أجراه مركز معلومات وإعلام المرأة الفلسطينية استطلاع حول تأثير انقطاع الرواتب على الموظفات



دنيا الأمل إسماعيل
2006 / 7 / 28

في بادرة هي الأولى من نوعها، منذ انقطاع رواتب الموظفين/ات الحكوميين/ات، أجرى مركز معلومات وإعلام المرأة الفلسطينية، استطلاعاً للرأي حول تأثير انقطاع الرواتب للشهر الرابع على التوالي، شمل خمسمائة موظفة حكومية في قطاع غزة، موزعات على الوزارات والمؤسسات الحكومية، بهدف معرفة تأثر حياتهن الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية بانقطاع رواتبهنّ، من مختلف الفئات العمرية والمستويات التعليمية والدرجات الوظيفية.
وقد أظهرت نتائج الاستطلاع أن حوالي 77% من الأسر التي كانت تعيلهن الموظفات، قد حرموا من تلك الإعالة بعد انقطاع الرواتب، علماً بأنّ نسبة الإعالة لكل موظفة حسب الاستطلاع بلغت ستة أشخاص، فيما بينّ الاستطلاع أن 89.2% من الموظفات اللواتي شملتهن العينة، لا يوجد لهن دخل آخر، وأنّ 10.8% فقط يوجد لديهن دخل آخر لم توضحه نتائج الاستطلاع، التي كان من الممكن أن تكشف عن آليات التكيف الاجتماعي ونوعية المصادر المالية التي تلجأ إليها النساء في أوقات الأزمات، خاصة من النوع الطويل.
في الجانب الغذائي تطرق الاستطلاع إلى سلة مشتريات الطعام للموظفة، مبيناً أنها قد انخفضت إلى ما نسبته 40% عن السابق، فيما لم يتم التطرق إلى التغيرات التي طرأت على نوعية المشتريات الغذائية، وأثرها على الصحة العامة خاصة لدى الأطفال، والأداء الوظيفي، واكتفى الاستطلاع بالإشارة إلى تأثير هذا التغير الكمي على مدى انتشار الأمراض مستقبلاً والعبء المالي الذي ستضيفه على أعباء الحكومة الفلسطينية.
وفيما يتعلق بتأثير انقطاع الرواتب على التعليم، أشارت نتائج الاستطلاع إلى انخفاض نسبة الإنفاق على التعليم إلى 40% أيضاً، وكان هنا يمكن الإشارة من خلال الاستطلاع توزيع أثر هذا الانخفاض على النوع الاجتماعين وتبيان الفريق الأكثر تأثراً بهذا الانخفاض.
أما الصدمة الكبرى التي تلقيها نتائج الاستطلاع في حجرنا فهي عدم حصول ما نسبته 78.7% من العينة على أية معونة خارجية، ما يشير – وأنا هنا أتفق مع رؤية المركز ظاهرياً على الأقل- إلى وجود انحرافات خطيرة لدى التنظيمات ومنظمات العمل الأهلي في عملها، وهو على أية حال كلام ليس جديداً، ويحتاج إلى جرأة في الطرح تتجاوز مجرد الحديث عن وجود مثل هذا الخلل أو لنكن أكثر دقة الانحراف. لكن في الجانب الآخر البحثي والمعرفي، علينا أن نقر أن حجم العينة لا يعطي مؤشرات ذات دلالة أكثر حسماً في هذا الجانب، خاصة وأنّ 500موظفة لا تمثل سوى 03.% وهي نسبة لا يمكن تعميم نتائجها، فيما لم تشر نتائج الاستطلاع إلى أية بيانات نوعية عن العينة من التوزيع الجغرافي والمدخرات المالية ووجود مساهمون خارجيين، وهذه بيانات كان من الممكن أن تغير النتائج بدرجة أو بأخرى، وما يؤكد هذا التحليل الجانب المتعلق بتغيير العادات الاستهلاكية لدى الموظفات المبحوثات، التي تشير إلى أن عاداتهن الاستهلاكية السابقة تشتمل في جزء كبير منها على شراء الملابس التي انخفضت بعد انقطاع الرواتب بنسبة 64.6%، وعلى شراء الكتب والمجلات والاسطوانات، حيث ألغت شراءها حوالي 78.2% من المبحوثات، فيما ألغت نسبة 71.35 منهن بند الترفيه0 ألا يعطي هذا مؤشرات دالة عن أية نوعية من المبحوثات جرى استطلاع آرائهن0 وماذا لو اقتصرت العينة مثلاً على مخيم جباليا، أو الشابورة في رفح، هل كانت ستبقى النتائج نفسها0 مجرد سؤال يحتاج إلى استطلاعات أخرى وربما دراسات نوعية0
وأخيراً فيما يخص علاقة الرواتب المواقف السياسية، فقد أشارت النتائج إلى أنّ 44.5% من المبحوثات" قد تأثرت اختياراتها السياسية جراء الحصار" وأعتقد أن المقصود حدوث تبدل ما ( حتى الآن لا يمكن اختبار مصداقيته) في الاتجاهات السياسية خاصة تجاه حركة حماس، وهو خطأ بحثي، أجزم أن استمارة الاستطلاع وقعت في براثنه من خلال صيغة سؤال تعطي هذه النتيجة أو ما هو قريب منها، على الرغم من عدم اطلاعي على الاستمارة، وكان على المركز أن يوزع الاستمارة مع خلاصة نتائج الاستطلاع التي وزّعها، وربما يجب التذكير أن عينة تقل نسبتها عن نصف في المائة لا يمكن التعويل عليها كثيراً، ناهيك عن التجارب السابقة التي أظهرت الفجوة بين نتائج الاستطلاعات والموقف على الأرض، ما يعطي إشارة إلى أهمية دراسة سيكولوجية المنتخب.
على أية حال، ينبغي توجيه الشكر لمركز معلومات وإعلام المرأة الفلسطينية الذي بادر إلى تحريك ساكن المؤسسات النسوية في هذا الوقت الصعب ولم يقف عاجزاً، فاتحاً يديه للسؤال: ماذا نفعل.