الأهتمام بالصحة ألأنجابية وتنظيم الأسرة في العراق وفق المنظور الدولي خطوة في تحقيق ألأصلاح والتطوير



سوسن شاكر مجيد
2021 / 2 / 18

تعاني النساء والفتيات من تفشي التمييز المنهجي بسبب الجنس، ويشكل هذا التمييز تهديدا لصحتهن ويؤدي الى ارتفاع معدلات هبوط الرحم بسبب حمل المرأة للأثقال الكبيرة خلال الحمل او بعده مباشرة ، وانجاب الأطفال في سن مبكرة جدا، وانجاب عدد من ألأطفال في تتابع سريع. وهذه ألأسباب مرتبطة بعدم قدرة المرأة على التحكم بجسدها وصحتها وحياتها.
كما ان العنف الذي يمارس ضد المرأة على يد الزوج ، وحالة الأجهاض التي تعاني منها بعض النساء تهدد صحة المرأة او الفتاة بالخطر.
ان الحرج والخوف يمنعان العديد من النساء والفتيات من الحصول على معلومات موثوق بها حول الصحة الجنسية وتنظيم ألأسرة . كما أن غالبية النساء يحرمن من الحصول على وسائل منع الحمل مالم يحصلن على ألأذن من ازواجهن.
وان جميع النساء لهن الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة والجسد والحياة الجنسية والانجابية بدون خوف او اكراه او عنف او تمييز . ولكن حرية الاشخاص في اتخاذ هذه القرارات يجري التحكم بها من قبل الدولة او المهنيين الطبيين او الزوج وحتى العائلات في سائر انحاء العالم.
يمثل العنف الممارس ضد المرأة، سواء العنف الذي يمارسه ضدها شريكها المعاشر أو العنف الجنسي الممارس ضدها، إحدى المشكلات الصحية العمومية الكبرى وأحد انتهاكات حقوق الإنسان. وتشير آخر الأرقام عن معدلات انتشار العنف في العالم إلى وجود نسبة 35٪ من النساء في أنحاء العالم كافة ممن يتعرضن في حياتهن الى العنف على يد شركائهن الحميمين أو للعنف الجنسي على يد غير الشركاء. وان نسبة 30٪ من النساء المرتبطات بعلاقة مع شريك بأنهن يتعرضن لشكل معين من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي على يد شركائهن. يتسبب هذان الشكلان من العنف في ظهور مشاكل جسدية ونفسية وجنسية ومشاكل صحية إنجابية وقد تزيد من درجة التعرض لفيروس الأيدز.
ومن عوامل الخطر التي تدفع الفرد إلى ممارسة العنف ضد المرأة تدني مستوى التعليم والتعرض للإيذاء في مرحلة الطفولة أو مشاهدة حالات من العنف المنزلي الممارس ضد المرأة وتعاطي الكحول على نحو ضار والسلوكيات التي تميل إلى تقبل العنف، وعدم المساواة بين الجنسين.
ومن عوامل الخطر التي تسفر عن وقوع الفرد ضحية لعنف الشريك الحميم والعنف الجنسي تدني مستوى التعليم ومشاهدة حالات من العنف بين الشركاء وتعاطي الكحول على نحو ضار والتعرض للإيذاء في مرحلة الطفولة والسلوكيات التي تميل إلى تقبل العنف وعدم المساواة بين الجنسين.
ان التعرض للعنف الجنسي والجسدي يمكن أن تؤدي الى بعض الآثار الصحية كالإصابة بالصداع وآلام في الظهر والبطن واضطرابات في الألياف العضلية والجهاز الهضمي ومحدودية الحركة واعتلال الصحة بشكل عام. ويمكن أن يؤدي العنف الجنسي، لاسيما أثناء الطفولة، إلى زيادة احتمال التدخين وإدمان المخدرات والكحول وانتهاج سلوكيات جنسية خطرة في مرحلة لاحقة من العمر. كما توجد علاقة بين التعرض لذلك العنف في الصغر وممارسته (فيما يخص الذكور أو الوقوع ضحية له (فيما يخص الإناث) عند الكبر. وتم الكشف أيضا عن وجود علاقة بين العنف الممارس من قبل الشريك المعاشر وارتفاع معدلات وفيات الرضع والأطفال ومعدلات إصابتهم بالأمراض (مثل أمراض الإسهال وحالات سوء التغذية).

وقادت منظمة العفو الدولية حملة ( جسدي ....حقوقي) وهي حملة عالمية من اجل وقف التحكم بالحياة الجنسية الانجابية وتجريمها من قبل الحكومات وغيرها.
والحملة تهدف الى:
1- تذكير زعماء العالم بالتزاماتهم المتعلقة باحترام الحقوق الجنسية والإنجابية وحمايتها والإيفاء بها
2- عدم فرض القيود الصارمة على حرية النساء والفتيات في الحصول على خدمات الإجهاض
3- الحصول على خدمات الإجهاض الأمن ووسائل منع الحمل والخدمات والتربية الصحية الجنسية والإنجابية.
ان الإجهاض غير الآمن سبب في وفيات الأمهات بحوالي 13% من مجموع وفيات الأمهات في العالم بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية. وان 40% من النساء في سن الإنجاب في العالم يعشن في بلدان لديها قوانين إجهاض مقيدة للغاية وان الإجهاض فيها قانوني ولكنه غير متاح او لا يمكن الحصول عليه.
كما ان ممارسة الجنس بالإكراه والحمل غير المرغوب فيه يؤدي الى المضاعفات الناجمة عن الحمل والذي لا تزال يمثل السبب الرئيسي للوفيات بين الفتيات المراهقات في المرحلة العمرية 15-19 سنة في البلدان النامية وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
ولذا فمن الضروري التصدي للتمييز في القوانين والسياسات والممارسات والقضاء عليه في التمتع بالحقوق الجنسية والانجابية .
اما في العراق فأن الحقوق الجنسية والأنجابية للمرأة يتحكم فيها الرجل والدولة اكثر مما تتحكم به المرأة وسوف يتم توضيح ذلك بنتائج الدراسات التي اجريت عل النساء والأسر العراقية:
1-اتجاهات ألأنجاب وتنظيم ألأسرة في العراق التحديات والتدخلات ( وزارة التخطيط/ الجهاز المركزي للأحصاء)
تم دراسة 18144 اسرة وتم مقابلة 27564 سيدة بأعمار (15-49) سنة نسبة النساء المتزوجات 58% والمطلقات والأرامل 4% والعازبات 38% بلغ معدل الخصوبة لكل أمرأة 4,3 طفل ويرتفع المعدل في الريف الى 5,1.
29% من النساء عانين من الأجهاض و7% انجبن أكثر من حالة مواليد موتى. ونسبة النساء اللواتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة 50% و33% من السيدات يستخدمن وسائل تنظيم ألأسرة الحديثة و17% الوسائل التقليدية. و2-3% يستخدمن طريقة التعقيم الأنثوي وفترة الأمان والحقن بالأبر اما استخدام الواقي فأن استخدامه نادر ويقدر بنسبة 1%.
وان السيدات الشابات اقل ميلا لأستخدام وسائل تنظيم ألأسرة من السيدات المتقدمات في العمر . اما استخدام وسائل تنظيم الاسرة فبلغت 53% في الحضر و44% في الريف. وان 11% من النساء المتزوجات لايستخدمن وسائل تنظيم الأسرة. كما ان نسبة الولادات التي تمت تحت ايدي ألأطباء 55% وعلى ايدي القابلات المؤهلات 25% وغير المؤهلات 5%.
- وعي المراهقات حول الصحة الأنجابية في مدينة بغداد ( دراسة من اعداد الدكتورة شذى محمد من هيئة التعليم الطبي في المنصور)
اختارت الباحثة 180 مراهقة من عمر (12-18) سنة، من 5 مدارس في مدينة الصدر وتم اجراء المقابلة لهن وكانت 45,5% من العينة لديهن الوعي الجيد فيما يخص الدورة الحيضية، و51,1% يمتلكن المعرفة حول التغييرات الجسمية عند البلوغ، و45,6% لايعرفن ولايفهمن بالمشاكل الجنسية النسائية، و60,5% لايعرفن مرض الأيدز.
3-التأثيرات البيئية للمرأة التي تعاني من ألأجهاض التلقائي ( دراسة من اعداد الدكتورة سراب ناصر، وربى محسن من جامعة بغداد / كلية التمريض).
اجريت الدراسة على عينة من 200 امرأة متواجدة في ردهات النسائية والتوليد في اربع مستشفيات من مدينة بغداد، وتم استخدام الأستبانة لجمع المعلومات وكشفت الدراسة الى ان النساء تراوحت اعمارهن مابين 25- 29 سنة وان كتلة الجسم 48% ضمن الوزن الطبيعي، و27,5% خريجات الدراسة ألأبتدائية ، و80% من ربات البيوت، و48% من المستوى ألأقتصادي الواطيء. و66% كان حملهن الأول او متعددة الحمل و25% من النساء لديهن على ألأقل ولادتين، و52,5% لديهن اجهاض سابق واحد.
وتوصلت الباحثة الى ان هناك علاقة بين المؤثرات البيئية والمؤشرات الانجابية وعدد مرات الحمل واوصت الدراسة بعمل برنامج تعليمي للنساء خلال الحمل يتضمن معنى الاجهاض التلقائي واسبابه والوقاية منه في المراكز الصحية.
4-معارف النساء حول الصحة ألأنجابية ( دراسة من اعداد سلوى المكوطر ، ومحمود احمد من كلية التمريض / جامعة الموصل)
تمت الدراسة في وحدة رعاية الأم والطفل / مركز القدس للرعاية الصحية ألأولية تم اختيار عينة مؤلفة من 62 أمرأة تتراوح اعمارهن بين 15-44 سنة وتم تصميم استبانة لجمع المعلومات عن طريق المقابلة. تم ألتوصل الى ان معارف النساء تجاه برنامج تنظيم ألأسرة كانت جيدة. واوصى الباحثين الى زيادة استخدام قنوات التواصل مع المجتمع مثل المنشورات والمواد السمعية والبصرية من اجل تعزيز معرفة النساء وتشجيعهن على استخدام وسائل منع الحمل وتبديد المخاوف من استخدامها وتصحيح المفاهيم الخاطئة تجاه استخدام وسائل تنظيم الأسرة.


ومن اجل ألأصلاح والتطوير لابد من الأطلاع على تجارب العالم في مجال الصحة ألأنجابية وتنظيم الأسرة وفيما يلي نماذج من الجمعيات المختصة في هذا المجال :
اولا: الجمعية الوطنية لتنظيم ألأسرة والصحة ألأنجابية National Family Planning Reproductive Health Association
تمثل الجمعية طيفا واسعا من مدراء تنظيم ألأسرة والأطباء العاملين مع ذوي الدخل المنخفض وتهدف الى توفير الدعوة والتعليم والتدريب لأولئك المختصين في تنظيم ألأسرة ورعاية الصحة ألأنجابية. ولها خبرة لأكثر من 40 سنة وتقدم الرعاية العالية الجودة والممولة اتحاديا .
تأسست عام 1971 وهي منظمة غير ربحية لضمان الوصول الطوعي والشامل والثقافة لخدمات تنظيم ألأسرة والرعاية الصحية الأنجابية ودعم الحرية ألأنجابية للجميع.
وتقدم الخدمات الطبية للنساء من جميع انحاء واشنطن وتعمل على مناهضة الأجهاض ورعاية النساء اللواتي صحتهن وحياتهن مهددة. كما تعمل على تقديم الخدمات الوقائية ووسائل منع الحمل بأسعار معقولة. وتنظيم الرعاية الصحية والحصول على التأمين الصحي دون تكلفة النساء. وتمويل المساعدات الطبية لرعاية تنظيم ألأسرة لضمان الحصول على جودة عالية وخدمات الصحة الجنسية وتنظيم ألأسرة والأمدادات للفقراء وذوي الدخل المحدود.
ثانيا: جمعية تنظيم ألأسرة Family Planning Association FPA
وتقع في المملكة المتحدة وتعمل على تمكين الأفراد من اتخاذ القرارات المستنيرة بشأن الجنس والتمتع بالصحة الجنسية . تأسست عام 1930 وتقدم المشورة للمقبلين على الزواج من النساء والخدمة للمتزوجين . وتقديم المشورة والعلاج والخدمات الصحية ومنها عيادات الحمل للجميع.
وتحسين المعرفة العامة بالصحة الجنسية واقامة الدورات التدريبية للأباء والأمهات ومقدمي الرعاية والشباب وتوصيل المعلومات حول الصحة الجنسية على نطاق واسع.
وتوفير المعلومات الأسرية والمشورة بشأن وسائل منع الحمل والأمراض الشائعة التي تنتقل عن طريق الأتصال الجنسي وخيارات الحمل والأجهاض والتخطيط للحمل. كما ان هناك عيادات ومراكز لحالات ألأعتداء الجنسي وتوفر مجموعة واسعة من الكتيبات عن اساليب منع الحمل والألتهابات التي تنتقل من خلال ألأتصال الجنسي وتوفير موانع الحمل المجانية.
ثالثا: جمعية ماين لتنظيم ألأسرة Maine Family Planning
تأسست عام 1971 في ولاية ماين / اوغستا في الولايات المتحدة ألأمريكية من قبل مجموعة من ألأشخاص وهدفها ان يكون لكل أمرأة حق المساواة في الحصول على خدمات الصحة ألأنجابية ذات الجودة العالية. وتوفر الجمعية التمويل والدعم الفني وضمان الجودة الى 45 مركزا صحيا على مستوى الولاية وتخدم مايقارب من 30,000 من النساء والمراهقين سنويا. وتقوم بتوعية الطلاب حول مخاطر انتقال ألأمراض المنقولة جنسيا مثل فيروس نقص المناعة المكتسب ( الأيدز) والحمل غير المرغوب فيه وأهمية ألأمتناع عن ممارسة الجنس ومناهج التعليم الجنسي الشاملة على وحدات عن سن البلوغ وعلم التشريح وعلم وظائف ألأعضاء والجهاز التناسلي وكذلك التفاوض ومهارات الأتصال وكلها تهدف الى مساعدة الشباب في اتخاذ الخيارات الصحيحة.
الرسالة:
التأكيد على الأفراد من الوصول الى الجودة العالية والرعاية الصحية الأنجابية بأسعار معقولة والتثقيف الصحي الجنسي الشامل والحق في السيطرة على حياتهم الأنجابية.
وتؤمن:
-يجب على جميع الناس ان يستخدموا الوسائل والمعلومات للسيطرة على عدد وتوقيات الحمل للأولاد بغض النظر عن قدرتهم على الدفع ومكان الأقامة.
-استكمال الخدمات الطبية من خلال خدمات ألأرشاد والتعليم.
-يجب ان يكون هناك نظام من القوانين والتعليم لدعم الوقاية من الحمل غير المرغوب فيه.
-يجب على القوانين ان لاتتعارض مع حق الفرد في تقرير الخيار الذي يختاره في حالة حدوث الحمل غير المرغوب فيه.
-التثقيف حول الحاجة الى خدمات تنظيم ألأسرة والبرامج التعليمية
-منع الأجهاض عن طريق منع الحمل غير المرغوب فيه
-تقديم خدمات الرعاية للأجهاض وتدريب المقيمين والأطباء.