في فنزويلا النساء تجبر على أن تصبح أمّهات



شادي الشماوي
2021 / 3 / 3

عضو من " الجولة من أجل الثورة "
جريدة " الثورة " عدد 689 ، 1 مارس 2021
https://revcom.us/a/689/women-in-venezuela-forced-into-motherhood-en.html

إنّ الأمومة الإجباريّة إستعباد للنساء ! لقد سلّط مقال حديث في جريدة " النيويورك تايمز " الضوء على واقع كابوسيّ في فنزويلا حيث تجبر آلاف النساء ضد إرادتهنّ على الحمل و الإنجاب – نظرا لكون الحصول على التحكّم في الولادات غير ممكن تقريبا بصفة كلّية و الإجهاض غير قانونيّ . لقد حلمت النساء مرّة بأن تصبح أستاذات أو عالمات أو أن تتّبع مسالكا أخرى في الحياة و تجدن أنفسهنّ الآن مجبرات على العناية بأسر يعدّ الأطفال فيها 6 و 8 أو أحيانا 10 .
" أشعر كما لو أنّى أغرق " ، هذا ما صرّحت به أمّ لخمسة أطفال و أجهشت بالبكاء بمرارة حين إكتشفت أنّها حامل مجدّدا بطفلها السادس . لقد كانت تبحث بلا جدوى عن أيّ نوع من التحكّم في الولادات يكون في متناولها و زوجها . إلاّ أنّ حزمة من الواقى الذكلاي سعرها 4.40 دولار بينما الأجر الأدنى الشهريّ يساوى 1.50 دولار . ما يجعلها تماما خارج متناولها و خارج متناول معظم النساء في فنزويلا . و حتّى لمّا تحاول النساء التحكّم في الولادات بتجنّب ممارسة الجنس حن تكون في وضع أكثر خصوبة ، من الشائع أن يجبرهنّ أزواجهنّ على ممارسة الجنس معتبرين ذلك " حقّهم "- و هكذا تتعرّض النساء إلى التجاوزات و في قمّة ذلك تضطرّ إلى الحمل و إنجاب المزيد من الأطفال . و النساء اللواتى إخترن بدلا من ذلك وضع نهاية لحملهنّ تقوم بمخاطرة و قد تخسر حياتهنّ – فالإجهاض غير الآمن هو ثالث أسباب موت النساء في البلاد و نسبة وفايات الأمّهات عالية جدّا . و البنات اللاتى عمرهنّ 14 سنة تخيّر التعقيم عوضا عن مواجهة حياة بصفر من التحكّم في الولادات الخاصّة .
تقع النساء في فنزويلا بين الفكّين الوحشيّين للبطرياركيّة و الكاتوليكيّة و الإمبرياليّة و سير النظام الرأسمالي .
يعرف الاقتصاد الفنزويلي أزمة حادة – يرتبط إنتاج الاقتصاد بمبيعات النفط وهو أسير الشبكة العالميّة للعلاقات السلعيّة الإمبرياليّة التي يرتهن فيها التطوّر الاجتماعي و الإنسانيّ بميزان هيكلة إنتاج و تجارة عالميّين غير متكافئين – و بحركة أسعار السوق العالميّة ز و قد شهد سعر النفط تراجعا سريعا خلال العقد الأخير . و صار الوضع سيّئا بدرجة كبيرة جرّاء العقوبات التي تفرضها الولايات المتّحدة على فنزويلا بهدف معاقبة الحكومة التي أعلنت أنّها " إشتراكيّة " و أنّها تطبّق " الثورة البوليفاريّة " (1) . و هذه العقوبات تخنق أكثر إقتصادا متداعى بعدُ بشكل بيّن بما أنّ أسعار النفط إنهارت في السنوات الأخيرة . وهي تحول دون الحصول على إستثمارات جديدة أو تطوّر قطاعات أخرى من الاقتصاد . و كلّ هذا أفرز نقصا إلى أقصى الحدود في الحاجيات الأساسيّة كالأقمشة والحليب و الأرزّ و الأدوية – و وسائل التحكّم في الولادات. و وسائل منع الحمل – حبوب منع الحمل و الواقى الذكريّ و أشكال أخرى – كانت متوفّرة بدرجة كبيرة في فنزويلا لكنّها باتت الآن مفتقدة تمام الإفتقاد و في معظم الحالات الطريقة الوحيدة للحصول عليها هي السوق السوداء و بأسعار خياليّة بحيث أنّ الضرورة الأساسيّة لصحّة النسا لا تتوفّر إلاّ للأثرياء الكبار .
كانت فنزويلا على الدوام بلدا يتميّز ببون جندريّ شاسع بفقط 52 بالمائة من النساء تشارك في قوّة العمل مقارنة ب 80 بالمائة من الرجال ،و ب 28 بالمائة من الفرق في الأجور بين أجور الذكور و الإناث . و قد ترافق إنهيار الاقتصاد بتبخّر وسائل منع الحمل بما فاقم بشدّة من هذه اللامساواة المبنيّة في المجتمعات الفنزويليّة و كافة المجتمعات الرأسماليّة و شدّد من قبضة قيود العلاقات و القيم الأسريّة التقليديّة .
و عامل مفتاح في هذا هو التأثير التاريخي الضخم للكنيسة الكاتوليكيّة في المجتمع الفنزويلي التي أنشأت وضعا فيه وجهات النظر البطرياركيّة بشأن المرأة – كملكيّة للرجل و مربّية أطفال – تمارس ضغطا قويّا على أقسام كبرى من السكّان وهي لا تعرف تحدّيا كبيرا . الإجهاض في فنزويلا في كافة الحالات بإستثناء حالة وجود حياة الأم في خطر – و يواجه مقدّمو خدمات الإجهاض غير القانونيّ ثلاث سنوات سجن فيما تواجه النساء ذاتهنّ من ستّة أشهر إلى سنتين سجنا . و مع ذلك ، تخاطر عديد النساء بحياتهنّ باحثات عن إجهاضات لا تتوفّر فيها العناية الطبّية والظروف الآمنة . و النساء اللاتى تقمن بالإجهاض – و تظلّ على قيد الحياة – تشعرن بالتعاسة و العار و عبء السرّ . و لقي إيقاف في المدّة الأخيرة دعاية كبيرة، إيقاف أستاذ جامعيّ لمساعدته بنتا عمرها 13 ربيعا في الحصول على إجهاض ،و قد بثّ هذا الرعب في صفوف النساء و الذين قد ساعدوهنّ بتقديم خدمات إجهاض سرّية لهنّ .
إنّه وضع لا يحتمل . هذا عالم تفتقر النساء فيه إلى أكثر الحقوق أساسيّة ألا وهو حقّ التحكّم في إنجابهنّ ، حقّ تقرير إذا و مت ترغبن في إنجاب أطفال ، عالم كهذا لا ينبغي على أيّ كان أن يعيش فيه . و تشتدّ سلاسل الإضطهاد و البطرياركيّة و تتعزّز بوحشيّة ضد نساء فنزويلا . و تكشف تبعات خسارة توفّر وسائل التحكّم في الولادات على حياة النساء مدى عمق تداخل إضطهاد النساء مع مصنع المجتمع الرأسماليّ ، و مدى عمق تجذّره في هيكلة الأسرة البطرياركيّة التقليديّة و في إقتصاد يعتمد على تلبية مستلزمات المراكمة الرأسماليّة –الإمبريالية بدلا من تلبية حاجيات الشعب الماديّة منها و الإجتماعيّة و الثقافيّة . و لهذا لا يمكن إجتثاث إضطهاد النساء في إطار النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي.
لا يمكن إجتثاث هذا الإضطهاد إلاّ بواسطة ثورة إشتراكيّة على طريق الشيوعيّة و تحرير الإنسانيّة قاطبة . و يتطرّق المقتطف التالى لبوب أفاكيان عن مدى مركزيّة تحرير النساء بالنسبة إلى مثل هذه الثورة و كيف أنّ نظاما إقتصاديّا و سياسيّا إشتراكيّا بوسعه أن يُطلق العنان لسيرورة كاملة بفضلها لن تمنح على الفور الحقوق التامة في التحكّم في الإنجاب و حسب بل سيمكن في نهاية المطاف تجاوز كافة أشكال اللامساواة :
" في بعض كتاباتى الحديثة حول مسألة الأخلاق ، لفتت الإنتباه إلى النقطة الجوهريّة القائلة بإنّه عبر كامل السيرورة الثوريّة التي تستهدف إنشاء ظروف تحقيق الشيوعيّة ، يجب خوض النضال بإستمرار و حتّى على نحو أشمل ، لأجل تخطّى و إجتثاث علاقات اللامساواة و الإضطهاد التي تعرقل النساء ؛ و لأجل التشجيع على العلاقات الخاصة و الأسريّة و الجنسيّة القائمة على الحبّ و الإحترام المتبادلين بين الرجال و النساء ؛ و لأجل التطوير المتنامى لأشكال تمكّن الجماهير الشعبيّة من إنجاز – عبر الجهود التعاونيّة التي تشمل بصفة متساوية الرجال و النساء – وظائف متركّز الآن بصورة طاغية ضمن الأسرة و التي هي عبء على النساء بوجه خاص . و خلال هذه السيرورة الثوريّة العميقة ، " سيقع في نهاية المطاف إلغاء " العائلة النواة " و تعويضها بأشكال جديدة من العلاقات الإجتماعيّة في المجتمع الشيوعيّ – مجتمع قائم على التعاون الواعي و الطوعيّ بين الناس – دون هيمنة و لامساواة إقتصاديّة و سياسيّة و إجتماعيّة . "
( مقتطف من كتاب " لنكسر القيود جميعها ! بوب أفاكيان بصدد تحرير النساء و الثورة الشيوعيّة " )
فلنكسر القيود ّ و لنطلق غضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة !
--------------------------------------------