدم لمعظم هذه الأهداف.
ويعد تعليم المرأة أحد أهم التحديات التي تواجه الأنظمة والمؤسسات التربوية فلا تزال التباينات حسب النوع الاجتماعي كبيرة نتيجة التمييز بين الذكور والأناث تبعا للتقاليد الأجتماعية والثقافية الموروثة وبالتالي عدم تحقيق فرص متساوية للحصول على التعليم اصلا والاستمرار بالمراحل المتقدمة من التعليم.
ان التعليم العالي يلعب دورا أساسيا في اعداد القيادات الفكرية والعلمية والفنية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة خاصة ونحن نعيش في عصر المعلومات والتحول نحو المجتمع المعرفي.
والتعليم هو احد الأدوات الأساسية التي تساعد على تمكين المرأة فهو يرتقي بمستوى مساهمة المرأة في الأسرة والمجتمع والذي من شأنه أن يدعم التنمية البشرية ويكون فاعلا في فهم المرأة لحقوقها التي نصت عليها اتفاقية حقوق الانسان واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة في المادة العاشرة فقد اشارت الى الحق في القضاء على اي مفهوم نمطي عن دور المرأة والرجل في مراحل التعليم كافة وغيرها من الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
ورغم كل ما توصلت اليه المؤتمرات والاتفاقيات الدولية الا انه مع ذلك ما زالت كثير من دول العالم حتى اليوم تضطهد المرأة وتسلبها حقوقها بغض النظر عن مدى تقدم هذه الدول او حتى الافراد وبغض النظر عن المستوى التكنولوجي او الثقافي او الاجتماعي او المهني او الاقتصادي، والسياسي، والتربوي التي وصلت اليه .
اما في العراق فنجد انه على الرغم من ارتفاع اعداد الأناث الجامعيات الدارسات في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ، وارتفاع اعداد عضوات هيئة التدريس فيها، وارتفاع نسب اعداد المتخرجات من الدراسات العليا ، والدراسات الاولية الأ ان اعداد القيادات النسائية التي تقود الجامعات حاليا لايتجاوز عددهن 34 أمرأة وان زمام قيادة المؤسسات الجامعية اغلبها حكرا على الرجال .
فالتقارير الأحصائية الصادرة عن وزارة التخطيط لعام 2011/2012 تشير الى ان نسبة الذكور المقبولين في التعليم الجامعي بلغت 55.7% والاناث 44.3% ، وان عدد الطلبة الموجودين في التعليم الجامعي الاولي بلغت 55.1% للذكور و44.9% للأناث. اما نسبة اعضاء هيئة التدريس فبلغت 65.7% بالنسبة للذكور و34.3% للأناث، اما نسبة الطلاب الراسبين والمؤجلين والتاركين في التعليم الجامعي بلغت 68.8% للذكور و31.2% للأناث.
ولو لاحظنا توزيع النساء وفق الأختصاصات الأكاديمية المتنوعة فنجد ان نسب الأناث ترتفع في كل من الأختصاصات ( الطب، طب الأسنان، الصيدلة، التمريض، العلوم الصرفة) اما الذكور فقد ارتفعت نسبهم في اختصاصات ( الهندسة، الزراعة، الطب البيطري، العلوم الأنسانية)
وقد اشار التقرير الصادر وزارة التخطيط عام 2013 ( تمكين المرأة بيئة مساعدة وثقافة داعمة ) ان النسبة العامة للنساء الحاصلات على الشهادة الجامعية فأعلى بلغ 7.6% وان اعلى ثلاث محافظات كانت النجف 13.6% ، بغداد 13.3% ، الديوانية 10.2% ، اما اقل ثلاث محافظات فكانت كل من المثنى 3.7% ، والانبار 3.9% و ذي قار 4%. والجداول المرفقة توضح تفاصيل النسب المذكورة اعلاه.
ان الأسباب الكامنة وراء ضعف مشاركة المرأة الجامعية في العمل الأداري والقيادي للمؤسسات الجامعية عديدة ومنها:
-النظرة الضيقة للرجل تجاه قدرات المرأة
- التيارات والأحزاب الدينية المتطرفة والتي تحمل الأتجاهات السلبية نحو المرأة
-ضعف ثقة المسؤولين باداء المراة
-التمييز بين الرجل والمراة على اساس النوع
-عدم توفر الفرص التي تشجع المراة على الابداع والابتكار في العمل الاداري
-سيطرة الرجل المهنية تحول دون التقدم الاداري والعلمي للمراة في سلم المناصب العليا
-قلة الفرص المتاحة امام تطور المراة
-الموظفين الذكور لا يتقبلون الرضوخ تحت قيادة المراة
-رفض الرجل لنجاح المراة وتقلدها المناصب العليا
-العلاقات المتوترة بين المراة وزملائها في العمل
-ضعف قدرة المراة على المطالبة بحقها
-قلة مشاركة المراة في البرامج التدريبية اثناء الخدمة
-قلة مشاركة المراة في الايفادات والمؤتمرات خارج العراق
-ضعف الثقافة الادارية لدى المراة
-معارضة الاهل او الزوج في تولي المراة المناصب القيادية
-تعدد المسؤوليات الاسرية لدى المراة
-عدم تقبل المجتمع لترشيح المراة للمناصب الادارية الرفيعة
ومن اجل الأصلاح والتطوير لابد من الأطلاع على تجارب بعض المنظمات والجمعيات الدولية المتقدمة في احتضان ورعاية المرأة والنهوض بقدراتها ومنها:

ائتلاف كليات المرأة The Women s College Coalition
تأسس الائتلاف عام 1972 ويتكون من الكليات والجامعات النسائية التي مدة دراستها سنتان او اربع سنوات ، فضلا عن الجامعات والكليات الحكومية والخاصة والسياسيين وصناع الرأي ووسائل الاعلام واصحاب العمل والخريجات من الكليات النسائية.
تأسس الأئتلاف بسبب حركة الحقوق المدنية والحركات النسائية والتغيرات الديموغرافية والتكنولوجية الناجمة عن التغير الاجتماعي والاقتصادي السريع في الولايات المتحدة الامريكية.
وقد شهد التعليم العالي تغيرا كبيرا اذ اصبحت نسبة النساء في التعليم العالي 57% بسبب تفضيل النساء للخيارات التعليمية وشارك الائتلاف في انجاز البحوث ذات العلاقة بفوائد التعليم الجامعي للمرأة في القرن 21 والاستفادة من نتائج البحوث التي أجراها المسح الوطني للطلاب.
ويعد الائتلاف مهما لجميع الكليات النسائية وصناع القرار ووسائل الاعلام واصحاب العمل. اذ ان التعليم الجامعي للمرأة يخلق القادة والتواصل والاقتناع في جميع مناحي الحياة سواء في البيت او المجتمع او في مكان العمل وفي جميع انحاء العالم.

الجمعية الوطنية للمرأة الجامعية The National Association of University Women NAUW
وهي منظمة تعليمية خدمية تهتم بتعليم المرأة الجامعية وتحسين ظروف معيشتها كما ان الحاجة ماسة الى مديرات للنساء اللواتي سيكونون مدافعات عن الطالبات وتدريب عضوات هيئة التدريس والاهتمام برعاية الأطفال والصحة العقلية وتحسين العلاقات وفق الأعراف الدولية.
تاسست عام 1924 وانبثق ميثاقها عام 1974 وأصبحت تعرف باسم الجمعية الوطنية لجامعة المرأة.
الرسالة
خدمة النساء والشباب والفئات المحرومة في المجتمع وفي البلدان النامية من خلال معالجة القضايا التربوية للنهوض بواقع المرأة وتحقيق الشراكة الإستراتيجية مع المنظمات المتحالفة معها.
الاهداف:
1- رعاية وتعزيز وتشجيع الأنشطة التعليمية التي تهدف الى تقديم خدمات التوعية المجتمعية للمتعلمين في كل مستوى من مستويات التنمية.
2- تقديم المساعدة لأولئك الذين لم يكملوا تعليمهم وتحتاج الى المهارات الأساسية اللازمة للعمل بفاعلية في المجتمع.
3- العمل مع المؤسسات التعليمية وغيرها من المنظمات التي من شأنها ان تسمح لتحقيق وتعزيز اهداف المنظمة.
4- التعاون مع المنظمات والوكالات الأخرى المعنية بمشاكل المجتمع والعالم والتي تشمل الظروف الصحية المزمنة مثل فيروس نقص المناعة / الايدز وامراض القلب والسكري والسكتة الدماغية والسرطان.
5- تعزيز التحسين في التعليم من خلال اصدار البيانات العامة بشأن نوعية التعليم
6- تطوير ورعاية البرامج البحثية المتعلقة بمعايير جودة التعليم العالي
7- توفير الزمالات والمنح الدراسية للطلاب الجامعيين والخريجين ودراسات الدكتوراه
8- نشر ورعاية الأداب والمواد المتعلقة بالمبادرات التعليمية واتجاهات التنمية
ركزت الجمعية في برامجها على:
-التعليم ويشمل طلاب المدارس الابتدائية والثانوية ورعاية المشاريع التعليمية لخدمة المجتمع ويتم تواصل الجمعية مع المنظمات والمدارس ويتم تقديم الدروس الخصوصية والتوجيه في القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم للبنين والبنات في جميع مراحل الدراسة.
-الزمالات يتم منح الزمالات الوطنية على اساس تنافسي لطلاب الدكتوراه
-معرفة القراءة والكتابة ويتم تصميم الانشطة والبرامج التعليمية لإغلاق فجوة الانجاز للأطفال الذين يعانون من القراءة والرياضيات وتعزيز وزيادة متعة القراءة من خلال يوبيل القراءة ويتم توفير البرامج الجارية على أساس القراءة والكتابة والأنشطة للأطفال والكبار لتعزيز محو الامية والتعلم.
-الشؤون الوطنية والدولية تقدم الدعم للمدارس وطنيا وقوميا من خلال توفير الإمدادات والخدمات اللازمة وتشجع الجمعية دراسة القضايا الوطنية والدولية.

الجمعية الأمريكية للمرأة الجامعية American Association of University Women AAUW
وهي الصوت الرائد في البلاد وتعزيز المساواة والتعليم للنساء والفتيات تاسست عام 1881 عندما اجتمعن 15 خريجة وكان الغرض من الاجتماع هو انشاء منظمة نسائية للخريجات الجامعيات لايجاد فرص اكبر لاستخدام تعليمهم وفتح الابواب امام الخريجات
وقد درسن عضوات الجمعية واتخذن المواقف بشأن القضايا الاساسية اليوم ( التعليمية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية) وهي منظمة غير ربحية تقدم الانصاف للنساء والفتيات من خلال تقديم الدعم والتعليم والبحوث وتضم حاليا اكثر من 150 الف عضو و1500 فرع و500 كلية وجامعة ومقرها الرئيس في واشنطن.
وتمكين المرأة كفرد والمجتمع في جميع مناحي الحياة سواء بتعزيز المهارات القيادية ومساعدة معلمي المدارس الثانوية والإداريين والطلاب واولياء الامور وانهاء التحرش الجنسي في المدارس ورفع الوعي حول الاعتداء الجنسي وتمويل التعليم من اجل الدراسات العليا للمرأة، وتوفر الدعم للبرامج الخيرية، واصدار المجلة.
والجمعية الامريكية للجامعيات هي واحدة من اكبر المصادر في العالم في التمويل حصرا النساء اللواتي تخرجن من الكليات وقدمت الجمعية حوالي 3.5-4 مليون دولار من الزمالات والمنح والجوائز للنساء ومشاريع العمل المجتمعي.
وصندوق الجمعية الأمريكية للجامعات يهتم بالجوانب القانونية ويقدم الدعم القضائي للنساء ، ويهتم بالتحرش الجنسي ورفع الظلم والحرمان من الحيازة والترويج وعدم المساواة في برامج العاب القوى النسائية .
وتشجع الجمعية النساء على التصويت في الانتخابات ، وتعقد الجمعية مؤتمرا كل سنتين لمساعدة النساء والطلاب والوصول الى الموارد والمهارات والشبكات التي يحتاجونها لقيادة التغيير في الجامعات والمجتمعات المحلية في انحاء البلاد

جمعية المرأة الجامعية Association of Women Faculty
وهي جمعية تضم جميع النساء الجامعيات العاملات في جامعة ولاية نورث كارولينا في امريكا وتهدف الى:
1- تقديم الدعم والتفاعل والتشجيع والمساعدة في تعزيز المرأة في مهنتها وتشجيع المساواة لجميع النساء من جميع انحاء البلاد
2- زيادة الوعي عن القضايا التي تهم المرأة عضوة هيئة التدريس
3- تعزيز الوظيفة والاستبقاء والنهوض بواقع المرأة عضوة هيئة التدريس
4- تحسين الهياكل الادارية التي تدعم النساء عضوات هيئة التدريس
5- توفير الدعم المهني للنساء عضوات هيئة التدريس
6- تسهيل التواصل بين المنظمات التي تقدم الدعم للنساء الجامعيات
المقترحات
1- تأسيس رابطة وطنية للمرأة الجامعية تضم جميع كليات البنات في العراق والمراكز البحثية التي تعنى بشؤون المرأة
2- ضرورة وضع إستراتيجية وطنية للممارسات والأنشطة التي تنفذها الرابطة بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص
3- بناء قاعدة بيانات تتعلق بالمرأة الجامعية من حيث المؤهلات والخبرات والاختصاصات وغيرها من اجل الاستفادة من إمكاناتها من قبل الباحثين وصناع القرار
4- الانفتاح والتواصل مع المنظمات والمؤسسات الدولية والاقليمية المعنية بشؤون المرأة من اجل تحسين صورة المرأة الجامعية المثقفة في الخارج وزيادة تفاعلها مع المجتمع الدولي وتبادل الخبرات والنهوض بواقع المرأة في كافة المجالات
5- التوعية بقضايا المرأة والترويج لحقوقها في سائر المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية والاعلامية والصحية
6- إدماج قضايا المرأة ضمن أولويات خطط وسياسات التنمية الشاملة للدول العربية
7- تفعيل دور المرأة ( أستاذة ، موظفة ، عاملة ) للمشاركة في النشاطات والفعاليات العلمية والتربوية والاجتماعية والسياسية التي تهم المجتمع بصورة عامة والمجتمع العراقي بصورة خاصة.
8-توعية المرأة الجامعية ( اجتماعياً ، بيئياً ، دينياً ، أخلاقيا ) من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات.
9-فتح قنوات الاتصال مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي تعنى بشؤون المرأة العراقية (أسرياً، وظيفياً، ثقافيا) .
10-تأهيل المرأة وتطوير قدراتها في جوانب الحياة المختلفة من خلال إقامة الدورات التأهيلية والتطويرية بالتنسيق مع المنظمات الدولية وتطوير مستقبلها نحو الأفضل.
11-تعميق الوعي الوطني وتنمية روح المواطنة والشعور بالمسؤولية لدى المرأة عموما في المجتمع العراقي.
12-إنشاء مكاتب مهنية للمرأة الجامعية في جميع مؤسسات التعليم العالي من اجل النهوض بواقع المرأة.