لا تتزوّجي إرضاء للمجتمع



نادية خلوف
2021 / 2 / 16

تقول سوزانا " اسم مستعار" بأنها تزوجت من أجل إرضاء المجتمع ، وكان أمامها فرص كبيرة ، منها أنها كانت مرشحة لمنحة فولبرايت ، وهي التي كانت تحلم بالعيش في الغرب لأنها كانت محاصرة في الجامعة إما بأصحاب الفكر المتنمّر ، أو المؤمنين المتشددين. كانت في الثانية و العشرين من عمرها عندما بدأت الفتيات من أجيالها بالزواج، فصرفت نفسها عن المستقبل ، وقرّرت أن تتزوّج كي لا تحظى بلقب عانس ، وكانت ترهق والدتها في الحديث عن هذا الموضوع ، مع أنّها تنتمي لعائلة متعلّمة، ومتمدنة .
سوزانا اليوم مطلّقة ، تعيل ثلاثة أطفال، بينما اختار والدهم الهروب تحت مسمى حبّ الوطن ، و لا زالت هي في سنّ الزواج ، لكنّها تخشى الإقدام عليه. ناقشتها بالأمر، فقالت لي :" لست مستعدّة ، فقد كنت خادمة أغسل كلاسين زوجي، أطعمه من حسابي، يتنمّر علي إلى أن وصلت إلى حالة بدأت أشكّ أن كلامه عنّي صحيحاً فهو يصفني بالمختلّة ، ويصف نفسه بالوسيم المتألق، ثم تضيف: لقد سامحته لسبب بسيط وهو أنه كان واضحاً حيث قال عندما طلبني للزواج أنه يملك الشهادة، ولا يملك الدخل، فتبرّعت أن أعيله دون أن أقول له ذلك، لكنّ الصّبيان يفهمون العقل الباطن للنساء ، ومع أنّه تجاوز منتصف العمر، لكنه لا زال يعتقد نفسه فتى متألقاً، ينظر إلى نفسه كصبيّ!
خلال فترة زواجنا التي امتدت لبضعة أعوام ، لكنّها في الحقيقة لم تكن موجودة حاولت أن أرضيه بكل الطرق، وحاول أن يؤذيني في كل مرّة لدرجة أنّني فكرت بالانتحار لأنّني قد أكون كما قال مختلة."
الحقيقة أنّني كنت من الدّاعمات لسوزانا معنوياً ومادياً ، لكنّني ومن خلال عملي في المحاماة ، ومن خلال عملي السياسي لاحظت أن الزواج المختلف في الطائفة، أو القومية مصيره الفشل، وبخاصة بعد سن الأربعين حيث يعود الرّجل إلى قطيعه، وتخسر المرأة هويتها الاجتماعية.
في دعاوى الطلاق التي مرّت عليّ ، و التي كانت أغلبها لنساء قاربن سن الأربعين أختار أزواجهن الرّحيل فأتين كي يطالبن بالنّفقة ، وحتى هذه نادراً ما يدفعها الرجل، لكنه قد يتّهم زوجته أنّها عاهرة، ويسقط عنها حضانة أطفالها، و القضاء هنا واسع الذّمة . أغلب النّساء تحدّثن لي عن العلاقة الجنسية قبل الزواج التي جعلتهن يشعرن بالرضوخ، قالت لي إحداهن : أنا بشر ، وفي تلك اللحظة التي أقام معي العلاقة لم أكن معارضة، لكن بعدها شعرت بالندم ، فقد لا يتزوجني، وتضيع حياتي، من يومها تغيّرت حيتي، أصبحت أقدم له ما يريد كي يتزوجني .
أتساءل اليوم : هل يجب أن تتزوج النّساء من أجل إرضاء المجتمع، أو تحت ضغط علاقة جنسية ؟ بالطبّع لا، لكن الثقافة، و التربية التي تقدمها الأّمهات تفسح الطريق أمام ذلك، وماذا يعني أن تمرّ الفتاة بتجربة جنسية ولا تكمل المشوار مع شريكها؟ وهل هي من قامت بالتجربة أم شاركها رجل؟
القيم الاجتماعية لا تتغيّر إن لم نتغيّر نحن ، لذا يمكننا القول : افعلي جميع الأشياء التي تعزّز احترامك لذاتك دون الأخذ بالاعتبار رأي الآخرين، ولا تدعي التجربة تخيفك ، بل تجعلك أقوى . . .