الانثوية في زمن السيادة الذكورية



صفاء زويدي
2021 / 3 / 2

بين مطرقة الواقع وسندان العادات طمست حقيقة جلية ….فلوهلة دنست الأنوثة واعتبرت مجرد وسيلة لإشباع غرائز الرجال .... فالنظام السائد في البنيات الاجتماعية يجعل الرجل هو المركز هو الانسان والمرأة جنسا ثانيا أو آخر ، في منزلة أدنى ، بحيث تفرض عليها ، حدود ، قيود ، وتمنع عنها إمكانات للنماء والعطاء فقط لأنها امرأة ، تُبخس خبرات وسمات فقط لأنها أنثوية ،فتجعل من الحضارة في شتى مناحيها انجازا ذكوريا خالصا يؤكد و يوطد سلطة الرجل وتبعية أو هامشية المرأة ...فمن الجلي أن المرأة لم تخلق عبثا إنما خلقت من ضلع اعوج ، خلقت من ضلع آدم ، خلقت حواء لتكون السند ، الكتف الحنون ، لتكون دواءا ، لتمنح الحب ، الحنان ، لابداع ، للعلم ، .. لكن انتم يا معشر الرجال لا تعلمون من الأنوثة سوى ذلك التصور السطحي الذي يغزو الأدمغة ...بالنسبة لكم الأنوثة هي بمثابة حلوة مثيرة كل ما فيها لطيف وناعم ..تنتسبون لتلك الذكورية السائدة المفروضة في العلم والعالم أجمع ...في حين أن الأنثوية هو واقع محجوب نكتشفه إلا برفع اللثام عنه .. لكن انتم عندما تجدون امرأة تحاول التخلص من تلك القيود و ترك العنان لـ جناحيها للاقلاع نحو الأفق البعيد ، تكسرون جناحيها ...بحجتكم الواهية هي ناقصة عقل ودين نظرتكم الوحيدة حول المرأة أنها خلقت انثى يعني أن ترتدي شرائط و سترات ذات ثنايات وتتابع أنشطة وادعة مثل الطهي والحياكة ..وكل ذلك ناجم عن مصطلح مركزية العقل الذكوري الذي تبلور القيم الذكورية المتسيدة المهيمنة على الحضارة ، وكانت وسيلة الرجل لنصر العالمية وأحداث المصائب والموبيلات ، حيث قهرت المرأة ...لذلك يجب الموازنة بين القيم الذكورية السائدة في العالم والعلم والمقابل الأنثوي المطمور المخفي المحجوب ... ورغم تقدم العالم إلا أن العالم العربي لازال في القاع ، يتملكه الجهل .. رغم كل التطورات وكل ما أنجزته المرأة إلا أنكم لا تعترفون بها فقط خوفاً.. ولكن التاريخ لا يرحم ... عُد واقرأ تاريخ المرأة .. من عليسة مؤسسة قرطاج فاطمة الفهري إلى خديجة بنت الإمام سحنون ، ثم الجازية الهلالية ، هي نموذج للمرأة الذكية ، الجميلة ، المحاربة ، الفاتنة، الى السيدة المنوبية وعزيزة عثمانية ، أروى القيروانية ،التي اشترطت على أبي جعفر المنصور أن لا يتزوج عليها ...المرأة ستظل هي نصف المجتمع ، والنصف الاخر يتربى في احضانهم ...المرأة هي الحضارة ، هي الوطن ، هن الأمهات ، الزوجات ، المعلمات ، الطالبات ، الإعلاميات ، الأطباء ، ... هن المؤنسات الغاليات هن الحياة ، هي ضوء الشمس الذي يشرق بعد عتمة الليالي ، هن عبق الزهور ريحها ، عبيرها ، هن شقائق الرجال كما وصفهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ...هكذا لتكون اقوى رسالة من التاريخ انجازاتها ورغم مسؤولياتها إلا أنها وصلت ، وأصبحت وخُلِدت ...حيث عملت المرأة على الاقتراب من النموذج الذكوري السائد كنموذج حضاري للإنسان وسارت في مسار التحجيم والطمس للخصائص الأنثوية المميزة ...وكان هذا هو السبيل الوحيد لفك إسار المرأة لتكون الأنثوية مرحلة اكتشاف الذات ... وبهذا نكتشف أن المرأة لا تولد امرأة بل تصبح امرأة ...فالمرأة قد اقتحمت كل المجالات التي كانت في أحد الأيام حكرًا على الرجال .. ليكون اكبر مثال ..المرأة التونسية .. فكانت أول طبيبة ، أول وزيرة ، أول قائدة طائرة ... أليس هذا فخرا لنا ... ألا يحق لنا الفخر بأنوثتها ... أرأيت كيف لضلع اعوج أن يوازن كفي الميزان ...... فليس الرجل هو الإنسان ، وليست الذكورية مرادفة للإنسانية ، وليست المرأة جنسا اخر أو أدنى من البشر . ..أن الذكورة والأنوثة هما الجانبان الجوهريان للوجود البشري ، لكل منهما خصائصه وسماته ودوره ، وتتكامل جميعها في سائر جوانب الحضارة الإنسانية ، وعلى رأسها أمضى الجوانب وأشدها فاعلية و حسما العلم. ...